كيفية العدل بين الأبناء وقواعد المساواة في التربية
العدل بين الأبناء يحتاج من الأهل إلى وعي وإدراك لطبيعة الأبناء واختلافاتهم، وفهم لنفسية كل من الأبناء ومتى يكذب كل منهم أو يتصرف بصدق أو يعتدي على حقوق أشقائه، والواقع دائماً ما يقع الأهل في موقف الحيرة حول مدى عدالتهم في التعامل مع جميع أبنائهم، في هذا المقال نتعرف على كيفية العدل بين الأبناء وقواعد المساواة في التربية.
العدل بين الأبناء في التربية يعني اتباع أسلوب تربية قائم على منح الأبناء نفس القدر من الاهتمام والرعاية مع تقدير الظروف الخاصة التي قد يمر بها أحدهم، بمعنى ألا يتم التمييز أو التفضيل لأحد الأبناء من ناحية الحقوق والواجبات من منطلق ميل الوالدين له أكثر من الآخرين، وأن يحصل كل الأبناء على فرص عادلة في الأسرة.
ويمكن القول أن العدل بين الأبناء أمر مختلف عن المساواة، فلا يمكن مثلاً إنفاق نفس القدر من المال على تعليم أو لبس الابن الأكبر والابن الأصغر، فبطبيعة الحال قد تكون ملابس الابن الأكبر أغلى ثمناً بسبب حجمها وصناعتها، وفي نفس الوقت فإن الطفل الصغير قد يحتاج لمصاريف إضافية أكثر من الابن الكبير أحياناً، مثل الحاجة لشراء حاجيات تخص الأطفال.
وعلى هذا النحو فإن العدل في التربية مبني على التعامل مع كل ابن حسب ظروفه وحاجاته وامكاناته، بينا تقوم المساواة على إعطاء نفس الحقوق ونفس الواجبات لكل الأبناء وهذا قد لا يصح دائماً.
- تقدير الأولويات: عند تقديم الأهل لأي شيء للأبناء يجب أن تتم دراسة الأولويات والحاجات من قبلهم أولاً، فلا يمكن مثلاً شراء لعبة غالية الثمن لأحد الأبناء في الوقت الذي يحتاج فيه شقيقه للإنفاق على علاج من مرض أو عارض صحي معين.
- تجنب تمييز أي ولد على أي أساس: العدل بين الأبناء يتطلب تجنب تمييز أحد الأبناء عن أشقائه لأي سبب عدا مقتضيات الحاجة والضرورة، حيث لا يصح التمييز على أساس العمر مثل تمييز الابن الأكبر أو الأصغر، أو على أساس الجنس مثل تمييز الذكر أو تمييز الفتاة، كما لا يجوز التمييز على أساس ميل أحد الوالدين لأحد أبنائها أكثر من أشقائه.
- تحقيق نفس شروط العيش للجميع: يتطلب العدل بين الأبناء أن يسعى الوالدين لتحقيق نفس شروط الحياة الأساسية لكل أبنائهم، مثل السكن، واللباس، والطعام، والتعليم، والصحة، ولا يجوز تمييز أحد عن غيره في هذه الأمور.
- تقديم العاطفة الأبوية بشكل متساوٍ: مهما كانت مشاعر الوالدين تجاه تفضيل أحد الأبناء أكثر من غيره، فيجب أن يسعيا بشكل جدي لتقديم العاطفية الأبوية لكل الأبناء بنفس القدر، حتى لا تنمو غيرة بين الأبناء أو عداء أو كره أو تخريب العلاقة بين باقي الأبناء والوالدين.
- تقديم فرص النجاح في الحياة: من الواجبات الأساسية للوالدين والتي يجب أن يكونا عادلان فيها، هو العمل على تقديم فرص النجاح في الحياة لجميع الأبناء، من المساعدة في التعليم، وتقديم الدعم المهني والعملي، والتشجيع على التطور.
