فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال
فرط نشاط الغدة الدرقية من الأمراض نادرة الحدوث في مرحلة الطفولة، لكنها من أهم الأمراض التي يتم التقصي عنها عند الأطفال لتأثيره الخطير على النمو الجسدي والعقلي للأطفال ولخطورته في تهديد حياة الطفل، وفيما يلي نتعرف على أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال وأعراضها وعلاجها.
داء جريفز أو غريفز: داء جريفز (Graves' disease) هو مرض مناعي ذاتي يؤثر على عمل الغدة الدرقية ويسبب فرط نشاطها، يعتبر من أكثر أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية شيوعاً عند الأطفال حيث يكون مسؤولاً عما يقارب 90% من حالات الإصابة في عمر الطفولة، وتزداد الإصابة به في فترة البلوغ حيث تكون 80% من حالات الإصابة به عند الأطفال بعد عمر 11 سنة، فمرض غريفز هو حالة يحدث فيها أن الجهاز المناعي يهاجم بعض خلايا الغدة الدرقية بشكل خاطئ ويسبب خللاً بعملها محدثاً ما يدعى بفرط الدرقية، مما يؤدي لإفراز كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية بشكل غير متوازن مع احتياجات الجسم.
التهاب الغدة الدرقية: يحدث التهاب الغدة الدرقية عند الأطفال لعدة أسباب منها العدوى والتعرض لضربة على مكان الغدة الدرقية، وكذلك قد يكون التهاب الدرقية من الأعراض المبكرة لبعض أمراض المناعة الذاتية مثل داء هاشيموتو، عندما يحدث التهاب في الغدة الدرقية عند الأطفال تقوم الغدة بطرح كمية كبيرة من هرموناتها في الدم فتظهر أعراض فرط نشاط الدرقية عند الطفل، تستمر أعراض فرط نشاط الدرقية بشكل مؤقت إذا تم علاجها بشكل صحيح وأحياناً قد تتلاشى من تلقاء نفسها، لكن في بعض الأحيان قد يتبع هذا الفرط بنشاط الغدة الدرقية حدوث قصور غدة درقية تالي للإصابة بالالتهاب عند الطفل خاصة في حال عدم الخضوع لعلاج مناسب.
مرض هاشيموتو: أو داء هاشيموتو (Hashimoto's disease) هو مرض مناعي ذاتي يسبب التهاب الغدة الدرقية، يترافق مع فرط مؤقت بنشاط الغدة الدرقية يتبعه قصور في عمل الغدة الدرقية.
عقيدات الغدة الدرقية: عقيدات الغدة الدرقية هي أورام أو كتل تحدث بشكل غير طبيعي في خلايا الغدة الدرقية، تكون من الأسباب الأقل شيوعاً لفرط الدرقية عند الأطفال، تؤدي لإنتاج كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية وحدوث فرط بنشاط الغدة الدرقية، تكون معظم حالات عقيدات الغدة الدرقية حميدة وغير سرطانية.
تناول كميات زائدة من اليود: على الرغم من أهمية عنصر اليوم لصحة الغدة الدرقية عند الأطفال إلا أن الكميات الزائدة المبالغ بها منه في الطعام اليومي للطفل أو عن طريق مكملات اليود قد تسبب له مشاكل عديدة في الغدة الدرقية بما في ذلك حدوث فرط نشاط في الغدة الدرقية.
- التعب والإرهاق: فعلى الرغم أن الطفل المصاب بنشاط في الغدة الدرقية تزيد لديه حالة الطاقة والحركة ويكون لديه فرط نشاط، إلا أنه قد يعاني من ضعف في العضلات تسبب له سرعة في الشعور بالتعب والإرهاق.
- تسرع دقات القلب: تؤثر هرمونات الغدة الدرقية على عمل القلب وتسبب تسرع معدل نبضات القلب في حال تواجدها بالدم بنسب عالية، لذا يكون من أبرز أعراض فرط نشاط الدرقية عند الأطفال وجود تسرع بالقلب.
- تغيرات في النمو: يعاني الأطفال الكبار والمراهقين المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية من مشاكل نمو غالباً تتظاهر بتسارع نمو جسدي وتقدم العمر العظمي، والعمر العظمي هو مؤشر لنمو الأطفال يطلبه الأطباء عادة لتقصي وجود مشاكل تؤثر على قامة الطفل ونموه.
