دراسات تؤكد: سبب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD وراثي
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن بين 5% و8% من الأطفال والبالغين حول العالم يتأثرون باضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، وعلى الرغم من وجود وسائل فعالة للسيطرة على أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لكن ما زالت هذه الوسائل بعيدة عن العلاج الفعّال والمستدام، فهل سيغير علم الجينات المعادلة ويفتح الفرصة أمام اكتشاف علاج جديد لأطفال فرط الحركة من خلال رصد الطفرات الجينية المسؤولة عنه؟
- ما هو اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD)؟
- هل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وراثي؟
- دراسات حديثة ترصد السبب الوراثي لاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
- تفاعل البيئة مع الوراثة في اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة
- تأثير اكتشاف جينات اضطراب فرط النشاط على علاج الأطفال
- كيف يتم علاج طفل فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)؟
- حقائق عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
- المصادر و المراجع
اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (Attention Deficit Hyperactivity Disorder) المعروف اختصاراً (ADHD) هو اضطراب عقلي عصبي من أكثر اضطرابات الأطفال شيوعاً، أهم أعراضه أن الطفل يعاني من صعوبة الحفاظ على التركيز والانتباه بالتزامن مع النشاط والحركة المفرطين والسلوك الاندفاعي.
اضطرب نقص الانتباه وفرط الحركة من الاضطرابات التي تؤثر على حياة الطفل بشكل كبير، حيث تؤثر أعراضه على الأداء الدراسي والاجتماعي للمصابين بشكل واضح، كما تترك آثاراً سلبية وعميقة على نظرة الطفل لنفسه واحترامه لذاته.
ما سبب اضطرب نقص الانتباه وفرط النشاط؟ تتزايد الدراسات والأبحاث التي تشير إلى أن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة له أساس وراثي جيني، حيث أشارت العديد من الأبحاث إلى وجود اختلافات تشريحية في دماغ الأطفال المصابين بالاضطراب، منها نقص المادة البيضاء والرمادية في المخ، وإظهار استجابات مختلفة لمناطق الدماغ أثناء اختبارات محددة.
وإلى جانب العوامل الوراثية التي تتزايد الأدلة حول دورها باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، هناك أسباب أخرى محتملة مثل ظروف الحمل غير المستقرة أو تعرض الجنين للسموم (التدخين، الكحول، المواد الكيماوية...) والولادة المبكرة ونقص الوزن عند الولادة.
على الرغم من اتفاق العديد من الدراسات على الأساس الوراثي الجيني لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، لم يكن من السهل تحديد الجينات المسؤولة عن الاضطراب بشكل مباشر، لكن خلال الأعوام الأخيرة ظهرت نتائج مهمة حول الجينات التي تقف وراء اضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه.
عام 2018 أشارت دراسة نشرتها مجلة Nature Genetics إلى اكتشاف 12 جزءً من الحمض النووي تزيد من خطر الإصابة باضطراب ADHA بعد تحليل أكثر من 10 ملايين موقع وراثي لـ 50 ألف حالة بينها 20 ألف مصاباً باضطراب فرط الحرك ونقص الانتباه، وتعتبر هذه الدراسة أولى الدراسات التي تؤكد وجود أساس وراثي متين لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
هذه الأجزاء الجينية تؤثر بشكل مباشر على إنشاء وتطوير المشابك والنواقل العصبية وتنظيم الدوبامين في الدماغ، ويتأثر تطور هذه الجينات بعوامل مختلفة منها ظروف الحمل والولادة، كما قد تشترك هذه الأجزاء الجينية مع اضطرابات نفسية وغير نفسية أخرى.
اكتشفت دراسة عام 2021 طفرةً جينية تشارك بشكل كبير في تطور اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة وهي الطفرة CDH2، والتي تقوم بتشفير أحد البروتينات المهمة في تسهيل إنشاء النواقل العصبية وتسهيل عملها ونشاطها (N-cadherin) ، ما يؤثر على مستويات الدوبامين في الجزء الأوسط البطني والقشرة الجبهية، وهي مناطق في الدماغ مرتبطة بأعراض فرط الحركة ونقص الانتباه.
تم الوصول إلى هذه النتائج بعد دراسة الطفرة الجينية CDH2 على الفئران والتي أظهرت أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في 15 اختباراً سلوكياً مختلفاً، إضافة إلى دراسة عائلة فيها 4 أطفال مصابين باضطراب ADHD في نفس الدراسة.
أول دراسة على أنسجة المخ البشري بعد الوفاة لتحديد أسباب اضطراب ADHD
نشرت أول دراسة حول العوامل الوراثية والجينية المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يتم اجراؤها على خلايا المخ البشري بعد الوفاة والتي أجرها المعهد الوطني الأمريكي لأبحاث الجينوم البشري NHGRI عام 2022.
