أسباب حساسية الدم وهل لها علاج!
يعاني الكثيرون من تفاعلات تحسسية في الدم نتيجة دخول بعض المواد إلى الجسم لكنها قد تكون عابرة وقد تسبب مشاكل صحية أو تكون حالة مزمنة، سواءً كانت بسبب مادة دوائية أو غذائية، أو نتيجة انحلال الدم بسبب تلقي دم من متبرع لا تتناسب مع فصيلة دمه مع فصيلة المتلقي، ومن خلال هذا المقال سنتحدث عن الحساسية الدموية، وأعراضها وطرق علاجها، إضافة إلى بعض النصائح لتجنب التفاعلات التحسسية.
حساسية الدم (بالإنجليزية: Blood Allergy) هي مظهر أو عرض ينتج عن حالات صحية عديدة يتسبب بارتفاع مستوى بعض الأجسام المناعية التحسسية في الجسم، ينتج عنها حالات حساسية بأشكال مختلفة، وتسمى حساسية الدم لأن أجسام الحساسية المناعية IGE تنتشر في الدم.
بمعنى أن حساسية الدم تحدث نتيجة تفاعل جهاز المناعة في الجسم مع مادة معينة دخلت إلى الدم واستجاب لها جهاز المناعة على أنها مواد غريبة أو خطيرة، ما يسبب تحرر مواد كيميائية تنتجها الخلايا عند انحلالها تسمى بمضادات الأجسام الغريبة (Antibody) أو (Cytokines) والتصاقها بخلايا الجسم المختلفة، وهي المسؤولة عن ظهور أعراض الحساسية، وتسمى هذه الحالة أيضاً فرط الحساسية لبروتينات الدم.
ويمكن أن تسبب حساسية الدم أعراضًا متنوعة من حيث الشكل والشدة، مثل الحكة والطفح الجلدي، والصداع، والدوخة، والإسهال، والقيء، وصعوبة التنفس، وما يعرف بالصدمة التحسسية الشديدة، وهي حالة خطيرة تهدد الحياة، وتختلف الأعراض والشدة من شخص لآخر وتعتمد على نوع وشدة الحساسية.
حساسية الدم لها درجات مختلفة الخطورة فقد تكون خفيفة أو متوسطة أو شديدة، وبشكل عام، إذا كانت شديدة مثل حساسية الدم المفرطة (Anaphylaxis) تصبح حالة خطيرة وحيوية تشكل خطراً على الحياة، إذا لم يتم علاجها بشكل سريع وفعال، فقد تؤدي إلى الوفاة.
وتتوقف خطورة حساسية الدم على درجتها ونوعها وطبيعة جسم الشخص المصاب، فبعض الأشخاص تكون لديهم مشاكل صحية أصلاً وتعرضهم لنوع من الحساسية يعتبر أكثر خطورة من تعرض غيرهم لهذا النوع.
فمريض الربو مثلاً عندما يتعرض لحساسية في الصدر يكون جسمه أقل مقاومة لها وقدرة على تحملها، وقد ينتح عن ذلك حالات خطيرة تصل إلى حد توقف التنفس ويحتاج لإسعاف، بسبب كثرة السعال التي يصاب لها أو العطاس بالإضافة لتضيق الشعب الهوائية.
إضافة لذلك فإن بعض أنواع الحساسية قد تستمر لفترات طويلة، ولا يوجد لها علاج نهائي ومباشر، مثل حالات حساسية الهيستامين الجلدية، التي قد تستمر بين فترة شهر وقد تمتد لسنوات، وتسبب هجمات تحسسية مختلفة الدرجات تأتي على شكل طفح جلدي أو أكزما أو شرى ويمكن أن يأتي معها أعراض صداع وتورم وجه أو أطراف والشفاه واللسان، وتؤدي لإزعاج المصاب وتعطيله عن العمل لعدة أيام، وقد تسبب دخوله في حالة اكتئاب وقلق وارق.
وبعض أنواع الحساسية قد تسبب انخفاض حاد في ضغط الدم، وحصول هذا النوع من الحساسية مع شخص مريض قلب أو ضغط قد يكون له آثار خطيرة على صحته وحياته.
وفي بعض الأحيان قد تصيب حالات الحساسية أطفال رضع، وهؤلاء يمكن فهم ما يعانون منه بسبب عدم قدرتهم على شرحه، هذا بالإضافة لعدم معرفتهم كيف يتفاعلون مع أعراض الحساسية، بالإضافة لضعف مقاومة جسمهم بشكل عام، قد تؤدي لمخاطر من جوانب مختلفة على صحتهم.
- أخذ دم غير متوافق من المتبرع: يعتبر تلقي دم غير متوافق مع فصيلة الدم الخاصة بالشخص من أكثر أسباب حساسية الدم وانحلاله، حيث يحتوي الدم على بروتينات مختلفة قد تؤدي إلى تفاعلات مناعية غير متوقعة وبالتالي حدوث حساسية.
