إدمان الطفل على السكر وعلاج إدمان الأطفال للحلوى
إدمان السكر عند الأطفال هل هو حقيقة أم مقولة ومبالغة؟ صحيح أن جميع الأطفال شرهين لتناول السكريات وحلويات الأطفال لكنها في بعض الحالات قد تصل لمستوى الإدمان، ومن خلال هذا المقال سنتحدث عن إدمان السكريات عند الأطفال وحقيقته، وأسباب تحول حب السكر إلى إدمان، وكيف يمكنك التخلص من إدمان الطفل على السكر.
تعريف إدمان السكر عند الأطفال أنه الاستخدام المتكرر والمتزايد للمواد السكرية وحلوى الأطفال وإظهار سلوكيات غير طبيعية عند الحرمان أو المنع، ويرجع وصف الإدمان لتأثير السكر على نظام المكافئة في الدماغ أي إنتاج النواقل العصبية مثل الدوبامين والتي تؤدي إلى الشعور بالسعادة والمتعة المرتبطة بتناول السكريات.
ويشير إدمان السكر عند الأطفال إلى الاعتماد على المشروبات والأطعمة السكرية وفقدان السيطرة على التحكم بالكميات التي يجب تناولها وكذلك إهمال التأثيرات السلبية البدنية والعقلية للسكريات حتى لو أدركها الطفل.
ورغم عدم الاعتراف رسمياً بإدمان السكر كنوع من أنواع الإدمان المشخص سريرياً إلا أن بعض الأطفال يعانون من سلوكيات تشبه الإدمان فيما يتعلق باستخدام السكر والدخول في نوبات من الانسحاب عندما يتم حرمانهم من الحلويات.
وجدت بعض الدراسات أن السكريات تسبب علامات وأعراض انسحاب، حيث أن استهلاك السكريات بشكل مفرط يسبب تغيرات في ارتباط مستقبلات الدوبامين والتأثيرات الأفيونية تشبه التغيرات المرتبطة بتعاطي المخدرات!
- استهلاك كميات كبيرة من الحلويات: أكثر الأعراض التي يمكن ملاحظتها على إدمان السكر عند الأطفال هي الطلب المتزايد للحلويات باستمرار، فيصبح الطفل بحاجة لكمية أكبر للوصول للتأثير الذي يحصل عليه عند تناول الحلوى في كل مرة.
- فرط الحركة والنشاط: يسبب تناول كمية كبيرة من السكر في إنتاج هرمون الدوبامين المسؤول عن السعادة والمتعة، وتمد جسم الطفل بطاقة سريعة تسبب الإفراط بالنشاط بعد تناولها مباشرةً، ما يجعلها وجبته المفضلة.
- فقدان الطاقة بسرعة: رغم الطاقة التي يحصل عليها الطفل بعد تناول السكر إلى أن الكميات الكبيرة منه تعطي شعوراً قصير الأمد بالنشاط والحيوية يزول بسرعة فتجد الطفل سريع الانهيار والشعور بالخمول عند تراجع مستوى السكر ويعود لطلب المزيد من الحلوى.
- الرغبة بالسكر في المواقف المثيرة للتوتر: لكون إدمان السكر عند الأطفال يرتبط بالحالة المزاجية، يصبح الطفل شديد الرغبة بتناول السكر بعد التعرض لمواقف مقلقة أو مخيفة، بينما في الحالة الطبيعية يمكن أن يحصل الطفل على الراحة بطرق أخرى كاللعب أو التحدث أو ممارسة بعض الأنشطة الرياضية.
- الصراخ والبكاء عند حرمانه من الحلويات: في حال ادمان الطفل على السكر قد يسبب نوبات من الغضب عند حرمانه من الحلوى فيبدأ بالصراخ والبكاء عند منعه من تناول السكر، وهذا لفقدان شعور المتعة الذي يستمده عادةً من تناولها.
- تصرفات غير لائقة عند الحرمان: قد يقوم الطفل المدمن على السكر بسلوكيات غير لائقة عند منعه من تناول الحلوى مثل السقوط في الأرض والصراخ لشراء الحلوى له، أو سرقة قطع من الحلوى من الآخرين.
