كيفية إخبار الطفل بوفاة والده وأثر غياب الأب عليه

كيف أخبر ابني بوفاة والده! إليك بعض النصائح لإخبار الطفل بموت والده وكيفية تجاوز صدمة موت الأب
كيفية إخبار الطفل بوفاة والده وأثر غياب الأب عليه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تمثل وفاة الأب تحدياً كبيراً في حياة الطفل، من جهة يمثل الأب القدوة الأولى والمرجع السلوكي والأخلاقي الأهم في حياة الطفل، ومن جهة أخرى يعتبر الأب مصدر الأمان المادي والمعنوي، وغالياً ما يرتبط غيابه بتحولات كبيرة في حياة الطفل تشكل ضغطاً نفسياً إضافياً يجعل الصدمة أشد قوّة، فكيف يمكن إخبار الطفل بوفاة والده ومساعدته على تحاوز الصدمة!

لا يفهم الطفل صدمة موت أحد الأشخاص المهمين بحياته بالطريقة التي يفهمها الكبار، فهو يكون أكثر تأثراً بطبيعة العلاقة التي تربطه بهذا الشخص وما يلبيه من احتياجات له في حياته، والأب بالنسبة للطفل له دور كبير في حياته، ومن هنا يجب أن يتم العناية بالطريقة التي ينقل بها خبر وفاة الأب للطفل:

  • التمهيد لخبر وفاة الأب: لا يمكن إخبار الطفل بموت والده فجأة وبشكل مباشر، لا بد من التمهيد للخبر ونقل المعلومة للطفل بالتدريج، خصوصاً إذا كان حادث الوفاة نفسه مفاجئاً، ويمكن إخبار الطفل أن والده تعرض لحادث ما، ثم إخباره أن وضعه خطير قليلاً، وصولاً إلى نقل خبر موت الأب للطفل عندما يكون قد استعد نفسياً لتلقي الخبر قدر الممكن.
  • اختيار المكان المناسب: لا ينصح بإخبار الطفل بموت والده في أماكن مزدحمة أو مثيرة للتوتر مثل المستشفى أو داخل بيت العزاء، ويفضل عزل الطفل عن ظروف الموت نفسه وأوقات العزاء خصوصاً إذا كان أقل من 8 سنوات، واختيار الزمان والمكان المناسب لنقل الخبر إليه.
  • شرح فكرة الموت للطفل: أحياناً يكون الطفل بعمر صغير ولا يعي تماماً ما هو الموت وما الذي يعنيه أن يموت أحد عزيز عليه، وقبل نقل خبر وفاة الأب يجب أن يقوم أحد أفراد العائلة الواعين بشرح هذا الموضوع للطفل بطريقة صحيحة، وكيف يجب أن يتعامل معها الإنسان وكيف يجب أن تستمر حياته بعد هذا الخبر.
  • عدم تخويف الطفل أثناء نقل الخبر: يخطئ البعض وخاصة الأمهات نتيجة مشاعرهن المنهارة في هذا الوقت بإخافة الطفل وإشعاره أن الحياة أصبحت مأساة وأنهم لن يتمكنوا من الاستمرار بعد وفاة والده، ويقلن كلمات مثل (لقد انتهينا – ذهب سندنا – لقد أصبحنا وحدنا) ويكون هذا الكلام مترافقاً مع بكاء وصراخ هستيري، وهذا يؤدي لإخافة الطفل وشعوره بأنه لا أمل من الحياة بعد اليوم، وهذا يصعب عليه تجاوز الفاجعة فيما ما بعد وقد يترتب عليها أثر نفسي لباقي حياته.
  • يفضل أن ينقل خبر وفاة الأب أحد المقربين: الأب واحد من أهم شخصين بالنسبة للطفل والذين يثق بهم أكثر من غيرهم وفقدانهم يعني له الكثير، فلا يجب أن ينقل الخبر من قبل شخص غريب مثل الطبيب أو أحد الغرباء، وإنما يجب أن ينقل من قبل شخص مقرب، مثل أخ كبير أو العم أو الجد، أشخاص يعرفهم الطفل ويثق بهم، وفعلاً هم لا يريدون التسبب بصدمة عاطفية أو نفسية للطفل.
  • الاهتمام بمشاعر الطفل عند إخباره: تراود الطفل في لحظة معرفته بموت والده الكثير من الشكوك والأفكار غير الواثقة، ويتجه غالباً نحو عدم تصديق الخبر أو استيعابه، وفقدان الثقة بمن حوله، كما تراوده مشاعر الخوف والعزلة والوحدة وعدم استيعاب الموقف، لذا فإن الشخص المقرب الذي يخبره مثل الأخ الكبير أو الأم يجب أن يقوم باحتضانه حتى لا يشعر بأنه أصبح وحيد ويبدأ ببناء جسور جديدة من الثقة والدعم بينه وبين هذا الشخص.
animate

