لا متنمرين ولا ضحايا! توعية الأطفال عن التنمر
"لا يكفي ألّا تعلم طفلك التنمر، يجب أن تعلمه كيف لا يكون متنمراً!" هذه القاعدة الأساسية التي يتفق عليها خبراء التربية الحديثة في التعامل مع ظاهرة التنمر والحد من آثارها السلبية من خلال التعامل مع جذورها وتوعية الطفل عن التنمر ليكون قادراً على فهم مخاطره وسلبياته، وقادراً على تكوين نوع من الرقابة الذاتية كي لا يكون متنمّراً، وفي نفس الوقت قادراً على الدفاع عن نفسه أمام المتنمرين.
ما هو تعريف التنمر؟ يمكن تعريف التنمر (بالإنجليزية: Bullying) بأنه سلوك عدائي متكرر ومتعمد يمارس من قبل شخص أو مجموعة أشخاص على شخص معين بدافع التسلط والتسبب بالأذى والإزعاج أو التسلية في بعض الأحيان، وللتنمر عدة أوجه مثل الإيذاء الجسدي كالضرب والتحرش، أو الإيذاء اللفظي مثل السباب والشتائم، بالإضافة للتهديد والعزل أو نشر الشائعات والسخرية.
بالنسبة للأطفال غالباً ما يحدث التنمر في المدرس أو في الأزقة والحي وغالباً ما يمارس من قبل طفل أكبر أو مجموعة أطفال أقوى على طفل أضعف، وبين الأطفال يعتبر الطفل المتنمر أيضاً ضحية لسوء التربية والإهمال العاطفي، ويجب الاهتمام بسلوك المتنمر بنفس القدر الذي نهتم به بالحالة النفسية للطفل ضحية التنمر.
كيف تتحدث مع أطفالك عن التنمر؟ التحدث مع الطفل حول التنمر ومخاطره وسلبياته وكيفية التعامل معه من قبل الأهل أمر ضروري لوقايته ووقاية المجتمع من نتائج هذه الظاهرة السلبية، وسواء كان الطفل هو المتنمر أو من يتعرض للتنمر فيجب التحدث معه حول هذا الأمر، ويتم ذلك من خلال:
- شرح ماهية التنمر وأسبابه: من الضروري أن يشرح الأهل للطفل ما هو التنمر وما هي السلوكيات التي يمكن اعتبارها تنمر ومعرفة أسباب هذا السلوك، فقد يقوم بهذه السلوكيات أو يتعرض لها دون أن يعلم أن هذا هو التنمر، وعندما يتم شرحه له من قل الأهل فربما يكون حذر أكثر من هذا السلوك ويتجنبه.
- شرح سلبيات التنمر: يجب أن يعرف الطفل ما هي النتائج السلبية التي تنتج عن سلوك التنمر، وما هو الأذى النفسي أو الجسدي الذي يسببه المتنمر للآخرين، وكيف ينعكس ذلك على المجتمع برمته، حتى لا يرى بالتنمر مجرد سلوك يهدف للتسلية أو فرض السلطة، وإنما لها آثار سيئة وينتج عنها عواقب غير محمودة.
- شرح عواقب التنمر: قد ينتج عن التنمر رد فعل أو عواقب سلبية مثل التسبب بالخلافات والمشاجرات أو العقوبة من قبل الأهل أو الرفض الاجتماعي للشخص أو حتى أحياناً عواقب قانونية، ويجب أن يعرف الطفل هذه الأمور حتى يكون حذر ويبتعد عن هذا السلوك المرفوض.
- شرح كيفية التعامل مع التنمر: من واجب الأهل في إطار حماية طفلهم من التنمر أن يعلموه الوسائل التي تدعمه في التعامل ومواجهة هذا السلوك، مثل تشجيعه على الرد على هذا التنمر والبقاء ضمن مجموعات الأصدقاء وإبلاغ شخص بالغ أو مسؤول عن تعرضه للتنمر مثل المدرسين أو الأهل أو إدارة المدرسة.
