تعلق الطفل بغير والديه وكيف يؤثر على التربية
لماذا يتعلق طفلي بالغرباء! تعرف إلى أسباب تعلّق الطفل بغير الوالدين وكيف يؤثر ذلك على علاقة الطفل بالأب والأم
يولد جميع الأطفال بدافع غريزي للبحث عن أشخاص يرتبط بهم بشكل وثيق ويتعلق بهم، وهم الآباء في الحالات الطبيعة، لكن نتيجة لبعض المشاكل والظروف قد تتوجه عاطفة الأطفال للغرباء بدلاً أن تكون للوالدين ويتعلق الطفل بغير والديه، فما هي أسباب تعلق الطفل بغير والديه؟ وكيف نتعامل مع تعلق الطفل بغير والديه؟ نتعرف إلى ذلك في المقال التالي.
محتويات المقال (اختر للانتقال)
- إهمال الوالدين: يشكل انشغال الوالدين عن طفلهما وعدم اهتمامهما بتقديم الدعم اللازم والحنان أحد أبرز دوافع التعلق بالآخرين عند الطفل، فالأطفال بحاجة لمن يتفاعل ويلعب معهم ويهتم باحتياجاتهم ورغباتهم العاطفية وإلا تملكهم شعور بالرفض وانخفاض قيمة الذات والوحدة مما يجرهم للتعلق بأي شخص يهتم بهم خارج المنزل غير الأبوين مثل الأصدقاء والمعلمات والأقارب والاجداد وغيرهم.
- تلقي الحنان من شخص آخر: قد يتعلق الطفل بمن يقدم له الحنان الذي يحتاجه في أوقاته العصيبة، وخاصة المراهق الذي كثيراً ما ينجذب للأشخاص خارج إطار الأسرة ويتعلق بهم بسرعة عندما يتفاعلون مع مشاعره وأفكاره ويقدمون الدعم له، فيشعر الطفل أن ذاك الشخص يعطيه أهمية خاصة ويجعله يشعر بالراحة والأمان فيتعلق به بشدة.
- المشاكل بين الأب والأم: المشاكل الكثيرة بين الزوجين تزعزع استقرار الأطفال نفسياً واجتماعياً خاصة لو أهمل الآباء أطفالهم بفعل هذه المشاكل، فيصبح الطفل الذي بتأثير ذلك فاقداً للشعور بالأمان والدعم العاطفي ويتعلق بأشخاص غير والديه ليعوض معهم ما عاشه من نقص نتيجة المشاكل الأسرية.
- الخوف من الوالدين: شعور الطفل بعدم الأمان مع والديه وضمن الأسرة من أكثر ما يسبب تعلق الأطفال بغير والديه، قد يتولد هذا الشعور بسبب سوء المعاملة الأسرية أو العنف المنزلي أو الإهمال العاطفي المتعمد وما إلى ذلك، لذا يتعلق الطفل بأشخاص آخرين يحتضنونه ويعوضونه عن سوء معاملة والديه أبرزهم الأجداد.
- الإعجاب بشخصية معينة: أسباب كثيرة تجعل الطفل يعجب بشكل كبير بأحد الأشخاص مثل وجود صفات خاصة يحبها الطفل أو ملاحظة الطفل للنجاح والتألق الذي يبديه هذا الشخص ويتمنى أن يصبح مثله، فيبني معه علاقة خاصة ويتعلق به.
- تقرّب الآخرين من الطفل: الأطفال يحبون من يتقرب منهم ويلبي طلباتهم ورغباتهم، وقد يجد الطفل هذه الحاجة في أشخاص غير الوالدين، الذين قم يمتنعا أحياناً تحقيق بعض رغبات الطفل بدافع التربية، فيصبح أكثر تعلقاً بهذا الشخص من والديه.
- فقدان أحد الوالدين: عندما يفقد الطفل أحد والديه ويحل شخص ما محله يتعلق الطفل به بشدة، فقد يتعلق الطفل بجدته أو خالته أو عمته في حال فقد والدته وربته إحداهن بدلاً عنها، حيث يمتلاً الفراغ الكبير الذي يكون بحياة الطفل نتيجة فقدان أحد الوالدين ويصبح من الصعب عليه التخلي عن تعلقه بمن حل محله. [1-2-3]
- فهم طبيعة التعلق وأسبابه: فليس كل تعلق يبديه الطفل لغير أبويه هو مشكلة لأنه جزء من تطوره ونموه الطبيعي، فإذا كان تعلق الطفل بالشكل الآمن لا داعي للقلق منه، أما التعلق غير الآمن أو المرضي الذي يؤثر بسلوك الطفل وأفكاره هو الذي يجب الاهتمام به ومعالجته، وتبدأ المعالجة بفهم هذه الطبيعية وتقديرها بشكل صحيح متوازن، بالإضافة إلى البحث في الأسباب الكامنة وراء هذا التعلق فهل يشعر الطفل بفقدان الأمان بين أبويه؟ أو هل يعاني من مشكلة نفسية أو اجتماعية؟ وهل يعيش مشاعر سلبية؟ وغيرها من الأسئلة التي يجب التفكير بها بحيث تساعد في فهم الأسباب الحقيقة.
