تحليل شخصية الرجل الذي يضرب زوجته وصفات الزوج العنيف
يحتاج تحليل شخصية الرجل الذي يضرب زوجته إلى النظر للدوافع العامة للعنف الأسري، وإلى الأسباب النفسية التي عادةً ما تسبب عدوانية الزوج أو الرجل بشكل عام، وفهم ما يدور داخله من مشاعر وأفكار، وذلك بغية معرفة كيفية التعامل معه وردعه عن هذا السلوك، في هذا المقال نبحث في دلالات ضرب الزوج لزوجته، والأسباب الدوافع النفسية لذلك.
غالباً ما تتسم شخصية الرجل الذي يضرب زوجته بالعدوانية والعنف وفقدان السيطرة على الغضب، وعادةً ما يكون سلوكه هذا متشابهاً في التعامل مع أي شخص له عليه سلطة مثل الأطفال أو من يعملون تحت إمرته أو حتى الأشخاص الذين يعتقد أن العنف تجاههم بلا عاقبة وربما حتى تجاه الحيوانات كما في اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ولا يرتبط عنف الرجل المستمر تجاه زوجته بتصرفات الزوجة أو سلوكها بقدر ما يرتبط بشخصية الرجل نفسه وتركيبته النفسية وربما تسامح المجتمع مع سلوكه العنيف تجاه زوجته.
يمكن الربط بين شخصية الرجل الذي يضرب زوجته وبين عاملين أساسيين، الأول هو السوية النفسية للرجل عموماً ومدى قدرته على التحكم بانفعالاته والتعامل مع مشاكله الزوجية أو اليومية بصورة ملائمة بعيداً عن العنف الجسدي مقابل وجود عقد أو اضطرابات نفسية تجعله غير سوي، والعامل الثاني هو البيئة التي ينشأ فيها الرجل وكيف تنظر للمرأة وللأشخاص الأقل قدرة على المواجهة والدفاع عن أنفسهم عموماً، وكيف تعاملت هذه البيئة مع العنف الجسدي والنفسي الذي يصدر عن أفرادها أو يتعرضون له.
- ضعف شخصية الرجل: ترى العديد من النظريات النفسية أن الرجل الذي يضرب زوجته ويعتدي عليها يحتمل أنه يعاني من ضعف في جانب معين من شخصيته، وهذا الضعف قد يكمن في عدم معرفته كيفية التعبير عن المشاعر والأفكار، أو ضعف في أسلوبه لطرح أرائه، وضعف في الثقة بنفسه، وهذا الضعف يشكل مشاعر سلبية عند الزوج، يجعله بحاجة لتعويض النقص لديه، فيلجأ للعدوان في التعامل مع الزوجة، حتى يثبت قوته أمام نفسه وأمام زوجته.
- الشعور بالملكية والهيمنة على الزوجة: أحياناً يكون لدى الرجل شعور بالتملك تجاه الزوجة، وهذا قد ينتج عن الكثير من العوامل والأسباب، ويجعله يشعر بالخوف من فقدان زوجته أو ابتعادها عنه أو خروجها من دائرة ملكيته، كما يشعر بمسؤولية مبالغ فيها عن زوجته فيضربها عند الشعور بالخطر ظناً منه أنه يحافظ عليها ويحميها لتبقى معه بهذا السلوك.
- النشأة في بيئة عنيفة: نشأة الرجل في بيئة يمارس فيها العنف في الأسرة أو الحي أو المدرسة، وتعرضه للعنف شخصياً في هذه البيئة، يجعله ينمي ميول وأفكار مغلوطة حول العنف كطريقة في التعامل وفرض الرأي، ومن المحتمل أن ينقل هذا التصور الذي نشأ عليه لحياته الزوجية ما يؤدي لقيامه بضرب زوجته.
