كيفية التعامل مع طفل عمره 8 سنوات
التعامل مع الأطفال في سن 8 سنوات يحتاج لإدراك الأهل أن طفلهم الآن أصبح أكبر وأكثر استقلالاً وقدرةً على الاعتماد على نفسه بالكثير من شؤونه الخاصة، ولا يحتاج من الأهل سوى بعض المساعدة والتوجيه، وشرح وتفسير بعض الأمور والمواقف الجديدة عليه، بالإضافة للتركيز على الجوانب النمائية المتعلقة بهذه المرحلة، وهنا نجيب على أسئلة كيفية التعامل مع طفل 8 سنوات، وكيف أتعامل مع بنتي عمرها ثمان سنوات؟
الطفل في عمر 8 سنوات يدخل في طور جديد من التطور العقلي والذهني والبدني، ويبدأ من هذا العمر بإدراك المفاهيم العقلية الأكثر تعقيداً، ليس فقط في المدرسة من خلال تطور المعلومات التي يتعامل معها في الحساب واللغة والمجالات الأخرى، ولكن أيضاً على مستوى مهارات التفكير والمهارات الاجتماعية، وقد تخوض أول نقاش معقّد وصادم مع طفلك في هذا العمر!
حسب عالم النفس السويسري جان بياجيه فإن سن 8 سنوات هو السن الذي ينتقل فيه الطفل إلى مرحلة "التفكير المادي" من مراحل التطور المعرفي، وتتميز هذه المرحلة بتطور التفكير المنطقي وفهم المبادئ العامة التي تستند إليها الأحداث أو الأمور الجزئية، على سبيل المثال يفهم الطفل في هذا العمر أن 1 كيلوجرام من الحديد مساوٍ لـ 1 كيلوجرام من القطن تماماً!
من التطورات المهمة في سن الثامنة أيضاً أن الطفل يدرك خصوصية مشاعره وأن له أفكار ومعتقدات خاصة لا يشترط أن تكون موجودة لدى الآخرين، ويبدأ بفهم مشاعر الآخرين بشكل أعمق عندما ينخفض تركيزه حول ذاته ويعرف أن لكلّ منا عالم داخلي منفصل! وهذه المرحلة هي ما قبل الأخيرة من مراحل التطور المعرفي عند بياجيه.
- الانتباه لتصرفات الأهل أمام الطفل: يستطيع الطفل في عمر ثمان سنوات ملاحظة جميع السلوكيات الصادرة عن أهله وتقييمها وتقليدها، بل وحتى نقدها، واي تصرف مسيء من قبل الأهل قد يكون عرضة للتقليد أو الانتقاد من قبل طفلهم، لذا يجب الانتباه لجميع التصرفات والكلمات التي تصدر عنهم أمامه ونوع الأحاديث التي تدور أمامه وأن يمثل الأهل قدوة حسنة لطفلهم.
- مساعدة الطفل على تنظيم يومه: يجب على الأهل أن يساعدوا طفلهم على تنظيم يومه، من حيث تحديد أوقات للطعام وأوقات للعب وأوقات للنوم وأوقات للواجبات المدرسة وأوقات للخروج، فهذا يساعده على الهدوء والاعتياد على تنظيم شؤونه بنفسه لاحقاً.
- تشجيع الطفل على تلبية احتياجاته وحده: تتراجع حاجة الطفل لأن تلبى كل حاجاته المادية من قبل أهله بعد أن وصل لعامه الثامن، فهنا يقتصر دور الأهل على بعض الإشراف والتوجيه أو مساعدته في جزء من حاجاته، مثلاً طهو الطعام تقوم به الأم ولكن يمكن للطفل سكب الطعام وتناوله وحده، غسيل الملابس من مهام الأم وترتيبها ولبسها يقوم به الطفل وحده.
- مساعدة الطفل بالتركيز على نقاط قوته: يظهر الطفل في عامه الثامن نقاط قوة في جوانب معينة لديه، قد قدرات حركية أو قدرات تعلم خاصة أو أي شيء آخر، ويجب على الأهل مساعدة الطفل على التركيز على هذه الجوانب بهدف صقلها وتنميتها لديه.
- استخدام أسلوب الحوار الإيجابي: في عمر الثامنة لم يعد الطفل كما كان صغيراً يجب تنفيذ أوامر أهله دون فهم لسببها ومعناها، لذا يجب فهم نفسية الطفل في عمر 8 سنوات فهو الآن أًصبح بحاجة لفهم هذه الأوامر وتعليل أسبابها وما نتائج عدم الالتزام بها، وهذا ما يستدعي الاهتمام بالحوار مع الطفل بشكل دائم حول كل شيء، لضمان تربيته بشكل أفضل.
