طرق تربوية للتدخل في صراعات الأبناء مع بعضهم
يلعب أطفالك سوياً في هدوء وتناغم، وفجأة تسمع صوت بكاء وصراخ معلنين اشتعال الحرب بينهم، وهنا سقف الآباء والأمهات حائرين، حول التعامل الأمثل مع الأمر، والذي غالباً ما يفضي بهم إلى حل الأمر بطريقة تربية غير ذكية، للتخلص من الإزعاج، فبالتأكيد تكرار شجارات الأطفال أمر مرهق ويسبب ضغطاً عصبياً مريراً.
ولكن التعامل الخاطئ مع هذه الصراعات قد يؤدي لنتائج سلبية خطيرة سواء على نفسية الأطفال، أو سلوكهم الاجتماعي مع بعضهم ومع الآخرين، أو طباعهم الشخصية حينما يكبرون، لذلك لابد أن تدرك أن هناك سبلاً مثلى للتعامل مع هذا الأمر، كي تضمن تربية الأبناء بطريقة صحيحة.
وفي هذا المقال، نلقي الضوء على أسباب شجارات الأبناء، والموقف السليم للأبوين من مشاحنات الأبناء، ومتى وكيف يتدخلون؟، وكيف يساعدون على تعزيز السلام في الأسرة؟
الآن، وقد أدركت أنها ليست مشكلة أبنائك وحدهم، وإنما شجارات الأخوة أمر طبيعي تماماً، وغالباً يكون سببها الرئيسي المنافسة، سواء للحصول على حب واحترام الوالدين بشكل أكبر، وإثبات أنفسهم، أو الحصول على مكاسب أكثر،
وهكذا، وينشأ الشجار لأسباب مختلفة، إليك أبرزها:
- رغبة كل طفل في إظهار تميزه واستقلاليته، وعرض مواهبه وأنشطته للحصول على المزيد من اهتمام الوالدين خاصة، والكبار بصفة عامة.
- شعور أحد الأطفال بالتمييز السلبي ضده، وبأن الكبار لا يعطونه نصيبا عادلا من الاهتمام، فيشعر بالغيرة.
- شعور بعض الأطفال بالقلق على مكانتهم لدى الوالدين بعد قدوم مولود جديد.
- الملل والجوع والتعب أسباب غير مباشرة تدفع الطفل للتعارك نتيجة لشعوره بالإحباط.
- رغبة الطفل في جذب انتباه الكبار، وعدم معرفته بالكيفية السليمة لذلك، فيفتعل نزاعاً مع شقيقه.
- ضعف التواصل الأسري، فعدم تناول الوجبات معاً، أو التنزه والخروج سوياً، وغياب جلسات الحديث داخل الأسرة، كل ذلك يزيد من احتمالات وقوع الصراع بين الإخوة.
- شعور الوالدين بالإجهاد، وعدم تمكنهما من توفير الرعاية المناسبة لأطفالهما، يؤدي أيضا لنزاعات الأشقاء.
- الأطفال المتوترون ليس لديهم القدرة الكافية على تحمل الإحباط، والتحكم في مشاعرهم، مما يتسبب في كون الطفل عصبي حول أبسط وأتفه الأشياء.
- طريقة الآباء في الرد على نزاعات أطفالهم تؤثر على احتمالية تكرارهم لهذا السلوك.
المأزق الذي يعانيه الأم والأب حال وقع صراع بين أبنائهم، هو التفكير في التصرف الأمثل، بحيث لا يتطور الموقف بالسلب، أو يشعر أحد الأبناء بتمييز الآخر، لذلك إليكِ السبل الفعالة للتعامل مع شجارات الأطفال.
لا تتدخل في صراعات الأبناء
على الرغم من أن المنازعات بين الإخوة والأخوات أمر شائع ومتكرر، ولكنه يبقى مرهقاً للأهل، وقد يدفعهم لمحاولة إنهائه بأي طريقة، وإن لم تكن طريقة تربوية.
القاعدة الأولى، هي ألا تتدخل في النزاعات بين أطفالك، إلا إذا كان هناك خطراً جسدياً يهددهم، وإنما دعهم يحلون نزاعاتهم، يتجادلون، يتشاجرون، يتخاصمون، ثم يتصالحون، أو يصلون لتسوية بينهما.
