أعراض قصور الغدة الدرقية الولادي عند الرضع وعلاجه
قصور الغدة الدرقية عند الرضع من الأمراض الخلقية أو المكتسبة التي يكون لها آثار صحية خطيرة على جوانب عدة من صحة الطفل وتطوره ونموه، وهي من الحالات التي قد يستمر علاجها لكامل حياة الطفل حتى بعد أن يكبر، فكيف يحدث قصور الغدة الدرقية عند الرضع، وما هي أسبابه، وطرق علاجه والوقاية منه؟
يحدث قصور الغدة الدرقية عند الرضع أو قصور الدرقية الخلقي منذ الولادة، وذلك عندما تكون الغدة الدرقية مفقودة أو غير نامية بشكل كامل أو متطورة في الموقع الخاطئ، وهنا يكون الخلل في تكوين الغدة الدرقية، وفي حالات أخرى يولد الطفل بحجم طبيعي للغدة الدرقية أو متضخم لكن إنتاج الهرمونات يكون منخفضاً أو غائباً، فيحدث فقدان جزئي أو كامل لوظيفة الغدة الدرقية.
ولفهم ماهية مرض قصور الغدة الدرقية عند الرضع (بالإنجليزية: Congenital Hypothyroidism) يجب التعرف على الغدة الدرقية وعلى عملها الأساسي في الجسم، حيث أنها أحد أهم الغدد الصماء وهي تقع في مقدمة العنق وتشبه شكل الفراشة، تفرز نوعين من الهرمونات، هما الثيروكسين T4 وثلاثي يود الثيرونين T3، يؤثر هذان الهرمونان على معدل الأيض في الجسم وينظمان سرعة العمليات الحيوية في خلايا الجسم، مثل معدل ضربات القلب وتنظيم حرارة الجسم ولهما دور هام في نمو وتطور الأطفال منذ ولادتهم، فعند حدوث قصور في عمل الغدة الدرقية يقل إفراز هذه الهرمونات وتتباطأ كل وظائف الجسم وتتدهور عملية النمو والتطور عند الأطفال الرضع.
لا تظهر أعراض قصور الغدة الدرقية عند الرضع بشكل فوري بل تظهر في مرحلة لاحقة من الطفولة في أغلب الأحيان، تتراوح هذه الفترة بين عمر الشهر وحتى عدة سنوات، ولذلك تطلب بعض برامج الصحة الوطنية في بعض الدول فحص هرمونات الدرقية عند الولادة.
لا يعاني الأطفال حديثي الولادة من أعراض واضحة لقصور الغدة الدرقية بعد الولادة، وذلك لأن جزء من هرمون الغدة الدرقية يعبر من الأم إلى الطفل ويبقى مؤثراً به خلال فترة بسيطة بعد الولادة، تبقى مدة شهر تقريباً، ثم تتطور الأعراض ببطء، وتكون أبرز أعراض قصور الدرقية الخلقي المبكرة متمثلة فيما يلي:
- الإصابة باليرقان: يعتبر اليرقان، المتمثل باصفرار الجلد والعيون عند الطفل حديث الولادة، من العلامات المقلقة لقصور الغدة الدرقية عند حديثي الولادة، خاصة عندما يستمر لفترة طويلة، حيث يسبب نقص هرمون الغدة الدرقية انخفاضاً في نشاط أحد الإنزيمات الكبدية ما يسبب حدوث اليرقان عند حديث الولادة.
- كثرة النوم والخمول: يقل نشاط الطفل الرضيع عند إصابته بقصور درقية خلقي ويصبح ميالاً للكسل والخمول الذي يظهر على شكل فترات نوم طويلة أكثر من المعتاد وقلة في الحركة والنشاط والتفاعل والهدوء الزائد كعدم البكاء.
- انتفاخ بالبطن وفتق السرة: تظهر هذه الأعراض عندما يكون لدى الجنين نقص شديد أو غياب كامل في هرمونات الغدة الدرقية، حيث يحدث انتفاخ لمحتويات البطن عند السرة وقد يحدث فتق في السرة عند الطفل حديث الولادة.
- تضخم اليافوخ: اليافوخ هو بقعة لينة تقع بين عظام جمجمة الأطفال الرضع وحديثي الولادة تسمح بتداخل العظام بسلاسة أثناء الولادة وتؤمن نمو الدماغ براحة، تلتحم هذه القطع بعد فترة من الولادة لتكوين الجمجمة، وهرمونات الدرقية لها دور في التحام اليافوخ وعظام الجمجمة في مرحلة معينة من عمر الرضيع لكن في حال قصور عملها سيتأخر هذا الالتحام مسبباً تضخم في اليافوخ يظهر على شكل رأس كبير للرضيع أكبر من الحجم الطبيعي.
- تغير في معالم الوجه: تكون البشرة عند الطفل الرضيع المصاب بقصور الدرقية باهتة وشاحبة، كما يعاني من فم مرتخٍ ومفتوح ولسان متضخم متدلي خارج الفم وشكل وجه منتفخ ومتضخم وعيون متورمة.
