تحليل رسم الطفل لوالديه وعلى ماذا تدل رسومات العائلة
لا يوجد تحليل لكل رسمة أو خطوط عشوائية يطبعها طفلك على الأوراق، ولكن وبشكل عام يمكن الاستدلال على بعض الجوانب الفكرية والنفسية والعاطفية من رسومات الطفل، وخاصة عندما يكون الوالدين والأسرة هم موضوع هذه الرسومات، في هذا المقال نقدم تحليل لبعض جوانب رسم الطفل لوالديه.
تكمن أهمية رسومات الأطفال في كونها بوابة مباشرة يعبّر من خلالها الطفل عن اهتماماته وأفكاره ومخاوفه ونظرته إلى الأشخاص المحيطين به، ورسم الطفل لوالديه من أهم أنماط الرسم عند الأطفال الجديرة بالتحليل، والتي تلخص علاقة الطفل بوالديه ونظرته لهما وتأثيرهما على حياته.
وبالتالي اختبار النتائج التي تفرض من خلال ملاحظة رسومات الطفل، بالحديث مع الطفل والتعرف على ظروفه الأسرية، للخروج بمعلومات محتملة حول شخصية الطفل وافكاره وعواطفه، ما يساعد في فهم الطفل أكثر وتوجيهه بطريقة أفضل وعلاج أي مشاكل نفسية أو عاطفية قد يعاني منها.
عند تحليل رسم الطفل لوالديه يجب النظر في حجم الأشخاص وتناسبه في الرسمة (الطفل وكل من الوالدين) والنظر في الوضعيات التي يختارها الطفل والسلوك الذي يمنحه لكل من الوالدين، وإذا استخدم الألوان يجب أيضاً تحليل الألوان ودلالاتها، وأهم دلالات رسم الطفل للوالدين:
- يدل على الدور الذي يلعبه الوالدان في حياة الطفل: قد يدل حجم أحد أفراد الأسرة التي يرسمها الطفل على كيف يرى الطفل هذا الشخص في تأثيره ودوره في المنزل والأسرة، فيعتقد بعض المحللين أنه كلما كان حجم الشخص في الصورة أكبر وأقرب من الطفل فذلك قد يعني أنه دوره أكبر وأهم في المنزل والعائلة على حساب باقي الأدوار.
- يدل على العلاقات والروابط كما يراها الطفل: يمكن أن يرسم الطفل والديه في مواقف خاصة مثل رسم نفسه مع الوالدين أقرب للأم أو للأب وهذا يدل على نظرته عن العلاقة بكل منهما، أو رسم والده بشكل مخيف وقد يدل ذلك على خوفه منه، أو رسم نفسه في حضن الأم وهذا يدل على الافتقاد للحنان، أو رسم نفسه منعزل وبمكان بعيد عن أفراد الأسرة وهذا يدل على شعوره بالوحدة، أو الرسومات بدون أطراف قد يدل ذلك على الشعور بضعف الحيلة والعجز.
- التعبير عن الافتقاد أو الاشتياق: إذا كان الطفل يعيش في غياب أحد والديه بسبب الانفصال أو الوفاة أو السفر أو أي سبب آخر، فقد يرسم تصوراته عن الشخص الغائب، مثل رسم نفسه دائماً مع الشخص الغائب إذا كان يحبه ويفتقد له، أو رسمه بطريقة سيئة إذا كان يسمع أقاويل سيئة عنه خاصة في حالات الانفصال، أو رسم صورة للعائلة بدون الشخص الغائب وكأنه ينساه ولا يعتبره من أفراد الأسرة.
- التعبير عمّا يجعله سعيداً مع والديه: مثل رسم نفسه مع الوالدين في السيارة أو خارج المنزل، فغالباً ما يدل رسم الطفل لنفسه يمشي مع والديه خارج المنزل أو في السيارة أنه يحب التنزه والذهاب لأماكن معينة مع الوالدين.
