اكتشف العوامل المؤثرة في تربية الطفل وأهمية إدارتها
تعتبر تربية الطفل من المهام الشاقة التي تحتاج للانتباه والاهتمام والتنظيم من الأهل والبيئة المعنية بالتربية، حيث يتأثر الطفل بكل ما يحيط به اجتماعياً وأسرياً وبيئياً، لذا يجب على كل الآباء التعرف على العوامل التي تؤثر بتربية الطفل بكل أنواعها ومراعاة ضبطها أثناء تربية الطفل.
تنقسم العوامل المؤثرة بتربية الطفل إلى عوامل داخلية ترتبط بالأسرة وما تمنحه للطفل من توجيه وتربية، وعوامل خارجية تبدأ بالمدرسة التي تعتبر أهم مؤسسات تربية الطفل، وتمتد إلى جميع الجهات والمؤسسات والوحدات الاجتماعية التي تؤثر على تربية الطفل، بما في ذلك مؤسسات الرعاية الصحية والقانونية، والعلاقات الاجتماعية والإعلام وغيرها.
على الرغم من أهمية جميع العوامل المؤثرة بتربية الطفل لكن تظل الأسرة والمدرسة الجهات الأكثر تأثيراً في تكوين شخصية الطفل وبناء منظومته الأخلاقية وتنظيم حياته حتى مرحلة البلوغ والرشد، فيمكن للأسرة والمدرسة أن تعالج جميع العوامل الأخرى وتقلل من آثارها السلبية على التربية، لكن العكس غير ممكن.
- البيئة الأسرية: وهي أهم العوامل المؤثرة في تربية الطفل، سواء من حيث ترابطها وطبيعة العلاقات التي تجمع أفرادها أو حتى حجم الأسرة ومستواها المادي وعاداتها وتقاليدها وترتيب الطفل داخلها إلخ...
- المدرسة: والتي تعتبر ثاني أهم العوامل والبيئات المؤثرة في تربية الأطفال، حيث يقضي الأطفال ثلث يومهم تقريباً في المدرسة من عمر 5 سنوات وحتى 18 سنة.
- البيئة الاجتماعية: والتي تتضمن العادات والتقاليد التي يتبناها المجتمع ويلتزم بها، والطبقة الاجتماعية، والعلاقات العائلية والشخصية للطفل، والمؤسسات الاجتماعية.
- المعتقدات الدينية: حيث تلعب المبادئ الدينية في كل دين دوراً محورياً في تكوين شخصية الطفل وتقويم سلوكه وبناء المنظومة الأخلاقية.
- السياق التربوي: والمقصود بالسياق التربوي المنهج المتفق عليه بين الأبوين من جهة، وبين الأهل والمدرسة من جهة أخرى، ومدى التوافق بين التربية التي يتلقاها الطفل في منزله وبين ما يتعرض له ويتعامل معه خارج المنزل، وكلما كان السياق التربوي منظّم ومتسق كان تأثيره أكثر إيجابية.
- الأحداث والظروف الشخصية: من العوامل شديدة التأثير في تربية الطفل، وقد تكون هذه الظروف والأحداث عادية نوعاً ما مثل الانتقال من بيئة لأخرى أو من طبقة لأخرى، وقد تكون أشد تأثيراً مثل فقدان أحد الوالدين أو انفصالهما.
- الأقران والعلاقات الشخصية: الصداقة في حياة الطفل من أهم العوامل المؤثرة في العملية التربوية، فالعلاقات المناسبة تدعم المنهج التربوي الذي يبدأ من البيت، والعلاقات غير المناسبة قد تدمّر كل ما ينجزه الأهل والمعلمون والمربون وتجرف الطفل باتجاه آخر.
- الحياة الرقمية: تمثّل الحياة الرقمية اليوم أحد أهم العوامل المؤثرة بتربية الأبناء، بدءً من تحديد الوقت الملائم لانخراط الطفل في الحياة الرقمية والدخول في المجتمع الموازي أو الافتراضي، وليس انتهاءً بتأثير التطور التقني والرقمي على تعليم الطفل وتربيته والقيم والمبادئ التقليدية التي يكتسبها من الأسرة والمدرسة والمجتمع.
- الدولة التي يعيش فيها الطفل: تؤثر الدولة التي يعيش فيها الطفل على تربيته من خلال الأنظمة والقوانين الرسيمة المعنية برعاية الطفولة وتنظيم الرعاية الصحية والتعليم والأمن، وقد يفقد الأطفال الكثير من مكتسبات التربية المنشودة بسبب ظروف غير مستقرة أو أنظمة غير ملائمة.