- متابعة تطوره الدراسي: الطفل بعمر ثمان سنوات يمكن في مرحلة التعليم الأساسي، وهذه المرحلة مهمة في سير تعليم الطفل في مختلف المراحل اللاحقة، وقد يصعب عليه إتمام واجباته أو فهم كل شيء يتعلمه وحده، ويحتاج للمساعدة من قبل الأهل والمسك بيده ريثما يستطيع إكمال الطريق وحده.
- معالجة نقاط الضعف لديه: قد تظهر بعض علامات تبين وجود نقاط ضعف في نواحي محددة في شخصية طفل الثمانية سنوات، مثل صعوبات التعلم، أو فرط الحركة، أو الانفعالية الشديدة أو وجوت مشكلة أو إعاقة جسدية لديه، أو صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية وضعف مهارات التواصل، أو مشاكل في الكلام واللغة، وكل هذه الجوانب تحتاج لاستشارة مختصين والعناية بها ومعالجتها من قبل الأهل إن وجدت.
التعامل مع الطفل العنيد عمر 8 سنوات يمكن في بعض الإجراءات التي تعتبر سلوك تربوي متبع بشكل دائم مع الطفل من ناحية، والرد على مواقف المعاندة التي تحصل مع الطفل من ناحية أخرى، وهنا بعض النقاط المفيدة في التعامل مع الطفل العنيد عمر 8 سنوات:
- ترك مساحة من الحرية والاستقلالية للطفل: نفسية الطفل في عمر 8 سنوات تتغير وتتطور عما قبل، فأصبح الآن بحاجة للشعور بقيمته الذاتية وفرديته، وهذا يستوجب احترام الأهل لخصوصيته، وإعطائه بعض الحرية في سلوكياته غير المضرة، ودعم استقلاله في اللعب والقيام ببعض حاجاته وواجباته ورغباته.
- تجنب التربية المتسلطة: التربية المتسلطة لها تأثير كبير على شخصية ونفسية الطفل في عمر 8 سنوات، فإما تؤدي لمحو شخصية الطفل بظروف معينة، وإلا تسنفر لديه مشاعر وسلوكيات التحدي والعناد، لذلك من الأفضل اتباع أسلوب تربوي معتدل، يشعر الطفل بمحبة واحترام أهله له، وبنفس الوقت يشجعه على القيام بواجباته واتباع قواعد السلوك الصحيح والمرغوب.
- استخدام أسلوب الحوار الهادئ مع الطفل: يحتاج الطفل في عمر الثمان سنوات لفهم أخطاءه ولماذا تعتبر مرفوضة، وفهم الأوامر التي تملى عليه، وشرح نتائج أفعاله غير الصحية، حتى يعرف لما عليه عدم المعاندة تجاه بعض المواقف، وهذا يؤدي لخجل الطفل من المعاندة وشعوره الداخلي بأن هذا سلوك مستهجن وغير مقبول وبالتالي تجنبه من قبله.
- اتباع نظام ثابت ومستقر: غالباً ما يتوجه عناد الطفل نحو الأشياء الجديدة أو التي لا يوجد اتفاق عليها يلتزم به جميع أفراد الأسرة، ووجود نظام ثابت يحكم سلوكيات جميع أفراد الأسرة يشجع الطفل على الالتزام به وعدم معاندته، فمثلاً عندما يعتاد الطفل منذ البداية على نوم جميع افراد الأسرة بوقت معين فإنه لن يعاند فيما يخص عادات النوم، وكذلك بالنسبة للطعام ووقت اللعب واحترام خصوصية وملكية الآخرين.
- عدم الاستجابة لعناد الطفل: أحياناً يستخدم الطفل المعاندة والإصرار والتحدي والتمرد كطريقة لاختبار ردة فعل أهله، فيما إذا كان سوف يفرض إرادته عليهم أم لا، والاستجابة لسلوك العناد في هذه الحالة، سوف يشجعه على اتباع هذا الأسلوب دائماً، ويصبح من الصعب السيطرة على عناده، لذا من الأفضل عدم الاستجابة لعناده، ورفض سلوك العناد لديه وإشعاره أن هذا الأسلوب لا طائل منه.
- دعم التطور اللغوي: الطفل بعمر 8 سنوات يكون اتقن اللغة وأصبح يستطيع التحدث بشكل مطلق وبناء حوارات متكاملة، وغالباً يكون قد تعلم بعض مبادئ القراءة والكتابة، ويجب دعم هذا التطور لديه من خلال إغناء حصيلته اللغوية، بشرح معاني الكلمات الجديدة له، والقراءة اليومية المتبادلة معه، ويمكن البدء بالاهتمام بتعليم الطفل لغة أخرى.