- التعبير عن مشاعر الحزن المرتبطة بالعائلة: قد يعبر رسم الطفل للوجوه الحزينة عن مشاعر وأفكار عديدة تجول في خاطر الطفل، مثل عدم الرضى عن طريقة الحياة، أو الشعور بالكآبة، أو فقدان الشغف وخيبة الأمل، أو الملل، أو المرور بمشاكل معينة، أو الافتقار لحاجات لا يتمكن الطفل من الحصول عليها.
معاني رسومات الطفل للعائلة تدل على نظرة الطفل إلى العلاقات والروابط التي تجمعه بالعائلة من جهة، والتي تجمه أفراد العائلة بعضهم ببعض من جهة أخرى، ولذلك يتم التركيز عند تحليل رسم الطفل للعائلة على موقع الطفل من الرسومات وعلى شكل وتوزيع الأفراد في الرسم، ومن أهم دلالات رسم الطفل للعائلة:
- تحليل الرسوم العشوائية للعائلة: قيام الطفل برسم رسومات عشوائية سواء من حيث الخطوط أو من حيث الأفكار أو الأحجام والأبعاد، بمعزل عن قلة خبرة الطفل في أساسيات الرسم، فإنها قد تشير لعيش الطفل في منزل فوضي وبيئة أسرية غير منظمة.
- معنى الرسمات المتباعدة للعائلة: رسم الطفل لصور للعائلة يكون فيها أفراد العائلة بعيدين عن بعضهم البعض وينشغل كل منهم بشيء خاص بعيد عن الآخر، قد تشير لأن الطفل يشعر بالافتقار للدفء الأسري والعلاقات الأسرية الجيدة.
- معنى الرسوم العائلية الجماعية السعيدة: أما بالنسبة لرسم الطفل لرسوم فيها أفراد العائلة مجتمعين يقومون بنشاط معين مثل تناول الطعام أو التنزه أو التحدث وغير ذلك، وهم بملاح سعيدة ويضحكون فقد يدل على شعور الطفل بأنه يحصل على الاهتمام الكافي والمحبة من قبل والديه ويعيش في بيئة أسرية سعيدة.
- معنى رسم العائلة بشكل قبيح: يقصد هنا تشويه صورة أو شكل الشخص بشكل مقصود وليس سوء الرسم أو عدم خبرة، فهذا قد يحمل دلالة على وجود مشاعر سلبية وربما غيرة أو كره أو حقد أو بغضة أو غضب تجاه أحد الوالدين، وذلك حسب علاقة الطفل بوالديه والمشاكل الأسرية التي يتربى فيها.
- تحليل موقع الطفل في رسمه للعائلة: إذا رسم الطفل نفسه في الصورة يجلس في حضن والدته مثلاً فيشير ذلك لحاجته للشعور بالحنان والأمان، وإذا رسم افراد العائلة حسب ترتيب العمر فهذا يدل على شخصية منظمة لدى الطفل، وإذا رسم نفسه بقرب أحد الوالدين أكثر من الآخر فقد يدل ذلك على شعوره بعلاقة خاصة أو محبة أكثر تجاه هذا الطرف.
تحليل رسوم الأطفال ومعانيها هي مسائل تقديرية تقريبية ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل للجزم بدلالات معينة تعبر عنها، حيث أنها يمكن أن تكون مجرد أفكار ناتجة عن أحداث الحياة اليومية ولا تعبر عن شيء محدد بالضرورة.
ولكن في بعض الحالات التي تكون فيها هذه الرسوم واضحة ومتكررة بالإضافة لترافقها مع معاناة الطفل من حالة معينة أو أوضاع أسرية خاصة فيمكن بالفعل أن نحمل دلالات بالغة الأهمية.