- الفروق الفردية: لا يتأثر الأطفال بنفس العوامل بنفس الدرجة بسب بالفروق الفردية التي قد تجعل طفلاً مميزاً في مجال معين وطفلاً آخر أقل تميزاً، وإهمال هذه الفروق قد يجعل الأهل غير قادرين على التعامل مع بعض سمات الطفل الموروثة.
هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في تربية الطفل، لكن هذه العوامل العشرة تعتبر الأهم والأكثر تأثيراً.
- توافق البيئة المدرسية: البيئة المدرسية تتمثل بعدة جوانب موجودة ضمن المدرسة، مثل توافق مستوى الطلاب في المدرسة ومدى خبرة ونجاح المعلمين والإداريين في ضبط المدرسة وتعليم الطلاب، بالإضافة إلى جودة المباني المدرسية ومدى الاعتناء بالنظافة وما إلى ذلك، جميعها تلعب دوراً بالتأثير على راحة الطفل وعلى الطريقة التي يتعلم بها وتترك أثراً في الجانب التربوي للطفل.
- جودة ومستوى التعليم: إن نوعية وجودة التعليم التي يتلقاها الطفل في مدرسته تنعكس على تربيته وسلوكه وشخصيته، فكلما علت تلك الجودة وتم توجيه جهود أكبر لتعليم الطفل القيم والمبادئ الأخلاقية الصحيحة ضمن المدرسة كلما حصل على تربية سليمة أكثر.
- أثر أصدقاء المدرسة: يقضي الطفل جزء كبير من وقته ويومه مع أصدقاءه في المدرسة لذا فهو يتعلم ويكتسب منهم الكثير من السلوكيات والتصرفات ويتأثر بهم تربوياً سلباً أو إيجاباً، فقد ينحدر السلوك التربوي للطفل بسبب نوع أصدقاءه في المدرسة على الرغم من حصوله على اهتمام ورعاية تربوية من والديه، وقد يكون العكس حيث يجر بعض الأصدقاء الجيدين الطفل الذي لا يحظى بسلوك تربوي مقبول إلى تعديل سلوكه.
- تأثر العلاقة مع المعلمين والمدرسين: أسلوب تعامل المعلمين مع طلابهم ضمن المدرسة يسهم في الطريقة التي يتطور فيها الطفل تربوياً ويؤثر بذلك، حيث يكون المعلمين والمدرسين قدوة هامة للطلاب وشكل العلاقة التي يبنيها المعلم مع الأطفال في المدرسة يسهم في مدى التزامهم بالتعليمات والتوجيهات التربوية ويؤثر بسلوكهم واتجاهاتهم.
- تأثير الأساليب التعليمية المستخدمة: بعض الأساليب التعليمية التي تكون قديمة وغير مدروسة بشكل صحيح تؤثر سلباً على النمو النفسي والتربوي للطفل ضمن بيئته المدرسية وتجعله أكثر عرضة للانحدار السلوكي والتربوي، أما عندما تطبق أساليب منهجية مدروسة وتؤمن التعليم الصحيح المقرون بالقدرة على ضبط ومراقبة سلوك الأطفال داخل المدرسة نرى أن السلوك التربوي للطفل ينمو بشكل أفضل في مدرسته.
- تفاعل الطفل مع الآخرين: كذلك تشكل الطريقة التي يتفاعل فيها الطفل مع زملائه في المدرسة أثراً هاماً في تطوره الاجتماعي والتربوي، فالطفل الذي يكون محبوباً وينجح في تشكيل علاقات وصداقات مع أقرانه في المدرسة يبدي سلوكاً تربوياً أفضل من الطفل الذي يتعرض للرفض أو التنمر وعدم القدرة على التآلف مع زملائه في المدرسة. [3]
- تأثير شكل العلاقات الأسرية: المتمثلة بمدى ترابط العلاقات والنزاعات العائلية بين أفراد الأسرة سواء بين الوالدين أو بين الآباء وأبنائهم أو بين الأخوة، فعندما تكون العلاقة بين الوالدين متوترة وتسيطر عليها النزاعات تعيش الأسرة ككل في حالة من عدم الاستقرار وينخفض مستوى تربية الأطفال، وكذلك يؤثر سوء تواصل الآباء مع أبنائهم والعيش ضمن حالة من التفكك الأسري على تربية الأطفال ويسيء لها.
- أسلوب التربية والتنشئة الأسرية: نشير إلى الممارسات الأبوية المستخدمة في سياق تربية الأطفال وتنشئتهم وتعليمهم، ويتضمن ذلك مجموعة واسعة من الممارسات وكل منها يؤثر بشكل مختلف على تربية الأطفال سلباً أو إيجابياً، فاتباع أساليب العنف المنزلي والترهيب والتخويف والتسلط والحرمان تحمل آثار تربوية سلبية، أما الأساليب المنهجية مثل طريقة الثواب والعقاب ووضع الحدود واحترام الطفل والحديث معه غالباً تكون ذات تأثيرات إيجابية في تربية الطفل.