- اعتلال العين: يعاني تقريباً ثلث المصابين بداء جريفز من الأطفال من اعتلال العين، وهو اضطراب مناعي التهابي يسبب التهاب الأنسجة المحيطة بالعين وتراجع الجفن العلوي وانتفاخ العينين وتورمهما.
- مشاكل النوم: هرمونات الغدة الدرقية تسبب حالة من زيادة نشاط العمليات الحيوية في معظم أجهزة الجسم، هذا ما يزيد حالة اليقظة والطاقة ويسبب قلة النوم والإصابة بالأرق وباضطرابات النوم عند الأطفال أو المراهقين المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية.
- الارتعاش اللاإرادي في الأطراف: الجهاز العصبي أيضاً من أهم الأجهزة المتأثرة بفرط نشاط الدرقية وارتفاع هرموناتها في الدم، لذا غالباً يظهر لدى المصابين من جميع الفئات العمرية، بما فيهم الأطفال والمراهقين، حالة من الارتعاش اللاإرادي في الأطراف.
- فرط النشاط بشكل عام: كذلك من أبرز أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال هي حالة من فرط النشاط الحركي، يكون فيها الطفل كثير الحركة والحيوية والنشاط وقد يجد صعوبة في الهدوء والجلوس ساكناً.
- شهية عالية مع نقص وزن: بسبب زيادة وتيرة وسرعة الاستقلاب في الجسم عند الإصابة بفرط نشاط الدرقية تحدث حالة من زيادة الشهية تجاه الطعام بالترافق مع نقص في الوزن قد يكون شديد في بعض الحالات.
- أعراض أخرى: يعاني كثير من الأطفال المصابين بفرط الدرق من تراجع ملحوظ في الأداء الدراسي، وكذلك قد يلاحظ جحوظ واضح في العينين، ويحدث حالة من عدم تحمل الحرارة والتعرق، كما تزداد وتيرة حركة الأمعاء مما يسبب إسهال في بعض الحالات، كما يعاني الأطفال المراهقين من حالة عدم استقرار عاطفي.
- استئصال الغدة الدرقية جزئياً أو كليّاً: الجراحة قد تكون جراحة استئصالية للغدة الدرقية للتخلص من تأثير فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال والمراهقين الذين لا يبدون تحسناً في العلاج الدوائي بعد مرور 18-24 شهراً من العلاج، أو الذين يعانون من آثار جانبية للدواء.
- جراحة الغدة الدرقية: وكذلك قد تجرى الجراحة في بعض حالات التهاب الدرقية لتصريف الخراج الحاصل، كما أن الجراحة قد تكون خياراً لعلاج عقيدات الغدة الدرقية السامة عند الأطفال والمراهقين بالاستئصال.
- أدوية مضادات الدرقية: تعطى الأدوية المضادة للدرق بهدف تقليل إنتاج الغدة الدرقية للهرمونات المعتادة التي تؤثر في الجسم وتسبب ظهور الأعراض، أشهر هذه الأدوية دواء يدعى الميثيمازول Methimazole، وهناك أدوية أخرى أيضاً، تعطى بحسب عمر الطفل وشدة حالته بما يراه الطبيب مناسباً.
- المضادات الحيوية: وذلك في حالة علاج التهاب الغدة الدرقية الحاد، قد يوصى بإعطاء المضادات الحيوية عن طريق الفم أو الوريد، ويوجد أنواع عديدة للعلاج منها الأموكسسلين، بجرعات مناسبة لعمر الطفل.
- أدوية السيطرة على ضغط الدم: بما أن فرط الغدة الدرقية يؤثر بشكل خطير في صحة القلب وضغط الدم قد تعطي أدوية مخصصة تسيطر على ضغط الدم وتعيده للحدود الطبيعية وتبطء معدل ضربات القلب لدى الأطفال والمراهقين المصابين بفرط الدرقية وأيضاً تكون مساعدة في تقليل الارتعاش، وقد توقف هذه الأدوية من قبل الطبيب بعد السيطرة على المشكلة بأدوية مضادات الدرقية.
- اليود المشع: اليود المشع هو أحد أنواع العلاجات الإشعاعية التي تهدف إلى تخريب الغدة الدرقية في الحالات الشديدة من فرط الدرقية التي لا يستجيب فيها الطفل للعلاجات الأخرى، وهي طريقة تستخدم مع الأطفال بعمر أكثر من 10 سنوات.