- العمليات الحسابية البسيطة: بالإضافة لما يتعلمه الطفل في المدرسة في مقرر الرياضيات، فهو جاهز لفهم معنى العمليات الحسابية والهدف منها، ويمكنه تعلم بعض هذه العمليات غير المعقدة، ويجب التركيز عليها سواء كانت ضمن المقررات الدراسية أو حتى خارجها، مثل عمليات الجمع والطرح والقسمة، ولكن يفضل استخدام أرقام صغيرة في البداية، مع التمرين بالاعتماد على مسائل ملموسة في الواقع.
- تعلم آداب الحديث: من الجوانب الهامة في تنمية اللغة كوسيلة للتواصل الاجتماعي، يفضل البدء في عمر ثمانية سنوات بتعليم الطفل آداب الحديث مع الآخرين، فعندما تريد طلب شيء من شخص ما يجب أن تقول (من فضلك أريد كذا) وعندما يساعدك شخص ما بالحصول على ما تريده يجب أن تشكره، ويجب أن تعتذر عند الخطأ أو مقاطعة أحدهم.
- الاندماج بالأنشطة الجماعية: في عمر الثمان سنوات يصبح الطفل قادر على الاندماج في مجموعات اللعب أو التعلم أو التدريب، ويجب استغلال هذه النقطة في توجيه الطفل للأنشطة الجماعية وتسجيله في دورات حسب تفضيلاته، مثل تعلم الرسم، أو الموسيقى، أو الرياضة المفضلة كالسباحة أو كرة القدم وغيرها، فهذه الأنشطة تفيد في تنمية قدرات الطفل الخاصة من ناحية، وتفيد في صقل مهاراته الاجتماعية من ناحية أخرى.
- تعليم الطفل كيفية قضاء حاجاته الخاصة: بعد أو وصل الطفل للثامنة من عمره، أصبح بمقدوره قضاء معظم حاجاته وحده ودون مساعدة، ولكن في البداية يحتاج لمعرفة كيف تقضى هذه الحاجات، مثلاً يجب أن نعلمه كيف يستحم وكيف يستخدم أدوات الاستحمام وكيف يغسل جميع نواحي جسمه أثناء الاستحمام.
- تعلّم العادات الصحية: حتى لو بدأت مسبقاً بتعليم طفلك بعض العادات الصحية فإن الطفل قد يستغني عنها بعد فترة إذا قل الاهتمام بها من قبلك، فترسخها لديه كعادة سلوكية أساسية يحتاج لبعض الوقت، لذا يجب الاستمرار في تعليمه الالتزام بالعادات الصحية كغسيل الأسنان وغسيل اليدين، والاستحمام، والنوم والاستيقاظ باكراً وغير ذلك.
- إدراك الوقت وأساليب إدارته: يفضل أن نعلم الطفل في عمر 8 سنوات حول كل ما يتعلق بالوقت، كيف يستطيع قراءة الساعة، وما هي الساعة، وكم ساعة في اليوم، وكم يوم في الأسبوع، وما هو الشهر وما يحتويه من أيام وأسابيع، وما هي السنة وكم شهر فيها وما أسماء الأشهر، وكم يوم في السنة، فهذه معلومات عامة سوف يحتاجها الطفل في وقت لاحق.
- تعلم الطفل قواعد العناية بالصحة: هذا هو الوقت المناسب لتعليم الطفل كيف يعتني بصحته، ويجب تحفيزه وتشجيعه على ذلك وليس مجرد فرض الأوامر عليه، مثل تعليمه كيف يعتني بغذائه وكيف يتجنب الأغذية الضارة، والعناية بنومه، وتجنب السمنة والعناية بالشكل.
- تعليم الطفل حول جسده: قد تلاحظ أن طفلك في عمر الثامنة بدأ يزداد فضوله حول جسديه، فقد يتفحص أعضاءه أو يلمسها أو يقارن بينه وبين الآخرين، وهنا يصبح من الجيد البدء بتعليم الطفل حول جسده، وأن بعض أعضائه يجب ألا يريها لأحد وأنه من المعيب الحديث عنها أو إظهارها أو أن يظهر أحد أعضاءه له.
- استخدام عقوبات إيجابية: حسب السبب الذي يتم عقاب الطفل من أجله يجب أن تكون العقوبة، فالتقصير مثلاً في الواجبات المدرسية يحتاج لعقوبة تعالج هذه المشكلة، ففشل الطفل مثلاً في تعلم عملية الجمع أو الطرح، تحتاج لعقوبة القيام بعمليات عديدة وأمثلة كثيرة حتى يتقن الطفل هذه العملية.