يحتاج الطفل للوالدين في معظم مراحل حياته وخاصة عندما يكون صغير السن، وهذه الحاجات بعضها عاطفي ومعنوي وبعضها مادي واساسي، وفقدان الأب سوف يكون له تأثير واضح ومباشر على معظم حاجات الطفل، ويمكن شرح تأثير فقدان الأب للطفل من خلال بعض النواحي:

  • الشعور بفقدان السند والحماية: الأب بالنسبة لجميع الأطفال هو ملجأ الأمان والحماية، وهو السند والداعم الذي يعمل على تحقيق رغبات الطفل وتلبية حاجاته، فهو ليس كأي شخص آخر يفعل للطفل أشياء من باب الواجب، وإنما يكون مهتم فعلاً بجعل طفله يشعر بالرضا والسعادة، ومن هنا فإن موت الأب سوف يكون مشاعر النقص والخسارة بالنسبة للطفل ويفقده بعض مشاعر الأمان والدعم الذي يلبيها الأب.
  • الشعور باختلاف الوضع الأسري: الأب من المكونات الأساسية للأسرة عموماً، وهذا يلاحظه الطفل في أي أسرة سواء عند الأقارب أو الأصدقاء أو حتى في البرامج التلفزيونية، وفقدان الطفل لأبيه سوف يشعره بتغير جذري في ترتيب أسرته وطريقة حياتها، وتراوده مشاعر التيتم ونقص دور مهم في أسرته.
  • الشعور بفقدان الدور التربوي: يمثل الأب في الأسرة غالباً السلطة والدور الحازم في تربية الطفل، الذي يحسب له الطفل حساب ويخاف من عواقب الخطأ بسببه، وفقدان هذا الدور قد يسبب بعض الفوضى وعدم الالتزام من قبل الطفل بالضوابط الأسرية والمعايير الصحيحة التي يجب أن يتربى عليها، وهذا غالباً سوف يكون له أثر تربوي كبير على الطفل، خاصة إذا لم تتمكن الأم وحدها من ملئ هذا الفراغ.
  • نقص بعض الحاجات المادية: عادةً تقع مسؤولية تلبية المتطلبات المادية للطفل والأسرة على عاتق الأب، وفقدان هذا الأب سوف يسبب عجز في نواحي مادية عديدة من حاجات الأسرة والطفل، ومع الأيام سوف يشعر الطفل بهذا النقص ويؤثر بشكل مباشر على طريقة حياته اليومية.
  • الشعور بالظلم وأعباء الحياة: موت الأب وتغير طريقة حياة الأسرة الذي يسبب من نقص لحاجات مادية، ونقص لدور تربوي، ونقص الدعم والحماية الذي يحققه الأب، سوف يسبب للطفل شعور بالظلم وأن بعض أعباء الحياة التي لا تناسب عمره سوف تصبح من مسؤولياته، فالأم قد تحتاج لمساعدة الطفل في بعض الشؤون اليومية التي كانت من مسؤوليات الأب.
  • عدم إشعار الطفل بتغير كبير: قدر المستطاع يجب أن تتضافر جهود عائلة الطفل لتخفيف التغير الذي يطرأ على حياته بعد موت والده، فالأم مثلاً يجب أن تتقرب من طفلها أكثر والعائلة الكبيرة يجب أن تساعد في بقاء الأسرة تعيش بنفس الوضع المادي، ويجب أن يتم حماية الطفل وإشعاره دائماً بوجود من يدعمه ويحميه.
