هل الخيانة دليل على عدم الحب وهل يجتمع حبٌّ وخيانة!
في أغلب الحالات تكون الخيانة دليلاً على تغيّر المشاعر أو فتورها، فخيانة الحبيب تعد من أقسى التجارب العاطفية التي قد يمر بها أي شخص، وهي تمثل جرحاً عميقاً يصعب ويطول شفاؤه، ولهذا يتساءل من تعرض لهذه التجربة، هل الخيانة دليل على عدم الحب وهل يمكن لمن يجب بصدق أن يخون؟ نناقش هذه المعضلة في الفقرات التالية.
الخيانة قد تصدر أحياناً عن شخص محب وهي ليست دليلاً قاطعاً على عدم وجود مشاعر الحب، فكثيراً ما يكن الشريك الخائن مشاعر الحب الحقيقي والخوف من الخسارة تجاه شريكه، ويتمثل هذا كثيراً في حالات الندم من قبل الخائن والقبول بجميع الشروط طلباً للصفح والسماح، والتبرير بأن فعلته كانت نزوة عابرة أو سلوك غير محسوب بناء على مبررات بعضها منطقي والآخر لا يمت للمنطق بصلة.
لا يمكن الجزم بشكل قطعي في جميع الحالات أن الخيانة هي دليل صريح على عدم الحب، فأسباب الخيانة متغيرة ومتنوعة تبعاً لكل حالة على حدة ولو أنها قد تتشابه في معظمها، فمن هذه الأسباب ما يتعلق بالممل والروتين وأحياناً بالطبيعة الشخصية للطرف الخائن ومرات أخرى بطبيعة العلاقة ومدى التفاهم والانسجام بين الحبيبين، بالإضافة طبعاً لمواقف عديدة ومبررات غير متناهية قد تؤدي بأحد طرفي العلاقة للتورط بالخيانة.
لكن بنفس الوقت في أحيان كثيرة قد تنتج أفعال أو حالات الخيانة في العلاقة عن عدم وجود هذا الحب من الأساس أو تلاشيه مع الوقت، مثل الأشخاص المتلاعبين الذين يدخلون بعلاقات عاطفية من باب التسلية، أو ضعاف النفوس الانتهازيين الذين يستغلون العلاقات العاطفية للحصول على مآرب مشبوهة مادية أو جنسية أو غيرها، ما يلبث أن يغير هؤلاء نواياهم ويدخلون في علاقات خيانة من باب التغيير والمتعة، وفي سياق متل فإن الوقت في العلاقة العاطفية قد يسبب الفتور والملل، وهذا مع التعرض لبعض الإغراءات العاطفية أو الجنسية أو المادية قد يؤدي لارتكاب الإنسان لأفعال الخيانة.
وفي جميع الحالات فإن صدمة الخيانة تجعل ضحية الخيانة في حالة عاطفية مضطربة ومتخبطة، غالباً ما تتجلى بعدم الاستيعاب أو الفهم والتصديق لما حدث، وينتج عن ذلك تساؤلات واستفسارات عديدة حول الحقائق المرتبطة بهذا الفعل المؤذي، وأهم هذه الأسئلة (هل ما زال يحبني؟ هل يمكن لمن يحب أن يخون؟ هل الخيانة معناها أنه لم يعد يحبني؟ وهل الخيانة دليل على عدم الحب؟)
ماذا الخيانة رغم وجود الحب؟ الخيانة هي سلوك غير أخلاقي وغير محسوب وغير مسؤول، وإن كان الحب الصادق من العوامل التي تمنع الزوج من خيانة الزوجة -والعكس- فإنه وحده لا يكفي، لأن الخيانة في الحب أو الزواج ترتبط بأخلاق الخائن لا بمشاعره! ومن الأمور التي تجعل الخيانة ممكنة حتى مع وجود الحب الصادق:
- التسامح الذاتي مع الخيانة: إن السبب الرئيسي للخيانة في الحب أو الزواج هو القدرة على تحوير فعل الخيانة والتقليل من مساوئه وخلق المبررات حتى يقل التعارض بينه وبين المنظومة الأخلاقية الذاتية للطرف الخائن، وصولاً إلى التسامح الذاتي مع فعل الخيانة بوصفه قهرياً أو مبرّراً، وهذا لا يرتبط أبداً بمقدار الحب أو قوته أو عمق المشاعر وصدقها، بل يرتبط بتربية الشريك الخائن ومبادئه ومعاييره الأخلاقية، وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه مع جميع الانحرافات الأخلاقية التي يعجز عن مواجهتها.
