كيفية إخبار الطفل بوفاة والدته وتأثير الصدمة عليه

كيف أخبر ابني بوفاة والدته! إليك بعض النصائح لإخبار الطفل بوفاة والدته ومساعدته على تجاوز الصدمة
كيفية إخبار الطفل بوفاة والدته وتأثير الصدمة عليه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

رحيل أحد الأبوين من أصعب التجارب التي قد يمر بها الطفل، وسيحتاج الطفل بعد رحيل والدته إلى المزيد من الرعاية والاهتمام ليس فقط لتعويض غيابها قدر الممكن ولكن أيضاً لمساعدته على تفهّم غيابها وإدارة مشاعره وتقليل الآثار السلبية طويلة الأمد على شخصيته وحالته النفسية، ونحاول في هذا المقال تقديم بعض النصائح لإخبار الطفل بموت والدته وكيفية التعامل معه في هذه الحالة.

 

يتفق خبراء التربية وعلم نفس الطفل أنه يجب إخبار الطفل الصغير بوفاة أحد الوالدين بكل تأكيد، وما يجب الاهتمام به هو طريقة إخبار الطفل بوفاة والدته وكيفية التعامل مع مشاعره ورد فعله، ثم كيفية تعويضه عن غياب والدته من حياته ومساعدته على إدارة مشاعره والخروج من هذه المحنة بأقل ضرر نفسي ممكن.

يعتبر إخبار الطفل عن وفاة والدته عندما يكون بين عمر 7 سنوات و12 سنة الأكثر صعوبةً، فالطفل في هذا العمر لا يتعامل فقط مع غياب والدته عنه، بل أيضاً مع مفهوم الموت نفسه وقسوة الفقد والصدمة، ويجب طلب الاستشارة من متخصص في حال العجز عن التعامل مع حالة الطفل.

animate

إخبار الطفل بموت والدته يجب أن يبدأ بالتمهيد وتهيئة الطفل للخبر، وتحضير أسلوب مناسب لشرح سبب وفاة الأم ومفهوم الموت نفسه، والاستعداد للإجابة عن أسئلة الطفل المتعلقة بموت الأم أو بالموت عموماً، إضافة للاستعداد للتعامل مع مشاعره بصورة صحيحة، مع ضرورة اختيار المكان والزمان والبيئة بعناية، وأهم النصائح لإخبار الطفل بموت والدته:

  • التمهيد للطفل قبل إخباره الحقيقة: لا بد من تهيئة الطفل لاستقبال خبر وفاة والدته بهدوء وتروٍ، وينصح خبراء التربية بإبعاد الأطفال الصغار عن أجواء الحزن والعزاء وتأجيل إخبارهم حتى انتهاء العزاء، حيث يكون الأب أو من سيخبر الطفل أكثر هدوءً واستعداداً للتعامل مع الموقف.
  • اختيار الوقت والمكان المناسبين: يعب المكان دوراً مهماً في رد فعل الطفل على خبر وفاة والدته، يفضل اختيار مكان مريح ومطمئن للطفل والابتعاد عن الأماكن المزدحمة أو التي تشعره بالتوتر، وكذلك اختيار الوقت المناسب، مثلاً ليس من الحكمة إخبار الطفل بوفاة والدته فجأة وهو عائد من المدرسة أو مستيقظ من النوم.
  • إيصال فكرة الموت للطفل: يجب أن يعرف الطفل ماهية الموت ومعناه بما يتناسب مع عمره، وأن جميع الناس سوف يموتون وهذا أمر طبيعي وسنة الحياة، وأن أمه التي توفيت انتقلت إلى مكان آخر أفضل نعرف عنه ما يخبرنا به ديننا.
  • يجب أن يتم اخبار الطفل من يثق به: الطفل لا يثق بجميع من حوله، وخبر كبير مثل موت الأم يجب أن ينقله للطفل شخص مقرب وموثوق ويفضل أن يكون الأب، وذلك بغية أن يراعي مشاعره أثناء نقل الخبر وحتى لا يشعر الطفل أنه يتعرض لخدعة أو كذبة وليتقبل منه المواساة عند سماع الخبر.
  • طمأنة الطفل أنه أمه ما زالت قريبة منه: عند إخبار الطفل عن رحيل والدته يجب طمأنته أن أمه أصبحت في مكان أفضل، وأن رحيل جسده عن هذا العالم لن يمنعه من التواصل معها من خلال برّها والدعاء لها والحفاظ على الذكريات الجميلة، وأنها ستكون فخورة به وبإنجازاته في المستقبل.
  • طلب مساعدة من متخصص: مسألة اخبار الطفل بفقدان الشخص الأعز على قلبه والأقرب إليه وهي أمه، هو موقف مربك وصعب جداً، وقد يسبب صدمة أو اضطرابات نفسية أو ردود فعل كبيرة، وفي هذه الحالة من الأفضل استشارة مختص بهذه المسائل للمساعدة في إيصال الفكرة للطفل.

