أعراض قصور الغدة الدرقية عند الأطفال والمراهقين وعلاجه
تفرز الغدة الدرقية أحد أهم الهرمونات التي تنظم سرعة عمل خلايا الجسم، وهو هرمون التيروكسين T4، لذا تلعب الغدة الدرقية دوراً حاسماً في عملية النمو والتطور عند الأطفال، فيكون قصور الغدة الدرقية من المشاكل ذات الخطورة على نمو الأطفال جسدياً وعقلياً وحتى نفسياً، ومن هنا تأتي أهمية فهم أسباب قصور الدرقية عند الأطفال وطرق الكشف عنه وعلاجه.
- ما هو سبب مرض قصور الغدة الدرقية عند الأطفال؟
- أعراض خمول الغدة الدرقية عند الأطفال
- تشخيص قصور الغدة الدرقية عند الأطفال والمراهقين
- علاج نقص إفراز الغدة الدرقية عند الأطفال والمراهقين
- مخاطر ومضاعفات خمول الغدة الدرقية عند الأطفال والمراهقين
- هل يمكن الشفاء من قصور الغدة الدرقية عند الأطفال؟
- المصادر و المراجع
- داء هاشيموتو(Hashimoto's Disease): داء هاشيموتو أو التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو هو التهاب مناعي ذاتي يسبب انخفاض مزمن في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا الغدة الدرقية بشكل خاطئ مسبباً تخريباً تدريجياً بها ويقل الهرمون الدرقي المفرز منها مع الوقت، يكون داء هاشيموتو مسؤولاً عن نسبة كبيرة من حالات الإصابة بقصور أو خمول الدرقية عند الأطفال والمراهقين، حيث تصل إلى ما يقارب 50% من نسبة الأطفال المصابين بقصور الدرقية، وهو أكثر شيوعاً بفترة المراهقة وعند الفتيات أكثر من الذكور، ويمكن أن يحدث عند الأطفال الأصغر سناً بعد السنوات الأولى من الحياة.
- نقص اليود: الأطفال الذين يعيشون بنظام غذائي مقيد وفقير والذين لا يحصلون على نظام غذائي متكامل ومدعوم بمنتجات اليود لفترة طويلة معرضين لقصور الغدة الدرقية في مرحلة ما من الطفولة، ويعتبر كذلك من أشيع أسباب مرض خمول الغدة الدرقية عند الأطفال على مستوى العالم.
- استخدام بعض الأدوية: بعض الأدوية التي تعالج فرط الدرقية عند الأطفال قد تسبب الإصابة بقصور درقية نتيجة عدم ملائمة الجرعة لعمر الطفل وحالته وما إلى ذلك، كما يوجد أنوع أخرى من الأدوية تؤثر على عمل الغدة الدرقية مثل دواء الأميودارون (Amiodarone)، المستخدم لتعديل اضطرابات نظم القلب، وكذلك دواء الليثيوم Lithium المستخدم لعلاج بعض الاضطرابات العصبية النفسية مثل اضطراب ثنائي القطب.
- العلاج الإشعاعي: الغدة الدرقية حساسة جداً للإشعاع، لذا تسبب بعض العلاجات الإشعاعية في منطقة الرقبة والرأس والصدر في مرحلة الطفولة حدوث قصور مزمن في الغدة الدرقية عند الأطفال قد تكون مؤقتة أو دائمة، لكنها أيضاً أسباب أقل شيوعاً من الأسباب السابقة.
- جراحة إزالة الغدة الدرقية: جراحة إزالة الغدة الدرقية المجراة لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية غير المستجيب للعلاجات الدوائيةـ يعتبر من الأسباب قليلة الشيوع لقصور الغدة الدرقة الدائم عند الأطفال.
- تباطؤ الطول: من أبرز العلامات المبكرة لقصور الدرقية في فترة الطفولة والمراهقة هي ضعف النمو الطولي والميل لقصر القامة والتعرض للقزامة عند الأطفال، وذلك لأن هرمون الغدة الدرقي يلعب دور بالنمو العظمي وتطور الهيكل العظمي، كما يؤثر هرمون الدرقية في عمل هرمون النمو، لذا عند غياب الهرمون من الغدة الدرقية لأي سبب يتعرض الطفل لمشاكل في النمو أبرزها ضعف النمو الطولي.
- تأخر البلوغ: كذلك يؤثر خمول الغدة الدرقية بمرحلة الطفولة على عملية البلوغ، حيث يلعب الهرمون الدرقي دور هام في عملية التطور الجنسي والبلوغ، لذا عند نقصه بسبب خمول الدرقية تتأخر عملية البلوغ وتحدث عدة مشاكل متعلقة بالبلوغ، مثل تعرض المراهقات المصابات لفترات حيض ثقيلة وغير منتظمة.
- زيادة وزن: تصبح عملية الاستقلاب والتمثيل الغذائي والأيض في الجسم أقل من المفترض، مما ينتج عن حرق السعرات الحرارية بشكل أقل من المعتاد وزيادة في الوزن، كما يتسبب قصور الدرقية باحتباس السوائل والملح داخل الجسم وهذا كذلك يلعب دوراً بظهور وزن زائد عند الأطفال المصابين.
