موضوع عن التنوع الحيوي وأهمية التنوع البيولوجي
تعيش الكائنات الحية في نظام بيئي تحيطه قواعد وقوانين لضبطه والحفاظ على التنوع الحيوي فيه، وتنبع هذه القواعد من أهمية التنوع الحيوي والفوائد التي يجلبها للنظام البيئي والبلاد على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياحية وغيرها، ولذلك سنخصص هذا المقال للحديث عن أهمية التنوع الحيوي وقيمته العالية في حياة الكائنات الحية جميعها.
التنوع الحيوي أو التنوع البيولوجي (بالإنجليزية: Biodiversity) هو تنوع أشكال الحياة في الكرة الأرضية من حيث وجود الكائنات الحية والتباين الجيني والنوعي بينها، ويتسم التنوع الحيوي بالغنى في الأماكن المدارية القريبة من خط الاستواء، فيما يكون أقل تنوعاً كل ما ابتعدنا عن خط الاستواء، وصولاً إلى انعدام التنوع الحيوي في بعض المناطق القطبية أو الأماكن غير القابلة للحياة مثل البحر الميت.
يعتمد التنوع الحيوي على عدد من العوامل الأساسية البيئية والمناخية وتتداخل أيضاً مع العوامل البشرية، حيث يزداد التنوع الحيوي في المناطق الدافئة والمطيرة، لكنه يكون مهدداً بسبب ممارسات الإنسان في هذه المناطق.
أهمية التنوع الحيوي الاقتصادية هي أحد الجوانب التي تثير اهتمام الدول فتسعى لاغتنامها، ولا يمكن الاستهانة بهذه الأهمية لأنها تشكل قسم كبير من مدخول هذه الدول، وفيما يلي سنذكر الفوائد الاقتصادية:
- وجود المواد الخام: يؤمن التنوع الحيوي المواد الخام للكثير الصناعات كالخشب من الأشجار والحرير من دودة القز وغيرها من الأمثلة، وهذه المواد تخفف على الدولة عبء استيرادها ودفع أموال طائلة وبالتالي تسهم في تحسين اقتصاد البلد.
- غنى القطاع الزراعي: تؤمن الأشجار والنباتات المتنوعة خيارات كبيرة للدولة، فالزراعة من أكثر الأعمال نجاحاً ودعماً للاقتصاد الدولي، عن طريقها يمكن تأمين اكتفاء غذائي ذاتي والابتعاد عن الاستيراد بل ويمكن تصدير الفواكه والخضار التي لا تنمو إلا في ظروف معينة يومنها مناخ الإقليم الذي تُزرع به
- جذب الاستثمارات: الدولة التي تملك نظاماً بيئياً نظيفاً ذو تنوع حيوي كبير تكون محط أنظار الدول العظمى لما تملك من كنوز طبيعية يمكن استثمارها، وبالتالي ستنشأ علاقات دولية وقد تلجأ بعض الدول للاستثمار في أراضيها وإجراء الأبحاث على مختلف أنواع النباتات والحيوانات.
- تطور القطاع السياحي: يدعم التنوع الحيوي المجال السياحي بشكل كبير فيقصد السائحون البلاد للتمتع بالحيوانات والنباتات المختلفة مما يؤدي إلى تطور السياحة البيئية في البلد، والسياحة تعد من مصادر الدخل للكثير من البلدان.
- تنوع فرص العمل: يشكل العاملون في القطاع الزراعي والحيواني النسبة الأكبر من الأيدي العاملة في الكثير من الدول المتقدمة فالتنوع الحيوي يشكل وسيلة استقطاب وجذب للسكان للعمل في قطاعات الزراعة والصناعات الحيوانية، وهذا يحسن المستوى المعيشي لسكان البلد ويعود بفوائد اقتصادية كبيرة على البلد ويحسن من ميزانها التجاري.
