خصائص مرحلة الطفولة المبكرة وأهميتها
تتميز مرحلة الطفولة المبكرة بأنها مرحلة تطور ونمو متسارع وتحدث فيها الكثير من المتغيرات، ما يجعلها تقريباً المرحلة الأكثر أهمية في تنمية وتربية الطفل وتكوين شخصيته وطباعه، والتعرف على خصائص وميزات هذه المرحلة يفيد بشكل كبير في فهم دوافع سلوكيات الطفل وتوجيهها، بل حتى توجيه طريقة تفكيره وعواطفه أيضاً، فما هي خصائص مرحلة الطفولة المبكرة وما ميزاتها؟
الطفولة المبكرة هي المرحلة العمرية التي تمتد بين الولادة وعمر سنتين أو ثلاث سنوات، ويرى بعض الباحثين أن الطفولة المبكرة تمتد بين عمر سنتين وست سنوات ولا تشمل مرحلة الرضاعة، حيث لا يوجد اتفاق واضح على تحديد علمي دقيق للمرحلة العمرية التي تشكّل الطفولة المبكرة.
حسب نظرية مراحل النمو المعرفي عند الأطفال لجان بياجيه يمكن تحديد مرحلة الطفولة المبكرة بأنها المرحلة التي تلي مرحلة الرضاعة وتبدأ تقريباً من عمر سنتين مع بداية تعلم المشي وتمتد حتى خمس أعوام أي قبل الدخول للمدرسة، وذلك كون الطفل ينهي المرحلة الحسية الحركية في تطوره المعرفي، ويدخل مرحلة جديدة تسمى مرحلة ما قبل العمليات، ولكنه لم يصل بعد لمرحلة التفكير المادي أو المنطقي ولهذا تسمى مرحلة الطفولة المبكرة.
- النمو المتسارع: أهم ما يميز هذه المرحلة أن الطفل ينمو بشكل متسارع من جميع النواحي الجسدية والعضوية والعاطفية والعقلية، ففي هذه المرحلة يتعلم الطفل المشي، ويصبح لديه قوام يشبه الكبار، كما يتعلم الكلام، والقيام بالكثير من حاجاته دون مساعدة.
- اكتشاف العالم الخارجي: من أهم خصائص مرحلة الطفولة المبكرة أنها المرحلة التي يبدأ الطفل فيها فهم العالم الخارجي والتعرف على مكوّناته والتمايز بين عالمه الداخلي الخاص والعالم الخارجي، ويبدأ ذلك من الفصل الحسي وفهم الرضيع للتمايز بين اصبع قدمه وبين اللهاية مثلاً، ويصل إلى تطور نظرية العقل في نهاية الطفولة المبكرة وفهم أن الشيء الذي يختفي من أمام ناظريه مثلاً ما زال موجوداً حتى وإن لم يره.
- سرعة التأثّر والاستجابة: يتميز الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة بالتأثر السريع بما يتعلمه من أشياء جديدة وما يمر به من مواقف، وينتج عن سرعة الاستثارة هذه سرعة أيضاً في الاستجابة للمثير، وهذا ما يفسر أن الطفل يغضب بسرعة ثم يهدأ بسرعة ويتعلم بسرعة وينسى بسرعة.
- تمركز التفكير حول الذات: يعتقد طفل هذه المرحلة أن منظوره الشخصي هو منظور عام وأن الآخرون ينظرون للأمور بنفس طريقته ويرون ما يراه هو، ولا يمكنه بعد إدراك الاختلافات بينن ميوله ورغباته وقناعاته وأفكاره، وميول ورغبات وقناعات وأفكار الآخرين، وهذا يفسر إلى حد بعيد تصرفاته الأنانية ووجود بعض الصفات النرجسية في هذه المرحلة حسب وجهة نظر مدرسة التحليل النفسي.
- التفكير الحدسي: بمعنى اعتماد الطفل في أفكاره وتقديراته وعملياته الإدراكية على ما يحصل عليه من معلومات من خلال حواسه، فهو لم يتقن بعد العمليات الإدراكية المنطقية التي تعتمد على التجريد والتعميم والاستدلال، فالحقيقة محكومة بما يراه أو يسمعه أو يلمسه أو يشمه أو يذوقه، ولا يمكنه استخدام التصور الذهني لتفسير الأشياء.
- السلوكيات الانفعالية: الاستثارة السريعة التي تميز هذه المرحلة تجعل سلوك الطفل يتصف بالانفعالية، فهو يتصرف بناء على مشاعره ويعبر عنها بشكل مباشر ولا يستطيع كتم المشاعر، وهذا يجعله سريع الغضب والخوف والبكاء والفرح والضحك.
- نمو الأسنان: تنمو أسنان الطفل في بداية مرحلة الطفولة المبكرة، وهذه الميزة بحد ذاتها تتضمن تغيرات عديدة تتعلق بنظامه الغذائي وما يرافقه من عملية الفطام الكامل وتناول أصناف جديدة من الأطعمة، وفي نهاية هذه المرحلة تبدأ عملية تبديل الأسنان.
- تعلم المشي: في عمر العامين تقريباً يكون الطفل قد بدأ يأخذ خطواته الأولى بتعلم المشي بشكل منفرد ودون مساعدة، وهذا التطور يكون له أثر كبير على عمليات التعلم والاكتشاف حول المحيط بالنسبة للطفل.
- تعلم الكلام وتطور المهارات اللغوية: على امتداد مرحلة الطفولة المبكرة يكون الطفل قد بدأ بنطق كلماته الأولى وفهم الكلام الذي يقال أمامه أو يوجه له، ثم يستطيع تركيب العبارات والتعبير من خلالها عن أفكاره ومشاعره ورغباته، ومع نهاية المرحلة يكون الطفل قد تعلم الكلام بشكل كامل.
