أعراض اضطراب التعلق التفاعلي عند الأطفال (RAD) وأسبابه

ما هو اضطراب التعلق التفاعلي عند الأطفال! تعرف إلى أعراض اضطراب التعلق التفاعلي عند الطفل وكيفية التعامل معه
أعراض اضطراب التعلق التفاعلي عند الأطفال (RAD) وأسبابه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

صحة العلاقة العاطفية بين الأم وطفلها الصغير أو الرضيع أو بين الطفل وأي شخص يمثل مقدم الرعاية الأساسي بحياة الطفل، هي الشرط الأساسي لنجاح معظم مهام الرعاية والتربية التي تضمن أفضل نمو صحي جسدي ونفسي للطفل وأفضل مستوى من الرضى العاطفي لكلا الطرفين، ولكن يوجد حالات يعاني فيها الأطفال من مشكلة عاطفية تسمى اضطراب التعلق العاطفي، وهذا الاضطراب يهدد جوهر هذه العلاقة المتمثل بالرابطة العاطفية التي يكونها الطفل مع مقدم الرعاية، فما هو هذا الاضطراب، وما آثاره واسبابه؟

اضطراب التعلق التفاعلي (بالإنجليزية: Reactive Attachment Disorder) هو حالة يصعب فيها على الطفل الصغير أو الرضيع تكوين رابطة عاطفية خاصة وعميقة مع الأم والأهل أو مقدمي الرعاية والمربين وغالباً ما يكون بسبب إهمال الطفل في بداية حياته.

يعتبر اضطراب التعلق التفاعلي من الحالات النادرة والتي لا يوجد حولها معلومات كافية حتى الآن، ولكنها غالباً ترتبط بالظروف العاطفية والنفسية التي يمر فيها الطفل في بداية حياته أو مرحلة الرضاعة ومن الممكن أيضاً أن تؤثر حتى ظروف الحمل في إعاقة قدرة الطفل على تكوين روابط عاطفية مع أهله.​​​​​​​

animate

ليس بالضرورة أن تؤكد هذه العلامات إصابة الطفل باضطراب التعلق التفاعلي، حيث أنها قد تظهر لأسباب عديدة أخرى، ولكن وجودها مع العرض الأساسي المتمثل بعدم قدرة الطفل على تكوين رابطة عاطفية مع الأم أو الأهل عموماً، تؤكد ضرورة الحصول على الاستشارة المختصة لتحديد ما إذا كان الطفل يعاني من مشكلة التعلق التفاعلي:

  • عدم إبداء الطفل أي رغبة بالتواصل: لا يبدي الطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي رغبة أو اهتمام للتواصل مع مقدم الرعاية سواء التواصل البصري أو التواصل من خلال اللمس والتقرب، وغيرها من طرق التواصل العاطفية التي عادةً يظهرها أطفال هذه المرحلة.
  • عدم إبداء سعادة عند لقاء الأم أو مقدم الرعاية: عند غياب الأم أو مقدم الرعاية لبعض الوقت ثم الظهور من جديد فمن المتوقع أن يثير ذلك اهتمام الطفل الصغير وسعادته، فالطبيعي أن يرغب الطفل بالبقاء بجانب أمه طوال الوقت، ولكن الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي لا يبدي هذا الاهتمام الخاص، ويتعامل عند لقائه بأمه كأنها شخص عادي لا يعني له حدث سعيد.
  • مستوى عالي من الاستثارة: يتصف الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي بسرعة الاستثارة، بمعنى أنه أقل قدرة على التحمل عاطفياً، وتظهر هذه الاستثارة على هيئة حزن واكتئاب أو غضب وعدوان.
  • ضعف استجابة الطفل: يتوقع من الأطفال الصغار الاستجابة المباشرة على التحفيز من قبل الأم أو مقدم الرعاية بطرق مختلفة تتناسب مع عمره، فيتقرب من أمه ليرتمي في حضنها أو يحاول ملامستها واستكشافها عند حمله، أو اللعب معها وتقبيلها وعناقها، ولكن في حالة إصابة الطفل باضطراب التعلق العاطفي فإن هذه الاستجابات تكون ضعيفة واقل من المتوقع أو معدومة أحياناً.
  • عدم التأثر بالمواقف العاطفية: تعتبر هذه العلامة من أكثر العلامات سوءً، فالطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي لا يبدي استجابات أو تأثر بالمواقف العاطفية، فالطفل الطبيعي مثلاً يهتم عندما يلاحظ أن أمه تبكي أو تمر بموقف صعب، ولكن في هذه الحالة لا يبدي الطفل تعاطف أو اهتمام كافي بهذا الموقف.