- عدم القدرة على مقاومة المغريات: الإنسان ضعيف أمام رغباته وأمام المغريات التي تلبي هذه الرغبات، وهذا ما يفسر أفعال كثيرة غير أخلاقية مثل السرقة أو التحرش أو الإدمان أو حتى الخيانة، فقد يتعرض الشخص لعروض ومواقف، تبدأ على هيئة علاقات ومجاملات اجتماعية ما تلبس لتتحول لخيانة ما لم يستطيع الشخص وضع حد لهذه المغريات.
- الملل والروتين في العلاقة: حتى مع وجود مشاعر الحب الحقيقية فإن الوقت والروتين اليومي وعدم وجود تجديد في حياة الشريكين غالباً ما يسبب مشاعر الملل والضجر عند أحدهما، وهذه المشاعر تجعل الشخص ضعيف أمام الرغبة بالتغير والتجديد فيسمح لنفسه للقيام ببعض الأشياء من باب التغير ظناً منه أنه سوف يتمكن من التوقف عند حد معين قبل الغوص في الخيانة، ولكن غالباً ما يفشل في تحقيق الانضباط المزعوم ويجد نفسه تحول لشخص خائن.
- كثرة المشاكل في العلاقة: وجود المشاكل بين الشريكين في العلاقات العاطفية أو الزوجية، يسبب حالة من الاضطراب والملل والتعب النفسي، وخاصة تلك المشاكل طويلة الأمد والتي لا يبدو لها حلول واضحة، وهذا الشعور بالتعب النفسي يجعل الشخص بحاجة لأن يتفاعل مع من يقبله على طبيعته على ما هو عليه، ويتمكن من الحديث معه دون مشاكل وحدود ومسؤوليات، وهنا قد يتعرف الشخص على من يلبي هذه الحاجات، وينغمس معه في خيانة شريكه رغم حبه له.
- عدم الرضا عن العلاقة: الكثير من العوامل قد تسبب حالة من عدم الرضى عن العلاقة لدى أحد طرفيها مثل المسؤوليات والمشاكل وعدم ممارسة الشريك لدوره بالشكل الأفضل أو عدم القيام بواجباته أو وجود فجوة عاطفية بين الشريكين لأي سبب كان، وعدم الرضى هذا غالباً ما يسبب البحث عن علاقة جديدة من باب التغير أو الترويح عن النفس رغم وجود حب حقيقي بين الشركين، وهذا غالباً ما يوصل الشخص للخيانة.
- المبررات الشخصية: للكثير من الأسباب كالطبيعة الشخصية والظروف الاجتماعية أو حتى التربوية والأخلاقية، قد يبرر بعض الأشخاص لنفسه الدخول في علاقات متعددة من باب التسلية أو الترفيه أو التغير، وقد يبرر ذلك بأنه لا يؤذي أحد وسوف يحافظ على علاقته بالشريك وعلى انضباط عاطفي لديه، وغالباً ما يجد نفسه ينساق أكثر ويغرق في سلوكيات الخيانة.
- أسباب نفسية: الدوافع النفسية كثيرة ولا يمكن حصرها أو تحديد بشكل دقيق كيف تؤثر على صاحبها وتحرك سلوكه، ومن الدوافع النفسية للخيانة هي البحث عن الثقة بالنفس وأثبات الذات من خلال الدخول في علاقات جديدة يجد نفسه فيها مقبول ومحبوب من قبل الجنس الآخر.
- التحدث بصراحة: يجب عليك التحدث مع الحبيب بصراحة ومن دون تهويل أو تهديد، وأن تعرض له المشاعر التي تعاني منها وتطلب منه الإجابة عن بعض الأسئلة الصريحة، وذلك لتحقيق أرضية من التفاهم يمكن أن تبنى عليها أسس العلاقة الجديدة بعد الخيانة، وذلك طبعاً إذا كان الحبيب الخائن لديه رغبة في استعادة العلاقة وإصلاح الموقف.
