طرق علاج التلعثم بالكلام عند الأطفال والتخلص من التأتأة
التلعثم بالكلام من الحالات الطبيعية عند الأطفال الصغار في بداية تعلمهم لمهارات النطق والكلام، ولكن استمرار هذه المشكلة لمراحل لاحقة أو حدوثها بشكل مفاجئ، قد يكون له دلالات وتأثيرات سلبية عديدة على الطفل، في هذا المقال سوف نتعرف على أسباب وعلاج التأتأة والتلعثم عند الأطفال.
التلعثم بالكلام (Stutter) هو نوع من اضطرابات الكلام حيث يعاني الطفل -أو البالغ- من صعوبة في تدفق الكلام بشكل طبيعي أو التحدث بسهولة، وتعتبر التأتأة أحد أشكال التلعثم بالكلام وأكثرها شيوعاً، ويمكن ذكر أسباب التلعثم التي تميّز أنواعه كالآتي:
- أسباب طبيعية أو التلعثم النمائي (Developmental stuttering): هو أكثر أنواع التلعثم شيوعاً حيث يحدث لمعظم الأطفال بين (2-5) سنوات، ويحدث نتيجة تعلم الطفل للكلام حيث قد يعاني من صعوبة في البداية بين مزامنة الكلمات والجمل الطويلة أو لوجود صعوبة في التعبير اللغوي عن أفكاره وعادةً ما تزول بشكل تلقائي من نمو مهارات الطفل اللغوية.
- مشاكل عصبية أو التلعثم العصبي (Neurogenic stuttering): يعتبر التلعثم عرض جانبي لإصابة في الدماغ أو الأعصاب، حيث يواجه المريض مشكلة في الإشارات العصبية ما يؤثر على مزامنة الرسائل العصبية مع الاستجابة العضلية فيحدث عدم تناسق بين الكلمات التي يريد المصاب قولها مع حركات الفم واللسان.
- أسباب نفسية أو التلعثم النفسي (Psychogenic stuttering): يمكن لتعرض الطفل لصدمة نفسية أو مشكلة عاطفية كبيرة أو معاناته من مشاعر القلق والتوتر والاكتئاب أن تؤدي في النهاية لظهور مشاكل في النطق على شكل تلعثم عند الكلام.
- عوامل وراثية تسبب التلعقم: يمكن للعوامل الوراثية أن تؤدي لإصابة الطفل بالتلعثم وخاصةً في حالة كان هناك تاريخ عائلي لمشكلة التلعثم عند أحد الأبوين أو الأقارب.
- الحرمان البيئي - اللغوي: في بعض الحالات عند نشأة الطفل في بيئة غير بيئته الأصلية والتحدث بعدة لغات للأفراد المحيطين به يمكن لذلك أن يسبب تأخر في نمو مهارات اللغة لديه ما يسبب مشكلة التلعثم.
يعتمد علاج التلعثم عند الأطفال على تحديد أسبابه أولاً ثم تحديد الطريقة المناسبة لعلاجه، وغالباً ما تستخدم العلاجات المعروفة بشكل متكامل لعلاج التأتأة والتلعثم ومشاكل النطق، والتي تشمل التدريب على النطق ووسائل تنمية المهارات اللفظية، بالتزامن مع علاج أو استبعاد المشاكل الصحية المرتبطة بالتلعثم:
- معالجة النطق وتمارين علاج التلعثم: يتم من خلالها تعليم الطفل مهارات تبطيء سرعة التحدث والفصل بين التفكير والكلام لتجنب التلعثم ثم التدرب على الحديث بشكل بطيء وزيادة السرعة بشكل تدريجي.
- استخدام الأجهزة الالكترونية المساعدة: بعض الأجهزة الالكترونية يمكن أن توفر مساعدة كبيرة في علاج مشاكل التلعثم عند الأطفال حيث تعمل على تبطيء سرعة الحديث وزيادة قدرة الطفل على مراقبة كلامه وطريقة نطقه.
