حلاقة شعر الطفل حديث الولادة بين الفوائد والخرافات
حلاقة شعر المولود سنة من السنن النبوية الشريفة التي حثَّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلّم، وقد توارثت الأجيال هذه السنة بأشكال مختلفة، والغالب لا يعرف الحكمة من حلاقة شعر الطفل حديث الولادة ولا كيفية تطبيقها، حتى دخلت بها بعض الخرافات التي يمارسها البعض، فما حقيقة حلاقة شعر الرضيع؟ وهل هي واجبة؟ وما الخرافات التي انتشرت حول حلق شعر المولود؟!
متى يتم حلق شعر المولود؟ يتم حلق شعر المولود حسب السنة النبوية في اليوم السابع من الولادة وتكون الحلاقة مع العقيقة وتسمية الطفل، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: " كلُّ غُلامٍ رَهينٌ بعَقيقتِه، تُذبَحُ عنه يومَ السّابعِ، ويُحلَقُ رأسُه، ويُسمّى".
وكيفية حلاقة شعر الطفل تكون باستعمال أدوات آمنة ومناسبة لنعومة فروة رأس الرضيع شعره الخفيف، حيث يجب استخدام ماكينة حلاقة آمنة وتجنب الحلاقة بأدوات حادة، مع ضرورة التأكد من نظافة أدوات الحلاقة للمولود.
- النظافة والوقاية من قبعة المهد: الطفل خلال وجوده في بطن الأم يغطى جسمه بمادة شمعية لحمايته من الإصابة في الرحم وخلال الولادة، والتي قد تؤثر على صحة نمو الشعر بعد الولادة، لذا يساعد حلق شعر المولود في مرحلة مبكرة بتجنب قبعة المهد التي تصيب الرضع عادةً، والحفاظ على نظافة فروة رأس الرضيع.
- الحماية من العدوى والاصابة البكتيرية: تشكل المفرزات الدهنية وآثار الدماء العالقة بفروة الرأس والشعر وسط مناسب لنمو الجراثيم والبكتيريا، ما قد يسبب بعض الإصابات الالتهابية الجلدية في منطقة الرأس، فيساعد حلق شعر المولود بالتخلص بشكل كامل من هذه الآثار وبالتالي حماية الطفل من العدوى الجرثومية.
- تقوية الشعر: وهي فائدة غير مثبتة علمياً وعليها خلاف، فبصيلات الشعر وعددها وكثافة الشعر صفات محددة منذ الانقسام الجيني خلال الحمل، وهي صفات وراثية، لكن حلاقة شعر رأس المولود قد تساعد في تقوية شعر الطفل الجديد وليس كثافته، حيث يظهر الشعر الجديد أكثر سماكة وبطول واحد بوقت واحد، مع العلم أن طبيعة الشعر قد تختلف مع التقدم بالعمر.
- الالتزام بالسنة: من الفوائد الروحية لتطبيق سنة حلق شعر المولود الجديد هي فرصة للتصدق على الفقراء والمحتاجين، والمعروف أن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتحسن من الروابط الاجتماعية وتزيل الأحقاد من القلوب.
- نشر مظاهر الفرح: تعد حلاقة شعر المولود والسلوكيات التي يقوم بها الوالدين من احتفال وتصدق وذبائح، شكل من أشكال مظاهر الفرح التي تبعث السعادة في قلوب المحيطين، وتعزز من الروابط الاجتماعية وتعين الفقير والمحتاج.
- شعر الطفل يزداد كثافة عند الحلاقة: في الحقيقة لا يساعد حلق شعر الرضيع على زيادة كثافة الشعر وتغير بنيته، لكن يتم التخلص من الشعر الناعم (الوبر) ويسرع نمو الشعر الطبيعي فقط، فالأغلب يتبعون هذه السنة بغرض حصول الطفل على شعر أكثر كثافة، حيث أن كثافة الشعر غالباً ترتبط بالعوامل الوراثية ولا يتغير عدد بصيلات الشعر منذ الحمل، سواءً تم حلاقة الشعر أم لا.
- تلطيخ رأس المولود بالدم بعد الحلاقة: وهي من عادات الجاهلية التي مازال بعض الأشخاص يقوم بها إلى يومنا هذا مثل الثقافة الهندوسية، وقد نهي عنها في السنة النبوية الشريفة خلافاً عن العادات في الجاهلية، ويكره تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة.