- إمساك متكرر: بما أن عمليات الجسم الحيوية وعملية الأيض والتمثيل الغذائي تتباطأ بسبب قصور الدرقية وعدم وجود هرمونات الدرق عند الطفل الرضيع فقد يعاني من إمساك مستمر.
- ضعف شهية: بسبب ضعف عملية التمثيل الغذائي يصبح لدى الرضيع المصاب بقصور درقية شهية أضعف من حيث عملية الرضاعة، مما يسبب مشاكل تغذية وصعوبة في الرضاعة.
- ضيق التنفس: في حال عانى الطفل حديث الولادة من تضخم درقية خلقي مترافق مع قصور درقية، فقد يسبب له ذلك ضيق في التنفس بسبب حدوث ضغط على القصبة الهوائية من الغدة المتضخمة.
- أعراض أخرى: مثل انخفاض معدل ضربات القلب، بكاء بصوت خشن وأجش، انخفاض درجة حرارة الجسم، انخفاض في قوة العضلات.
نهج علاج خمول الغدة الدرقية عند حديثي الولادة يماثل العلاج عند الأطفال الكبار والبالغين، فالهدف هو معاوضة النقص الحاصل في الهرمون الدرقي لإعادة وظائف الجسم إلى وضعها الطبيعي وتأمين نمو سليم وصحي للطفل الرضيع وحمايته من التدهور العقلي والصحي إثر قصور الدرقية الخلقي.
يعالج الأطفال الرضع وحديثي الولادة بهرمون ليفوثيروكسين الذي يكون البديل الصناعي لهرمون الثيروكسين T4 الموجود في الجسم، وعلى الرغم من تواجد الدواء بشكل تركيبات سائلة، لكن خبرة استخدامه قد تكون غير كافية لضبط الجرعات بالشكل الملائم، حيث يجب أن تكون الجرعة مضبوطة بشكل عالي الدقة بمثل هذه الأنواع من الأدوية، لذا قد يوصى بسحق قرص دوائي بتركيبة ليفوثيروكسين بما يعادل 1 إلى 2 مل ماء أو حليب الثدي، وإعطائه للطفل الرضيع عن طريق المحقنة.
غالباً يستمر هذا الدواء مدى الحياة عند الأطفال المصابين بقصور درقية خلقي، مع العمل على تعديل الجرعة بين الحين والآخر بما يتناسب مع الطفل الذي يكون بحالة نمو وتطور مستمرين، لذا تكون المراقبة مستمرة ومتكررة على فترات منتظمة للأطفال المصابين خلال سنوات حياتهم الأولى.
- خلل تكون الغدة الدرقية: أكثر من نصف حالات قصور الغدة الدرقية عند الرضع حديثي الولادة ناتجة عن حدوث خلل في تكون الغدة الدرقية أثناء فترة تطوره داخل الرحم، حيث تنتقل الغدة الدرقية في وقت مبكر جداً من نمو الجنين من مؤخرة اللسان إلى مكانها الطبيعي في الرقبة، وأحياناً يحدث خلل في هذه العملية مما يسبب تموضع خاطئ للغدة عند الرضيع بعد الولادة، وبالتالي حدوث مشاكل قصور درقية خلقية عند الرضيع، كذلك قد تكون غدة الرضيع صغيرة ومنكمشة غير متطورة بالشكل اللازم وقد يولد الرضيع بدون غدة درقية على الإطلاق مما يعني بالتأكيد أعراض قصور الغدة الدرقية بعد الولادة.
- نقص اليود عند الأم الحامل: يعتبر نقص اليود، في النظام الغذائي للأم الحامل أو الطفل، أحد أهم وأكثر أسباب للإصابة بقصور الغدة الدرقية شيوعاً عند حديثي الولاة، حيث يعد مسؤولاً عما يقارب 15 إلى 20% من حالات قصور الدرقية الخلقي، فخلال فترة الحمل تكون المرأة بحاجة إلى كميات كافية من اليود تزيد عن الحاجة الطبيعية المعتادة، وعدم حصول الحامل على ما يكفي منه يعني تعرض الطفل لقصور الدرقية بعد الولادة.
- تناول أدوية خلال الحمل: قد يحدث قصور درقية مؤقت عند الطفل حديث الولادة بسبب تناول الأم لدواء معين يسبب تضخم غدة درقية أو لدواء يقلل من إنتاج الغدة الدرقية أثناء فترة الحمل، حيث تعبر هذه الأدوية عبر المشيمة إلى الجنين وتحدث قصور درقية يظهر على شكل خمول درقية خلقي بعد الولادة.
- مشاكل الغدة النخامية: الغدة النخامية لها دور حاسم في عمل الغدة الدرقية، فهي التي تفرز هرمون TSH الذي يعمل على تحفيز الدرقية لإنتاج هرموناتها، وبالتالي خلل الغدة النخامة الخلقي يتبعه بالضرورة قصور الغدة الدرقية الخلقي.
