صفات الشخصية العدوانية السلبية وكيفية التعامل معها
سمات الشخصية السلبية العدوانية من الأسباب التي تؤدي لصعوبة التعامل مع بعض الأشخاص وعدم القدرة على التفاهم معهم أو الثقة بهم، ولكن هذا النمط من الشخصية لا يتصف بالغضب وردود الفعل العدائية والعصبية كما يوحي الاسم، وإنما يضمر عدائية مستترة تظهر بطرق ملتوية ومراوغة من الصعب إدانتها أو إثبات عدائيتها، فما هي الشخصية السلبية العدوانية، وما أفضل السبل للتعامل معها.
يمكن تعريف الشخصية السلبية العدوانية أنها نمط من أنماط الشخصية لا يحمل صاحبها صفات عدائية مباشرة، أو لا يظهر العدوانية تجاه الأفراد أو الجماعات بشكل صريح، وإنما يضمر نوايا ورغبات وميول عدائية، يعبّر عنها بطرق ملتوية ومراوغة تستهدف التسبب بالإزعاج أو الأذى للضحية بدون التهجم عليها بشكل مباشر، من خلال السخرية أو تعمد ارتكاب الأخطاء، أو الإحباط، أو المعاملة السلبية، وغيرها من الطرق ما يجعل الضحية يشعر باللوم أو المسؤولية أو الذنب أو التقصير تجاه المعتدي، أو فقدان الثقة بالنفس والإحباط.
لا يوجد تشخيص أو تعريف للشخصية السلبية العدوانية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية ما يجعلها نمطاً من الشخصية وليس اضطراباً مميزاً، وتقع الشخصية العدوانية السلبية في دائرة اضطرابات الشخصية المحدد الآخر أو اضطراب الشخصية غير المحدد، كون من يعاني منه تتوافر فيه الصفات العامة لاضطرابات الشخصية بشكل عام، ولكن لم يدرج هذا الاضطراب تحديداً ضمن اضطرابات الشخصية العشرة.
يمكن أن يكون الشخص العدواني السلبي أي شخص في حياتنا، فقد يكون أحد الأبوين، أو أحد الزوجين، أو أحد الأبناء، أو الأصدقاء أو أحد الغرباء، وليس بالضرورة تصور أنه شخص غريب وبعيد عن محيطنا، وسوف تتم ملاحظته بشكل واضح إذا ظهر، بل أن صاحب الشخصية السلبية العدوانية نفسه قد لا يدرك أنه يعاني من هذا الاضطراب أو هذه الصفات.
إذاً الشخص العدواني السلبي هو من يخفي عدائيته ويعبر عنها أو يفرغها بطرق مغطاة غير ظاهر وهذا ما يسمى بطريقة الضرب تحت الحزام، فالزوج الذي يحاول دائماً كسر عزيمة زوجته والتقليل من شأنها ومن أهمية إنجازاتها وقراراتها أو أراءها قد يكون شخص عدواني سلبي، والصديق الذي يكون كثير التطلب ولا يقدم أي دعم أو مساندة لأصدقائه ويحاول المماطلة وارتكاب الأخطاء المتعمدة قد يكون عدواني سلبي، حتى الأبن كثير التذمر واللوم على والديه وإشعارهما بالذنب وأنهما لم يقدما له شيء أيضاً قد يعاني من العدوانية السلبية.
والأمثلة كثيرة على سلوكيات العدوانية السلبية، فيتعلق تحديد الشخص العدواني السلبي في صفاته الشخصية وكيفية تعامله مع الآخرين، بمعنى أن العدواني السلبي من يتعمد دائماً تصدير مشاعر سلبية لضحايا ميوله وأفكاره العدائية، بطريقة غامضة ومستترة، والتسبب بالأذى النفسي أو الجسدي لهم بطريقة غير مباشرة.
وفي كثير من الأحيان قد يكون اضطراب الشخصية العدوانية السلبية صفة مصاحبة لاضطرابات أخرى في الشخصية، مثل الشخصية السيكوباتية المعادية للمجتمع، أو الشخصية الهستيرية، أو الشخصية النرجسية، أو الشخصية الحدية، فلكل من هذه الاضطرابات جانب معين يحمل نوايا سيئة أو عدائية تجاه الآخرين، قد يجد صاحبها في العدوانية السلبية طريقة لتنفيذ رغباته وميوله العدائية، دون أن يضطر لإظهار هذه العدائية من خلال الغضب والعصبية أو التهجم والعنف المباشر.
- المعاملة الصامتة (الصمت العقابي): بعض مظاهر العدوانية السلبية تتسم بالصمت كرد فعل أو طريقة في التعامل، فأحياناً قد يؤدي الصمت للخوف من العواقب، وأحياناً يؤدي للاستفزاز، وأحياناً أخرى يؤدي لصعوبة الفهم، وهذا يعتبر أسلوب عقابي لدى بعض أصحاب اضطراب الشخصية السلبية العدوانية.