تتباين خطورة مشكلة فرط الغدة الدرقية عند الطفل بحسب عدة عوامل منها سبب حدوث المرض وفترة ظهوره ومدى القدرة على علاجه، وفي العموم يسبب فرط الدرقية أضرار عديدة على صحة الطفل خاصة لو بقي فترة طويلة دون علاج.
كم أهم مضاعفات فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال:
- فشل النمو السليم: فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال يسبب تسريع جميع وظائف الجسم على مستويات عالية مما يسبب اختلالات في عملية النمو السليم تظهر عند الطفل بمشاكل جسدية وهرمونية وعقلية ذهنية تختلف بحسب عمر الطفل، فقد يسبب ذلك مشاكل في التطور الجنسي عند الأطفال بعمر البلوغ والمراهقة، كما أنه يضعف النمو العقلي والإدراك السليم عند الأطفال الصغار ويخل بالنمو الجسدي ونمو العظام وما إلى ذلك.
- تراجع الأداء الذهني: نتيجة المشاكل المتعددة في النمو التي تترافق مع فرط الدرق عند الأطفال، خاصة تلك التي تؤثر على نمو الدماغ، يحدث ضعف ملاحظ في قدرات الطفل على التركيز والانتباه وقلة في الذكاء والإدراك مما ينتج عنه تراجع في الأداء الأكاديمي والدراسي وفي أداء الأنشطة اليومية المعتادة بشكل عام.
- خطر حدوث إعاقات ذهنية: يمكن في بعض الحالات حدوث إعاقة ذهنية واضحة عند الطفل الذي يعاني من حالة فرط نشاط الغدة الدرقية شديد غير معالج لفترة طويلة، حيث يعاني عندها الطفل من تراجع عقلي حاد يتمثل بمحدودية قدرات ذهنية عقلية.
- قصر القامة: حيث يمكن أن يسبب فرط نشاط الغدة الدرقية نمو سريع للطفل في البداية لكنه يتوقف عن النمو بسن مبكر أيضاً، مما قد يعرض الطفل لقصر في القامة عند توقف النمو.
- مشاكل تطور جنسي: ترتبط هرمونات الغدة الدرقية بالوظائف الجنسية عند كلا الجنسين وأي خلل في نسب هذه الهرمونات يسهم بظهور مشاكل جنسية عديدة قد تتجلى عند الأطفال بخلل وتأخر نمو جنسي مثل تأخر البلوغ إلى أن يتم العلاج، وفي حال عدم العلاج تحدث مشاكل جنسية في مراحل لاحقة من الحياة خاصة عند الذكور.
- تهديد الحياة: في الحالات الشديدة غير المعالجة من فرط نشاط الدرقية عند الطفل تصبح حالة مهددة للحياة، حيث أنها تؤثر على عمل القلب وتسبب ارتفاع شديد في ضغط الدم ينتهي بالوفاة.
الإجابة هي نعم يمكن الشفاء من زيادة نشاط الغدة الدرقية، لكن يعتمد ذلك على عدة عوامل مختلفة، منها عمر الطفل وفترة الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية وشدة الإصابة ومدى دقة التشخيص ونوع النهج العلاجي المستخدم ومدة الالتزام بالعلاج الموصوف وغيرها، فكلما اكتشف المرض بمرحلة عمرية أصغر كلما كان الشفاء منه أكثر نجاحاً.
فمثلاً لو كان سبب نشاط الغدة الدرقية هو التهاب الغدة الدرقية يكون العلاج بالمضادات الحيوية لفترة معينة كافياً لعلاج المشكلة بشكل كامل والتخلص من أعراض فرط الدرقية.
وكذلك قد يشفى الأطفال الكبار من فرط النشاط في الغدة الدرقية بعد العلاج لفترات معينة على أدوية مضادات الدرق، لكن تكون لديهم نسبة عالية للنكس ورجوع أعراض المرض حتى بعد الشفاء.
وبالعموم كلما كانت دقة التشخيص أعلى وفترة التشخيص أبكر وزادت القدرة على الالتزام بنهج علاجي صحيح ومناسب، كلما كان هناك احتمال أعلى لشفاء الطفل من فرط نشاط الدرقية.