هل الابن الأوسط مظلوم! اكتشف متلازمة الطفل الأوسط
متلازمة الطفل الأوسط ليست مصطلح أو تشخيص رسمي في مراجع للصحة العقلية والنفسية، لكنها تعد ملخص لتجارب الطفل الأوسط، فلا يشترط أن يكون الطفل الأوسط يعاني من خلل في الصحة العقلية والعاطفية إلا إذا كان هناك تمييز واضح بين الأبناء من قبل الأهل، ورغم هذا لا يشترط أن يعاني من التمييز الطفل الأوسط فقط، ومن هنا سنتحدث عن بعض المعاناة التي يتعرض لها الطفل الأوسط، وكيف يمكن التعامل معه.
متلازمة الطفل الأوسط (بالإنجليزية: Middle Child Syndrome) هي فكرة أو اعتقاد شائع يشير إلى شعور الابن الأوسط بالتمييز بينه وبين أخوته أو أنه مظلوم، حيث يشعر الطفل في متلازمة الابن الأوسط أنه يتم استبعاده أو تجاهله أو إهماله عاطفياً مقارنةً مع بقية الأخوة بسبب ترتيب ولادتهم.
متلازمة الطفل الأوسط ليست متلازمة نفسية أو حالة مشخّصة عليماً بقدر ما هي اعتقاد جمعي شائع، قد يرتبط بطبيعة تربية الابن الأوسط بين أخ أكبر له حظوة وسلطة، وأخ أصغر مدلل يواجه محظورات أقل.
يربط البعض بين مظلومية الطفل الوسطاني ونظرية طوَّرها ألفريد أدلر حول أهمية ترتيب الميلاد في تنمية شخصية للطفل، حيث يقول إنه رغم ولادة الأطفال في نفس الأسرة لكن ترتيب ولادتهم يؤثر بشكل كبير على نموهم النفسي، ووفقاً لهذه النظرية هناك سمات لكل طفل، فالطفل الأوسط معتدل المزاج ولكنه يجد صعوبة في التأقلم مع أفراد العائلة لكونه محصور بين الكبير الذي يشعر بالقوة بسبب التوقعات العالية من الوالدين، والصغير المدلل والذي يحتاج للمزيد من الرعاية.
قد يتميز الطفل الأوسط باستقلالية أكبر وقدرة أعلى على التكيّف والمرونة في التعامل مع الأهل، مع ذلك يظل من غير الممكن الحديث عن صفات ثابتة أو حتمية للطفل لمجرد أن ترتيبه الأوسط، أضف أن الابن الأوسط بين 7 أبناء لا تنطبق عليه صفات الطفل الثاني في أسرة من ثلاثة أبناء وكلاهما أوسط!
من أهم صفات الطفل الأوسط التي يتم ربطها عادةً بترتيبه في الأسرة:
- أكثر مسايرةً للوالدين: رغم أن الطفل الذي يعاني بمتلازمة الطفل الأوسط قد لا يكون راضياً تماماً عن أسلوب والديه بالتعامل معه نظراً للتمييز بينه وبين أخوته باعتقاده، لكنه رغم هذا قد يكون أقل مجابهة لوالديه وأكثر قدرةً على إدارة العلاقة معهما، وهذا ما قد يعكس الصورة ويجعل الأخوة يشعرون أنه مميز عنهم!
- شعور أعلى الاستقلالية: لكون الطفل الأوسط يشعر بالإهمال من قبل أفراد الأسرة، فهو مرشح لأن يصبح أكثر اعتماداً على نفسه ويجد صعوبة في طلب المساعدة ولا ينتظرها من أحد لكونه يجد أن الوالدين لا يقدمان له الدعم الكافي في مسيرة حياته.
- قد يكون أكثر نجاحاً في الحياة المهنية: وجدت الدراسات أن الطفل الأوسط قد يكون أكثر نجاحاً في الحياة المهنية بالمقارنة بأطفال آخرين لهم ترتيب مختلف وليس مقارنةً بأخوته بالضرورة، وهذا لسعيه المستمر لإثبات نفسه دون مساعدة أحد والمنافسة الشديدة مع أخ أكبر وأخ أصغر، علاوةً على قدرته في بناء علاقات ناجحة في العمل.
- يعلب دو الوسيط في الأسرة: يعد الطفل الأوسط صانع السلام في الأسرة والمجتمع أيضاً، ففي الغالب يشعر بأنه وسط كل مشكلة وموقف ويحاول إرضاء الجميع من حوله، وليثبت قدرته على استيعاب الجميع وفهم احتياجاتهم.