- تعلم السيطرة على حركة المعدة والأمعاء: في هذه المرحلة وخاصة في العام الثالث تقريباً يصبح الطفل أكثر قدرة على التحكم بحركة الأمعاء والمعدة لديه، وهذا يتيح للأم العمل على تنظيف الطفل وتعليمه الجلوس على قاعدة الحمام، وكيف يقول أنه يريد قضاء الحاجة، والاستغناء بالتدريج عن الحفاض.
- اكتمال البنية الجسدية: في نهاية مرحلة الطفولة المبكرة تكون البنية الجسدية قد اكتملت تقريباً، وظهرت أي عيوب أو مشاكل جسدية يمكن أن يعاني منها الطفل، وبدأ جسديه يأخذ صفاته النهائية التي سوف تستمر معه بعد البلوغ.
- التوحد مع الوالد من نفس الجنس: يرى اتباع مدرسة التحليل النفسي أن الطفل في نهاية مرحلة الطفولة المبكرة يبدأ بإدراك الاختلاف الجنسي من خلال التوحد مع الوالد من نفس الجنس، ويحصل هذا بسبب ملاحظات الطفل لبعض الاختلافات من خلال النظر لشكل ودور كل من الأم والأب ومقارنة ذلك مع نفسه من جهة، ومن خلال تشجيع المحيط للطفل على الاتصاف بصفات جنسه من جهة أخرى.
- كثرة الحركة وعدم الاستقرار: يلاحظ على الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة كثرة الحركة والنشاط، ويفسر ذلك بالرغبة باستكشاف المحيط والتعلم منه، وبالتالي عدم الاستقرار والتغيرات السريعة بناء على الخبرات المكتشفة.
- الرغبة الشديدة بالتقليد: يبدأ الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة بتقليد تصرفات من حوله وخاصة الوالدين، فهو يلاحظ فرحهم عند قيامه بهذا السلوك من جهة، وهو يريد أن يشبع فضوله من خلال تقليد سلوك الكبار من جهة أخرى.
- العناد والمقاومة: تتسم مرحلة الطفولة المبكرة بالعناد فالطفل في هذه المرحلة يكون تفكيره متمركز حول ذاته، فهو لم يتطور بعد لفهم رغبات الآخرين واختلافها عن رغباته، ولم يتعلم عن الأسباب التي قد تحول دون تحقيق ما يريد، فيعاند ويتمسك بأي شيء يريده.
- عدم التمييز بين الصواب والخطأ: خبرات الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة تكون قليلة ومحدودة، فهو لم يجرب الكثير من الأشياء البديهية بالنسبة للكبار ولم يتعلم حول آثارها، وهذا ما يجعل من الصعب عليه التمييز بين الصواب والخطأ قبل أن يجرب.
- كثرة الأسئلة والفضول: يلجأ الطفل في هذه المرحلة للتساؤل عن أي شيء بعد أن يتعلم الكلام ويدرك أن والديه لديهما معلومات أكثر، فمن وجهة نظره أنهما يعرفان كل شيء، وهو يرغب بالتعلم وإشباع فضوله من خلال هذه الأسئلة الكثيرة.
- الرغبة بالثناء: يحب الطفل الصغير في مرحلة الطفولة المبكرة التشجيع ويسعى إليه، وهذا ما يفسره قيامه بالأشياء التي يرغب بها الوالدين ويكافئانه بسببها، ببعض الكلمات الجميلة أو العناق أو التقبيل.
- حب اللعب والمرح: اللعب والمرح من بديهيات مرحلة الطفولة المبكرة، فهو يجد المتعة ويجد التعلم ويجد ملئ الفراغ وتفريغ الطاقة باللعب، وهذا يفسر الرغبة باللعب طوال الوقت عند أطفال هذه المرحلة.
- تطور مهارات التعلم: من أهم التحولات في مرحلة الطفولة المبكرة أن الطفل يبدأ باكتساب بعض مهارات التعلم، وهذا ما يتيح الفرصة للبدء بتعليم بعض الأشياء للطفل مثل طريقة مسك القلم واستخدامه، وحفظ أشكال واصوات بعض الحروف، واستخدام بعض الأدوات.
- اكتساب العديد من القدرات الجسدية والذهنية: في مرحلة الطفولة المبكرة يكتسب الطفل العديد من القدرات مثل القدرة على المشي والجري، والقدرة على الكلام، والاعتماد على نفسه في بعض الأمور، والقدرة على استخدام بعض الأدوات، وهذا يمثل نقلة نوعية في حياة الطفل.
- تكوّن الشخصية: ترى العديد من وجهات النظر بأن الملامح الأولى لشخصية الفرد تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة، من خلال ما يتعلمه ويتأثر به من تجارب ونمط حياة وعادات وأجواء أسرية، وما يمر به من مواقف وحوادث وخبرات، تجعله ينمي طريقة تفكير خاصة به، تميز شخصيته.
- سهولة غرس العادات: يبدي الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة فضول كبير ورغبة بالتقليد والتجريب، وإذا استطاع الأهل استغلال هذه الخاصية في غرس بعض العادات الجيدة مثل العادات الصحية وعادات العناية بالنظافة والترتيب ومواعيد النوم والاستيقاظ والطعام، فمن المحتمل أن تصبح هذه العادات أساسية في شخصية الطفل وتستمر معه بعد البلوغ.
- ظهور الفروق الفردية: في نهاية مرحلة الطفولة المبكرة يمكن تمييز بعض القدرات والفروقات الفردية التي يتميز بها الطفل بشكل واضح، مثل سمات الشخصية الأساسية والميل لبعض الأنشطة الذهنية والحركية والتميز في أداء بعض المهام.