بحث عن الطفولة المبكرة وخصائصها
يزيد الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة من حياة الإنسان كمرحلة يمكن فيها تنمية العديد من الخصائص والقدرات لدى الطفل، لما لها من خصائص يمكن استغلالها لهذا الهدف، وفي هذا المقال سوف نتعرف على مرحلة الطفولة المبكرة من حيث المعنى، وما أهمية مرحلة الطفولة المبكرة وخصائص الطفل فيها، وكيف يمكن استغلالها.
يمكن القول أن مرحلة الطفولة المبكرة هي المرحلة العمرية التي تمتد من انتهاء فترة الرضاعة وحضانة الأم الكاملة وحتى ما قبل دخول المدرسة أو عمر الست سنوات، تتميز هذه المرحلة في تحولات كثير تطرأ على الطفل جسدياً وعقلياً ولفظياً، ويتعلم الطفل خلالها العديد من المهارات الحركية والحسية والذهنية.
قد يختلف تحديد العمر الذي تمتد فيه فترة الطفولة المبكرة باختلاف الخصائص المقصودة أو المجال الذي يعرّف ويحدد هذه المرحلة، ففي بعض المجالات تعني الطفولة المبكرة أول سنتين من عمر الطفل، وفي مجالات أخرى تشير إلى كل مرحلة ما قبل المدرسة.
تميز مرحلة الطفل المبكرة طبيعة خاصة غالباً ما تكون مشتركة بين جميع الأطفال في هذه المرحلة، ومن خلال بعض النقاط يمكن توضيح معالم هذه المرحلة التي تتلخص بما يلي:
- زيادة النشاط والحركة: تتطور القدرات الحركية عند الطفل بعمر عامين وما بعد تقريباً، ويلاحظ خلال هذه المرحلة كثرة الحركة النشاط عند الطفل الذي يتمثل بالركض والدوران والقفز واللعب بالأشياء وعدم الجلوس في مكان واحد.
- السؤال عن كل شيء: يتعرف الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة على العالم من حوله وأحداث وموجودات هذا العالم، ولمنه لا يدرك وظائف ومعاني معظم هذه الموجودات، وهذا يفسر كثرة السؤال لدى الطفل في هذه المرحلة فهو يريد فهم كل شيء ولفت الانتباه له.
- الانفعال السريع والعاطفية الشديدة: في مرحلة الطفولة المبكرة يكون الطفل لم يتعلم بعد مهارات ضبط النفس والعواطف والرغبات، فهو يرى أن كل شيء مرتبط به وبرغباته وأن ذويه هم من عليهم تحقيق كل ما يريد، وبسبب عدم تحقق رغبته دائماً تجده ينفعل ويحتد ويحزن كثيراً، كما يهدأ بسرعة ويشعر بالسعادة الغامرة على أشياء بسيطة مثل الحصول على لعبة أو مشاهدة فيلمه الكرتوني المفضل.
- التعلم باللعب: اللعب هو أساس الطفولة وفي مرحلة الطفولة المبكرة يتميز اللعب بأنه وسيلة للبحث والاكتشاف والتعلم، فالطفل هنا لا يلعب بدافع التسلية فقط، وإنما بدافع الفضول والتعرف على الأشياء، لذا قد يتسبب لعبه في بعض المشاكل نتيجة عدم إدراكه لنتائج أفعال، فهو يقوم بفك الأجهزة ليعرف ما في داخلها، ويقوم بالقفز من مكان عالي بسبب عدم إدراك المخاطر وقد يضرم حريق وهو يحاول إشعال نار.
- الخيال الواسع: ذهنية وعقلية الطفل في الطفولة المبكرة لا تكون قد تطورت بالدرجة الكافية لإدراك حدود الأشياء وتمييز الواقع عن الخيال، فهو يندمج مع أحلامه أو المواقف الخيالية التي يشاهدها في برامج الأطفال ويعتقد أن هذه الأشياء قابلة للتحقق بل وقد يحاول تحقيقها بالفعل.
في مرحلة الطفولة يمر الطفل بنقلة نوعية في جميع إمكاناته وقدراته العقلية أو الجسدية، ونتيجة لهذا يتعلم الكثير من الأشياء الجديدة التي من خصائص هذه المرحلة، ومن هنا يمكن ذكر بعض خصائص الطفولة المبكرة التي تتمثل في:
- تعلم الكلام: يبدأ الطفل بعد إتمام عامه الثاني تقريباً أو في هذه الحدود بتطوير بعض القدرات اللغوية واللفظية، فيبدأ بتعلم الكلام من خلال الملاحظة والتدريب من قبل الأهل والتحدث معه باستمرار، فيمكنه في البداية حفظ أسماء الأشخاص من حوله وإدراك أسمه، ثم يبدأ بتعلم كيفية التعبير عن حاجاته ورغباته، ثم يتحسن النطق لديه حتى يتقن الكلام بشكل كامل.