لم تتوصل الأبحاث لأسباب نهائية تقف وراء إصابة بعض الأطفال باضطراب التعلق التفاعلي، فليست جميع الحالات التي تمر بهذه العوامل يحصل فيها هذا الاضطراب بالضرورة، ولكن مع ذلك تدور معظم الفرضيات المفسرة لهذا الاضطراب حول عدة عوامل أهمها:

  • نشوء الطفل في دار رعاية: نشوء الطفل في دور رعاية مثل دار الايتام وغيرها، يجعل نوع التربية الذي يتلقاه الطفل أكثر مؤسساتية ورسمية، يبنى على منهج وقواعد وقوانين تحكم العلاقة بين الطفل والمربي.
    هذا النظام يفتقر بطبيعته لوسائل تلبية الحاجات العاطفية الطبيعية والضرورية للطفل، والتي يلاحظها الطفل عندما يحصل على الرعاية والتربية من قبل شخص مهتم به بشكل شخصي ويلبي حاجاته بمحبة وسعادة، وهذا يحرم الطفل من بناء رابطة عاطفية خاصة مع مقدم الرعاية.
  • الإهمال العاطفي من قبل الوالدين: كثيرة الأسباب التي قد تؤدي لتعرض الطفل للإهمال العاطفي من قبل الوالدين، مثل طبيعتهما الشخصية أو المشاكل الأسرية أو ضعف خبرتهما في التربية أو عدم رغبتهما بالإنجاب وخاصة بالنسبة للأم، والحقيقة أن هذا يؤدي لجو عاطفي سلبي ومشحون يتربى فيه الطفل وقد يؤدي لنمو بذور اضطراب التعلق العاطفي لديه.
  • معاناة الوالدين من اضطرابات عقلية أو الادمان: قد يكون الوالدين أو أحدهما أو الأم بالتحديد يعاني من مشاكل واضطرابات نفسية وعقلية أو لديهم إدمان على عقاقير مخدرة، وهذا ينعكس على سلوكهما التربوي والعاطفي في التعامل مع الطفل، ويخلق ظروف مناسبة لنشوء اضطرابات نفسية لديه مثل اضطراب التعلق التفاعلي.
  • ضعف المبادرة العاطفية من قبل الأهل: أحياناً يكون لدى مقدم الرعاية أو كلا الوالدين شخصية تتصف بقلة الاهتمام وضعف المبادرة، ويعتقد أن العناية بالطفل هي عناية مادية تتعلق بتلبية حاجاته الأساسية فقط، وبالتالي يحرمون الطفل عن غير قصد من تلبية حاجاته العاطفية الضرورية، ولا يتمكنوا من تمرير مشاعر حبهم له.
  • انفصال الوالدين: كثيراً ما يؤدي انفصال الوالدين والخلافات فيما بينهما لأوضاع غير مستقرة تربوياً وعاطفياً بالنسبة للطفل، مثل التنقل للعيش فيما بينهما، أو الانشغال عنه بالمشاكل الزوجية وغير ذلك، وكل هذا قد يؤدي لإهمال عاطفي من قبلها للطفل، وبالتالي تطور أعراض اضطراب التعلق التفاعلي لديه.
  • فقدان أحد الوالدين: في حالة فقدان أحد الوالدين للطفل، فإن الوالد الآخر قد لا يكون بظروف نفسية وعاطفية مناسبة لرعاية الطفل بالشكل الصحيح، وممكن أن ينعكس ذلك بصورة ضعف اهتمام أو تقديم المحبة للطفل، وهذا يؤدي بدوره اضطرابات عدة من بينهما اضطراب التعلق التفاعلي.
  • التغيير المتكرر لمقدمي الرعاية: يحتاج الطفل للتواجد دائماً مع شخص واحد يقدم له الرعاية والمحبة حتى يتمكن من إنشاء رابطة عاطفية معه، وغالباً ما يتمثل هذا الشخص بالأم، وغياب هذا الشرط بسبب الظروف وتنقل الطفل بين مقدمي رعاية مختلفين مثل حالات وفاة الأم أو بعدها وتربية الطفل من قبل الأقارب أو في دور الرعاية، سوف يحرم الطفل من التواجد بشكل مستمر مع هذا الشخص وبالتالي عدم إمكانية بناء علاقة خاصة معه.
  • التعرض لمعاملة سيئة: تعرض الطفل في السن المبكر أو مرحلة الرضاعة لمعاملة سيئة سواء من قبل الوالدين أو مقدمي الرعاية أي كانوا، سوف يمثل له صدمة عاطفية ومخاوف من مقدمي الرعاية، وبالتالي يزيد ذلك من احتمال إصابة الطفل باضطرابات نفسية كثيرة من بينها اضطراب التعلق التفاعلي.