- معالجة أسباب تعلق الطفل بالآخرين: بعد التأكد من الأسباب التي تدفع الطفل للتعلق بأشخاص غير والديه يجب العمل على معالجة هذه الأسباب بعينها بشكل تدريجي، فإذا كان الطفل يعاني مثلاً من التجاهل العاطفي ضمن أسرته دفعه للتعلق بأشخاص من خارج المنزل يجب أن يسعى الوالدين لتصحيح العلاقة مع الطفل والتقرب منه من جديد وإعادة الشعور بالحب والحنان لديه، وعلى هذا المنوال يتم التعامل مع كل سبب ومعالجته.
- فك التعلق بشكل تدريجي: عندما يتعلق الطفل بشخص معين بشكل كبير ومبالغ به يمكن العمل على إلهاء الطفل بطريقة معينة عن اللقاءات الكثيرة معه وجعل ذاك الشخص ينسحب تدريجياً عن حياة الطفل لكن دون أن يغيب تماماً خاصة إذا لم يكن شخصاً مؤذياً، لأن الهدف جعل الطفل يتخلى عن هذا التعلق شيئاً فشيئاً دون أن يتضرر نفسياً.
- التقرب إلى الطفل والتحدث معه: من المهم أن يتشجع الطفل للتحدث عن مشاعره مع أحد أبويه أو أفراد أسرته لفهم ما يعاني منه بشكل فعلي وما يدفعه للتعلق بغير والديه تعلقاً غير آمن ومؤذي، كما أن التقرب إلى الطفل ومجالسته بشكل متكرر تقوي علاقته بأسرته ووالديه وتعيد له الشعور بالأمان والدعم وتسهم في التخلص مع الوقت من مشكلة التعلق بالآخرين.
- تشجيع الطفل على تكوين علاقات اجتماعية: عندما يكون للطفل أشخاص قليلين يتواصل معهم يتعرض أكثر من غيره للتعلق بشخص عندما يرتاح بالتواصل معه، لذا عند توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية للطفل واكتساب العديد من الأصدقاء تتوفر له فرص مختلفة للتواصل وعيش تجارب متنوعة مما يسهم في تقليل تعلق الطفل المؤذي والزائد عن حده تجاه أشخاص معينين.
- طلب المساعدة من مختص: مشكلة التعلق عند الأطفال قد تتفاقم لحد يخرج به عن سيطرة الأهل والآباء بحيث يصبح الطفل عدوانياً وربما يدخل بحالة من الاكتئاب والبكاء الشديد عند الحرمان من الشخص المتعلق به وربما يلجأ لأذية نفسه أو الآخرين وهنا تصبح الاستشارة المختصة ضرورية للسيطرة على سلوك ومشاعر الطفل ومساعدته في التخلص من التعلق المضر الذي يعيشه. [1-2-3]
- الجدة والجدة: أكثر من يتعلق بهم الأطفال غير الوالدين هم الأجداد، فهم أكثر الأشخاص الذين يقضون وقتاً معهم بغياب الأهل وهم المصدر الأول للدعم والحنان والراحة والأمان للأطفال وأحياناً أكثر من الأبوين، لذا يتعلق الكثير من الأطفال بقوة بأحد أجدادهم خاصة في حال وجود مشاكل بالعلاقة مع الأبوين.
- المربيات: نرى في بعض الحالات أن الأطفال يتعلقون بمربياتهم أكثر من أمهاتهم، وذلك نتيجة القرب والدعم والاهتمام الذي يراه الطفل من المربية ولا يراه من والديه بسبب انشغالهم عنه وترك مسؤوليته للمربية.
- الأصدقاء: جميع الأطفال يتعلقون بأصدقائهم المقربين ويشعرون بالغيرة عليهم بعض الأحيان، لكن أحياناً يصبح الارتباط مفرطاً بين الطفل وأحد أصدقائه ويتضرر الطفل كثيراً إثر ذلك بسبب تحول الصداقة إلى تعلق مرضي.
- الأقارب: قد يكون لبعض الأقارب معزة خاصة عند الطفل كالأعمام والعمات والخالات والأخوال أو أبنائهم، فيتعلق بأحدهم في حال وجود علاقة قوية ويتأثر بهم خاصة لو عاش الطفل مشاكل عائلية معينة كفقدان أحد الوالدين.
- المعلمين والأساتذة: عندما يلاقي أحد الأطفال اهتماماً خاصاً من معلمه يتعلق به، وقد يتحول هذا التعلق لتعلق مفرط ومؤذي عندما يجد الطفل في هذا الاهتمام ما لم يجده من والديه ويعيش مشاكل عائلية أثرت في نفسيته.
- شخصيات مشهورة: من الشائع انجذاب الأطفال لبعض الشخصيات التي تشتهر في زمانهم كالممثلين والمغنيين، وحتى شخصيات كرتونية في بعض الأحيان، ويتأثرون بإحدى هذه الشخصيات بشكل كبير قد يصل لحد الهوس، وهذا يعود للجاذبية الشديدة المترافقة مع عدم إشباع حاجات الطفل ومعاناته من الاضطرابات العاطفية خاصة في بداية سن المراهقة.