- لديه قدرة أكبر على التكيف والمرونة: من الصفات المشتركة عند أغلب الأطفال الوسطاء هي المرونة في التعامل والقدرة على التكيف مع المتغيرات، وهذا يعود لعدم اكتراثه للظروف بقدر اهتمامه بالنجاح والاستقلال، ما يجعله أكثر مرونة في التعامل وأكثر قدرة على استقطاب المحيطين.
- أكثر نجاحاً في العلاقات: في الغالب يتمتع الطفل الأوسط بعلاقات جيدة مع أقرانه ومع الأشخاص المختلفين بالفئة العمرية، لكونه يسعى للتركيز على علاقاته خارج المنزل وتفهم ما يريدونه.
لماذا تحدث متلازمة الطفل الأوسط؟ لا يوجد إثبات أو تسمية في مراكز ومنظمات الصحة النفسية والعقلية حول متلازمة الطفل الأوسط، لذا لا يوجد أسباب مؤكدة لوقوع الطفل في متلازمة الطفل الأوسط، فقد تكون الأسباب من طريقة تعامل الأهل، أو من منطلق تفكير واعتقاد عند الطفل بأنه مهمش ضمن أسرته، فيمكن استخلاص بعض الأسباب بما يلي:
- المقارنة مع الأخوة: المقارنة بين الأخوة خاصةً الطفل الأوسط يزيد من احتمال مروره بمشاعر متلازمة الطفل الأوسط، رغم أنه قد يكون غير مقصود لكون الطفل الكبير يأخذ معظم الاهتمام باعتباره الفرحة الأولى للأهل والصغير الذي يحتاج للمزيد من الرعاية والاهتمام.
- طباع الأخوة: قد يساهم طبع الأخوة أيضاً من أسباب متلازمة الطفل الأوسط للطفل الثاني، مثل الطفل الكبير الذي يتفاخر بما قدمه له الوالدين ورضاهم عن الوصول للآمال التي وضعوها عليه، والأخ الأصغر الذي يجد نفسه الطفل المدلل الواجب على الجميع الحصول على رضاه.
- التمييز بين الأخوة: التمييز بين الأبناء من أكثر الأسباب التي تجعل الطفل يشعر بعقدة الطفل الأوسط، مثل الاهتمام بنجاح الكبير ودعمه باستمرار، بينما عدم الاكتراث للطفل الثاني ومجهوده، وهذه من الأخطاء الشائعة من الأهل والتي قد تطور مشاكل نفسية للطفل الأوسط.
- الاعتقاد بالتهميش: قد يكون تطور متلازمة الطفل الأوسط مجرد اعتقاد بأن الأهل يهمشونه ويظلم بالتقييم والاهتمام وفرص الاستماع والتعبير دون وجود شيء من ذلك، حيث تختلف معاملة الأهل لكل طفل بحسب احتياجاته واحتياجات الأسرة.
- السعي الدائم لإثبات الذات: يحاول الطفل الأوسط السعي لإثبات قدرته على النجاح، ورغم أن هذا السعي سيجعله يتمتع بحياة مهنية واجتماعية جيدة إلا أن الاستمرار بذلك منذ الصغر سيجعله أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الطفل الأوسط.
- بعض الاضطرابات النفسية: قد يكون الطفل الأوسط يعاني في الأساس من بعض الاضطرابات النفسية ما يجعله أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الطفل الأوسط.
- الاهتمام بالطفل: لتجنب وقوع الطفل بمتلازمة الطفل الأوسط يجب تقديم الاهتمام للطفل الأوسط والحب والعاطفة، خاصةً مع بداية الوعي للتمييز، فهذا سيجعل الطفل يشعر بأهميته بالنسبة لوالديه كسائر أخوته.
- المساواة بين الأخوة: المساواة من أهم الخطوات التي يجب اتباعها من قبل الأهل للحفاظ على الصحة النفسية والعاطفية للأطفال، لذا من الضروري تقديم نفس الفرص والأدوات والدعم والوقت والمهام لكل طفل لتحقيق أهدافه، وكذلك الاحتفال بالإنجازات والعقوبات وغيرها لتجنب وقوع الطفل ضحية متلازمة الطفل الأوسط.
- إعطائه فرص للتعبير عن الذات: يحتاج الطفل الأوسط تماماً كالطفل الصغير والكبير للتعبير عن ذاته وعن أفكاره، لذا من الضروري منحه المزيد من الفرص للتعبير عن رأيه وشخصيته، خاصةً عند ملاحظة بداية تعرض الطفل لمتلازمة الطفل الأوسط.
- الاهتمام بنفسه: دع طفلك الأوسط يهتم بنفسه لأجل نفسه، كتشجيعه للذهاب للنادي الرياضي وممارسة بعض الأنشطة الخارجية والاجتماعية ومشاركته في هذه الأنشطة، لكي تتجنب وقوع طفلك ضحية متلازمة الطفل الأوسط، وهكذا يعتاد على الاهتمام بنفسه فقط، دون تغلغل فكرة التمييز بينه وبين أخوته.