- تنوع الخيارات لتطوير الصناعة: يؤمن التنوع الحيوي المواد الخام لجميع الصناعات تقريباً ويشكل العمود الأساس في الصناعات التحويلية فالمطاط مثلاً يعد أساسياً في صناعة السيارات والخراطيم والقطن في صناعة الملابس والقماش أي بشكلٍ عام ازدهار الصناعة مرتبط بالتنوع البيولوجي.
- تنوع مصادر التغذية: إن تنوع الكائنات الحية يعني تنوع مصادر التغذية للإنسان وهذا يضمن له حياة صحية وبنية سليمة وتتمتع بعض أنواع النباتات بخصائص طبية علاجية تؤهلها للدخول في الصناعات الدوائية كما أن السموم المستخرجة من بعض الحيوانات كالعقارب والأفاعي تدخل في صناعة العقاقير الطبية، وتشكّل الحيوانات البحرية مصدراً رئيسياً لليود المهم لعمل الغدة الدرقية.
التنوع الحيوي يعني تباين واختلاف الحيوانات والنباتات والحشرات التي توجد في الطبيعة والتي لها دور بالغ التأثير في الغذاء البشري، ولقد حظي هذا الفرع باهتمام كبير نظراً لفوائده ومن أهمها:
- وفرة الغذاء النباتي والحيواني: تأتي أهمية التنوع الحيوي من الناحية الغذائية، بأن هذا التنوع يسهم في التوفر الدائم لجميع أصناف الأغذية النباتية والحيوانية، فالبيئة التي تتميز بالتنوع الحيوي تعتبر بيئة صالحة لتكاثر العديد من النباتات والحيوانات التي يعتمد عليها الإنسان في غذائه.
- الحفاظ على السلاسل الغذائية: التنوع الحيوي يحافظ على انتظام السلاسل الغذائية والتي تعني اعتماد الكائنات الحية على بعض البعض في غذائها الأساسي ما يساهم في استمرار دورة الحياة في النظام البيئي وبالتالي توفر جميع أنواع الأغذية التي يحتاجها الإنسان.
- الحد من المجاعات: وجود أي خلل في النظام الحيوي أو التنوع الحيوي يؤدي لفقدان الكثير من الأصناف الغذائية ما يسبب غلاء في أسعارها وعدم توفرها بشكل دائم، وإذا كانت هذه الأصناف من الأساسيات كاللحوم أو الخضار أو القمح الذي يصنع منه القمح، فإن عدم توفرها قد يسبب مجاعات وكوارث غذائية.
- تنوع العناصر الغذائية: يحتاج الجسم البشري إلى الكثير من العناصر الغذائية المتنوعة حتى يكتمل نموه ويحافظ على صحته، والتنوع الحيوي يلعب دور كبير في توفر جميع المنتجات الغذائية التي تحتوي على هذه العناصر الغذائية المختلفة.
- تحقيق الأمن الغذائي: المناطق التي تتميز بالتنوع الحيوي لديها فرصة أفضل لتحقيق الأمن الغذائي، جميع الظروف البيئية الضرورية لتوفر جميع أصناف الأغذية الأساسية التي يحتاجها الإنسان تكون متوفرة في المنطقة التي تتمتع بالتنوع الحيوي.
- تحسين حالة المناخ: ترتبط حالة المناخ بشكل كبير بطبيعة النظام البيئي السائد بأي منطقة، وأي تغير بهذا النظام يسبب تغير في حالة المناخ، فالتنوع الحيوي يساهم في حل مشاكل مثل التصحر ويساعد في توفر غطاء نباتي مناسب ينتج عن انتظام السلاسل الغذائية، وهذا الغطاء النباتي يساهم بدوره في تحسين حالة المناخ وعلاج مشاكله.
- تنقية الهواء: كما ذكرنا فإن التنوع الحيوي يؤدي للحفاظ على النظام البيئي ويوفر غطاء نباتي وحالة مناخية جيدة، وكل هذه العوامل لها دور في تنقية الهواء في هذه المنطقة.