- التعب والخمول: الإصابة بخمول الغدة الدرقية يعني أن سرعة الاستقلاب في الجسم تكون بطيئة وذات وتيرة منخفضة، وهذا يعني أن إنتاج الطاقة في الجسم التي تدعم النشاط والحيوية يكون بحدوده الدنيا، مما يسبب خمول وكسل وسرعة وسهولة في التعب على الرغم من صغر السن بالنسبة للأطفال.
- الدُّراق أو تضخم الدرقية Goiter: قد ينتج عن خمول الدرقية تضخم غير طبيعي للغدة الدرقية يدعى أيضاً الدراق Goiter عند الأطفال والمراهقين، أو تظهر كتلة في مقدمة الحلق.
- مشاكل النمو: خمول الغدة الدرقية غير المعالج عند الأطفال الذي يستمر لفترات طويلة يؤدي لمشاكل في النمو على مختلف الأصعدة، الجسدية منها والعقلية والإدراكية وحتى النفسية، خاصة لو بدأ المرض في مراحل الطفولة المبكرة.
- أعراض أخرى: وهي أعراض عامة تظهر عند مصابي خمول الدرقية من معظم الفئات العمرية، منها جفاف وسماكة وتقشر الجلد، هشاشة وجفاف الشعر، خشونة الصوت والكلام الأجش البطيء، تعابير وجه باهتة ومتعبة، إمساك، عدم قدرة على تحمل البرد، الاكتئاب.
- قياس هرمون TSH في الدم: هرمون TSH أفضل مؤشر على وظيفة الغدة الدرقية وهو الاختبار الأكثر أهمية في كشف مشاكل الدرقية، يفرز هذا الهرمون من الغدة النخامية الموجودة في قاعدة الدماغ، ويحفز الغدة الدرقية على إفراز هرموناتها في الدم، لذا يكون ارتفاع هرمون TSH في الدم دليل على حاجة الغدة الدرقية لمزيد من التحفيز، مما يعني قصور في الغدة الدرقية، كذلك قد ينخفض هذا الهرمون بشكل زائد عن اللازم كدليل على قصور الغدة الدرقية المركزي، وهو قصور يحدث بسبب وجود مشكلة في عمل الغدة النخامية، مما يسبب قلة في تحفيز الدرقية وقصور غير مباشر في عملها.
- قياس T4الحر: الثيروكسين الحر هو هرمون الغدة الدرقية T4 الموجود في الدم والجاهز ليستخدم من قبل الأجهزة الحيوية والأعضاء، تكون مستويات هرمون الغدة الدرقية T4 أو الثيروكسين الحر في حالات قصور الدرقية منخفضة، وهذا دليل على وجود مشكلة في الغدة الدرقية يقلل من إفراز الهرمون، عادة ما يكون هذا التحليل مرادف لتحليل TSH.
- اختبار الأجسام المضادة الذاتية للغدة الدرقية: وهو اختبار مقايسة مناعي يتم به التحري عن وجود أجسام مضادة لبروتينات تفرزها الغدة الدرقية تدعى بيروكسيداز الغدة الدرقية أو TPO وذلك لتشخيص وجود حالة التهابية وتشخيص داء هاشيموتو الذي يسبب قصور في الغدة الدرقية، وعادة يترافق التحليل مع التحاليل التشخيصية الأخرى لهرمونات الدرقية مثل TSH و T4 و T3.
- الرنين النووي المغناطيسي MRI: يساعد الرنين النووي المغناطيسي الدماغ في التأكد من وجود مشاكل في الدماغ تؤثر على عمل الغدة النخامية التي بدورها تسبب قصور في عمل الدرقية بشكل مركزي.
- الأمواج فوق الصوتية: تستخدم الأمواج فوق الصوتية لفحص قصور الدرقية عند الأطفال في حال التماس تضخم أو عدم تناسق حجم ومكان الغدة الدرقية، مما يساعد في فحص طبيعة المشكلة الحاصلة في الدرقية هل هي فرط نشاط أم قصور وخمول أم التهاب مناعي، وكذلك يكون بالترافق مع التحاليل الخاصة بهرمونات الغدة الدرقية لوضع تشخيص دقيق.
يعتمد علاج قصور الغدة الدرقية على تعويض الهرمون الدرقي الطبيعي بهرمون صناعي دوائي يعطى على شكل حبوب بجرعات مختلفة بحسب العمر المعالج، ويدعى العلاج التعويضي.
يدعى هذا الدواء، ليفوتيروكسين Levothyroxine، وهو بديل هرموني صناعي عن هرمون الثيروكسين Thyroxin أو T4 الطبيعي الذي ينتج من الغدة الدرقية بالحالة الطبيعية وهو الهرمون الأساسي للغدة الدرقية، يتحول هذا الهرمون داخل الجسم إلى الشكل النشط من الهرمون الدرقي، والذي يدعى ثلاثي يود الثيرونين Triiodothyronine أو T3، ثم يقوم بجميع الوظائف الطبيعية المفترضة للهرمون الدرقي ويعيد حالة التمثيل الغذائي أقرب ما يمكن إلى الحالة الطبيعية المفترضة.