ليس السبب الوحيد لإدمان الطفل على السكريات هو حلوة الأطفال والسكريات فحسب، بل أيضاً الكربوهيدرات البسيطة مثل الدقيق المكرر التي لها تأثير مماثل على الجسم، ويعود هذا في الأصل إلى أسلوب الحياة، ومن الأسباب المرتبطة بطريقة الطعام:
- الشعور بارتباط السكر بالنشاط والحيوية: في الحالات الطبيعية يتطلب جسم الطفل المزيد من السكريات لكونه مصدر الطاقة السريع، والطفل يحتاجها للحصول على طاقة للحركة واللعب والنمو، ورغم أهمية السكريات لصحة وظائف الدماغ عند الأطفال إلا أن طبيعة الطفل المحبة للسكريات وحلوى الأطفال قد تصل لفقدان السيطرة على التحكم بها، ما يجعله سبب إدمان السكر لديه.
- السكر يسبب إطلاق هرمون السعادة: إن جميع الأطعمة المكررة وحلوى الأطفال تتحول بسرعة إلى سكر في الدم وتسبب ارتفاعاً حاداً بمستواه، ما يسبب ارتفاع هرمون الدوبامين المرتبط بالشعور بالمتعة والمسؤول عن السعادة على الفور، حيث يلعب السكر دوراً هاماً في نظام مكافئة الدماغ، وبمجرد زوال هذا التأثير تبدأ الرغبة الشديدة في تناول المزيد من السكر، ما يزيد من احتمال ادمان السكر عند الطفل.
- ارتباط السكر بالحالة العاطفية: أكدت العديد من الدراسات وجود ارتباط بين الحالة العاطفية وتناول السكريات عند الأطفال، ويعزى هذا إلى زيادة إنتاج الأندروفين في الجسم ويتحد مع مواد أخرى في الجسم، لذا يلجأ له حتى الكبار للحصول على الطاقة والتقليل من التدني العاطفي، وبالتالي تلعب الحالة العاطفية للطفل دور في إدمانه على السكر نتيجة تزايد الطلب على السكر لتعزيز حالته العاطفية.
- عادات الطعام السيئة: غالباً يعود إدمان السكر عند الأطفال لعادات الطعام السيئة التي يتبعها الأهل باعتقادهم أنهم يمنعون عن الطفل حلوى الأطفال، كاللجوء للحلويات المصنوعة في المنزل ولكنها أيضاً تحتوي على تراكيز عالية من السكريات مثل الكيك والمعجنات وغيرها من العصائر الطبيعية التي يتم إضافة السكر لها.
- نمط الحياة السيء: في الحالة الطبيعية يحب الأطفال الحلوى والعصائر ويستخدمها الأهل في كثير من الأحيان كمكافئة للطفل بعد الاستماع للأوامر، وأيضاً ضعف النشاط البدني وتقديم المشاعر الإيجابية للطفل تلعب دور في حاجة الطفل للسكريات، حيث يطلب الجسم السكريات عند التعرض للضغوط النفسية ومواجهة الصعوبات، وأيضاً من العادات السيئة تناول الحلوى بعد الطعام، وجميعها أسباب تجعل الطفل عرضة لإدمان السكر.
- استجابات الأهل الخاطئة: لا يعرف الطفل الصغير الإشارات الدماغية التي يرسلها الجسم استجابة لنوع الطعام، فهو يعلم فقط أن تناول السكريات وحلوى الأطفال يشعره بالسعادة والطاقة، فيطلب المزيد منها، ومع مجاراة الأهل لهذا السلوك يجدون الطفل يقع في حلقة مفرغة تجعله في كل مرة يطلب المزيد ما يسبب إدمان السكر عند الطفل.
- سهولة الوصول للحلوى: تعد حلوى الأطفال طريقة سريعة للحصول على الطاقة والوجبة المشبعة للطفل، ما يجعل هذه السرعة والسهولة سبباً رئيسياً في تحول الشراهة للسكر إلى إدمان عند الطفل يصعب السيطرة عليه.