أثبتت نتائج الدراسة وجود بنية ونشاط مختلف في مناطق الدماغ المسؤولة عن الانتباه لدى المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إضافة إلى اختلافات في الجينات التي تشفر المواد الكيميائية التي تستخدمها خلايا المخ للتواصل.
أصبح الباحثون أقرب من تأكيد الدور الذي تلعبه العوامل الوراثية والجينية بالإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة ADHD، لكن مع ذلك ما زالت العوامل البيئية تلعب دورها في تعزيز الاستعداد الوراثي للاضطراب!
أشارت دراسة حديثة عام 2024 تم إجراؤها على التوائم أن التأثيرات البيئية الفريدة كانت أكثر أهمية في خلق اختلافات فردية في فرط النشاط ونقص الانتباه لدى التوائم الذين لديهم استعداد وراثي لهذه الأعراض مقارنة بالتوائم الذين ليس لديهم مثل هذا الاستعداد.
ما يؤكد أن الظروف البيئية قد تكون قادرةً على تعزيز خطر الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وخلق فروق واضحة في الأعراض، لكن ما زال من المستبعد أن تكون العوامل البيئة وحدها المسؤولة عن الاضطراب من دون استعداد وراثي.
حتى الآن يعتمد علاج طفل فرط الحركة ونقص الانتباه على الأدوية المنبهة للجهاز العصبي المركزي والتي تعتبر وسيلةً لإدارة أعراض الاضطراب لكنها ليست علاجاً كاملاً أو مستديماً، ومع اكتشاف الجينات المرتبطة باضطراب ADHD تزداد فرصة الوصول لعلاجات أكثر فاعلية وأطول أمداً.
من المتوقع أن تثمر الدراسات خلال الأعوام المقبلة عن وصف أكثر دقة للأجزاء الجينية المرتبطة باضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه، وعند الوصول لنتائج واضحة وشاملة سيبدأ العمل على ابتكار علاج جيني مناسب قد يغير مستقبل ملايين الأطفال والبالغين حول العالم الذين يعانون من هذا الاضطراب.
يتم علاج طفل فرط الحركة والنشاط ونقص الانتباه بالاعتماد على مجموعة من الأدوية من منبهات الجهاز العصبي المركزي والمحفزات العصبية وحاصرات مستقبلات ألفا، التي تساعد على التركيز وتقليل الاندفاع وتدعم قدرة الطفل على التعلم.
أدوية علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال لا تعتبر علاجاً دائماً وإنما وسيلة للسيطرة على الأعراض ومساعدة الطفل على تحسين أدائه الدراسي والاجتماعي وحالته النفسية، ولا يمكن أخذ هذه الأدوية بشكل عشوائي، لا بد أن تكون تحت إشراف الطبيب المتخصص.
بعض هذه الأدوية قد يأخذها مريض فرط النشاط ونقص الانتباه يومياً ومدى الحياة، وفق بروتوكول علاجي يحدده الطبيب المختص، وبعضها يتم أخذها فقط في أيام الدراسة، كما قد يوصي الطبيب بفترات من الراحة من الأدوية.
إلى جانب العلاج الدوائي لاضطراب ADHD يتم الاعتماد على تقنيات العلاج النفسي ومنها العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد الطفل المصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه على التأقلم مع الأعراض وإدارتها بشكل أفضل، كما يساعد الأهل والمشرفين على التعامل مع الطفل بطريقة صحيحة.
- مستويات الحركة والنشاط عند الأطفال قد تكون مرتفعة ومتفاوتة، لكن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعانون من أعراض شديدة ومميزة لا يمكن الخلط بينها وبين الطفل النشيط بشكل طبيعي.
- هناك ثلاث مستويات أو أنواع لاضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه:
- أعراض نقص وتشتت الانتباه الأساسية
- أعراض فرط الحركة والسلوك الاندفاعي الأساسية
- الأعراض المشتركة لنقص الانتباه وفرط الحركة
- غالباً ما يتم تشخيص الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في سن المدرسة وقبل 12 عاماً.
- يتم تشخيص الأولاد الذكور باضطراب فرط الحركة أكثر من الإناث، لكن ذلك لا يدل بالضرورة أن الذكور أكثر عرضة للإصابة، بل قد تكون أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه لديهم أكثر وضوحاً.
- تكرار أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه في بيئات مختلفة يعتبر أمراً جوهرياً في التشخيص، حيث لا يمكن أن تظهر الأعراض في المنزل فقط أو في المدرسة فقط.
- تختلف معايير وطرق تشخيص اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه عند البالغين عنها عند الأطفال، كما تختلف وسائل العلاج والسيطرة على الأعراض.
- يعاني المصابون باضطراب فرط الحركة من مشاكل عميقة تتعلق بالنظرة إلى الذات والحساسية الشديدة للنقد، ترتبط غالباً بتعرضهم للانتقاد والتنمر والإساءة بشكل مستمر بسبب أعراض الاضطراب.