- الوضع المادي للأسرة: كلما ساء الوضع المادي للأسرة كلما زادت الضغوط على الأهل والأبناء، وكلما تأثر الأطفال تربوياً بذلك، فالفقر يؤثر سلباً على النمو الاجتماعي والنفسي والسلوكي للطفل، وكذلك الغنى الفاحش قد يضر بتربية الأطفال خاصة إذا لم يحسن الاهل تعليم وتوجيه الابن بشكل صحيح لكيفية استخدام مصروفه العالي ولم يقوموا بضبطه.
- تكوين الأسرة: يشير التكوين الأسري إلى عدد أفراد الأسرة وشكل تركيبة الأسرة من الأفراد، فبعض الأسر تتكون من الوالدين مع طفل واحد فقط، وبعضها الآخر قد يختفي منها وجود أحد الوالدين، والبعض الآخر تتكون جميعها من الذكور، وما إلى ذلك، وتتأثر تربية الطفل في كل شكل من أشكال الأسرة فمثلاً يكون من الصعب حصول الطفل على عناية كاملة وكافية في بعض الأسر الكبيرة، وتتأثر تربية الطفل كذلك كثيراً بالأسر التي يغيب منها أحد الوالدين وغيرها.
- البيئة الأسرية: المقصود به الجو والطابع العام الذي تعيش ضمنه الأسرة كالظروف العاطفية والعادات اليومية ونظام الحياة وقوة وتماسك العلاقات بين أفراد الأسرة ومدى تشدد أو تساهل الآباء في معاملة أبنائهم وسهولة تواصل الأفراد مع بعضهم والتعاون فيما بينهم وما إلى ذلك، فكل أسرة لها صفات خاصة للجو والمناخ الذي تعيش ضمنه وكل منها يؤثر بشكل مختلف على تربية الأبناء.
- شخصيات الوالدين: من أكثر ما يتأثر به الأطفال تربوياً ويتعلمون منه هو الشخصية التي يتمتع بها كل من الأبوين، حيث تأثر شخصيات الآباء على طرق تفاعلهم مع الأبناء وأفراد الأسرة وتنعكس على الأبناء إما سلباً وإما إيجاباً. [1-2]
يشكّل المجتمع ضابطاً أساسياً لسلوك الطفل وعاملاً مهماً في التربية والتوجيه، وأهم جوانب تأثير المجتمع على تربية الطفل:
- تبني ثقافة المجتمع: تختلف القيم والأخلاق التي يتربى عليها الطفل باختلاف ثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه، فكل ثقافة لها أولويات تربوية مختلفة وتوقعات خاصة للسلوك المقبول عند الأطفال، فهناك ثقافات تركز على تربية الأطفال على طاعة الوالدين وعلى التعامل بتهذيب مع الآخرين، وثقافات أخرى تنشأ الأطفال على أن التعليم والعمل وكسب الرزق أهم هدف في الحياة، كما قد ترفض بعض الثقافات الاجتماعية تربية الأطفال على فكرة الصداقة بين الجنسين بينما تشجع ثقافات أخرى على هذه الفكرة.
- تأثير الوضع الاقتصادي للمجتمع: تشكل الحالة الاقتصادية للمجتمع عامل يؤثر على تربية الأطفال حيث يتأثر الدخل المادي للأسرة الواحدة وتتغير معها أساليب التربية المتبعة في الأسرة، ففي الحالات التي يتردى فيها الوضع الاقتصادي للمجتمع يصبح التحصيل المادي أهم فكرة ينشأ عليها الأطفال وقد يتم تربيتهم على العمل منذ الصغر.
- أثر المعتقدات الدينية: تعتبر المعتقدات الدينية المنبع الأساسي للقيم والمبادئ الأخلاقية التي يتعلمها الأطفال ويتربون عليها في معظم المجتمعات، لكن كل معتقد يركز على مبادئ معينة ويعطيها الأهمية الأكبر مما يؤثر بدوره على طريقة تربية الأطفال، فقد تركز بعض المعتقدات على تعليم الطاعة والاحترام وقد يركز بعضها الآخر على أهمية المحبة والرحمة وما على ذلك.
- تأثير العادات الاجتماعية: كذلك يكون لتأثير العادات السائدة في المجتمع تأثير كبير في التنشئة النفسية والاجتماعية والتربوية للأطفال، حيث تستمد بعض الأسس والأساليب التربوية بشكل تقليدي من عادات المجتمع ويتبناها الآباء بشكل آلي دون محاولة التفكير بإيجابياتها وفعاليتها أو سلبياتها.