علاج الطفل من إدمان الحلويات والسكريات يستند إلى حمية منخفضة السكر تعتمد على تقليل مصدر السكر المضاف واستبداله بالكسريات الطبيعية وبقدر محسوب، بالتزامن مع تقدير الحالة النفسية والسلوكية للطفل وإدارة أعراض الرفض والمقاومة والانسحاب، وأهم خطوات التخلص من تعلق الأطفال بالحلوى والسكريات:
- النظام الغذائي المتوازن: يعد البدء المبكر بتعويد الطفل على اتباع نظام غذائي متوازن الطريقة الأفضل للوقاية من إدمان السكر عند الأطفال، يتضمن حصة من السكر يتم خفضها تدريجياً، مع التركيز على الخضراوات والفواكه والبروتينات، فهذا سيجعل الطفل يعتاد على هذا النظام، ويمكن تقديم حلوى الأطفال له مرة أو مرتين بالأسبوع.
- ممارسة التمارين الرياضية: تساعد التمارين الرياضية بشكل كبير في التخلص من إدمان السكر عند الأطفال، فعند إجراء التمارين الرياضية يتم إفراز الأندروفين وبالتالي تحسين المزاج والشعور بالراحة والاسترخاء وتقليل الرغبة بتناول السكريات.
- عدم استخدام الحلوى كمكافأة: للتخلص من إدمان السكر عند الأطفال يجب تجنب استخدام حلوى الأطفال كمكافأة عند القيام بسلوك جيد أو عند تناول وجبته المعتادة دون شغب، فهذا سيجعل الطفل يستمر في الاعتياد على تناول المزيد من السكر.
- إعداد وجبات الطعام معاً: يمكن علاج إدمان السكريات عند الأطفال من خلال إعداد وجبات صحية مع الطفل، فهذا سيجعله مستمتعاً وأكثر تقبلاً لتناول الوجبات التي يعدونها بأنفسهم وبالتالي ستقل شراهتهم للسكريات.
- صنع حلويات منزلية صحية: يساعد صناعة الحلويات في المنزل في تحديد كمية السكريات المضافة بشكل أفضل، لذا يمكن التخلص من إدمان السكر عند الأطفال من خلال صنع الحلويات المفضلة للطفل بالنكهات المحببة لديه، مع تخفيف كمية السكر.
- الإكثار من شرب المياه: الحفاظ على رطوبة الجسم والإكثار من شرب الماء والسوائل يقلل الرغبة بتناول السكر، حيث أن الدماغ يطلب الطعام عند العطش، لكون الجفاف الخفيف يصعب على الجسم الاستفادة من مخازن الطاقة في الجسم وخاصة الجليكوجين مخزن الكربوهيدرات، علاوة على أن الماء يقلل من تركيز السكر في الدم، لذا يجب الإكثار من السوائل كطريقة للتخلص من إدمان السكر عند الأطفال.
يعد موضوع الإدمان على السكريات عند الأطفال من الأمور المقلقة وتحتاج للكثير من الاثباتات والدراسات للتأكد من الصفة الإدمانية للسكريات، ومن هذه الدراسات:
- في عام 2008 أجريت دراسة على الحيوانات نشرت في مجلة الطب الرياضي البريطانية، انطلقت من وصف السكر أنه مادة كيميائية تطلق المواد الأفيونية والدوبامين، أي تعتمد على المواد الأفيونية الذاتية الطبيعية، وبالتالي لها القدرة على التسبب بالإدمان، فلاحظت الدراسة أعراض الشغف الشديد وأيضاً أعراض الانسحاب عند تناول السكر والحرمان منه.
- في دراسة في 2013 حول إدمان السكر نشرت في مجلة Current Opinion تبيّن أن استهلاك السكر أكثر تسبباً بالإدمان من المواد المخدرة لكونه أكثر جاذبية ومكافأة للدماغ من تأثير الكوكائين! فسهولة الوصول للحلوى بالنسبة للطفل تزيد من احتمال الإدمان على السكريات وكذلك التعرض المتكرر لها.