- العلاج السلوكي المعرفي: هو علاج نفسي يركز في التعرف على أنماط التفكير المسببة لمشكلة التلعثم أولاً وعلاجها والتخلص من مشاكل التوتر والقلق، كما يستخدم تقنيات العلاج الأخرى من تمارين النطق أو حتى استخدام الأدوية المناسبة ليشكل حالة متكاملة من العلاج.
- توفير الظروف المناسبة: التفاعل الجيد بين الوالدين والطفل وتفاعل الطفل مع الأطفال الآخرين بشكل إيجابي وحصول الطفل على التغذية الجيدة والنوم الكافي كلها عوامل تساعد في تحسين الصحة النفسية للطفل ما يساعد في تقليل أثر مشكلة التلعثم.
- أدوية علاج التلعثم والتأتأة: لا يوجد أدوية لعلاج التلعثم بشكل مباشر، لكن بعض لأدوية يمكن أن تخفف من أعراض الاكتئاب ومشاعر القلق والتوتر أو أدوية علاج الاضطرابات النمائية التي تسبب مشكلة التلعثم عند الطفل، ولا بدّ من استشارة الطبيب حول إمكانية استخدام أدوية داعمة في علاج مشاكل النطق.
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي وسيلة فعالة في علاج التأتأة عند الأطفال والمراهقين والكبار حيث يركز على تغير الأنماط الفكرية والسلوكية المؤثرة في قدرة الأفراد على التواصل والكلام، ويمكن ذكر أهم ميزات هذا العلاج من خلال ما يلي:
- تقييم الحالة: يبدأ العلاج السلوكي المعرفي من خلال تقيم حالة الطفل الذي يعاني من التلعثم والتأتأة أو صعوبات النطق، تدرس هذه المرحلة الجوانب النفسية والبيئية التي تؤثر على نطق الطفل، ليتم وضع خطة علاجية تساعد الطفل على تغيير استجاباته.
- تعديل السلوكيات الخاطئة: من خلال تحديد الأفكار السلبية المسببة لمشاعر التوتر والقلق عند الطفل ثم تعديل هذه السلوكيات ما يؤدي لتعزيز مهارات التواصل وتعزيز الثقة بالنفس.
- استخدام تمرين التعريض: يقصد بهذا التمرين تعرض الطفل لمواقف مشابهة كالتي تسبب التوتر والقلق وتعليمه كيفية التكيف معها، وفي علاج التلعثم قد يعمل المعالج على دفع الطفل لتسجيل الكلام وسماعه لتصحيحه بنفسه، أو دفعه للكلام أمام مجموعة صغيرة من الأطفال كنوع من العلاج الجماعي.
- استخدام تقنيات الاسترخاء: مثل التنفس بعمق والتأمل وأخذ الوقت الكافي قبل التحدث حيث يساعد هذا التمرين على الفصل بين التفكير في الكلام ومرحلة النطق، ويقلل التوتر والقلق المرتبط بالتلعثم.
- تعزيز التواصل: تحسين مهارات التواصل للطفل من خلال بدء محادثة معه والتحدث بوضوح والتدرب على التحدث بطلاقة من خلال القراءة بصوت عالي وممارسة المحادثات بشكل متكرر والتركيز على المقاطع الصوتية أو الكلمات أو الجمل التي عادة ما يجد بها صعوبة أو يتلعثم عند النطق بها.
- العلاج المركب: يمكن عند العلاج السلوكي المعرفي استخدام العلاج الدوائي أو الأجهزة الالكترونية المساعد في حل مشكلة التلعثم عند الطفل.
تساعد الأجهزة الإلكترونية في علاج التأتأة عند الأطفال من خلال تعزيز الطلاقة بواسطة تقديم الدعم الصوتي وتنظيم النطق إضافة لاستخدام طريقة التغذية الرجعية التي تساعد الأطفال على التعلم من أخطائهم، كما توفر لهم بيئة مرنة للتدرب بعيداً عن مشاعر الأحراج أمام الآخرين، ونذكر فيما يلي أهم الأجهزة الالكترونية المستخدمة لعلاج التلعثم:
- أجهزة التحكم في الصوت: تساعد هذه لأجهزة في تعديل الصوت لدى الأطفال عند الكلام فمثلاً جهاز (Speech Easy) يستخدم تقنية التأخير الزمني حيث يسمع صوت الطفل بعد فترة قصرة من قوله مما يقلل من التلعثم.