- وضع حدوده الشخصية: يجب أن يساعد الأهل الطفل الأوسط في التركيز على حدوده الشخصية، وليس فقط إثبات ذاته والاهتمام بإرضاء الآخرين، لكن عليه السعي لتحقيق ذاته لأجله هو وليس لإثبات قدراته لأحد حتى وإن كان للأهل.
- الاحتفال بنجاحاته: قد تختلف ردود الأفعال بالنسبة للأهل عند نجاح طفلهم الأوسط، فلم يعد الأمر مثيراً كما هو الحال عند الإنجاز الأول للطفل الأكبر، لذا حاول أن تظهر لطفلك الأوسط أنه قام بإنجاز رائع وأنه يستحق الاحتفال بكل إنجاز يقوم به، خاصةً إذا كان على دراية بكيفية الاحتفال بالطفل الأكبر.
يؤثر ترتيب الولادة على نمو الطفل بحسب نظرية ألفريد أدلر التي تحدثنا عنها سابقاً، وقد ينتج عنها شخصية قادرة على الاستمرار لكنها تعاني من بعض الصعوبات لدى المصابين بمتلازمة الطفل الأوسط مثل:
- الشعور بعدم الأهمية: الشعور بقلة الاهتمام من قبل كل من الوالدين، بسبب الاحتياجات التنموية الأخوة الآخرين، يشعر الطفل الأوسط بأن والديه يعطون اهتمامهم الأكبر للطفل الأكبر أو الأصغر سناً.
- ضعف الشخصية: ضعف الشخصية سواءً في مراحل عمرية صغيرة أو في مراحل كبيرة من الصفات المحتمل أن يتصف بها الطفل الأوسط، حيث يشعر الطفل الذي يعاني من متلازمة الطفل الأوسط بانعدام القيمة والرأي وحتى الإنجاز، ورغم أن الطفل الأوسط يتصف بالعلاقات الاجتماعية الجيدة إلا أنه في القليل من الحالات يعاني هشاشة في شخصيته.
- ضعف الرابطة الأسرية: رغم أن الطفل الأوسط قد يتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة لكنه لا يميل إلى الأسرة مقارنة مع أخوته، وهذا في مرحلة معينة مثل مرحلة بداية الوعي والمراهقة التي يسعى بها الطفل لإثبات نفسه بينما يجد اهتمام الوالدين للأخوة.
ورغم هذا لا تدعم الدراسات هذه النتيجة، فقد وجدت الأبحاث التي أجريت في عام 1998 أن الطفل الأوسط علاقته مع الأهل أبعد من أشقائهم بينما أوجدت دراسة أخرى أن الطفل الأوسط أكثر ميلاً للجوء للوالدين والأشقاء أيضاً في أوقات الضيق أكثر من أشقائه. - تطوير شخصية تنافسية قد تكون حادة: يجد الطفل الأوسط نفسه في أغلب الوقت يحتاج للمنافسة مع أخوته لإثبات قدرته أمام والديه وأنه قادر أيضاً على التميّز، رغم أنه في الكثير الآخرين لا يشعر أنه يرغب بالكمال، لكن يتمتع الأطفال الوسطاء بقدرة على الانفتاح على الأفكار الجديدة بحسب الدراسات بنسبة 85% بين الأطفال الوسطاء بالمقارنة مع 50% من الأطفال المختلفين بالترتيب.
- قد يكون الابن الأوسط وديعاً ومسالماً جداً: في طبيعة الطفل الأوسط يجد نفسه في وسط مواقف مختلفة ما يجعله من صانعي السلام في المنزل وأيضاً في علاقاته الاجتماعية، فتجده يتجنب الصراعات خاصةً مع الأخوة وأفراد الأسرة، وإن كان هذا على حساب راحته وحياته.
- تطور بعض المشاكل النفسية: قد تسبب متلازمة الطفل الأوسط لبعض المشاكل النفسية التي قد تستمر لفترات طويلة، مثل الانطوائية والاكتئاب واحتراق الذات، وكذلك السلوكية مثل السلوك العدواني.
- يمتلك نظرة سلبية للطفولة: في حالات قليلة تلاحظ أن الطفل الأوسط بعمر البلوغ والوعي الذي كان يعاني من متلازمة الطفل الأوسط ينظر لطفولته على أنها مرحلة صعبة عانى فيها من الإهمال العاطفي ولم ينال من خلالها الحب والاهتمام، لذا تكون نظرته لطفولته نظرة سلبية وقد لا يرغب بالتحدث عنها.