- التحدث حول ما يحدث معه في المدرسة: أيضاً يجب أن يتضمن حديث الأهل مع ابنهم حول التنمر كل ما يحدث معه خلال يومه الدراسي، حتى يعرف الأهل ما الذي يحدث مع ابنهم فقد يكون يتعرض للتنمر ولا يعرف التعبير عن هذا أو يخجل أو يخاف من التعبير.
من وسائل وقاية الأطفال من التنمر هو توعية الأطفال المتنمرين على غيرهم بمخاطر التنمر وسلبياته وعواقبه على الشخص المتنمر، ومن الوسائل التي يمكن من خلالها تعليم سلبيات المتنمر للطفل:
- وضع نفسه مكان من يتنمر عليه: يمكن من خلال التجربة أو من خلال الحديث والشرح توضيح مشاعر ضحايا التنمر للطفل المتنمر، من خلال اسقاط هذه التصرفات عليه من قبل أشخاص أقوى منه أو على أحد أخوته أو أحبائه وأقربائه، حتى يفهم الطفل المتنمر أنه قد يكون ضحية للتنمر وقد يحدث معه ما فعله هو بغيره.
- شرح الأذى النفسي الذي يلحق بضحايا التنمر: أحياناً لا يدرك الطفل المتنمر الأذى النفسي أو الجسدي الذي يسبب للآخرين، وربما إذا تم توضيح هذا الأمر بالنسبة له كان في ذلك رادع عن هذه التصرفات بعد تقدير عواقبها.
- شرح العواقب القانونية للتنمر: أحياناً يتسبب تنمر الأطفال على بعضهم البعض بحوادث وأذية قد تكون كبيرة بالنسبة لضحايا هذا التنمر، وهذا بدوره قد يضع المتنمر أمام عواقب ومسؤوليات قانونية أمام الجهات المعنية بهذا النوع من الأجرام، ويجب أن يدرك المتنمر هذه المسألة أو تخويفه بها حتى لا يقوم بهذا السلوك.
- معاقبة الطفل المتنمر: لا يجب السكوت عن تصرفات التنمر التي تصدر عن الطفل، بل يجب معاقبته ومحاسبته عليها من قبل إدارة المدرسة أو من قبل الأهل، وهذا العقاب يجعله يعرف أن تصرفات التنمر من قبله لها عواقب سلبية ولن تمر مرور الكرام، فهذا من شأنه أن يجعله يدرك سلبيتها ويبتعد عنها.
- شرح العواقب الأخرى التي قد يتعرض لها المتنمر: قد ينتج عن أفعال التنمر ردود فعل من قبل الضحية أو من قبل ذويه أو أصدقائه مثل التشاجر مع المتمر أو التوعد له أو تهديده وربما ضربه أو التنمر عليه من قبل أشخاص آخرين في بعض الأحيان، وكل ذلك من عواقب التنمر التي يجب أن يدركها الطفل حتى يبتعد عن هذا السلوك.
- تنمية الوازع الديني عند الطفل: في بعض الأحيان من المفيد إتباع أسلوب شرح التعاليم الدينية في التخلص من بعض السلوكيات السيئة التي قد تصدر عن الأطفال والمراهقين ومنها التنمر، وبهذا يمكن أن نشرح للطفل أن التنمر فعل منافي للدين ولا يرضى عنه والله وأنه فيه معصية وأذى للآخرين وأنه سوف يحاسب عليه، وبهذا يمكن أن يدرك المتنمر سوء هذا الفعل ويبتعد عنه.
يمكن لتعليم الطفل بعض المهارات مساعدته في مواجهة التنمر والتعامل مع الأشخاص المتنمرين وبالتالي تخفيف آثار التنمر عليه، ومن هذه الطرق:
- زيادة ثقة الطفل بنفسه: أحياناً يكون التنمر على الطفل بسبب ضعف شخصيته وعدم ثقته بنفسه وقدرته على الدفاع عن نفسه، حتى ولو كان المتنمر أصغر أو أضعف منه، وهنا يفيد العمل على زيادة ثقة الطفل بنفسه بدفاعه عن نفسه وابعاد المتنمرين عنه.