أضرار تدخل الوالدين في صراعات الأبناء
هذه النزاعات رغم ما تسببه من إزعاج في البيت، ولكنها تشكل أهمية كبرى في نمو عقل الأطفال وطريقة تعاملهم مع الأمور، فيتعلمون من خلال هذه الشجارات الصغيرة كيف يتعاملون مع الآخر، وكيف يدافعون عن حقوقهم، ويكتسبون مهارة المشاركة، والتفاوض، والتوافق، وتقدير وجهة نظر الآخرين، والتحكم في السلوك العدواني، كما يختبرون مشاعر الضيق والإحباط، وكلها أمور ضرورية لحياتهم الاجتماعية مستقبلاً.
وعلى العكس، فإن التدخل المتكرر للوالدين ينشئ مشكلات جديدة بين الإخوة، ويوقف التفاعل بينهم، وبدلا من محاولة تسوية أمورهم معاً، سيلجئون للآباء ويتوقعون منهم دوماً التدخل للمساعدة، فلا ينشئون على تحمل المسؤولية.
وعندما يتدخل الآباء لحل نزاعات أبنائهم فإنهم عادةً ما يدعمون طفلاً على حساب الآخر، وقد يقررون هذا الدعم وفق اعتبارات يراها الطفل الآخر غير منطقية وظالمة، كأن يكون الطفل المدعوم أصغر أو أكثر بكاءً، مما يولد الغيرة بين الأطفال من ناحية، والشعور بالظلم والقهم لأحدهم من ناحية أخرى.
ومن الآثار التربوية الضارة للتدخل الخارجي من قِبل الآباء، تكريس مبدأ اعتماد الأطفال على تدخل أحدهم لإنقاذهم حتى بعد أن يكبروا، فيضعف اعتمادهم على أنفسهم، وتقل ثقتهم بقدراتهم، وينتظرون دوماً مساعدة الغير.
قد يشعر الوالدان بالقلق نتيجة العدوان الجسدي لطفل على آخر، أو لسوء اللغة المستخدمة بينهما، أو من تأثير السباب والألفاظ البذيئة عليهما، مما يجعل التدخل أمراً ضروريا، وهنا ينبغي مراعاة عدد من الأمور:
- ضع قوانين واضحة للتعامل في البيت، فهناك خطوط حمراء غير مسموحٍ بتجاوزها، قائمة بالألفاظ غير المسموحة، وموقف صارم تجاه الأذى الجسدي، فوضوح هذه القوانين المنزلية تجعل الأطفال مدركين لحدودهم في نزاعاتهم، ويريح الآباء من عبء فحص المشكلات والحكم عليها باستمرار.
- افصل بينهما حتى يهدأ كل منهما، وامنع الحديث بينهما أو التعامل لفترة من الوقت حتى لا يتجدد النزاع.
- لا تحاول الوصول إلى الطرف المخطئ لإلقاء اللوم عليه، عندما يتورط الطفلان في معركة فكلاهما مسؤول جزئيًا.
- علمهم الوصول لحلول وسط، وتنمية عقلية "الجميع يربح" لديهم، إذا كان اثنان من أبنائك يريدان نفس اللعبة، فوجههم إلى لعبة أخرى يمكنهما الاستمتاع بها سوياً.
هناك أشياء عديدة وبسيطة يمكن للوالدين القيام بها، وأخرى يتجنبونها، لتعزيز الحب والتواصل بين الأبناء، وتعزيز علاقة صحية بينهم:
- لا تقارن بين أبنائك، على سبيل المثال: لا تقل "أختك تدرس جيداً، لم لا تفعل مثلها؟".
- لا تفضل أحد أبنائك على الآخرين، هذا الأمر يسبب إشعال الغيرة والحقد.
- قدر الفروق الفردية، وانتبه للمواهب المميزة لكل طفل، ونجاحاته، ولا تضع نموذجاً أحادياً للنجاح.
- لا تحاول تصنيف أطفالك، أو الحكم عليهم، دعهم يكونون كما هم مع توجيه لطيف وتنمية للمهارات.\
- شجع التعاون في الأسرة، واخلق المواقف التي تنمي روح الفريق بين الأطفال، مثل صنع شيء بالتعاون بينكم، أو الإعداد لرحلة، أو إنجاز مهمة معينة، فذلك يعلمهم تقدير بعضهم البعض، وتجاوز الأنانية.
تربية الأطفال بالطبع ليس أمراً سهلا، وإنما من صعب المهام على الإطلاق، فنريد جميعاً تنشئة الأطفال بصحة نفسية وعقلية مثالية، لذلك لابد أن توليهم اهتماماً كبيراً، وتفكر بشكل عملي وتربوي قبل أي تصرف قد يؤدي لنتائج أنت لا تريدها.