فعندما يتعرض الطفل للعقاب أو التوبيخ من قبل والده أو والدته فإنه يمكن أن يرسمه بطريقة سيئة كنوع من تفريغ العواطف من خلال الرسم، ولكن هذا لا يكون بالضرورة دلالة على إصابة الطفل بمشكلة نفسية أو عاطفية أو بناء أفكار سلبية عن الوالد الذي عاقبه.
ولكن عامل التكرار في هذه الرسوم واتباعها لنمط معين ومتسلسل حول كيف يرى الطفل والديه وعلاقته بهما ودور كل منهما داخل الأسرة، بالإضافة لوجود مشاكل أسرية يتربى ضمنها الطفل وربما يتأثر بها عاطفياً وفكرياً، قد يكون مؤشر لأن هذه الرسومات تدل فعلاً على أفكار ومشاعر واضطرابات معينة يعاني منها الطفل.
إذاً حقيقة معاني رسوم الأطفال مسألة نسبية وليست حتمية، تتعلق بعوامل مختلفة مثل الأجواء الأسرية وعلاقات افراد الأسرة مع بعضهم، وطريقة التعامل مع الطفل من قبل الوالدين.
- تحدث مع طفلك عن رسوماته: ينصح بأن يتحدث الوالدين مع الطفل حول رسوماته، لماذا اختار رسمة معينة، ولماذا رسم أحد الوالدين بصورة معينة وما إلى ذلك، فهذا يساعد في فهم أفكار الطفل وتحليل رسومه بصورة أفضل.
- اعمل على تحسين البيئة الأسرية: تربية الطفل في بيئة أسرية جيدة، فيها علاقات صحية بين أفرادها، ويوجد فيها اهتمام بالطفل، ونظام يتبعه الجميع، يحسن صورة الأسرة والوالدين عند الطفل، ويحسن علاقته معهما، وذلك ينعكس على رسومه وأي مظاهر إبداعية لديه.
- أظهر الاهتمام برسومات الطفل: اهتمام الوالدين برسومات الطفل، يساعد من ناحية في صقل مهاراته في الرسم، وتوجيه أفكاره بطريقة أفضل، وتحليل مشاعره وما يدور في ذهنه بصورة أدق، وإشعاره باهتمام والديه به وتشجيعهما له.
- لا تبالغ في تضخيم الأمور: الطفل يرسم بدافع اللعب والتسلية، فإذا كان الوالدين يقومان بما عليهما بشكل جيد تجاه الطفل، ويوجد بيئة أسرية جيدة على المستوى العاطفي والنفسي لتربية الطفل، فلا داعي للقلق من بعض رسومات الطفل حتى لو كانت غير مستحبة، خاصة إذا لم يكن يوجد نمط معين أو تكرار معين لرسومات تعبر عن مشاعر أو أفكار سلبية تجاه الوالدين.
- حاول علاج المشاكل الواضحة: عند انتباه الوالدين لمشاكل واضحة تسبب أفكار سلبية لدى الطفل حول والديه ويعكس ذلك في رسماته، فالأفضل العمل على علاج هذه المشاكل، من ناحية لتربية الطفل بطريقة أفضل، ومن ناحية أخرى لتحسين صورته عن عائلته.
- مساعدة الطفل على فهم أفكاره ومشاعره: قد يرسم الطفل أحياناً رسمات للتعبير عن أفكاره التي لا تكون صحيحة بالضرورة عن الوالدين، وهذا لا يعني بالضرورة أنه أصبح لديه مشكلة نفسية أو عاطفية، فقد يكون الأمر مؤقت ومجرد التحدث مع الطفل وشرح الحقيقة الصحيحة له قد يكون كفيل بعلاج المشكلة، مثل حالة عقاب الأهل للطفل بسبب ارتكاب خطأ معين، وانعكاس ذلك على رسومه، فعندما يتم شرح سبب هذا العقاب وخطأ الطفل الذي ارتكبه فهذا سوف يغير فكرته عن الوالد الذي قام بعقابه.