تأثير فارق السن الكبير بين الزوجين وهل يسبب مشاكل!
قد يسبب فارق السن مشكلة للبعض عند اختيار شريك الزواج، وقد يسبب رفض الزواج لدى البعض، أو يعتبر خيار مفضل لدى البعض الآخر، فسواء على المستوى العاطفي أو الاجتماعي أو الثقافي والفكري، يكون لفارق السن تأثير مباشر ينعكس على الحياة اليومية للزوجين، فهل فارق السن يؤثر على الحياة الزوجية، وكم يجب أن يكون فارق السن بين الزوجين؟ هذه والأسئلة وغيرها نجيب عنها في مقال اليوم.
نعم قد يكون فرق السن بين الزوجين مشكلة في بعض الحالات أو في بعض جوانب الحياة الزوجية خصوصاً عندما يكون الفارق كبيراً ولا تتم مراعاته عند اتخاذ قرار الزواج، ويتوقف ذلك على عوامل كثيرة منها مدى هذا الفرق ومن من الزوجين أكبر من الآخر، بالإضافة طبعاً لعمر الزوجين وقت الزواج، وما هي طموحات وميول ورغبات كل منهما ومفهومه أو تصوره عن الحياة الزوجية.
فالفرق الكبير بالعمر مثلاً بين الزوجين قد يكون له عواقب صحية كون أحد الزوجين يعاني من أعراض مرتبطة بالعمر والشيخوخة بشكل مبكّر بالنسبة للطرف الآخر، وعواقب اجتماعية كون المجتمع قد لا يتقبل هذه العلاقة خصوصاً عندما تكون المرأة أكبر من الرجل، وعواقب عاطفية نتيجة عدم الانسجام من الناحية الفكرية والثقافية وحتى الرومانسية والجنسية بين الزوجين، وما يترتب على ذلك من مشاكل تقع بين الزوجين أو لدى أحدهما ومشاعره تجاه الآخر وحتى وفائه له.
من جهة أخرى فإن معظم النساء يملن للارتباط برجل أكبر سناً، ومعظم الرجال يميلون للارتباط بامرأة أصغر سناً، ويظل النقاش قائماً حول حجم الفارق العمري بين الزوجين، ومدى نجاح الزواج غير التقليدي بين رجل أصغر من زوجته أو بين امرأة أصغر بكثير من زوجها.
ومما سبق يمكن القول أن فرق العمر بين الزوجين في حدود معينة غالباً ما يكون عاملاً مساعداً، بشرط ألا يكون هذا الفرق كبيراً، ويكون الرجل هو الأكبر في العمر في أغلب الحالات، مع مراعاة الفروقات في التفضيلات الفردية لكل رجل وامرأة فلا يوجد قاعدة عامة تشمل جميع الأشخاص في تفضيلاتهم، أو تضمن نجاح الزواج أو فشله فقط بناء على فارق السن!
التأكيد يوجد تأثير من نواحي عديدة لفارق العمر بين الزوجين، ولكن تعتبر هذه التأثيرات مختلفة ومتغيرة وغير ثابتة، ومن أهم نواحي هذه الآثار:
- الانسجام العاطفي: يؤثر فارق السن بين الزوجين على الانسجام العاطفي بينهما، فكل مرحلة عمرية تؤثر على طباع الإنسان وعلى طريقته في التعبير عن مشاعره وتقبل مشاعر الآخر، وبالتالي فإذا كان فارق العمر كبيراً جداً بين الزوجين قد لا يحدث انسجام في هذه الناحية، كما يتفاوت الزوجان بالنضج العاطفي والنفسي ما قد يكون سبباً في عدم التفاهم.
- التأثير على العلاقة الحميمية: تختلف الحاجة للعلاقة الحميمية حسب عمر الإنسان بشكل عام مع وجود فوارق فردية، فإذا كان الزوج يكبر زوجته بفارق كبير في السن فقد يصبح أقل قدرة على تلبية احتياجاتها الحميمية، وهذا يؤثر على مجمل نواحي الحياة الزوجية.