- أجهزة السمع الذكية: تستخدم لتعزيز قدرة الطفل على السمع بشكل جيد وزيادة تركيزه أثناء التحدث عن طريق تصفية الضجيج وتحسين من جودة الصوت ومن الأجهزة الشهيرة بذلك هي (Oticon وPhonak ).
- أجهزة الكلام المعزز: تساعد هذه الأجهزة على التواصل بشكل أكبر من خلال توفير تعبيرات صوتية إضافية واستخدام الرموز الصوتية ومن الأمثلة على هذا النوع من الأجهزة هي أجهزة (Tobii Dynavox).
- تطبيقات الهواتف الذكية: تساعد بعض التطبيقات المصممة خصيصاً لتحسين مهارات الطفل الكلامية على علاج التلعثم وذلك من خلال تقديم تمارين صوتية وتفاعلية تحسن طلاقة الكلام عند الطفل ومن هذه التطبيقات نذكر (Daf App وFluency Coach ).
العلاج الدوائي للتلعثم عند الأطفال والتأتأة وصعوبات النطق ليس علاجاً مباشراً، ولا يوجد أي نوع من الأدوية يمكن أن يعالج مشكلة التلعثم بشكل منفصل ومباشر، بل تساهم بعض الأدوية في تقليل مشاعر القلق أو الاكتئاب والضغوط النفسية التي قد تؤثر سلباً على طلاقة الطفل في الكلام.
يركز العلاج الدوائي على مضادات الاكتئاب بدرجة أولى لتحسين المزاج وتقليل مشاعر القلق والتوتر ما يساعد الأطفال على التكلم والشعور براحة أكبر خلال الحديث، كما تساعد الأدوية المخصصة لمعالجة بعض الاضطرابات العصبية والنفسية في علاج التلعثم، مثل أدوية التوحد واضطراب فرط الحركة وأدوية الصرع وغيرها،
العلاج الدوائي المساعد لعلاج التلعثم له بعض الأعراض الجانبية مثل مشاكل النوم وتأثير على شهية الطفل للطعام والخوف من الإدمان على الأدوية في حال استخدامها لفترات طويلة، لذلك يتم العلاج الدوائي تحت أشراف طبي كامل، ولا يجب أن يتم إعطاء الطفل أي دواء دون استشارة الطبيب المختص.
تعد الأعشاب خياراً طبيعياً لكنه غير مثبت الفاعلية قد يساعد في دعم علاج التلعثم عند الأطفال إذا تم استخدامها ضمن العلاجات الأخرى، لكن يجب استشارة مختص في علاجات النطق لتحديد أنواع الأعشاب المناسبة والنقاش حول مدى فاعليتها.
فاستخدام الأعشاب وخصوصاً غير الشائعة في علاج التلعثم عند الأطفال يحتاج لاستشارة طبية، بهدف مراقبة تأثيراتها الجانبية وتناول الكميات المناسبة فقط كما يخشى من تفاعل بعض الأعشاب مع الأدوية الأخرى الموصوفة لعلاج التلعثم والتأتأة أو وجود حساسية لدى الطفل لبعض الأنواع من الأعشاب.
من الفوائد المحتملة لعلاج التأتأة والتلعثم بالأعشاب مساعدتها في التهدئة من مستويات القلق والتوتر وتحسين التركيز والقدرة على التعبير عن الأفكار وتحسين الحالة المزاجية العامة وزيادة شعور الطفل بالراحة.
ومن الأعشاب الآمنة التي تساعد في علاج التأتأة والتلعثم نذكر البابونج الذي يعتبر ممن الأعشاب المهدئة وتساعد في تخفيف القلق، ويوصف اللافندر كونه يساعد على الاسترخاء، كما أن المليسة تعتبر مهدئ جيد للأعصاب، إضافةً لذلك يعتبر الجينسنغ من الأعشاب التي تعزز الطاقة والقدرة على التركيز