لا يوجد معلومات أكيدة حول التأثيرات البعيدة بعد سن الخامسة لاضطراب التعلق التفاعلي، وحتى الموجود من أبحاث غير مؤكد بشكل تام، ولكن قد تتعلق تأثيرات هذا الاضطراب غالباً بالاستجابات الاجتماعية والعاطفية، ويمكن ذكر بعض ملامح هذه الآثار:

  • الميل للانعزالية: يرجح أن الأطفال ممن عانوا من اضطراب التعلق التفاعلي في مرحلة الطفولة المبكرة والرضاعة أن يكونوا أكثر ميلاً للانعزال، فلا يهتمون كثيراً بالأنشطة الجماعية ويفضلون البقاء لوحدهم، ويرجح أن هذا الانعزال يظهر بصورة أكبر أثناء التعامل مع الكبار.
  • تجنب المواقف الاجتماعية: بسبب الميل للانعزال وبسبب العلاقة غير الطبيعية مع الأهل يكون الطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي غير مهتم بالمواقف الاجتماعية وخاصة الأسرية، فلا يرغب كثيراً في المشاركة بالأنشطة الأسرية أو البقاء مع أهله طوال الوقت أو التواجد في الزيارات والجلسات العائلية.
  • اظهار استجابات عدائية: بما أن طبيعة اضطراب التعلق التفاعلي تؤدي لسرعة الاستثارة عند الطفل، ففي بعض الأحيان قد يظهر عليها استجابات وردود فعل عدائية غير مناسبة، ويحدث ذلك أحياناً ضد الأهل عند محاولة إجباره على شيء ما، أو حتى مع الأقران عند قيامهم بشيء يثير إزعاجه وغضبه.
  • صعوبة في السيطرة على العواطف والسلوكيات: اضطراب التعلق التفاعلي هو اضطراب نفسي عاطفي، وهذا يفسر الصعوبة في السيطرة على المشاعر وبعض التصرفات عند الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب، فأحياناً يكون سريع الاستثارة وأحياناً انسحابي ومنعزل وأحياناً منزعج ومكتئب أو حزين، أو ربما سعيد ببعض الأشياء الغريبة.
  • الشعور بالرفض والتصرف على هذا الأساس: من المحتمل أن الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي أن يكوّن وجه نظر بأنه يعاني من الرفض بسبب الصورة السيئة التي تلقائها عن علاقته الضعيفة بمقدم الرعاية الأساسي بالنسبة له، لذا يتصرف على هذا الأساس، فيكون أكثر خجلاً وانطوائية، وأقل مبادرة في المواقف الاجتماعية.

بالإضافة للعلاجات المتخصصة التي تهتم بعلاج أي حالة أو اضطراب وأعراض نفسية يعاني منها الطفل، مثل اضطراب التوحد، أو الاكتئاب، أو مشاكل التواصل وغيرها، فإن للسلوك التربوي المتبع أثر كبير في تحسين حالة الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي، ويمكن تحديد بعض أهم جوانب هذا السلوك التربوي بعدة نقاط، ومنها:

  • البقاء دائماً بجانب الطفل: يحتاج الطفل في العمر الصغير ومرحلة الرضاعة إلى التواجد بشكل دائم مع أمه أو مقدم الرعاية الأساس، وذلك حتى تتاح له الفرصة لإنشاء رابطة عاطفية قوية معه، لذا يمكن للتواجد بشكل دائم مع الطفل أن يخفف من شدة اضطراب التعلق التفاعلي.
  • الاستجابة الفعالة لحاجات الطفل ورغباته: لا يقصد هنا تقديم الحاجات المادية الأساسية التي يحتاجها كل طفل، فأي أحد يمكن أن يقدم هذه الحاجات، ولكن هذه الاستجابة يجب أن تكون فعالة تتضمن اهتمام واضح وتقدم للطفل بمحبة وسعادة، من خلال التشجيع وإظهار المشاعر الإيجابية والبوح بكلمات الحب والتعاطف، فهذا من شأنه أن يلفت انتباه الطفل ويكوّن لديه مشاعر محبة تجاه مقدم الرعاية.
  • التواصل اللفظي وغير اللفظي مع الطفل: التواصل مع الطفل أمر بالغ الأهمية خلال محاولة بناء علاقة عاطفية خاصة معه، ويكون هذا التواصل من خلال التحدث مع الطفل ونطق عبارات المحبة له وتشجيعه وتحفيزه والتقرب منه في إطار التواصل اللفظي، ومن خلال العناق واللمس والتقرب والنظر باهتمام وتعاطف بالنسبة للتواصل غير اللفظي.
  • اللعب مع الطفل باستمرار وتقوية الرابطة معه: اللعب هو الشيفرة الأساسية التي يمكن من خلالها فهم ميول الطفل وأفكاره ورغباته والدخول لدائرة محبة الطفل واهتمامه، وبالتالي القدرة على إنشاء علاقة عاطفية معه، ومن هنا تبدو ضرورة أن يقوم مقدم الرعاية باللعب دائماً مع الطفل لكسب ثقته ومحبته.
  • تقديم الدعم والإرشاد للأهل: في كثير من الأحيان قد تكون المشكلة ناشئة عن ظروف الأهل أو طبيعتهم، مثل المعاناة من مشاكل نفسية أو عقلية أو عاطفية أو إدمان وغيرها، وفي هذه الحالة يجب بدأ العلاج في تحسين سلوك الأهل التربوي وعلاقتهم بطفلهم، تمهيداً لعلاج الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي.

المراجع