يختلف تأثير فقدان الأم على الطفل تبعاً للعديد من العوامل مثل عمر الطفل ووضع العائلة ومدى وعي الأب بكيفية التصرف، وما لديه من أخوة وأخوات، ولكن بشكل عام تعتبر بعض الآثار متشابهة في جميع حالات فقدان الأم، ومن هذه الآثار:

  • التعرض لصدمة عاطفية: تربط الطفل علاقة عاطفية وطيدة مع والدته ويشعر أنه بحاجة لها دائماً، ويرى بأنها الشخص الأحب بالنسبة له من ناحية، وهي أكثر شخص يحبه في العالم من ناحية أخرى، ولهذه الأسباب يعد فقدان الأم من الأحداث التي تعرض الطفل لصدمة عاطفية عنيفة.
  • الشعور بعدم الأمان: يرى الطفل أمه بأنها الملجأ الحنون الدائم أكثر من أي شخص آخر، وفقدانها قد يعني للطفل فقدان الشعور بالأمان نتيجة موت الشخص الذي يحميه دائماً، كما قد يشعر الطفل أن أمّه تخلت عنه وتركته ما يهز ثقته بالآخرين.
  • الشعور بالاختلاف عن الأطفال الآخرين: كل الأطفال لديهم أمهات، والأم دائماً ما تعتني بطفلها وتأخذه معها إلى أي مكان وإلى حيث يريد، وتبقى بجانبه وهو يلعب أو عندما يذهب للنوم، أو توصله إلى المدرسة، أو تأخذه للتنزه بالحديقة، وهكذا فإن معظم وقت الطفل يكون مع أمه، وفقدان الطفل لأمه يجعله يضع نفسه في مقارنة مع الآخرين الذين مع أمهاتهم، ويرى أنه لا يشعر بنفس الشعور ومختلف عنهم.
  • الشعور بالحرمان: وجود الأم في حياة الطفل يلبي الكثير من المشاعر والرغبات العاطفية منها أو المادية أو التربوية، وفقدان الأم بالموت بالنسبة للطفل هو حرمان من إشباع هذه العواطف والحاجات، حرمان من الشعور بمحبة وحنان الأم، حرمان من الشخص الذي يدعمه دائماً ويقدم له الحب في أي وقت، حرمان من الشخص الذي يفضل الطفل حتى على نفسه، والحرمان من الكثير من الحاجات التي لا يمكن أن يلبيها أحد للطفل سوى أمه.
  • عدم تلبية جميع متطلباته: للأطفال متطلباتهم الخاصة والأساسية، منها ما يتعلق بالنظافة الشخصية، أو وقت الطعام والشراب أو وقت النوم أو وقت سماع قصة أو كيفية العناية به بمواقف معينة، أو احتضانه عند التعرض للقسوة أو لموقف سيء، وهذه الأشياء لا يمكن أن يلبيها أحد كما تفعل الأم، وفقدان الأم يعني فقدان هذه الحاجات وتأثير نفسي وعاطفي كبير على الطفل.

فكرة موت الأم هي فكرة مخيفة للطفل حتى لو لم يستوعب معناها بشكل كامل، فموت اللأم يعني تغير شامل على مجمل تفاصيل حياة الطفل وحاجاته ورغباته ومشاعره، ويمكن أن تتمحور مخاوف الطفل من موت الام حول مجموعة من النقاط، ومنها:

  • الخوف من الوحدة: موت الأم وهي الشخص الأعز والأقرب للطفل يسبب له شعوراً بأنه وحيد، فهمها حاول أي شخص من حوله التقرب منه لن يتمكن من ملئ فراغ الأم التي تبقى مع طفلها طوال اليوم دون أن تتركه أو تمل منه، والتفكير في هذا الأمر يجعل الطفل يشعر وكأنه سوف يصبح وحيداً بعد موت والدته وهذا يسبب له الكثير من المخاوف.
  • الخوف من فكرة الموت: فكرة الموت من الأشياء الصعبة والمواقف الكارثية التي يلاحظ الطفل مدى صعوبتها على وجوه كل من حوله من افراد أسرته وعائلته الكبيرة، وعندما يرى الطفل أن الكبار لم يتمكنوا من الصمود أمام هذه الفاجعة، فسوف يخاف ويشعر بالخطر حتى على نفسه من فكرة الموت.
  • الخوف من التعرض للظلم: في نظر الطفل أمه هي من يحميه دائماً وهي من تلبي كل طلباته وهي من تعتني به وتدافع عن حقوقه، وذهاب الأم من حياة الطفل يسبب له الخوف من فقدان هذه الامتيازات والتعرض للظلم والقسوة بسبب غياب الشخص الذي يدافع عنه ويحميه.
  • الخوف من فقدان بعض المزايا: لا تربي الأم طفلها فقط وتلبي احتياجاته الأساسية، بل أيضاً كثيراً ما تقوم الأم بدلال طفلها وفعل الأشياء التي يحبها وتحقيق امنياته وحاجاته، وفقدان الأم بالنسبة للطفل قد يعني له فقدان هذه الامتيازات حيث لا أحد سوف يفعل له ما يريد مثل أمه.
  • الخوف من الحرمان العاطفي: كما ذكرنا تربط الطفل بأمه علاقة عاطفية وثيقة ومتينة، فهو يحبها أكثر من أي شخص آخر، ويعلم أنها هي أكثر شخص يحبه في الوجود، والحرمان من الأم يسبب له الخوف من الحرمان العاطفي والحرمان من المحبة والحنان الذي كانت تلبيه الأم.