- إبلاغ المعلمين أو المسؤولين عن الأطفال: قد يستطيع الطفل دائماً رد المتنمرين بنفسه فهو قد يكون أضعف من المتنمرين وأقل قوة وأضعف شخصية، وهنا يجب أن يتعلم أن يخبر المسؤولين عن هذه الحالات لإبعاد المتنمرين عنه مثل الأساتذة في المدرسة أو إدارة المدرسة أو إدارة أي معهد أو نادي مشترك به أو إعلام والديه بالأمر، فإبلاغ المسؤولين يترتب عليه عواقب على الشخص المتنمر وبالتالي يصبح يخاف أكثر من تكرار هذا الفعل.
- تنمية مهارات الرد عند الطفل: في حالات التنمر اللفظي الذي قد يتعرض الطفل له فهو يحتاج للدفاع عن نفسه من خلال مهارات الرد على الإهانات التي توجه له من قبل المتنمرين، وتعليمه هذه المهارات والدفاع عن نفسه من خلالها من شأنه ابعاد المتنمرين عنه.
- تدريبه على الشجاعة بمواجهة المتنمر: يحدث التنمر على الطفل أحياناً نتيجة اتصافه بالجبن والضعف، وليس بالضرورة أن يكون نابع عن قوة المتنمر، وتعليم الطفل أن يتشجع ويدافع عن نفسه ضد المتنمرين يجعله فريسة صعبة بالنسبة لهم وبالتالي ولا يتنمرون عليه ويبحثون عن شخص آخر.
- بناء علاقات مع مجموعة أصدقاء جيدين: وجود الطفل ضمن مجموعة أصدقاء يحميه من تعرض المتنمرين له، فالمتنمر غالباً ما يحاول الاستفراد بالضحية، وعند وجود أصدقاء للضحية يدافعون عنه ويقفون له فغالباً سوف يقل احتمال تعرضه لحالات التنمر.
- التأكيد على ضرورة إبلاغ الأهل عن الحوادث: يجب أن يتعلم الطفل أن يقول لذويه ما يحدث معه من حالات تنمر في المدرسة أو الحي أو على المواقع الالكترونية واي مكان آخر، ويجب ألّا يخجل أو يخاف من هذا الأمر، حتى يتمكن الأهل من التصرف بسرعة ووضع الحدود للمتنمرين.
من الأسئلة الواردة إلى مجتمع حلوها حول الطفل المتنمر، أمّ تشكو من طفلها البالغ من العمر 13 سنة والذي يتنمر على أخته الصغيرة باستمرار وبشكل فجّ وقاسٍ، وتشير صاحبة الاستشارة أيضاً إلى أن طفلها المتنمر يعاني بدوره من متابعة والده الشديدة له ولكل تصرفاته والمبالغة بانتقاده.
ترى خبيرة تربية الطفل في حِلّوها أن دوافع الطفل للتنمر على أخته هي الغيرة منها خصوصاً وأن والده يستهدفه بالانتقاد المستمر لتصرفاته، وهو لا يملك وسيلةً للدفاع عن نفسه وتفريغ الطاقة السلبية غير التنمر على أخته الأضعف منه والأصغر منه سناً، ولعلاج هذه المشكلة لا بد من علاج جذورها من خلال انتزاع أسباب الغيرة وتخفيف انتقاد الطفل ومنحه مزيداً من الحب والثقة، وإشعاره بالمسؤولية تجاه شقيقته الصغيرة.
اقرأ الاستشارة كاملة وآراء الخبراء وتعليقات القراء من خلال النقر على الرابط: "كيف أتعامل مع ابنى المتنمر؟"
ويمكنك طلب استشارة مجانية من خبراء ومجتمع حلوها في أي وقت من خلال النقر على هذا الرابط "اطرح مشكلتك"