- قص شعر المولود وحرقه: ومن الخرافات التي يعتقد بها البعض هي حلاقة شعر المولود الأنثى وحرقه ودهن فروة الرأس به، اعتقاداً بأن هذا يساعد في تنعيم الشعر للبنت ذات الشعر المجعد والخشن، وهي بالطبع خرافة ولا تحمل شيء من الصحة حيث أنه طبيعة الشعر تعتبر أيضاً موروثة.
- قص شعر المولود لوضعه تحت وسادة المشتبه بهم: هناك أيضاً خرافات تقول إن شعر المولود قادر على كشف السارق!! حيث يقومون بحلق شعر المولود ووضعه تحت وسادة عدة أشخاص مشتبه بهم، فإذا أصبح لون الشعر أبيض تحت وسادة أحدهم يكون هو السارق.
- هل من الضروري حلق شعر المولود؟ رغم استحباب حلق شعر المولود إلا أنه ليس من الضروري حلاقة شعر الطفل، فلم يأتِ على أنه فرض أو سنة مؤكدة، إنما هو نشاط مباح من رغبة به قام به وإن لم يعمل به لا ضير في ذلك.
- هل يؤثر عدم حلق شعر المولود؟ لا يوجد أي تأثير سلبي على صحة الطفل ونموه ونمو شعره، إذا لم يتم حلاقة شعر المولود، ويمكن تركه دون الخوف من أية مضاعفات، أو مخالفة للسنة النبوية الشريفة.
- هل يجوز تأخير حلق شعر المولود؟ يمكن تأخير حلق شعر المولود ولا ضير في ذلك، بينما يرى البعض أن حلاقته بعد اليوم السابع لا داعي له ولا فائدة ترجى منه، إلا في حال وجود مرض يستدعي ذلك أو لغرض تجميلي.
- كيفية حلق شعر المولود في السنة؟ يستحب حلق شعر المولود بالموس أو بماكينة بشرط أن يكون يضمن أمان الطفل وعدم أذيته، ولم ترد في السنة النبوية الشريفة كيفية حلق شعر المولود.
- متى يجب حلق شعر المولود الجديد؟ من الأفضل لمن رغب باتباع سنة حلاقة شعر المولود الجديد الالتزام بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف وهو حلق شعر الطفل اليوم السابع من الولادة.
- هل هناك فرق بين ذكر وأنثى في حلاقة الشعر؟ اختلف العلماء بحلاقة الشعر عند كلا الجنسين، حيث ذهب الشافعية والمالكية إلى أن كلاً من الذكر والأنثى يسن الحلق لهما، بينما يرى الحنابلة والحنفية أنه لا يسن حلق شعر الأنثى، ولكلٍ منهم أدلته من السنة، والتي تم ذكرها سابقاً.
لا يمكن القول إن حلاقة شعر المولود خرافة، لأنها من السنن المستحب الاقتداء بها لما ورد في عدة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، وحلق شعر المولود الجديد مثبت في السنة النبوية الشريفة، لكن يوجد من يتبعون ممارسات خرافية لا صحة لها ومكروهة أيضاً في الدين الإسلامي، فقد وضحت السنة كيفية الحلق وكيفية التصرف بعدها، ومن هذه الحقائق:
- حديث حلق شعر المولود رواه سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "كلُّ غُلامٍ رَهينٌ بعَقيقتِه، تُذبَحُ عنه يومَ السّابعِ، ويُحلَقُ رأسُه، ويُسمّى" رواه أبو داود، وفي هذا الحديث دليل قوي على حقيقة استحباب حلق شعر الطفل، في اليوم السابع من الولادة مع تسميته وذبح العقيقة.
- قال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "عقَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم عن الحسنِ بشاةٍ، يا فاطمةُ، احلِقي رأسَه، وتصدَّقي بزِنةِ شعرِه فضَّةً" أخرجه الترمذي، وبهذا دليل أيضاً على الممارسات التي يسن تطبيقها عند حلاقة شعر المولود.
- وطبقت السيدة فاطمة رضي الله عنها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم استناداً لما ورد عن محمد الباقر بن علي بن الحسين: "وزَنَتْ فاطمةُ بنتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شَعرَ حسنٍ وحُسينٍ وزينبَ وأمِّ كلثومٍ فتصدَّقَتْ بزنةِ ذلك فِضَّةً" أخرجه أبو داود، أي أنه بعد الحلاقة يوزن الشعر ويتصدق بوزنه فضة للفقراء.
- وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه يجب التسمية على العقيقة التي تذبح عند حلاقة شعر المولود، استناداً لحديث ورد عن الامام النووي روته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "عقّ عن الحسنِ والحسينِ وقال قولوا: بسم اللهِ والله أكبرُ، اللهم لك وإليكَ، هذه عقيقَةُ فلانٍ" اسناده حسن.
- أما حلاقة الشعر للمولودة، فلا إشارة في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن الحلق للأنثى خاصةً أن كلمة غلام ترتبط بالذكر، لكن ذهب بعض علماء الدين لاعتبار أن الذكر مثل الأنثى في هذا العمر، ويستحب العق عن كلاهما.
- حكم التأخر بحلاقة الشعر: يعتبر حلق شعر المولود الجديد سنة من السنن ولم يفرضها الدين الإسلامي على المسلمين، لكنها مستحبة في اليوم السابع من الولادة، ولا ضير إذا لم يتم حلاقة شعر المولود في هذا اليوم أو لم يتم حلقه أبداً، فيذهب أصحاب المذاهب الشافعي والحنبلي والمالكي لكونه سنة مستحبة، بينما الحنفي يجدها مباحة لكنها لا سنة ولا واجب.
- حكم حلاقة الشعر للمولد الذكر والأنثى: اختلف فقهاء الدين الإسلامي على حلاقة شعر المولود الأنثى، فعند المالكية والشافعية الذكر كالأنثى استناداً للحديث الذي ورد عن السيدة فاطمة أنها حلقت للحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، بينما ذهب الحنبلية إلى أنه ليس مستحب حلاقة شعر الأنثى للحديث الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن غلام والمقصود به الذكر، والحنفية لا يجدونه سنة في الأساس وإنما شيء مباح.
- حكم القزع بالحلاقة للمولود: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن القزع في حلاقة الشعر سواءً للمولود الجديد وغيره، وهذا ما أجمعت عليه جميع المذاهب الفقهية، لما روى عبد الله بن عمر أن سول الله صلى الله عليه وسلّم ينهي عن القزع في حديث: "قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: قُلتُ: وما القَزَعُ؟ فأشارَ لَنا عُبَيْدُ اللَّهِ قالَ: إذا حَلَقَ الصَّبِيَّ، وتَرَكَ هاهُنا شَعَرَةً، وهاهُنا وها هُنا، فأشارَ لَنا عُبَيْدُ اللَّهِ إلى ناصِيَتِهِ وجانِبَيْ رَأْسِهِ. قيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: فالْجارِيَةُ والغُلامُ؟ قالَ: لا أدْرِي، هَكَذا قالَ: الصَّبِيُّ. قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وعاوَدْتُهُ، فَقالَ: أمّا القُصَّةُ والقَفا لِلْغُلامِ فلا بَأْسَ بهِما، ولَكِنَّ القَزَعَ أنْ يُتْرَكَ بناصِيَتِهِ شَعَرٌ، وليسَ في رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وكَذلكَ شِقُّ رَأْسِهِ هذا وهذا" أخرجه البخاري ومسلم وآخرون.
- حكم التصدق بوزن الشعر: بالنسبة لسنة التصدق بوزن شعر المولود فضة أو ذهب، يقول أصحاب المذهبين المالكي والشافعي باستحباب حلق شعر المولود والتصدق يوزنه ذهباً أو فضة، أما عند الحنبلية فالتصدق بالفضة كما وردة في حديث عن السيدة فاطمة رضي الله عنها.
- حكم الذبيحة أو العقيقة عند حلاقة شعر المولود: العقيقة أو الذبيحة من السنن المؤكدة للمولود الجديد، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "مع الغلامِ عقيقةٌ فأَهْرِيقُوا عنه دَمًا وأَمِيطُوا عنه الأذى" أخرجه البخاري وفي الحديث الشريف التقرب من الله بالذبيحة، وعند أغلب أهل العلم يسن ذبح شاتين عن الذكر وواحدة عن الأنثى، استناداً لما ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أمرهم عن الغلامِ شاتانِ مُكافَئَتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ" أخرجه الترمذي.