صدمة فقدان الأم قد لا تمر مرور الكرام أو تنتهي بوقت قصير، فهي فاجعة كبيرة وليس من السهل على الطفل أن يستوعبها أو يتعامل مع هذه الحقيقية المؤلمة، ويمكن مساعدة الطفل على تجاوز هذه الصدمة من خلال:

  • التحدث مع الطفل أن والدته أوصت به: يفرح الطفل عندما يسمع أن والدته مهتمة به، ويمكن لمن حوله بعد وفاة والدته أن يقولوا أنها قد أوصت بالعناية به، وأوصت له أيضاً ببعض التعليمات التي عليه أن يلتزم بها وفاء لذكرى والدته، وأن هذا سوف يسعدها ويجعلها راضية عنه حتى بعد موتها، فهذه المسائل تشعره باستمرار وجودها حتى بعد الوفاة، وتجعل صدمة الوفاة تمر بطريقة أقل حدة وصعوبة.
  • التقرب من الطفل وملء فراغ الأم: موت الأم يسبب فراغ عاطفي ونفسي واجتماعي كبير في شخصية وحياة الطفل، وهذا يزيد من هول الفاجعة والصدمة عليه، لذا يجب أن يتم التقرب من الطفل من قبل من حوله وشعوره أنهم بجانبه وأنهم سوف يحبونه ويعتنوا به كما كانت تفعل أمه.
  • الاهتمام بالطفل من أحد أفراد العائلة: يمكن لأحد أفراد العائلة من السيدات مثل الأخت الكبيرة أو العمة أو الخالة أو الجدة، تربية الطفل بعد وفاة والدته وتقديم مشاعر المحبة والحنان التي تلبيها الأم عادةً، وهذا من شأنه أيضاً أن يخفف من مشاعر الحرمان التي يسببها موت الأم.
  • التحدث مع الطفل أن الأم في مكان أفضل: أثناء شرح فكرة الموت للطفل، يمكن القول أنها كانت مريضة ومتعبة، وأنها الآن أصبحت في مكان أفضل مرتاحة فيه، وهي تراه وتنظر إليه وتعتني به حتى في غيابها.
  • عرض الطفل على مختص نفسي: في الحالات التي تكون فيها صدمة وفاة الأم كبيرة وعنيفة ومتوقع أن تترك آثار أو اضطرابات نفسية في شخصية الطفل، فمن الأفضل هنا الاستعانة بمختص نفسي لمساعدة الطفل وذويه على تجاوز هذه الصدمة الكبيرة حسب حالة الطفل الخاصة.

تتوقف صدمة الموت عند الأطفال على عوامل عدة مثل العمر ومن الشخص الذي سمع موته ومعلوماته أو خبراته السابقة حول أشخاص ماتوا وما كان أثر ذلك، ولكن بشكل عام تعد صدمة عنيفة وغالباً غير مفهومة بشكل صحيح أو كامل، ويحتاج الطفل لمساعدة كبيرة وتتضامن عدة أطراف لشرح هذه الصدمة ومساعدته على تجاوزها.

وإذا كان هذا الموت يتعلق بأم الطفل فيصبح الأمر أكثر تعقيداً وحساسية كون الأم هي الشخص الأهم بالنسبة للطفل، وموتها سوف يكون له آثار على مستويات مختلفة، عاطفياً، اجتماعياً، نفسياً، وحتى من حيث الحاجات المادية الأساسية للطفل التي تختلف حسب عمره.

ويتوجب على جميع الأفراد حول الطفل مثل الأب أو أهل الأب وأهل الأم أو الأخوة الأكبر والعائلة الكبيرة، أن تتضافر جهودهم في مساعدة الطفل على تلقي هذه الصدمة وتخفيف آثارها قدر المستطاع عن الطفل حتى يكبر دون التعرض لأي اضطرابات نفسية أو اجتماعية أو حتى عقلية.

المراجع