- الانسجام الفكري والثقافي: العمر يعلم الإنسان ويجعله يمر بتجارب أكثر وعلاقات أكثر تكون لديه طريقة في التفكير، ومن ناحية أخرى فإن الحياة تتطور وتتغير باستمرار من الناحية العلمية والثقافية والتكنولوجية وحتى الاقتصادية، وهذا قد يؤدي لنشوء اختلافات معينة بين الزوجين إذا كان يوجد بينهما فارق كبير في العمر.
- الفروق في الرغبات والميول: يميل الإنسان الصغير في السن أكثر نحو الأنشطة الصاخبة والمغامرات ويحتاج دائماً للتغيير في حياته، بينما يميل الأكبر إلى الاستقرار والحياة الروتينية البسيطة، وإذا كان فارق العمر كبير بين الزوجين، فقد يؤدي لحدوث خلافات من ناحية الميول والرغبات، سواء في الحياة اليومية، أو الحياة الجنسية، أو التفكير في المستقبل، أو حتى في طريقة تربية الأبناء.
- التأثيرات الصحية للتقدم بالسن: الشخص الأكبر سناً غالباً ما يعاني من صعوبات وعوائق صحية أكثر كلما تقدم في العمر، وإذا كانت المرأة في عمر صغير وزوجها في عمر كبير، فقد تنعكس الحالة الصحية للرجل على مختلف نواحي حياته مع زوجته، وتجعله أقل قدرة على مجاراتها وتلبية متطلباتها، من النواحي الاجتماعية والأنشطة اليومية والحياة الجنسية، وقد يفرض عليها ذلك جهد أكبر للعناية بصحة زوجها.
- اختلاف الأنشطة المشتركة: يحب الزوجين القيام بأنشطة مشتركة معاً لإثراء حياتهما العاطفية والاجتماعية والرومنسية، مثل الخروج في رحلات أو السفر أو التنزه، أو التغيير في العلاقة الجنسية، أو تكوين علاقات اجتماعية عائلية مع أصدقاء من نفس العمر، وغيرها من الأنشطة، وفارق السن الكبير بين الزوجين قد يكون عائق أمام هذه الجوانب.
- الاختلافات المزاجية: يختلف الناس بشكل عام في الحالة المزاجية، تبعاً للميول وطريقة الحياة المفضلة، والأحداث التي مرت بحياة كل منهما، وفارق السن قد يزيد من هذا الاختلاف في المزاج بين الزوجين وقد يفرز ذلك مشاكل بين الزوجين.
تميل معظم الثقافات لأن يكون الزوج يكبر زوجته بعدة سنوات بين 3 سنوات و5 سنوات بالمتوسط، بينما نجد ثقافات أخرى أكثر ميلاً إلى أن يكون الزوجان بنفس العمر تماماً أو بفارق بسيط، وثقافات أخرى تميل لوجود عشر سنوات فرق بين الزوجين لمصلحة الرجل.
إذاً لا يوجد قاعدة ثابتة يمكن من خلالها تحديد العمر أو الفرق المثالي بالعمر بين الزوجين، فهذا الأمر يتوقف على الكثير من العوامل والمتغيرات التي تتعلق بكل زوجين على حدة، مثل مستوى الوعي والتقارب العقلي والثقافي، أو الرغبات الشخصية لكل من الزوجين وتفضيلاته في العلاقة الزوجية، والمرحلة العمرية عموماً لكلا الزوجين والبيئة والثقافة.
ولكن بشكل عام يجب ألا يكون الفرق كبير جداً، بحيث لا يمكن لكلا الزوجين تلبية احتياجات شريكه، ففارق العمر هذا يفرض نوعاً مختلفاً من الحاجات على المستويات الصحية والجنسية والعاطفية والأسرية وحتى الفكرية.
وبنفس الوقت فإن التساوي في العمر بين الزوجين قد يفرض أيضاً نوع آخر من التحديات، مثل فسح المجال أمام نشوب خلافات تنتج عن حالة المنافسة بين الزوجين، وعدم الاحترام، وسعي كل منهما لفرض رأيه على الآخر، بمعنى أن تساوي العمر بين الزوجين يخلق حالة من الندية قد لا تكون دائماً في صالح استمرار ونجاح الحياة الزوجية.