- تقلب المزاج والمشاعر: يظهر على أصحاب الشخصية العدوانية السلبية كثرة تقلب المزاج، فهو لا يظهر ما يزعجه، ولكن قد يبدو عليه الانزعاج أحياناً دون معرفة السبب فيبدو بأنه متقلب المزاج.
- الاستياء ومعارضة الآخرين: الشخص العدواني السلبي غالباً ما يعبر عن عدائيته من خلال الاستياء ومعارضة اقتراحات الآخرين ورغباتهم، ولا تكون هذه المعارضة منطقية بالضرورة وإنما فقط من باب التسبب بإزعاج الآخرين وشعورهم بالرفض.
- ضعف الثقة بالنفس: يمكن أن نلاحظ على الشخص صاحب الشخصية العدوانية السلبية عدم الثقة بالنفس، وهي تعتبر من الأسباب التي تؤدي لهذه الشخصية، فهو يخاف من التعبير عن مشاعره أو غضبه بشكل مباشر، وفي بعض المواقف يمكن أن يبدو عليه عدم الثقة بالنفس.
- الحسد والغيرة: قد تظهر على الشخص العدواني السلبي صفة الحسود والغيور، فهو لا يحب الخير للآخرين، وينزعج من أي انجاز أو نجاح يحصل مع الأشخاص الذين يراهم أعداء.
- يتصف صاحب الشخصية العدوانية بأنه غير متعاون ولا يمكن الوصول معه لتفاهم أو اتفاق.
- الكيدية وعدم اظهار المشاعر، فالشخص العدواني يشعر دائماً بأنه في موقف تحدي.
- كثرة الشكوى والتذمر، دائماً ما يظهر للآخرين بأن لا شيء يعجبه ودون المستوى.
- المراوغة والتلاعب لا يمكن التنبؤ برغباته ونواياه الحقيقية.
- كثرة التسويف والتباطؤ، ويعتبر هذا أسلوب في عدائيته حيث يسبب الإزعاج للآخرين.
- إلقاء اللوم على الآخرين، بهدف إشعارهم بالذنب وعدم الرضا عن أفعالهم.
- كثرة السخرية من الآخرين سواء من سلوكيهم أو قراراتهم وأراءهم، حتى يحبط إنجازاتهم.
- كثرة الاستفزاز، فالشخص العدواني السلبي يحاول إثارة مشاعر الغضب عند الآخرين.
- تعمد ارتكاب الأخطاء، حتى يسبب الضرر للآخرين والظهور بأنه لا يقصد ذلك.
- السلبية في الاستجابة لطلبات الآخرين أو مشاعرهم أو رغباتهم.
- النشوء في بيئة كاتمة للمشاعر: قد ينتج سلوك العدوانية السلبية عن نشوء الفرد في بيئة تكتم مشاعره ولا يتعلم فيها كيف يعبر عن الغضب والمشاعر السلبية، فهذا شيء غير متاح ويتم قمعه من قبل السلطة الأبوية فيلجأ للعدوانية السلبية كبديل.
- اتصاف الشخصية بالخوف والجبن: إذا كانت شخصية الفرد تتصف بالجبن والخوف، فلا يستطيع مواجهة الآخرين بغضبه أو مشاعره العدائية، وبدلاً من ذلك يلجأ للعدوانية السلبية حتى لا يضطر للمواجهة المباشرة.
- وجود احقاد تجاه المجتمع: بعض الأشخاص يكون لديهم أحقاد تجاه المجتمع، وذلك بسبب أحداث معينة مرت بحياتهم، أو طريقة تربوية خاطئة، وعندما يكبر الشخص ويجد أن هناك ما يمنعه من التعبير عن عدائيته، سوف يجد في العدوانية السلبية طريقة أقل مخاطرة للتعبير عنها.
- عدم القدرة على إدارة مشاعر الغضب والتوتر: إذا لم يتعلم الشخص كيف يدير مشاعر الغضب والإحباط والتوتر لديه، غالباً سوف تنمو لديه شخصية سلبية عدوانية، حيث يكبت مشاعر الغضب هذه منذ مرحلة الطفولة دون تنفسها أو إيجاد حل لها، ويتحول من العدوان الواضح إلى العدوان السلبي مع تقدمه في العمر.
- عدم وجود فرصة للتعبير عن الغضب: قد يعيش الشخص العدواني في أجواء أو بيئة لا يمكنه التعبير فيها عن غضبه، بسبب الكبت أو الخوف من العواقب، أو القوانين، أو أي سبب آخر، فيتعلم العدوان السلبي للتعبير عن رغباته العدائية وتحقيق أحقاده أو دوافعه الانتقامية إن وجدت.
- المعاناة من بعض اضطرابات الشخصية الأخرى: كثيراً ما تترافق الشخصية العدوانية كصفات سلوكية مع معاناة الشخص من اضطرابات شخصية أخرى، مثل الشخصية النرجسية أو الشخصية الحدية أو الشخصية المعادية للمجتمع أو الشخصية السادية وأأو خسهلالتميبسنأو الشخصية الهستيرية.