- المعاملة حسب الحاجة التربوية: فكرة العدل تعتبر أكثر مرونة من فكرة المساواة، ففي بعض الأحيان يلجأ الوالدين لعقاب ابن مخطئ وفي المقابل مكافئة الابن المحسن، وهذا لا يعد تمييز وإنما الظروف التربوية فرضت تمييز في موقف محدد.
من أكثر المواقف التي يتم فيها التمييز بين الأبناء هو التمييز بين الذكور والإناث، وكثيراً ما يكون لهذا الأمر آثار نفسية وعاطفية سلبية على علاقة الأبناء ببعضهم، وعلى الرضا العاطفي والنفسي خاصة عند البنات عن حياتهن وتعامل الوالدين معهن، ولتجنب هذا التمييز وآثاره فيجب أن يعرف الوالدان أهم جوانب العدل بين الأبناء الذكور والبنات والإناث.
فالمساواة التامة والكاملة بين الجنسين في التربية كثيراً ما تكون ظالمة لأحدهما وغير صحيحة ولا تتوافق مع بعض الأعراض والعادات الاجتماعية، حيث أنه لكل منهما دور اجتماعي متوقع منه ومتناسب مع قدراته وامكاناته وميوله، وعلى هذا الأساس تختلف الاحتياجات وطريقة التربية الأفضل، فلا يصح مثلاً شراء نفس الملابس للذكر والأنثى، أو التربية على القيام مستقبلاً بنفس الدور الاجتماعي، ومراعاة ذلك من قبل الوالدين يعد من أهم جوانب العدل الحقيقي بين الأبناء والبنات في التربية.
بينما العدل في الحقوق والواجبات يحتاج للمساواة بين الأبناء الذكور والإناث، فكما يحتاج الذكر لدخول المدرسة والتعليم وهذا من حقه، يجب أن تحصل الأنثى على نفس الحق، وكما يعتبر احترام الوالدين وخدمتهما واجب على الذكر، هو أيضاً واجب على الأنثى.
- المساواة في الإنفاق: من أهم جوانب المساواة بين الأبناء، أن يحصل كل منهم على نفس القدر من الانفاق في الجوانب التي تتساوى فيها الحاجات، مثل المصروف اليومي (الخرجية) الحاجات المدرسية، اللباس، الطعام، شراء الألعاب، الهدايا.
- المساواة في التعليم: التعليم حق لجميع الأبناء ومن واجب الوالدين تأمين نفس ظروف التعليم لجميع الأبناء بحيث يحصل كل منهم على نفس القدر من الاهتمام وتتاح له الفرصة ليثبت إمكاناته وقدراته الخاصة.
- المساواة في الرعاية: رعاية الأبناء تتطلب المساواة فيما بينهم في الحصول على نفس القدر من الرعاية والاهتمام، مثل الرعاية الصحية، والتغذية.
- المساواة في التربية: يجب أن تتم المساواة في تربية جميع الأبناء لجهة تعليم الأخلاق والقيم الاجتماعية والأسرية، وتنمية المهارات الفكرية والاجتماعية وقدرات الذكاء ورعاية المواهب، لجميع الأطفال دون تمييز.
- المساواة في التواصل والتفاعل: من أهم الحقوق التي يجب أن تكون متساوية بين جميع الأبناء هي التفاعل والتواصل معهم من قبل الوالدين، ولا يجوز تمييز أحد الأبناء عن أشقائه في هذا الجانب لما قد يكون له من آثار عاطفية ونفسية.
العدل بين الأبناء من ا لأمور الواجبة على المسلم، وقد أوصى النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم بالعدل بين الأبناء وربط بينه وبين تقوى الله وبين البرّ المطلوب من الأبناء تجاه الآباء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقوا اللهَ، واعدِلوا بين أولادِكم؛ كما تحبُّون أن يبرُّوكم" أخرجه بخاري.
وحديث عن المساواة بين البنات والأولاد في التربية عن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلّم فجاء ابن له فقبّله وأجلسه على فخده، ثم جاءت ابنة له فأجلسها بين يديه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلّم: "ألا سويت بينهما".
وقال النبي صلى الله عليه وسلّم أيضاً: " سَوُّوا بين أولادِكم في العطيَّةِ".