يُسبب تعلق الطفل بشخص غير والديه، سواء كان مربية أو جدة أو خالة أو غيرهم، بعض الأضرار على نموه النفسي والعاطفي والاجتماعي، يتمثل بعضها فيما يلي:
- الابتعاد عن الوالدين: تتأثر علاقة الطفل بوالديه عندما يتعلق بأشخاص آخرين وتضعف وتزداد صعوبة التواصل فيها بعض الاحيان، حيث يصبح الطفل معتمداً على الشخص المتعلق به أكثر من والديه خاصة في حال وجود مشاكل أدت إلى نفور الطفل من اهله أو كان يحمل مشاعر سلبية تجاههم.
- صعوبة الانفصال: أي شخص يتعلق به الطفل غير والديه سيضطر للانفصال والابتعاد عنه في يوم ما، لكن الطفل هنا سيواجه صعوبة شديدة بالانفصال أو الابتعاد عن ذاك الشخص، فهو لن يكون واعياً بما فيه الكفاية لفهم عدم قدرته على تملك الشخص المتعلق به بالإضافة لعدم وجود النضج الكافي لفهم كيفية إدارة مشاعر الحزن والسيطرة عليها عند الانفصال لذا قد يصل به الأمر لحد الانهيار النفسي إثر ذلك خاصة لو تم فقدان هذا الشخص.
- الغيرة وإيذاء الآخرين: الطفل غيور جداً بطبيعته لذا فهو يصاب بغيرة شديدة جداً على الشخص الذي يتعلق به وهذا يسبب له مشاكل عندما يكون هذا الشخص ليس أحد والديه، لأن الطفل سينزعج من علاقات ذاك الشخص بالآخرين خاصة لو كانت علاقة قوية وربما يصبح عدوانياً ويلجأ لإيذاء أي شخص يقترب ممن يحبه ويتعلق به.
- صعوبة تكوين علاقات اجتماعية: عندما يصل تعلق الطفل بشخص معين لحد الهوس يفقد الرغبة في التواصل مع أشخاص آخرين ويصعب عليه القدرة على اكتساب معارف وتكوين علاقات اجتماعية سليمة مع أشخاص جدد فتفكيره واهتمامه يتمحور حول شخص معين وبالتالي تضرر شخصية الطفل ويؤثر ذلك على سلوكه الاجتماعي الحالي والمستقبلي وبشكل خاص الطفل المراهق.
- حدوث إضرابات نفسية وسلوكية: قد تحدث إضرابات في السلوك كالانطوائية والعدوانية بسبب الشعور بالغيرة على شخص ما يتعلق به الطفل ويرغب بقضاء كل الوقت معه وعدم اقتراب أحد آخر منه، كما قد يصاب بنوبات شديدة من الحزن والاكتئاب لنفس السبب، وقد يعيش الطفل حالة من ضعف الثقة بالنفس بسبب رفض الشخص الذي يتعلق به له بعض الأحيان وعدم تقديم الاهتمام المتوقع.
- قضاء وقت مع الطفل: يحتاج الطفل للشعور بوجود والديه معه في مختلف الأوقات وعيش لحظات مشتركة وبناء ذكريات وأوقات ممتعة معهم هذا من شأنه زيادة تعلق الطفل بوالديه وتقوية العلاقة بينهما، يتم ذلك من خلال اللعب مع الطفل والتخطيط لنشاطات مشتركة خارج وداخل المنزل وما إلى ذلك.
- تقديم الدعم والحنان: عندما يشعر الطفل بحنان والديه ودعمهم له لا يحتاج للبحث عن هذا الحنان عند أشخاص آخرين، وسيكون تعلقه الأكبر بوالديه الذين يشعر معهم بالثقة والراحة والأمان ويساعدونه في مواجهة كل التحديات.
- تلبية الاحتياجات والرغبات: بناء علاقة إيجابية بين الطفل وأبويه وزيادة تعلقه بهما يتطلب بذل جهد في تلبية احتياجات ورغبات الطفل وتدليله بالشكل المناسب ودون الإفراط في ذلك، بحيث يشعر الطفل بحب واهتمام والديه بسعادته وتأمين متطلباته.
- مدح الطفل وتشجيعه: مدح الطفل في بعض المواقف التي يقوم بها بتصرف إيجابي أداة مهمة لتطوير العلاقة بين الآباء واطفالهم، حيث أنها تساعد في جعل الطفل يثق بوالديه ويشعر بالرضا والأمان والانتماء لهم ويزيد تعلقه بهم.
- التحدث إلى الطفل وطرح الأسئلة: من المهم أن يحافظ الآباء على تواصل جيد مع أبنائهم كي يتعلقوا بهم ويتجنبوا مشاكل التعلق بالآخرين التي قد تؤذي الطفل، حتى لو كانوا أطفالاً صغاراً، وذلك من خلال طرح الأسئلة المختلفة عن يومهم ومشاعرهم ومشاركتهم في بعض الأحاديث المناسبة لأعمارهم. [4]