  • وجود أحد رجال العائلة بجانب الطفل: يحتاج الطفل لرجل في حياته وغياب الأب يسبب فراغ في هذا الشأن، فمن جهة يحتاج لهذا الرجل ليشعر بالأمان والحماية وأن هناك من يمكنه الاعتماد عليه، ومن جهة أخرى يحتاج لرجل حازم في تربيته يمنعه عن الأخطاء، ويجب على أحد رجال العائلة المقربين مثل الأخ الأكبر أو العم أو الخال أو الجد القيام بهذا الدور والتقرب من الطفل وبناء علاقة وثيقة معه.
  • تقرب الأم من الطفل: بعد موت الأب قد تنشغل الأم بأعباء ومسؤوليات الحياة التي زادت على عاتقها، وقد يسبب هذا انشغالها عن طفلها في هموم الحياة، أو قد تدخل في حياة جديدة أو تفكر بالزواج والكثير من الأشياء تشغلها، بينما في هذه المرحلة أكثر من غيرها يحتاج الطفل بشكل أكبر للتقرب من أمه والشعور بأنها بجانبه تحبه وتحضنه وتحميه وتهتم به.
  • إبقاء ذكرى الأب كقدوة: حتى لوغاب الأب عن الطفل بسبب الموت بوجوده وجسده، يجب أن يبقى بروحه وذكراه، والأمر لا يتوقف فقط على الأسباب العاطفية والواجبات، وإنما الأمر له فوائد على المستوى النفسي والتربوي، فيجب أن يكون الأب قدوة للسلوكيات الجيدة التي يجب أن يقلدها الطفل ويقتدي بها، ويجب أن تكون محبة الأب دافع للنجاح والتميز، وهكذا يتم تحويل غياب الأب لسبب يدفع الطفل ليكون أفضل.
  • عدم ترك الطفل يشعر بالوحدة: يشعر الطفل بالوحدة بعد فقدان والده وخاصة إذا كانت تربطه معه علاقة مقربة، وقد يتجاوز شعوره الفردي بالوحدة للشعور بوحدة الأسرة وانعزالها، ويجب عدم السماح بهذه المشاعر للترسخ في ذهن الطفل، وذلك من خلال تقرب أسرته منه من جهة، وتقرب أفراد العائلة الكبيرة ودعمه هو وأسرته من جهة أخرى.
  • زيادة الأنشطة الاجتماعية للطفل: دمج الطفل بأنشطة اجتماعية وتعليمية يعتبر أمر ضروري سواء بوجود الأب أو بعد فقدانه، ولكن في حال فقدان الأب يصبح الأمر أكثر ضرورة والحاحاً، فمن جهة هذه الأنشطة تبعد الطفل عن الأفكار السلبية التي تراوده بسبب غياب أبيه، ومن جهة أخرى تسهل عليه تجاوز مشاعر الانعزال والوحدة التي ترافق فقدان الأب.

فقدان الأب بسبب الموت يمثل صدمة كبيرة وتغير شامل على مختلف نواحي حياة الطفل ومشاعره والطريقة التي سوف يتربى بها، والحقيقية أن هذه الصدمة تحمل معها الكثير من المعاني والأفكار والمخاوف للطفل تبعاً لعمره وظروفه العائلية الخاصة، ومن المشاعر التي قد يعشيها الطفل جراء هذه الصدمة:

  • مشاعر الشوق للأب: بعد فترة من وفاة الأب يعود الطفل لكثرة التفكير بأبيه ويشعر بالشوق له ويشعر فعلاً بآثار غيابه عن حياته وحياة أسرته، وهذه الأشواق التي تترافق مع اليأس من حضور الأب أو رؤيته تمثل اجهاد عاطفي كبير للطفل يتوجب التعامل معه وعلاجه.
  • الخوف من ردة فعل الآخرين: فاجعة موت الأب لا تسبب الألم للطفل وحده وإنما لأخوته أيضاً ولأمه ولعائلة الأب، وهؤلاء قد ينسوا وجود الطفل أحياناً ويقومون بردود فعل عاطفية كبيرة قد تخيف الطفل وتشعره بصعوبة الموقف حتى على الكبار، وقد يترتب على هذا الأمر تشكل مخاوف وهواجس للطفل جراء موت أبيه.
  • الشعور بصدمة عاطفية: تربط الطفل بأبيه علاقة عميقة من المحبة والاحترام والقدوة، فالطفل يرى أبيه أقوى الرجال وأهمهم ويفتخر به ويحبه ويحب أن يبقى معه دائماً، وفقدان الطفل لأبيه يعني فقدان هذه العلاقة وهذه المشاعر، وهذا يسبب صدمة عاطفية يصعب على الطفل فهمها أو التعامل معها دون مساعدة.
  • الشعور بالتغيرات المتتابعة في حياة الطفل: قد لا تظهر الآثار الناتجة عن موت الأب بعد موته مباشرة، وإنما قد تتابع في ظهورها واحدة تلو الأخرى في تفاصيل الحياة اليومية، وكل أثر جديد يظهر بسبب غياب الأب، سوف يحمل معه مشاعر الخسارة والفقدان، وهذا يوضح ضرورة العناية بهذه التفاصيل أثناء مساعدة الطفل على تجاوز موت والده.
  • الشعور بالضعف وفقدان دور الأب: الأب يمثل دور الحماية والأمان والشخص الذي يلبي حاجات أفراد الأسرة ويدافع عنها وعن حقوقها، وفقدانه بالنسبة للطفل سوف يجعله يفكر في كيفية تلبية هذه الحاجات ومن سوف يدافع عنه وعن أسرته في حال التعرض للظلم أو الاعتداء، وهذا سوف يحمل مشاعر الضعف وفقدان الشعور بالأمان.
  • الشعور بزيادة الأعباء والمسؤوليات: قد تضطر الأسرة للاعتماد على الطفل في بعض المسائل بعد غياب الأب وخاصة إذا كان عمره كبير ومناسب، فقد تصبح الام بحاجة أن ترسل ابنها لتأمين بعض الحاجات المنزلية، أو تضطر لأخذه معها أثناء التعامل مع الناس، وربما إذا كان بعمر مناسب قد يتم اخراج الطفل من المدرسة وإلحاقه بعمل، حتى يساعد والدته في مصاريف المنزل، وهذه الأشياء سوف تشعره بزيادة الأعباء عليه وهو ما زال طفل، وتعتبر هذه الأشياء من أسوء نتائج فقدان الأب بالنسبة للطفل.

أهم الحالات التي تستوجب استشارة المتخصص النفسي عندما ينكر الطفل موت والده لفترة طويلة، وقد يتطور الأمر لفقدان الثقة بالآخرين من حوله وعدم الرغبة في تصديقهم، والإصرار على أن والده سيعود، ولا مفر من طلب الاستشارة التخصصية إذا كان الأهل عاجزين عن التعامل مع مشاعر الطفل بعد موت والده ومعرفته بالخبر.

كذلك يجب طلب الاستشارة التخصصية عندما تظهر على الطفل أعراض الاضطرابات النفسية نتيجة الصدمة الكبيرة بفقدان الأب، مثل الشعور بالخوف الشديد أو الإحباط والاكتئاب أو رفض الطعام أو رفض الفكرة والتصديق، أو التعرض للهلاوس والكثير غيرها من الاضطرابات، وجميع هذه ا لحالات يجب علاجها بالتعاون من مختص نفسي.

المراجع