- أخذ مواد من مكونات الدم: تلقي منتجات الدم المصنوعة من دم متبرعين مثل الصفيحات الدموية وبروتينات المصل كالأجسام المضادة، والتي قد تحتوي على بروتينات مختلفة عن البروتينات الموجودة في جسم المتلقي ما قد يسبب حساسية نتيجة التفاعلات المناعية في الدم.
- الحقن الحاوية على بروتينات وهرمونات: قد يكون حقن بعض المواد الهرمونية مثل الأنسولين واللقاحات وبعض الهرمونات من أسباب حساسية الدم، حيث تحتوي هذه الحقن على بعض المواد المسببة للحساسية مثل الأجسام المضادة immunoglobins والأجسام المناعية Antibody وعوامل التخثر وغيرها.
- بعض العناصر الغذائية: يمكن لبعض العناصر الغذائية التسبب بحساسية الدم مثل تناول الأطعمة التي تحتوي على بروتينات دموية تسبب تفاعلات مناعية لدى البعض، كاللحوم الحمراء والدواجن، والمكسرات، ومشتقات القمح، والألبان.
- أمراض المناعة الذاتية: رغم أن الفرق كبير بين أمراض المناعة الذاتية وحساسية الدم، إلا أن أمراض المناعة الذاتية تعمل على مهاجمة النسج الطبيعية في الجسم بدلاً من الأجسام الغربية، ما يجعل هذه النسج تنتج مواد كيميائية تسبب حساسية الدم لدى الشخص، مثل الصدفية والذئبة الحمامية، ما قد يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بحساسية الدم.
- تناول بعض الأدوية: الكثير من الأدوية يكون لها أعراض جانبية، ومنها الحساسية بأشكلها المختلفة، وتختلف استجابة الجسم لنفس الدواء بين شخص وآخر.
- الغبار ووبر الحيوانات: بعض الأشخاص يكون لديهم حساسية تجاه الغبار وبعض الحيوانات، حيث أن أجسادهم تتلقى هذه الأشياء على أنها تهديد للجسم، ما يؤدي لاستجابة جهاز المناعة وتحرير أجسام مضادة مسببة للحساسية.
- لدغات الحشرات: تحتوي لدغات الحشرات على مواد كيميائية مسممة، وهي قد تسبب أنواع مختلفة من الحساسية، بعضها يسبب مشاكل لجميع الناس وقد يؤدي لحالات خطيرة، وبعضها يسبب حساسية مختلفة الاستجابة بين شخص وآخر.
- الحكة والطفح الجلدي: من أهم وأبرز أعراض حساسية الدم لدى الشخص هي ظهور الطفح الجلدي والحكة والتهيج، خاصةً بالأماكن التي ينحصر بها الدم، بالإضافة لحالات الشرى الجلدي، وقد تترافق مع تورم في الأطراف أو الشفاه أو الوجه.
- الصداع والدوخة: تسبب الحساسية الدموية تفاعلات حادة في جهاز المناعة التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، ما يسبب الشعور بالصداع الشديد والدوار وعدم القدرة على التوازن.
- الإسهال والغثيان والقيء: يفرز جهاز المناعة العديد من المواد الكيميائية في الجسم مثل البروستاغلاندين والهيستامين وهرمون السيروتونين، التي تسبب انقباض العضلات الملساء في الجهاز الهضمي وزيادة إفراز الغدد الهضمية وبالتالي الإسهال والغثيان والقيء.
- انخفاض ضغط الدم: في بعض الحالات الشديدة من حساسية الدم يحدث انخفاض في ضغط الدم بشكل مفاجئ قد يشكل خطراً على حياة الشخص، بسبب توسع الأوعية الدموية وانخفاض حجم الدم في جهاز الدوران نتيجة إنتاج العديد من المواد الكيميائية كالبروستاغلاندين التي تسبب توسع الأوعية الدموية.
- صعوبة التنفس والتنفس الشهوي: يسبب التفاعل المناعي الناتج عن حساسية الدم تشنج العضلات الملساء في القصبات الهوائية وتورمها وتورم الحلق، ما يعيق عملية التنفس ويسبب ضيق في الصدر وقد يكون خفيفاً أو شديداً.
- الارتفاع في درجة الحرارة والقشعريرة: من المعروف أن جميع آليات ردود الفعل المناعية تسبب ارتفاع في درجات الحرارة نتيجة السيتوكينات أو البروستاغلاندين وانتشار الالتهاب في الجسم نتيجة هذه التفاعلات التي تترافق مع ارتفاع الحرارة والألم.
- حدوث تورمات: من الأعراض الشائعة لحساسية الدم تورم بالأطراف والشفاه واللسان والوجه وقد يمتد إلى الحلق مسبباً ضيق وصعوبة في التنفس نتيجة التفاعلات المناعية في الجسم، وقد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة مالم يتم اسعاف الحالة مباشرةً.
- الصدمة التحسسية: وهي حالة خطيرة ناتجة عن فرط حساسية الدم قد تكون مهددة للحياة مالم يتم التدخل الطبي مباشرةً، وتتضمن انخفاض حاد في ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب وضيق التنفس والصداع والدوخة والقيء وفقدان الوعي.