تكون جرعة الدواء مختلفة من طفل لآخر حسب عمره وشدة حالته ووزنه ونظامه الغذائي وما إلى ذلك، كما تختلف الجرعة بين طفل مصاب بقصور درقية خلقي أو قصور درقية مكتسب، حيث يجري الطبيب المختص عدة فحوصات وتقييمات سريرية يعتمد عليها في تحديد الجرعات المناسبة من دواء ليفوثيروكسين للطفل المصاب بقصور الدرقية، كما أن الجرعة تتغير عند الانتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى، لذا تتغير الجرعة بشكل مستمر أثناء الطفولة والمراهقة بسبب النمو والتغير الحاصل في نمط التمثيل الغذائي، فيبقى العلاج بعملية مراقبة دورية.
ويكون هناك تعليمات معينة ضرورية عند العلاج بدواء ليفوثيروكسين لقصور الغدة الدرقية، أهمها هو الالتزام بتوقيت الجرعة نفسه بشكل يومي، والذي ينصح أن يكون صباحاً على معدة فارغة قبل 30 دقيقة من تناول وجبة الإفطار، كما يفضل عدم جمع وقت تناول الدواء مع طعام أو مكملات تحوي كالسيوم أو حديد أو تراكب الصويا لأنها تقلل امتصاص دواء ليفوثيروكسين، كما يجب إيقاف مكملات البيوتين B7 بشكل كامل عند استخدام دواء ليفوثيروكسين.
معظم الأطفال الذين يتلقون علاج صحيح لقصور الغدة الدرقية يحققون نمو وتطور طبيعي، لكن خطورة المضاعفات تحدث في الحالات غير المعالجة أو المكتشفة لوقت طويل أو التي لا يتم الالتزام بعلاجها بشكل صحيح:
- تباطؤ معدل نمو بدني: يحدث في قصور الدرقية غير المعالج عند الأطفال على المستوى البدني فيعاني الطفل من قصر في القامة وصغر في الحجم بالعموم مقارنة بأقرانه من نفس العمر.
- التأثير على الحالة العقلية والفكرية: يتأثر كذلك النمو العقلي بقصور الغدة الدرقية على الأطفال وتحدث مشاكل على مستوى الجهاز العصبي ما ينتج عنه العديد من التأثيرات السلبية مثل تراجع الحالة العقلية وضعف في قدرات التفكير وصعوبة في التطور الإدراكي واللغوي وبطء في ردود الأفعال وما إلى ذلك، وهي من أسوء المضاعفات لقصور الدرقية عند الأطفال.
- ظهور مشاكل صحية: تؤثر على جودة الحياة خلال مرحلة الطفولة أو مراحل لاحقة من الحياة، مثل فقدان الشهية والمشاكل الجلدية المتكررة مثل جفاف الجلد والشحوب في الوجه، بالإضافة إلى التعب والخمول والإمساك المزمن وبطئ القلب والشعور بالبرودة بشكل كبير.
- مشاكل في الخصوبة والتطور الجنسي: تترافق مرحلة البلوغ عند الأطفال والمراهقين المصابين بقصور الدرقية بعدة مشاكل منها تأخر البلوغ ووجود خلل في عملية البلوغ، مما قد ينتج عنه تأثيرات مستقبلية سلبية في حال عدم تدارك المرض وعلاجه بالوقت المناسب منها مشاكل الخصوبة.
- تأثر النشاط والحركة: فالطفل الذي يجب أن يكون مفعماً بالطاقة والحيوية ويتحرك ويلعب ليكتشف العالم من حوله ويتطور ويتعلم يصبح خاملاً وسريع التعب وغير قادر أو راغب في اللعب والحركة وممارسة الأنشطة المختلفة مما ينتج عنه مشاكل عديدة مؤذية لتطور الطفل التعليمي والفكري وحتى النفسي.
يعتمد الشفاء من قصور الغدة الدرقية عند الأطفال على عوامل عدة منها عمر الطفل، وفترة حدوث الإصابة، والأسباب المؤدية لحدوث قصور في الغدة الدرقية عند الأطفال، وغالباً لا يكون الشفاء بشكل تام من قصور الدرقية ممكناً عند الأطفال خاصة عند أولئك الذين يصابون بمرحلة الطفولة المبكرة.
يحقق معظم الأطفال المصابين بقصور الدرقية نمو وتطور طبيعي بالتزامن مع تناول الأدوية الهرمونية المعاوضة لنقص هرمونات الدرق بسبب قصور الغدة الدرقية، وهذا النجاح يعتبر شفاء من مخاطر قصور الدرقية عند الأطفال، أما فيما يخص علاج قصور الغدة الدرقية فيكون العلاج الدوائي المستخدم مستمر طيلة فترة الحياة، وقد يستمر إعطاء الدواء على الأقل لحين اكتمال نمو وتطور الطفل والوصول لمرحلة البلوغ، وذلك لضمان النمو السليم المتكامل للطفل دون حدوث مخاطر وإعاقات على المستوى البدني أو الجسدي.