- الصدمات النفسية والعاطفية: تعرض الإنسان لصدمات عاطفية ونفسية قد ينمي لديه دوافع انتقامية وعدائية تجاه المجتمع أو بعض أفراده، أو بعض الأدوار الاجتماعية، ولكن قد تمنعه سلطات المجتمع وقوانينه من تنفيذ دوافعه الانتقامية، فيستخدم العدوانية السلبية كطريقة لتحقيق هذه الرغبات.
- التدرب على التعبير عن المشاعر: منذ الطفولة يجب أن يتربى الفرد على آلية التعبير الأفضل عن المشاعر، حتى لا تنمو لديه طرق ملتوية للتعبير عنها، فعندما يشعر الطفل بالغضب يجب عدم كبته تماماً وترك بعض المساحة له للتعبير عن مشاعره ومن ثم علاج مشاكله، وتعليمه كيفية إدارة مشاعر الغضب لديه.
- التسامح وبناء جسور الثقة: إذا كان الشخص الذي يتعامل معنا بطريقة عدوانية سلبية مهم بالنسبة لنا، كشريك الزواج، أو أحد الأبناء، فيمكن التسامح مع عدائيته، وإظهاراها له، والحوار معه حول مشاعره سعياً لبناء جسور من الثقة معه، وعدم انتقاده، أو الدخول في تحدي معه.
- عدم الانجرار للمجادلة معه: الشخص صاحب الشخصية السلبية العدوانية يرغب بالدخول في مجادلات وحالة الصد والرد في الحوار، فهذه المنطقة تناسبه ويعرف كيف يتعامل فيها وينفذ رغباته، فالأفضل عدم الانجرار لهذه المجادلات معه، وتجنب إظهار الشعور بالانزعاج أو الاستفزاز والغضب حتى لا يشعر بأنه حقق مبتغاه.
- البحث عن قنوات التواصل: كل شخص حتى من يعاني من اضطرابات شخصية مثل الشخصية العدوانية السلبية يوجد قنوات للتواصل معه، نعرفها من خلال التعامل اليومي، وهذه القنوات تجعله أكثر إيجابية واقل عدائية، واستغلال هذه القنوات للحوار معه وبناء الثقة، والتعبير عن سوء سلوكه العدواني السلبي ونتائج هذا السلوك عليه وعلى الآخرين، قد يكون طريقة مفيدة في الكثير من الأحيان.
- التجاهل في بعض الحالات: في بعض الأحيان يكون من الأفضل تجاهل سلوك الشخص العدواني السلبي، فهو يتعمد الازعاج أو الاستفزاز في الكثير من الأحيان، وتجاهله في مثل هذه الحالات يوصل له رسالة أن طريقته لا تحقق ما يريد وبالتالي يحاول التعامل بإيجابية أكثر.
- إجراء تقييم للشخصية العدوانية السلبية: تختلف الأسباب والعوامل التي تؤدي لنشوء الشخصية العدوانية السلبية، كما تختلف الآليات والطرق التي يمكن التعامل من خلالها مع هؤلاء الأشخاص حسب صفاتهم الفردية وخصائصهم، لذا في البداية يجب اجراء تقييم لهذه الشخصية قبل مرحلة العلاج.
- التدريب على مهارات التواصل الاجتماعي: قد تنتج أحياناً السلوكيات العدوانية السلبية ودوافعها، عن عدم معرفة الشخص كيف يتعامل مع الآخرين ويعبر لهم عن مشاعره، تدريبه على مهارات التواصل الاجتماعي يلعب دور كبير في تحسين سلوكه، وطرق تفاعله وبالتالي التقليل من الرغبات أو السلوكيات السلبية العدوانية لديه.
- العلاج السلوكي المعرفي: يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص على فهم كيفية ترابط مشاعرهم وأفكارهم وسلوكياتهم وتأثيرها على بعضها البعض، ويتيح هذا العلاج للأفراد تحديد الأفكار والمعتقدات السلبية وغير الصحية وخلق أنماط تفكير وسلوكيات أكثر صحة، وبالتالي استبعاد المشاعر والرغبات العدوانية السلبية.
- العلاج الدوائي: في بعض الحالات قد يحتاج صاحب الشخصية العدوانية لعلاج دوائي، بسبب معاناته من اضطرابات أو مشاكل نفسية أخرى، تؤدي للسلوك العدواني السلبي أو تنتج عنه، مثل حالات القلق والاكتئاب والتوتر.
- علاج اضطرابات الشخصية الأخرى: إذا كان السلوك العدواني السلبي ناتج أو عرض لأحد اضطرابات الشخصية الأخرى، مثل الشخصية المعادية للمجتمع أو الشخصية النرجسية، فإن علاج هذه الاضطرابات سوف ينتج عنه بالضرورة تقليل الرغبات العدائية السلبية.