- تعلم المشي: أيضاً في مرحلة الطفولة المبكرة ونتيجة نمو الأطراف والقدرة على التوازن، يتعلم الطفل المشي في هذه المرحلة ويبدأ بتعلم الوقوف بمساعدة من حوله أو الارتكاز على أثاث المنزل، ثم الوقوف وحيداً ثم السير بعض الخطوات وهكذا حتى يتعلم المشي بشكل كامل.
- المحاكاة والتقليد: من ميزات وخصائص مرحلة الطفولة المبكرة هي كثرة الملاحظة عند الطفل ومحاولته تقليد الأشياء التي يلاحظها، فهو يتعلم من الكبار ويحاول القيام بأفعالهم وتقليد كلامهم، وهذه الخاصة تنمي لديه بعض القدرات الضرورية، مثل الكلام والأكل وارتداء الملابس.
- الفضول والتجريب: تتسع مدارك الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة وقدراته على الحركة واستخدام بعض الأدوات، وهذا يسبب لديه الفضول في التعرف على الأشياء من حوله، وهو من خلال لعبه بقوم بتجريب كل شيء حوله بدافع التقليد أو دافع الاكتشاف، وهذه الخاصية أيضاً لها دور في تعلم الطفل الكثير من الأشياء والمهارات بشكل عملي.
- الوعي بالذات: بعد العالم الثالث أو الرابع تقريباً يصبح لدى الطفل وعي بذاته ويصبح بإمكانه تميزها عن ذوات الآخرين، وأنه يتخلف في رغباته وميلوه وعن رغبات وميول الآخرين، كما يدرك أنه يستطيع كتمان أفكاره لديه ولن يعلم فيها أحد، فهي تخصه وحده ولن يعرفها أحد ما لم يبوح هو بها، وقد يتعلم الكذب والخداع والاخفاء في هذه المرحلة.
يحتاج الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة إلى طريقة تعامل خاصة تراعي خصائص هذه المرحلة وتساعد الطفل في تطويرها وتنمية قدراته، ويجب في مرحلة الطفولة المبكرة:
- تعليم العادات الجيدة: تعتبر هذه المرحلة فرصة مناسبة لتعليم الطفل العادات الجيدة مثل تنظيف الاسنان والالتزام بالمواعيد وترتيب الأغراض الشخصية، ويمكن استغلال خصائص اللعب والتقليد بطريقة تقنع الطفل بتعلم هذه العادات والالتزام بها.
- نوم الطفل في غرفة مستقلة: يجب الحرص على وجود غرفة مستقلة لنوم الطفل إذا أمكن ذلك، فمن جهة هو بدأ يلاحظ ما يدور حوله وربما يتعمد المراقبة لأهله، ومن جهة أخرى هو أصبح في عمر مناسب لبدأ الاستقلال عن أمه ونومه في غرفة خاصة يعتبر خطوة ضرورية في هذا الشأن.
- تقديم التوجيه والإرشاد: الطفل في هذه المرحلة يتعلم حول كل شيء ويلعب بكل شيء ويجرب كل شيء، ولا يدرك دائماً عواقب وأضرار أفعاله، فهو يحتاج للتوجيه والإرشاد الدائم من قبل الأهل، حتى لا يقوم بأفعال مؤذية من جهة، وحتى يتعلم بشكل صحيح حول كل ما في محيطه من جهة أخرى.
- التحدث مع الطفل بشكل دائم: من الأدوار المهمة في مرحلة الطفولة المبكرة أن يقوم الطفل بالتحدث بشكل دائم معه وإجابته عن أسألته وتضمين أي شيء يرغب بتعليمه ضمن قصص وأحاديث مع الأهل، ففي المرحلة الأولى من الطفولة المبكرة يفيد التحدث معه في زيادة مهاراته اللغوية وتعلمه للكلام، وفي المرحلة اللاحقة يفيد ذلك في بناء علاقة صحية بين الطفل ووالديه.