- زيادة خصوبة التربة: وكمثال على دور التنوع الحيوي في زيادة خصوبة التربة نذكر أن دودة الأرض تحفر أنفاقاً في التربة تسمح بمرو الهواء ضمنها بينما تقوم جذور بعض المحاصيل مثل البقولية بتثبيت الآزوت والمواد المعدنية فيها، كما أن روث الحيوانات يعد سماداً عضوياً طبيعياً للأرض، وهذا كله يزيد من خصوبة التربة ويجعلها صالحة للاستثمار ويؤكد على تكامل وظائف الأحياء في النظام البيئي الذي يتمتع بالتنوع الحيوي.
- تبادل المنافع: النظام البيئي قائم على تبادل المهام بين الكائنات الحية وهذا ما يضمن استمراريته، فالأشجار تؤمن المسكن لمختلف أنواع الطيور وتحميها من الانقراض والحيوانات المفترسة، وبعض الطيور تتغذى على الديدان التي تخرب المحاصيل وبالتالي تحمي المحاصيل من الفساد، وهذه المنافع المتبادلة هي أهم ما يقدمه التنوع الحيوي لاستمرار التوازن البيئي والحفاظ عليه.
- الحفاظ على جميع عناصر النظام البيئي: التنوع الحيوي يسمح باستمرار جميع أنواع الكائنات الحية ضمن نطاق بيئي معين، وهذا الاستمرار بالضورة سوف يحافظ على عناصر النظام البيئي عن طريق استمرار دورة الحياة الطبيعية لهذه العناصر دون تدخل الإنسان. [3]
- الرعي الجائر: يقصد به رعي المواشي في منطقة معينة دون الأخذ بالاعتبار أنها منطقة مخصصة للرعي، مما يؤدي إلى القضاء على الغطاء النباتي وموت الحيوانات الأخرى بسبب التصحر وزوال جميع مصادر تغذيتها فتصبح التربة معرضة للرياح العاتية التي تسبب انجرافها وللأمطار الغزيرة التي تغسلها وتزيل منها كل المواد المعدنية المفيدة لتصبع في النهاية أرضاً بوراً غير صالحة للزراعة وخالية من جميع أشكال الحياة.
- السكن العشوائي: إن التوسع على حساب الأراضي الزراعية نتيجة تزايد الطلب على المسكن أدى إلى تدمير جزء كبير جداً من الغابات التي تعد موطناً لملايين الكائنات الحية، كما أن تحويل السهول إلى مناطق صناعية أدى إلى تغير الظروف البيئية في المنطقة مما سبب موت الكائنات الحية بسبب عجزها عن التكييف مع التغيير المفاجئ الحاصل.
- الصيد الجائر: كما ذكرنا سابقاً إن البيئة موجودة وفق سلاسل غذائية دقيقة جداً لا يجب للإنسان أن يتدخل فيها كي لا يفسدها، لكن إفراطه في الصيد أدى إلى حدوث خلل في هذه السلاسل وتسبب في قتل الكثير من الحيوانات بسبب جوعها وعدم قدرتها على إيجاد مصادر تغذيتها لأن الحيوانات الأخرى التي تتغذى عليها قلت أعدادها بسبب إفراط الإنسان في صيدها، لذلك يجب تنظيم الصيد وفق فصول محددة لتجنب إفساد التنوع الحيوي.
- المبيدات الحشرية: الاستخدام الجائر والغير مدروس للمبيدات الحشرية يؤثر على التركيب الضوئي في النبات ويسبب تساقط الأوراق أحياناً كما أنه يسبب قتل الحشرات النافعة أيضاً مما يسمح للحشرات الضارة بالانتشار، وهذا يعني اختلال التوازن البيئي بالإضافة إلى ذلك تنحل المواد الكيميائية الموجودة في المبيدات وتتسرب إلى التربة أثناء الريّ وتقتل الجراثيم المفيدة فيها ومن الممكن أن تصل لحدود المياه الجوفية فتسبب تسمم كل من يستخدم هذه المياه.