- المعاناة من اضطرابات شخصية: كثيراً ما يدل ضرب الرجل لزوجته وتعامله العنيف معها على معاناته من أحد اضطرابات ومشاكل الشخصية، واشهر هذه الاضطرابات السايكوباتية أو الشخصية الحدية، الشخصية التسلطية، الشخصية السادية، الشخصية النرجسية، أو حالة البارانويا، حيث أن كل هذه الاضطرابات الشخصية المذكورة قد تتضمن سلوكيات عنيفة، تتوجه غالباً نحو الزوجة والأسرة.
- الشعور بتهديد رجولته: قد يعاني الرجل من مشكلات وعقبات في حياته تهدد احترامه لنفسه وثقته بنفسه وشعوره برجولته، فيلجأ للسلوك العنيف مع الأشخاص الذين يراهم أضعف منه ولديه القدرة على الاعتداء عليهم بدون التعرض لرد من قبلهم، وتكون الزوجة غالباً هي ضحية هذا الرجل حيث يحاول استعادة مكانته ورجولته من خلال ضربها والاستقواء عليها.
- سكوت الزوجة عن عنف زوجها: كثيراً ما يستمر الزوج بسلوك الضرب والعدوان بسبب سكوت الزوجة عن هذه الحالة والسماح له بالتطاول دون أو عاقبة أو موقف واضح، وقد تكون الزوجة متسامحةً مع عنف زوجها وتعتبره حقّاً مكتسباً له.
- كره الزوج لزوجته: في بعض الحالات قد يدل ضرب الزوج لزوجته على مشاعر معينة نحوها مثل أنه لا يحبها ولا يريدها ويشعر أنه متورط بها ولا يمكنه تركها وبأنها تمثل عبئ عليه، مثل حالات الخيانة العاطفية ووجود علاقة أخرى للرجل، أو الشعور بأن حبه لها توقف بعد الزوج، أو أن زواجه منها كان خطأ أو شيء حدث بدون رغبته.
- الخوف من سيطرة الزوجة: قد يكون الخوف أحياناً هو الدافع وراء سلوك ضرب الزوجة من قبل الزوج، مثل أن يكون ضعيف في ناحية معينة، وزوجته صاحبة شخصية ناجحة أكثر منه سواء في العلم أو العمل أو أي جوانب أخرى، ويرى الزوج في هذه الحالة أنه الطرف الأضعف في العلاقة ويخاف على مكانته ومن سيطرة الزوجة عليه، فيضربها ليبقيها تحت سيطرته ويضمن طاعتها ورضوخا له.
- سوء تصرف الزوجة: على الرغم أن العنف لا يرتبط عادةً بسلوك الآخرين بل بالشخصية وسماتها وقدرة الفرد على التحكّم بنفسه، لكن في بعض الحالات قد تضغط الزوجة على زوجها بشكل كبير بسلوكها وتصرفاتها أو طريقة كلامها ما يجعل الزوج يفقد السيطرة على نفسه، وقد يؤثر أسلوبها المستفز على محاولات الزوج تجنب العنف الجسدي، مع ذلك لا يمكن اعتبار ذلك مبرراً للعنف الزوجي وخصوصاً المستمر، لكن في نفس الوقت لا يمكن إغفاله كأحد الأسباب.
- مشاعر الغضب والإحباط: في بعض الأحيان قد يمارس الزوج الضرب تجاه زوجته بسبب مشاعر لديه بالإحباط والغضب، سواء الغضب منها أو حتى الغضب من أشياء أخرى في الحياة، ولا يعرف كيف يعبر عن غضبه أو يفرغه، فيحول هذا الغضب والإحباط لعدوان تجاه زوجته.
- عدم القدرة على إدارة العلاقة: العلاقة الزوجية فيها الكثير من التفاصيل والخلافات والمشاكل، وتحتاج لحكمة وصبر في التعامل مع المواقف المختلفة، وبعض الرجال يعجزون عن إدارة مختلف جوانب العلاقة ومواقفها وأحداثها، ويجد بالضرب طريقة أسهل لفرض قراراته والتحكم بكل شيء.