- تأثير الطبقة الاجتماعية: تؤثر الطبقة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل على فرصه في التعليم والرعاية وعلى الأفكار التربوية التي تطبق عليه من قبل الأهل، فقد ينشأ ابن الطبقة الاجتماعية الغنية والمتعلمة على أهمية التعليم والعمل والسفر وتحقيق الذات، أما أبن الطبقة الأقل حظاً فقد يهتم بشكل أقل بالتعليم ويركز على ممارسة المهن والزواج والإنجاب وما إلى ذلك. [1-2]
- الصداقات: يكتسب الطفل جزء كبير من سلوكه الاجتماعي ويتعلم الكثير من المهارات والأفكار من الصداقات التي يعيشها في مختلف مراحل طفولته، مما يؤثر في صفاته التربوية بشكل كبير منها إيجاباً ومنها ما يكون سلباً.
- التجارب الفردية: قد يمر الطفل بتجربة خاصة في حياته تترك أثراً هاماً في تطور سلوكه التربوي قد تكون إيجابية مثل تحقيق هدف معين أو النجاح أو خوض مغامرة ممتعة، وقد تكون سلبية مثل التعرض للتنمر أو فقدان شخص قريب وغير ذلك.
- الظروف الصحية والنفسية: عندما يمر الطفل ببعض الظروف الصحية يواجه صعوبة في ممارسة الأنشطة الحياتية الطبيعية واليومية التي يعشها أي طفل بسنه، هذا ما يجعله ينشأ ضمن ظروف تربوية خاصة به أحياناً قد يختلف بها حتى عن اخوته، وكذلك بعض الظروف النفسية أو مشاكل الصحة العقلية تؤثر في طريقة نمو وتطور الطفل مما ينعكس على الجانب التربوي له.
- النوع: حيث تختلف الأساليب والأفكار التربوية المطبقة على الطفل بشكل كبير تبعاً لنوعه ذكراً أم أنثى، فأحياناً نجد طفلين لنفس العائلة ذكر وأنثى، لكن لكل منهما نهج تربوي مختلف تماماً على الرغم من العيش بنفس البيئة الاجتماعية والمادية والمدرسية، فالاختلاف في النوع ينتج عنه بالضرورة اختلاف في طريقة التربية وبشكل السلوك التربوي في النهاية.
أصبحت تربية الطفل بوجود التكنلوجيا ووسائل الإعلام أصعب من قبل حيث يتأثر الأطفال بها كثيراً ويكتسبون سلوكيات وأفكار تربوية عديدة من خلالها:
- الرسوم المتحركة: الأطفال الصغار يقضون وقت طويل وهم يشاهدون أفلام الرسوم المتحركة سواء من خلال شاشات التلفاز أو من خلال الموبايل، لذا فهم يتأثرون كثيراً بهذه الرسوم وقد يتعلمون منها قيم تربوية أخلاقية عندما تكون هذه الأفلام هادفة ومنتقاة جيداً من قبل الأهل أو قد تقود الطفل لتعلم سلوكيات غير مقبولة أو سيئة.
- الأفلام والمسلسلات: عندما يبدأ الأطفال بمتابعة الأفلام والمسلسلات، خاصة الأطفال المراهقين، تتأثر توجهاتهم وطريقة تفكيرهم بها بشكل كبير وقد يبدؤون بتبني بعض الأفكار والتصرفات التي تعرض من خلالها ويطبقونها في حياتهم مما يؤثر على عدة جوانب تربوية في سلوكياتهم قد تظهر أحياناً بشكل إيجابي، لكنها في الغالب تميل للسلبية وعدم فهم الأفكار بشكل صحيح وعميق.
- الألعاب الإلكترونية: فالألعاب الإلكترونية أكثر ما يتعرض له الأطفال ويستخدمونه في حياتهم اليومية، وأحياناً يتعلمون منها الإبداع وقوة الخيال ويكون تأثيرها على التربية أحياناً جيد، وأحياناً تؤدي للإدمان والسلوك العدواني والعنف عند الأطفال وتقود السلوك التربوي للطفل للانحدار.
- تطبيقات التواصل الاجتماعي: بوجود العديد والكثير من تطبيقات التواصل الاجتماعي التي قد يستخدمها الأطفال والمراهقون نرى أن المستوى التربوي للأطفال يتأثر بشكل كبير بما يروه ويسمعوه من خلالها ويقلدونه وينجرون ورائه وينحدرون تربوياً وسلوكياً، خاصة إذا لم يتم مراقبتهم بشكل جيد من الأهل.
- مواقع الويب: بعض المنتديات ومواقع الويب التي تستهدف الأطفال والمراهقين تعلم الأطفال أفكار كثيرة غير مقبولة وقد تجرهم لبعض السلوكيات المنحرفة دون وعي منهم لذلك تتأثر تربيتهم بذلك وتصبح ذات مستوى متدني.