- مضادات الهيستامين: في الغالب تستخدم مضادات الهيستامين للتخفيف من حالات التهيج والحكة والتورم والتهاب الجلد الناتج عن حساسية الدم، وتتضمن هذه الأدوية الكلاريتين والفيكسوفينادين والسيتيريزين واللوراتادين.
- الستير وئيدات القشرية: يستخدم العلاج بالستير وئيدات القشرية (الكورتيزون) للتحكم في الالتهابات الناجمة عن حساسية الدم الشديدة، وتتضمن هذه الأدوية البريدنيزولون والبيتاميثازون والديكساميثازون، والتي يمكن تطبيقها بطرق مختلفة إما موضعية أو فموية أو حقن عضلية حسب شدة الحساسية والتفاعل المناعي.
- الأدوية المضادة للتورم: تشمل المونتيلوكاست التي تقي من التفاعلات التحسسية والورم الناتج عنها، تستخدم للتحكم في التورم الناجم عن الحساسية الشديدة.
- العلاج المناعي: يتضمن هذا العلاج حقن صغيرة من المواد المسببة للحساسية على مبدأ اللقاح، بحيث يتم تعريض جهاز المناعة للمواد المسببة للحساسية بشكل تدريجي لتحفيزه وإنتاج أجسام مضادة محددة للحساسية للتخفيف من حساسية الدم عند التعرض لها، مثل العلاج الهايبوسينستف (Hyposensitization therapy) حيث يتضمن هذا العلاج تعريض المريض لمستويات منخفضة من المواد المسببة للحساسية بشكل متكرر لتعزيز جهاز المناعة وتقليل خطر حدوث التفاعلات التحسسية عند مرضى حساسية الدم المزمنة، ويتم تحديد الجرعات وفترات العلاج بناءً على نوع وشدة الحساسية وقد يستغرق العلاج من أشهر إلى سنوات.
- تجنب المواد المسببة للحساسية: من أهم طرق علاج الحساسية الخفيفة في المنزل هي تجنب المواد التي تسبب حساسية الدم لبعض الأشخاص، مثل الغبار والحيوانات الأليفة والأطعمة والأدوية التي تسبب الحساسية لهم عادةً.
- استخدام الكمادات الباردة: يمكن استخدام الكمادات الباردة لتخفيف الحكة والتورم والألم وارتفاع الحرارة الناتج عن حساسية الدم الخفيفة والمتوسطة في المنزل.
- استخدام المرطبات: قد يظهر تحسس الدم على شكل جفاف وحكة في الجلد، فيمكن استخدام المرطبات لترطيب البشرة الجافة والمتهيجة ويجب أن تكون خالية من المواد المعطرة والمسببة للحساسية.
- تناول الأطعمة المضادة للالتهابات: يساعد النظام الغذائي الصحي في التخفيف من أعراض حساسية الدم، فيمكن تناول الأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الزنجبيل والثوم والكركم، لتخفيف الالتهابات الناجمة عن الحساسية.
- الراحة والاسترخاء: يحتاج الجسم للراحة بعد التعرض لحساسية الدم، فيجب الحصول على قسط كافٍ من الراحة والاسترخاء لتخفيف الأعراض الناجمة عن الحساسية، والاستلقاء على أريكة منخفضة ورفع القدمين أعلى من مستوى الرأس للتخفيف من الدوار والحفاظ على ضغط الدم.
- إجراء الفحوصات اللازمة قبل تلقي الدم: يجب التأكد من تطابق فصيلة الدم في حالات نقل الدم من شخص آخر، حيث يجب تحديد فصيلة الدم للمريض ومطابقتها مع فصيلة الدم للمتبرع والتأكد من موافقة الزمرتين، ومن عدم وجود مواد تسبب الحساسية.
- تجنب الأغذية المسببة لحساسية الدم: في الغالب يعرف المريض ما نوع الأغذية التي تسبب له الحساسية، فيجب تجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على بروتينات دموية، مثل اللحوم الحمراء والدواجن، أو الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين أو اللاكتوز أو المكسرات أو البيض، أو بعض المواد الغذائية الأخرى مثل الحساسية للقمح إذا كان هناك تاريخ عائلي لحساسية الدم.
- تجنب العقاقير المصنوعة من البروتينات والهرمونات: يجب تجنب العقاقير التي تحتوي على بروتينات وهرمونات قد تسبب الحساسية لدى الشخص، كالحقن الحاوية على الهرمونات البشرية أو الحيوانية، إلا إذا كانت ضرورية للعلاج وتحت إشراف الطبيب.
- تجنب بعض الأدوية: يجب تجنب تناول الأدوية التي يعرف أنها تسبب حساسية للشخص، والتحدث للطبيب عن الأدوية التي سبق لها أن سببت حساسية للمريض قبل وصف أي دواء.
- التحدث للطبيب: يجب إبلاغ الطبيب المختص بأي تاريخ سابق لحساسية الدم أو أي أعراض غير عادية بعد تلقي الدم، فالسيرة المرضية لها دور كبير في تقدير الطبيب للحالة بشكل أدق.