- ضعف السيطرة على السلوك والمشاعر: بعض الأشخاص لديهم قدرة أقل على الانضباط الانفعالي والعاطفي، ولا يعرفون كيف عليهم التعامل مع مشاعرهم، فقد يستشيط غضباً ولأسباب غير منطقة تارة، ثم يهدأ ويشعر بالندم تارة، وخلال تقلبه هذا قد يضرب زوجته نتيجة خروج أعصابه عن السيطرة وعدم قدرته على ضبط سلوكه.
- طريقة لفرض السيطرة: بعض الرجال من ضعاف الشخصية والثقة بالنفس، يريدون فرض سيطرتهم على الزوجة والعلاقة معها بأسهل الطرق، ويستغلون أن الزوجة تكون أضعف منهم من الناحية الجسدية والمادية والعاطفية، فيستخدمون العنف والضرب كوسيلة لفرض هذه السيطرة.
- فرط الحساسية والانفعال: أحياناً يكون الزوج سريع الانفعال ويعاني من فرط حساسية تجاه أي موقف أو حدث أو ردة فعل ويبالغ في الرد على ذلك، واجتماع هذه الظروف مع استفزاز الزوجة له سواء بشكل متعمد أو غير متعمد، قد يخرج الأمور عن السيطرة ويجعله يقوم بضربها.
- الثقافة الذكورية السامّة: أحياناً ينتج السلوك العنيف عن وجود الرجل في بيئة اجتماعية تشجيع وتعزز الثقافة الذكورية السامة، وتدعم فكرة أن المرأة دائماً تابعة للرجل، وأن المرأة التي تحاول الخروج عن هذه القواعد تعتبر شاذة ويجب لجمها ومنعها حتى لو من خلال الضرب، وحتى أهل الزوجة قد يشجعون ذلك في هذه الثقافات.
نعم غالباً ما يشعر أكثرية الرجال بالندم على ضرب الزوجة، خاصة في الحالات التي يكون فيها الضرب ناتج عن غضب شديد أخرج الرجل عن طوره وسيطرته على نفسه وأعصابه، فإذا كان الرجل لديه أي مستوى من العاطفة أو المحبة لزوجته، أو حتى مستوى من الوازع الأخلاقي أو الديني، فسوف يراجع نفسه بعد سلوكه العنيف مع زوجته ويشعر بالندم على ذلك، وهذا يفسر أن الكثير من الرجال الذين يعتدون بالضرب على الزوجة يعودون لمصالحتها بطرق مختلفة، سواء لندمه الناتج عن معرفة خطأه الذي ارتكبه، أو ناتج عن خوفه من خسارة زوجته بسبب فعلته.
ولكن لا يمكن القول أن ندم الزوج على ضرب الزوجة هو حالة عامة تصلح مع جميع الرجال، فبعض الرجال قد يكون فاقد للأخلاق والرجولة، ولا يفهم كيف تكون العلاقة الطبيعية مع الزوجات، وواجباته في حمياتها والدفاع عنها وليس ضربها، وينتج سلوكه دائماً عن تفكيره بما يمكنه فعله وليس ما يجب أو يصح فعله، فمن وجهة نظره أن الزوجة أضعف منه بدنياً وعضلياً ولا يمكنها صد عدوانه فيعتدي عليها ويضربها دون ندم.
ولكن في كل الأحوال على الزوجة أن لا تسكت عن تعرضها للعنف والضرب من قبل زوجها، وأن تفكر دائماً في خياراتها لحماية نفسها من الاعتداء الزوجي، سواء بالدفاع عن نفسها إذا أمكنها ذلك وإذا تأكدت أن دفاعها هذا لن يزيد الأمر سوءً ويسبب تعرضها للأذى وزيادة ضرب زوجها لها، أو التبليغ عن تعرضها للضرب سواء للجمعيات والمنظمات المعنية بحماية المرأة وتمكينها، أو على الأقل اخبار الأهل بتعرضها للضرب، وإذا كانت كل هذه الخيارات غير متاحة، فالأفضل أن تعمل المرأة على تمكين نفسها اجتماعياً واقتصادياً وحتى أمنياً، ومن ثم التفكير في كيفية الانفصال عن هذا الرجل العنيف وعيش حياتها بطريقة تحفظ كرامتها الإنسانية.