- تنمية العلاقات الاجتماعية: سوف يصبح لدى الطفل في المرحلة اللاحقة علاقاته الخاصة وسوف يكون مضطراً للتعامل مع أشخاص من خارج الأسرة، سواء في الزيارات والاجتماعات العائلة أو عند دخول المدرسة والقيام بأي نشاطات أخرى، وهذا يتطلب بعض المهارات الاجتماعية مثل كيفية تقديم أسمه والتعريف بنفسه، وكيفية بناء علاقة مع أصدقاء من عمره، وكيفية احترام الكبار والتعامل معهم، وكيفية الحذر من الغرباء وحدود التعامل معهم.
- البدء بتعليم بعض الأمور البسيطة: مرحلة الطفولة المبكرة تتميز بقدرة الطفل على الملاحظة والتعلم اللعب والتقليد والمحاكاة، ويمكن استغلال هذه الخصائص في تعلميه مهارات القراءة أو الكتابة بما يناسب عمره أو التهجئة على الأقل، كما يمكن تعليمه بعض العمليات الحسابية البسيطة، أو يمكن أن يحفظ بعض الكلمات في لغة أجنبية مهمة.
- تشجيع المواهب: الكفل في العمر الصغير يكون أكثر على سجيته ويتميز بنقاء الذهن وراحة البال والانغماس بالأشياء المحببة، وإذا ابدى الطفل موهبة في مجال معين، فإن التأسيس وتعليمه المبادئ والأسس الرئيسية لهذه الموهبة يكون مفيد جداً في هذه المرحلة.
- تقديم المحبة والتحفيز: يريد الطفل الصغير دائماً لفت انتباه الوالدين والشعور بمحبتها له وإعجابهما به والإطراء على أفعاله، ويمكن استغلال هذا في تحفيزه على الاستجابات والأفعال الجيدة التي تفيد في تربيته وتعليمه وتنمية الصفات الجيدة في شخصيته.
- استغلال فضول الطفل في التعلم: الطفولة وخاصة مرحلة الطفولة المبكر تتصف بالفضول وحب المعرفة والتجريب والملاحظة والمراقبة والتقليد، وهذه الأشياء كلها يمكن استخدامها في تعليم الطفل الكثير من المعلومات أو العادات بما يوسع مداركه ويغني مخيلته وأفكاره.
- تعليم الطفل التعاون والمسؤولية والتشاركية: تؤثر مرحلة الطفولة المبكرة وما يمر به الطفل خلالها من مواقف في تكوين المعالم الأولى لشخصيته وافكاره وقناعاته، ويمكن في هذه المرحلة بطرق بسيطة مثل التشجيع والتحفيز وإعطاء بعض المهام البسيطة تعليم الطفل صفات المسؤولية والمشاركة والتعاون والقدرة على التواصل.
- التحضير لدخول المدرسة: الطفولة المبكرة هي مرحلة ما قبل المدرسة، وتتميز في حب التعلم الاستكشاف من قبل الطفل، وهذا يجعلها مهمة لتحضير الطفل لواجبات المدرسة والأشياء التي سوف يتعلمها بها، حتى يكون عند دخول المدرسة جاهز للانطلاق بعملية التعلم ولديه تحضير مسبق ليشعر أنه مستبق لبعض المعلومات ما يمثل حافز له للتفوق والنجاح؟
- بدأ الاستقلال عن الأم: في مرحلة الطفولة المبكرة يبدأ الطفل في الاستقلال عن الأم والاعتماد على نفسه في بعض الأمور البسيطة وعدم حاجته للرعاية والحضانة التامة على مدار الساعة، وهي مرحلة حساسة ومهمة في تكوين شخصية الطفل المستقلة وتشجيعه على الاعتماد أكثر على نفسه.
- حصول تغيرات عديدة: تطرأ العديد من التغيرات على الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل البدء في تعلم المشي وتعلم الكلام والاستقلال عن الأم وتعلم بعض المهارات الحركية والذهنية، وهذه التغيرات مهمة لتحضير الطفل أكثر لتعلم أشياء جديدة بما يدعم نموه العقلي والجسدي.
- القابلية للتعلم: من خصائص الطفل في المرحلة المبكرة أن لديه قابلية كبيرة للتعلم، وهذا يجعلها مرحلة مهمة في تعليم الطفل الكثير من المهارات والعادات والآداب وأساليب التعامل مع الآخرين.
- نمو المهارات الذهنية والعقلية: تبدأ المهارات الذهنية والعقلية بالتطور والنمو في مرحلة الطفولة المبكرة وهذا يجعلها مرحلة مهمة لتوسيع مدارك ومعارف الطفل وتعليمه مهارات التفكير وحل المشكلات، حتى يكبر وهو يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة والذاكرة الجيدة.