- إظهار قوتك الشخصية: من الجيد أن تظهر للحبيب أنك تحب نفسك وتحترم نفسك، وأن لديك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، كن واثقًا من نفسك وأظهر للحبيب أنك قوي ومتزن، فالمظهر الضعيف أمام الحبيب الخائن الذي تتمثل تصرفاته بالملاحقة والترجي وإذلال الذات أو لومها على أشياء لست بالضرورة مخطئ بها، يحول العلاقة إلى شكل من اشكال العلاقات السامة، حيث يصبح لدى الحبيب الخائن جرأة أكبر على الخيانة بشكل دائم سواء بدافع السيطرة أو عدم الخوف من العواقب، أما إظهار القوة والاتزان يجعله يشعر بما قد يخسره في حال انهاء العلاقة من قبلك أو العودة لتصرفات الخيانة من قبله.
- تحديد الخطوط الحمراء: من الأفضل أن تحدد ما هي الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، وأن تعرضها على الحبيب بصراحة، ففي حال التخطيط للعودة بعد الخيانة أو المسامحة على هذا السلوك مهما كنت ترغب بذلك، يجب تحديد هذه الخطوط الحمراء وعدم التنازل عنها حتى لو أدى ذلك لإنهاء العلاقة برمتها، فهذا سوف يظهر للحبيب الخائن بأن لديك شخصية قوية وواضحة تعرف ما الذي تريده وكيف تخطط لحياتها، وبالتالي كسب احترام أكبر من قبله ورغبة أكبر في إصلاح العلاقة.
- بناء الثقة من جديد: العودة بعد الخيانة والتسامح بها مسألة ليست سهلة، فالثقة التي تعتبر عماد أي علاقة تكون قد اهتزت وتزعزعت نتيجة هذه الخيانة، والتخطيط لإرجاع الحبيب الخائن لن ينجح مع وجود الشك من جهة أو استمرار الكذب والخيانة من جهة أخرى، وهنا تظهر الحاجة الماسة لإعادة بناء الثقة والرغبة الصادقة من قبل الطرفين بذلك، وفي حال لم يكن يوجد مجال لإعادة بناء هذه الثقة فمن الأفضل الانفصال وعدم الانغماس أكثر في علاقة سامة ومؤذية.
- فحص العلاقة بشكل جدي: أيضاً من النصائح الهامة عند الرغبة في استعادة العلاقة بعد الخيانة هو أن تفحص العلاقة بشكل جدي وأن تتساءل إذا كانت تستحق المحاولة، وأن تتأكد من أن الحبيب يشعر بالندم على ما فعله ويتعهد بعدم تكراره.
- الخيانة الجنسية: وهي الخيانة التي يتمثل في الخروج عن الالتزامات الجنسية الحصرية مع الشريك والتعامل مع شخص آخر بشكل جنسي، وهذا النوع من الخيانة يعتبر من أكثر الأنواع أذى للآخر، فبالإضافة للأذى العاطفي والنفسي الذي يسببه، يمكن أيضاً أن يسبب أذى جسدي مثل نقل أمراض جنسية أو التسبب بالهجران والحرمان من هذه العلاقة.
- الخيانة العاطفية: تتمثل الخيانة العاطفية بالاتصال العاطفي مع شخص آخر بطريقة تتعدى الصداقة العادية، وتشمل الأمور الرومانسية والمشاعر العاطفية، وغالباً ما تقابل هذه المشاعر نشوء فجوة مع الشريك الأساسي والشعور بالفتور والملل والتعامل فقط بالواجب وربما التقصير به أحياناً.
- الخيانة المالية: وهذا النوع أصبح أكثر انتشاراً في هذه الأيام نتيجة استغلال البعض للعلاقات العاطفية للكسب المادي، فنجد الرجل مثلاً يدخل في علاقة عاطفية تستغله من خلالها أحد النساء ذات الأخلاق الفاسدة ما يؤدي به لحرمانه منزله وزوجته أو خطيبته من بعض الحقوق لحاجته المادية لإرضاء علاقته الجديدة.
- الخيانة الرقمية: هذه النوع من الخيانة أيضاً زاد انتشاره مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصال وتطبيقات التعارف ويتجلى هذا النوع في التعامل بشكل غير لائق أو غير أخلاقي على الإنترنت مع أشخاص آخرين، وتشمل الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية والدردشة عبر الإنترنت.