فمعرفة الرجل أن المرأة قادرة على الدفاع عن نفسها أو أن لديها من يدافع عنها، أو وجود منظمات وسلطات تحميها ويمكنها تبليغها، وأنها متمكنة وقادرة على اعالة نفسها أو الحصول على الإعالة من ذويها أو من هذه المنظمات، سوف يلجم سلوكه العنيف، ويجعله أكثر حذراً من الاعتداء عليها، ويعرف أن هناك ما يردعه عن السلوك العنيف.
نعم في بعض الحالات قد يكون لدى الزوج مشاعر حب حقيقية وربما قوية حتى وإن كان يضرب زوجته، وربما هذا الحب هو ما يدفعه لضربها، ولكن يمكن أن يسمى الحب المريض، الذي يكون دوافعه التعلق والغيرة والتملك والسيطرة، وليس الرغبة في إسعاد المرأة التي يحبها، وأحياناً يكون الرجل يحب زوجته ولكن تحصل مواقف معينة تخرجه عن سيطرته على أعصابه وتؤدي للتعامل معها بعنف لمرة واحدة فقط ويندم على ذلك.
وفي حالات أخرى كثيرة قد ينتج ضرب الزوج لزوجته عن عدم محبته لها وعدم شعوره بالراحة معها ورغبته بالاستمرار بالحياة معها، ولكن يشعر بأنه متورط بها ولا يمكنه تركها، فيشعر بالحيرة بين مخاوف الانفصال عن المرأة التي لا يحبها، والمسؤولية تجاهها وتجاه الاسرة والمجتمع، وفي نفس الوقت عدم سعادته معها بسبب صفاتها أو سلوكياتها أو طباعها، أو عدم التوافق معها، وهذا الوضع من الحيرة يفقده مع الوقت مشاعر التعاطف والاحترام تجاه زوجته، ويجعله يستسهل ضربها والاعتداء عليها، لكونه لا يعرف كيف يتصرف حيال مشاعره المتناقضة تجاهها.
وفي بعض الأحيان قد يكون الرجل يعاني من اضطرابات ومشاكل نفسية أو شخصية، وهذه الاضطرابات تسبب له عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين أو الشعور بالمحبة أو الميل أو نحو أي أحد، ويكون عدواني بشكل عام تجاه كل الناس، ولكنه يخاف أن يعتدي على أي أحد حتى لا يتعرض لرد قوي، ولا يجد إلا بالزوجة الضعيفة ضحية يمكنها الاستقواء عليها دون التعرض للمخاطر، فيلجأ لضربها وفرض قوته عليها.
- التأني في اختيار الزوج منذ البداية، بفهم طباعه وقناعاته ومشاعره.
- عدم السكوت عن حالة الضرب والعدوان، وإيجاد أي طريقة قانونية أو اجتماعية أو عاطفية لوقف هذا السلوك، دون استفزاز الزوج.
- مساعدة الرجل على تحسين سلوكه وثقته بنفسه وتقوية شخصيته.
- الإبلاغ عن حالات العنف إذا كانت بدرجة تسبب الأذية للمرأة أو الخطر عليها.
- عدم استفزاز الزوج ومحاولة أن يبقى كل من الزوجين ضمن دوره ويقوم بواجباته.
- إشعار الزوج بمحبة زوجته وأنها لا يمكن أن تستغني عنه إذا ما أحسن تعامله معها.
- العمل على علاج مشاكل الزوج السلوكية أو النفسية أو الاضطرابات الشخصية والنفسية إن وجدت بالتعاون مع الأهل ومع المختصين.
- مساعدة الزوج على تفريغ مشاعر الإحباط والغضب لديه بوسائل سلمية، أو تجنب التعامل معه على الأقل عندما يكون بهذه الحالة.
- تعزيز شعور الرجل برجولته وقوته عندما يقوم بسلوك جيد مثل احترام المرأة وتقديرها.
- تجنب العناد وإهانة الزوج عند المشكلات الزوجية.