- ازدياد معدلات التلوث: يعد التلوث العامل الأكثر تأثيراً في التنوع البيئي وذلك لأنه ينتشر في جميع المناطق، حيث أن نشاطات الإنسان السلبية طالت كل مكان، فبناء المصانع بالقرب من الأنهار والبحار وإلقاء المخلفات الكيميائية فيها يؤدي إلى قتل الكائنات المائية بسبب تسممها، والغازات الدفيئة المنبعثة من الطائرات والمبيدات الحشرية تفاقم مشكلة ثقب الأوزون الذي يغير من مناخ الأرض ويزيد من حرارتها وهذا يعني ذوبان الجليد في المناطق القطبية وموت الكائنات في هذه البيئات وهذا كله يؤثر سلباً في التوازن الحيوي. [4]
أصبح العالم في أواخر الآونة الأخيرة على دراية كبيرة بضرورة الحفاظ على التنوع البيئي فسارع يبحث عن حلول لكي يخفف من تعاظم هذه المشكلة الخطيرة خاصة أن الموارد البيولوجية تشكل مورداً هاماً للتنمية الاقتصادية والبشرية فكانت اتفاقية التنوع البيولوجي:
- في تشرين الثاني عام 1988 دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى إنشاء فريق خبراء متخصص في التنوع البيولوجي وفي أيار العام التالي تم تشكيل هذا الفريق الذي أصبح معروفاً في عام 1991 باسم "لجنة التفاوض الحكومية الدولية" وكانت النقلة النوعية في الخامس من حزيران عام 1992 إذ تم فتح باب التوقيع على هذه الاتفاقية في مؤتمر "قمة الأرض" الذي عُقد في ريو دي جانيرو وفي عام 1993دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ الفعلي.
- ما هي الدول المشاركة في اتفاقية التنوع الحيوي؟ شاركت العديد الدول في هذه الاتفاقية فمنهم كان مشاركاً ومنهم من وافق على هذه الاتفاقية ولكن لم يشارك بها، كالأردن، سوريا، الكويت، الصين، الهند وألمانيا وقد وصل عدد الدول إلى 196 دولة.
- مضمون اتفاقية التنوع الحيوي: إن الاعتراف المتزايد بأن التنوع البيولوجي يشكل قيمة عالية للأجيال الحالية والمقبلة دفع المنظمة لإنشاء صك قانوني دولي لحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه بشكل مستدام مع التشديد على ضرورة تقاسم التكاليف والمنافع بين الدول المتطورة والنامية إضافةً إلى إيجاد السبل لدعم الابتكار من قبل المجتمع المحلي.
- أجهزة الاتفاقية الرئيسية: أوجدت هذه الاتفاقية هيئات رئيسية منها مؤتمر الأطراف الذي يمثل الجهة المديرة للاتفاقية ويشمل الحكومات التي صدقت المعاهدة وهو مسؤول عن تحديد الأولويات وخطط العمل، وتقوم أمانة الاتفاقية التي يقع مقرها في مونتريال في كندا بتنظيم الاجتماعات ونشر المعلومات والتنسيق مع الهيئات الدولية الأخرى، والجهاز الأخير هو الهيئة الفرعية للمشورة التكنولوجية العلمية والتقنية التي تقوم بتقديم التوصيات بشأن القضايا العلمية والتقنية لمؤتمر الأطراف
- استراتيجية عمل الاتفاقية: على مدى السنوات السابقة قدمت الدول عدد كبير من الاستراتيجيات لتنظيم قوى الدول وتوجيهها نحو الحفاظ على التنوع البيولوجي ومن هذه الاستراتيجيات بابوا غينيا الجديدة، موناكو وبربادوس وغيرها من الاستراتيجيات وخطط العمل الضخمة.