- أسباب وراثية: في حالات قليلة ونادرة يحدث قصور الغدة الدرقية الخلقي على الرغم من أن حجم الغدة الدرقية ومكانها طبيعيان لكنها لا تنتج ما يكفي من هرمون الثيروكسين، غالباً يعزى ذلك لمشاكل ذات منشأ وراثي وطفرات جينية تسبب قصور الدرقية عند حديثي الولادة.
- فقدان السمع: يعتبر فقدان السمع من التأثيرات الخطيرة لقصور الغدة الدرقية الخلقي غير المعالج، أو قصور الدرقية الخلقي الشديد حتى لو تم معالجته، وتكمن مشكلته في عدم القدرة على كشفه أحياناً أثناء الفحص الروتيني للمواليد الجدد خاصة عندما يكون ضعف السمع عند الطفل خفيفاً فيسبب تأثيرات ضارة على الطفل في مراحل عمرية لاحقة أهمها التداخل مع تعلم اللغة وضعف تطور قدرات الطفل على الكلام.
- انخفاض قوة العضلات: مما يسبب مشاكل في عملية تطور الطفل كتعلم المشي والحركة ويسبب مشاكل في حركة الطفل واستخدامه لعضلاته في مرحلة لاحقة من حياته خاصة لو تم التأخر بعلاج المشكلة لفترة طويلة، حيث تصبح العضلات متيبسة يصعب تحريكها والسيطرة عليها.
- الإعاقات الذهنية: وذلك في حال التأخر في تشخيص قصور الدرقية عند الرضع وحديثي الولادة أو عندما يكون قصور الدرقية الخلقي شديد فيمنع نمو الدماغ كما يجب، ويسبب انحدار كبير في صحة الدماغ مما يتبعه إعاقة ذهنية وتخلف عقلي عند الطفل، وتكمن مشكلة هذا النوع من المشاكل الصحية أن أعراضها لا تلاحظ قبل عمر السنتين وبمجرد ظهورها لا يمكن التراجع عنها.
- قصر القامة: يسبب قصور الدرقية الخلقي الذي يؤثر على الطفل منذ ولادته مشاكل في عملية النمو على مختلف الأصعدة ويسبب تأخر نمو عظمي وهيكلي وغالباً يعاني الطفل المصاب من قصر في القامة.
- ملامح وجه خشنة: تصبح ملامح وجه الطفل الرضيع خشنة وغير طبيعية بتأثير قصور الدرقية الخلقي خاصة عند التأخر في التشخيص والعلاج أو عندما تكون الحالة شديدة، فالجلد سميك وخشن وشاحب، والشعر باهت وخشن، اللسان متضخم وحجم رأس أكبر من الحجم المفترض للأطفال بنفس المرحلة العمرية.
- فشل نمو شديد: خاصة عندما ينتج قصور الدرقية عن نقص اليود في وقت مبكر أثناء الحمل، هذا ما يسبب فشل نمو شديد عند الطفل حديث الولادة على الصعيد الجسدي والعقلي ويسبب إعاقات مختلفة في كل مراحل حياته.
هل يمكن الشفاء من قصور الغدة الدرقية عند الرضع؟ معظم حالات قصور الغدة الدرقية عند الرضع تتطلب علاج دائم يبدأ منذ فترة الرضاعة ويستمر مدى الحياة لعكس الآثار السلبية التي قد يسببها قصور الدرقية والحماية منها.
- هل خمول الغدة الدرقية يؤثر على الرضيع؟ نعم يؤثر الخمول في الغدة الدرقية بشكل بالغ على الرضيع بشكل خاص، لأن الرضيع بمرحلة نمو حساسة جداً خاصة على المستوى الذهني، وهرمونات الغدة الدرقية عامل أساسي في تطور ونمو الطفل وبالتالي يكون قصور الدرقية غير المعالج محفزاً قوياً لفشل النمو عند الرضع والذي يظهر بآثار بالغة على صحة الرضيع مثل الإعاقة الذهنية ومشاكل قلبية وعضلية وغيرها.
- متى تظهر أعراض خمول الغدة الدرقية عند الرضع؟ تكون أعراض قصور الغدة الدرقية خفية وغير واضحة في الغالب، كما أنها تتطور ببطء مع نمو الطفل، فقد تتطور بعد بلوغ الرضيع عمر الشهر وقد لا تظهر حتى يبلغ الطفل عدة سنوات، وهذا ما يجعل فحص هرمونات الغدة الدرقية فحص روتيني أساسي للأطفال حديثي الولادة.
- هل يمكن كشف قصور الغدة الدرقية عند الرضع؟ نعم يوجد اختبارات خاصة لكشف مشاكل الدرقية عند الأطفال، ونظراً لأن أعراض قصور الدرقية عند الرضع بعد الولادة لا تظهر في أغلب الحالات، وبما أن العلاج المبكر يقي من الإعاقة الذهنية والفكرية ويسمح بنمو طبيعي للطفل، أصبحت اختبارات الكشف عن قصور الدرقية اختبارات فحص روتينية لجميع الأطفال حديثي الولادة في المستشفى، وإذا تم التأكد من الإصابة تبدأ عملية العلاج بشكل فوري لمنع مشاكل النمو من الحدوث.