- العقوبة بالحرمان: عند استخدام عقوبة الحرمان المؤقت من بعض المزايا التي يريدها الطفل ويحبها، قد يجعل الطفل يراجع حساباته فيما يخص نتائج أفعاله، فعندما يتصرف بعدوانية مثلاً مع الأقران يمكن حرمانه من اللعب معهم لبعض الوقت، ويجب أن يشرح له أن إلغاء العقوبة يحتاج لإلغاء السبب وبالتالي يجب عليه أن يتصرف بشكل أفضل مع أقرانه حتى يسمح له باللعب معهم.
- تطبيق عقوبة عواقب الأفعال: يجب ربط العقوبة بالفعل الخاطئ الذي قام به الطفل وتحميله مسؤولية نتائج أفعاله، فتخريب الطفل لأشيائه مثلاً، سوف يؤدي لحرمانه من هذه الأشياء، وتعامله بقلة احترام مع أهله سوف تسبب انزعاج أهله منه وربما مخاصمته لبعض الوقت.
- المعاملة الحازمة: يمكن استخدام أسلوب المعاملة الجدية في معاقبة الطفل على أنواع معينة من الأخطاء، فهذا يستنفر الطفل للتعامل بطريقة أفضل حتى لا تتغير المعاملة التي اعتاد عليها من قبل أهله، ويثنيه في فعل الأشياء المزعجة التي سوف تعود عليه بطريقة معاملة لا يرغب بها من قبل الأهل.
- رفض السلوك السيء: يجب ألا يتهاون الأهل في رفض السلوكيات السيئة التي قد يبديها الطفل، ويجب أن يكون هذا الرفض عام ومستمر، حتى يعرف الطفل أن هذا السلوك لا يمكن قبوله، وإن فعله مرة فيجب عليه عدم تكراره مرة أخرى.
في عمر ثماني سنوات يكون الطفل قد طور معظم قدراته، وأًصبح قادر على فعل الأشياء الأساسية كالكبير تقريباً، ولكن يوجد بعض المهارات التي تختلف بين طفل وآخر بناء على تدريبه السابق عليها واتقانه لها، بمعنى أن مرحلته العمرية تسمح بتطور هذه القدرات ولكن التدريب السابق عليها هو ما يحكم اتقانه لها أم لا، من هذه المهارات مثلاً:
- القدرة على القراءة والكتابة: في عمر الثمانية سنوات يكون الطفل غالباً قد التحق بالمدرسة وتعرف على مختلف الحروف والأرقام وكيفية تشكيل كلمة منها، ويكون قد تعلم التهجئة وشكل الكثير من الأحرف والكلمات، لذا فإن الطفل يمكنه أن يقرأ بعض النصوص أو يكتب بعض الجمل في عمر 8 سنوات.
- تطور المهارات الحركية: يمكن لطفل الثامنة من عمره أن يمشي ويجري ويقفز ويتسلق وينحني للقيام بأي حركة يريدها، بشكل سريع ومتقن وانسيابي في حال عدم معاناته من مشكلة صحية، كما يمكنه أيضاً ركوب الدراجة الهوائية وقيادتها إذا تدرب على ذلك سابقاً.
- المهارات الحركية الدقيقة: يستطيع الطفل في عمر الثامنة القيام بالعديد من الأنشطة التي تتطلب مهارة حركية دقيقة، فتطوره الجسدي يسمح له بذلك، والتدريب المسبق هو ما يجعله متقن أكثر لهذه الأشياء، فيمكنه مثلاً صناعة أشكال واضحة من الصلصال والمكعبات، وتزاد قدرته على التنسيق بين أفكاره ونظره وحركات يديه فيمكنه استخدام قلم الرصاص والألوان لرسم أشكال أكثر وضوحاً وذات معنى.
- إدراك الأضداد والمتغيرات: من المهارات المعرفية المهمة للطفل بعمر 8 سنوات أنه أصبح يدرك الاضداد مثل الليل والنهار وحتمية تعاقبهما، ويمكنه أن يدرك أنه سوف يكبر ويستمر بالتطور ما يجعله يفكر بالمستقبل وكيف سوف يكون عندما يكبر.
- القدرة على التحكم بالعواطف: الطفل بعمر 8 سنوات تظهر لديه نوعاً ما القدرة على التحكم بعواطفه وافكاره، حيث يظهر بعض الأشياء وقد يخفي بعضها بناء على رغباته وأهدافه، ويستطيع فهم مشاعر الآخرين، والتمييز بين الخطأ والصواب، والسلوك المقبول والسلوك غير المقبول.
- زيادة القدرة على قضاء حاجاته: تزداد استقلالية الطفل بعمر 8 سنوات، ويصبح قادر على القيام بالكثير من حاجاته ورغباته بدون مساعدة، ويجب دعمه وتشجيعه في هذه الناحية، فيستطيع الاغتسال والاستحمام وحده، ويمكنه ارتداء ملابسه وحده، ويمكنه القيام ببعض المهام التعليمية وحده، ويمكنه اللعب وحده.