ما حكم رفض الخاطب بسبب وجود فرق كبير في السن؟ لم يتطرق الإسلام لتحديد فرق معين بين الزوجين تجوز الخطبة فيه أو لا تجوز، ولم يحدد فيما إذا كان فرق العمر سبب لرفض الخاطب أو قبوله، ولكن نظر الإسلام للزواج على أنه تحصين لكلا الزوجين من الوقوع في المعاصي، وأعطى الحق للمرأة في قبول الخاطب أو رفضه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتَأْذَنَ" أخرجه مسلم
إذاً يمكن للمرأة رفض الخاطب إذا كانت ترى فيه ما لا يحقق لها السعادة الزوجية والسكينة، وهي غير ملزمة بقبول شخص دون آخر إلا أن تجد في نفسها القبول نحوه من ناحية، وأن ترضى خلقه ودينه، حيث جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه إن لا تفعلُوه تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ. قالوا: يا رسولَ اللهِ وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكُم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأنكِحوهُ" أخرجه الترمذي.
- عندما يكون فارق السن بين الزوجين في الحدود المعقولة حسب العرف والعادة (بين 3 و5 سنوات تقريباً لمصلحة الرجل) فهذا يراعي الفروق بين الرجل والمرأة في النضح وعلامات التقدم بالسن التي غالباً ما تكون أبطأ عند الرجل.
- تخفيف حالة الندية والمنافسة والتحدي بين الزوجين، ففارق العمر بين الزوجين يفرض قواعد من الاحترام تجنب الزوجين التنافس.
- زيادة تحمل المسؤولية من قبل الطرف الأكبر سناً كونه يعتبر أنضج وقادراً على استيعاب العلاقة والتعامل مع الشريك الأصغر.
- الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، فالرجل الأكبر سناً يتوقع أن يكون أكثر استقراراً من الناحية المالية والاجتماعية.
- الخبرة وتنوع وجهات النظر، حيث أن الأكبر يعتبر أنضج ولديه خبرة أكثر بينما الأصغر يكون أكثر مواكبة لأدوات العصر.
- تخفيف الخلافات الزوجية، والتي عادةً ما تكون أكثر في حالة تقارب العمر بين الزوجين.
- يساعد فرق السن بين الزوجين على النظر إلى الأمور بنظرة مزدوجة قد تكون فعالة في حل الكثير من المشاكل الزوجية وحتى مشاكل التربية.
- الاختلاف الفكري والثقافي بسبب فارق العمر، والذي قد يفرز اختلافات أو مشاكل في الاهتمامات والميول وطريقة التفكير.
- اختلاف الحاجات العاطفية بين الزوجين بسبب اختلاف الحالة النفسية والمزاجية وتوقعات كل طرف من العلاقة الزوجية، ما قد يؤثر سلباً على تلبية كل من الزوجين احتياجات الآخر.
- اختلاف القدرة على تلبية احتياجات الشريك، حيث أن فارق العمر يكون له توابع من حيث طاقة وصحة كل من الشريكين لمجاراة احتياجات الآخر، عاطفياً واجتماعياً وجنسياً.
- النظرة الاجتماعية السلبية، فأغلب الثقافات لا تتقبل الفروق الكبيرة في العمر بين الزوجين، أو أن تكون الزوجة أكبر من الرجل.
- قلة المشتركات، حيث يكون كل من الزوجين وكأنه يعيش في عالم مختلف عن الآخر، نظراً لاختلاف أدوات العصر واهتماماته، حتى بأدق تفاصيل الحياة، مثل استخدام التكنولوجية، أو اللباس، أو الأنشطة، أو حتى تربية الأبناء.
- سيطرة أحد الطرفين على العلاقة، إنا يسيطر الأكبر سناً بحكم خبرته ونظرة الاستعلاء على الآخر، أو بسبب روح الشباب والتحدي والثورية عند الأصغر سناً.