- أيضاً من الأبحاث التي تشير لمدى الصفة الإدمانية للسكر عند الأطفال دراسة أجراها أستاذ كلية كونيتيكت جوزيف شرودر وطلابه على تأثير بسكويت الأوريو على الفئران، وجد أنه يحفز المزيد من الخلايا العصبية في منطقة المتعة في الدماغ مقارنة بالكوكائين.
- ولكن رغم هذه الأبحاث ظهرت بعض التقارير التي تشكك بأن السكر يسبب الإدمان، ففي عام 2016 نشرت مقالة عنوانها "إدمان السكر" في المجلة الأوروبية للتغذية تقول إن الأدلة التي تدعم فكرة إدمان السكر ضئيلة بالنسبة للبشر، والأبحاث التي أجريت على الحيوانات تشير إلى أن السلوكيات المشابهة للإدمان تحدث فقط عند تقييد السكر، فالتقييد هو المشكلة وليس تأثير السكر على الدماغ، فهناك حاجة للمزيد من الدراسات للتأكد من إدمان السكر عند البشر.
هل يمكن أن يعاني الأطفال الصغار من الانسحاب من السكر؟ في الغالب يقلق الأهل الذين يلاحظون إدمان السكر عند الطفل من الأعراض التي تظهر عند حرمانه منها، ويتسألوا هل يمكن أن يعاني الأطفال الصغار من الانسحاب من السكر؟ في الواقع نعم قد تظهر أعراض انسحاب السكر عند الأطفال، لكنها ليست شديدة كتلك التي تظهر عند إدمان الكحول أو المواد المخدرة عند البالغين، ويمكن التغلب عليها بشكل أسهل، ومن هذه الأعراض:
- الخمول والتعب: يتغير مستوى النشاط عند منع الطفل الذي يعاني من إدمان السكر من تناول الحلويات وهذا لتراجع تركيز الدوبامين وعدم القدرة على تعويضه، فتجده أقل نشاطاً من المعتاد وأكثر خمولاً، لكن يمكن تعديل كميات السكر التي يحتاجها الطفل للاستمرار بنشاطه اليومي.
- التقلبات المزاجية: لكون الطفل يعتاد على تناول السكريات لتعديل الحالة المزاجية، قد تظهر تغيرات مزاجية تشمل الهيجان والغضب، لذا تجد الطفل يصرخ ويبكي عند حرمانه من السكر، ولكن بالقليل من الصبر وتعديل النظام الغذائي ونظام الحياة سيتحسن الوضع خلال أيام.
- قلق وتوتر: تحدثنا سابقاً أن تناول الحلويات والسكر يقلل من التوتر ويزيد من الشعور بالمتعة، وليس من السهل التخلص من هذا التأثير عند إدمان السكر عند الطفل، حيث يحتاج للمزيد من السكريات لإفراز الدوبامين الذي يمده بهذا الشعور ما يسبب شعور قلق وتوتر ومشاكل بالنوم عند الانسحاب.
- الرغبة في تناول الكربوهيدرات: عند التوقف عن تناول السكريات عند الطفل ستلاحظ رغبة شديدة في تناول الأطعمة الأخرى الحاوية على الكربوهيدرات، مثل رقائق البطاطا والمعكرونة، للتعويض عن الكمية التي يحتاجها الجسم.
بالطبع لا يجب منع الطفل من السكريات نهائياً، وهذا أولاً لأهمية السكريات في نمو الطفل والحصول على الطاقة اللازمة للقيام بالنشاطات اليومية، وأيضاً لأن هذا سيجعل الطفل أكثر ضجراً ويزيد من رغبته في الحصول عليها بأي طريقة.
لكن هذا لا يعني مجاراة الطفل بشكل كامل بل يجب تغيير نظام الطعام للطفل واستبدال الحلوى بشكل تدريجي بمصادر سكريات أكثر أماناً وتجعل الطفل يحصل على الكمية المناسبة له مثل العسل والتمر والفاكهة الطازجة، واستخدام طرق مناسبة للتخفيف من السكر تتناسب مع طريقة تفكير الطفل، مثل تأجيل تناول الحلوى لوقت لاحق لعدم توافرها في الوقت الحالي ووضع قواعد لتناول السكريات.