الحلال والحرام في فترة الخطوبة وضوابط الخطبة الشرعية

تعرف أكثر إلى الحلال والحرام بين الشاب والفتاة في الخطوبة والضوابط الشرعية للخطوبة في الإسلام
الحلال والحرام في فترة الخطوبة وضوابط الخطبة الشرعية
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الخطوبة مرحلة أساسية في العلاقة بين الشاب والفتاة المقبلين على الزواج، وقد أجازها الإسلام لفهم سلوك وطريقة تفكير الآخر وصفاته الشخصية قبل الاقدام على خطوة الزواج، وكثيراً ما يتساءل المخطوبين عما هو حلال أو حرام خلال هذه العلاقة، وكيف يمكنهم تأدية خطوات وواجبات الخطوبة بطريقة يرضى عنها الله، وفي هذا المقال سنتعرف على كل ما يتعلق بما هو محرم ومحلل بين المخطوبين في فترة الخطوبة.

الخطوبة الشرعية في الإسلام هي أن يطلب الرجل المرأة للزواج، ولا يوجد في الشرع ما يحدد إجراءات الخطوبة أو مدتها الزمنية، لكن الإسلام يضع الضوابط الشرعية للتعامل بين الخاطبين، والانتقال من التعارف والطلب إلى إتمام الزواج، قال تعالى: "وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ" سورة البقرة آية 235.

والخطبة ليست شرطاً من شروط الزواج، فصحة الزواج تكون باستيفاء العقد بين الرجل والمرأة للشروط الشرعية وإن لم تكن هناك خطوبة، لكن الخطوبة مستحبّة، وتساعد على التعارف والتقارب بين الخاطبين وبين العائلتين والاتفاق على ما من شأنه تعزيز استقرار الزواج.

animate

ما هو الحلال بين الشاب والفتاة في الخطوبة؟ وضع الإسلام بالاعتماد على الأدلة الشرعية أهم الأمور المسموحة والمباحة في فترة الخطوبة، والأصل في الأشياء الإباحة، بمعنى أن تجنّب المحرّمات في الخطوبة بجوهره هو اتباع الحلال، ومنها النظرة الشرعية والتواصل والتعارف والاتفاق على الزواج:

  • النظر إلى الخطيبة: يحل للشاب النظر لخطيبته قبل الخطوبة والزواج، وهذا استناداً للحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم: "كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم، فأتاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصارِ، فَقالَ له الرسول صلى الله عليه وسلّم: أَنَظَرْتَ إلَيْها؟ قالَ: لا، قالَ: فاذْهَبْ فانْظُرْ إلَيْها، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصارِ شيئًا". وقوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا أراد أحدُكم أن يتزوَّجَ المرأةَ ، فإن استطاع أن ينظُرَ منها إلى ما يدعوه إلى نِكاحِها فليفعَلْ".
  • الحديث بشكل مستقل: لا يوجد في الدين الإسلامي ما يمنع التحدث بشكل محتشم ومهذب بين الخطيبين، وتبادل الأفكار والآراء حول الأمور التي تهمهما، وبعض التفاصيل الشخصية التي تساعد في التعرف على الطرف الآخر بشكل جيد، على أن يكون هذا الحديث في إطار الضوابط الشرعية للتواصل بين الرجل والمرأة.
  • الخروج في الأماكن العامة: من الأمور المباحة للخاطبين الخروج في الأماكن العامة للتعارف والتنزه بشرط اختيار الأماكن المناسبة، وشدّد بعض الفقهاء وأهل العلم على ضرورة وجود شخصٍ من أهل البنت مع الخاطبين وإن لم يجلس معهما على نفس الطاولة، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ".
  • الاتفاق على الحياة المستقبلية: يحقّ للمخطوبين الحديث حول الأمور الخاصة بالحياة الزوجية المستقبلية، مثل المبادئ والقيم والمعتقدات والأهداف الشخصية والمهنية ورغبات كلّ منهما، ما يساعد على تشكيل صورة متوقعة عن كيفية الحياة بعد الزواج، بشرط ألّا يكون في الحديث إغواء أو إيحاءات جنسية أو أي شكلٍ من أشكال المخالفات الشرعية.
  • الزيارات الأسرية: يحق لكلا الخاطبين التعرف على أسرة الطرف الآخر من خلال بعض الزيارات المتبادلة والمشاركة ببعض المناسبات لديهم، والتعرف على أفرادها وتبادل الزيارات الاجتماعية بحدود اللباقة والاحترام، لفهم القيم والسلوكيات التي يقومون بها ودراسة مدى تلائمها مع العقيدة الإسلامية والعادات الاجتماعية.
  • الخلوة بعد عقد القران: عقد القران الشرعي إن كان مستوفياً أركان الزواج جميعاً ولا ريب في صحته يبيح للزوجين التلامس الجسدي والخلوة الشرعية، فهم لم يعودا خاطبين بل زوجين على سنة الله ورسوله، مع ذلك يظل العرف القائم أن ترتبط الخلوة الشرعية بليلة الزفاف والانتقال إلى مسكن الزوجية المشترك، ويميل معظم أهل العلم للحث على الالتزام بهذا العرف لما فيه من صونٍ للسمعة وحفاظٍ على قيام الزواج بشكل صحيح اجتماعياً أيضاً وليس شرعاً فقط، وتجنبٍ لتبعات تعطّل الزفاف والانفصال قبل الوصول إلى الانتقال لمسكن الزوجية.

ما هي الأشياء المحرّمة بين المخطوبين؟ إن المحرّم بين الشاب والبنت في فترة الخطوبة هو نفسه المحرّم بين الرجل والمرأة في كل ظرف ووضع، وليس للخاطبين ما لم يتم عقد النكاح الشرعي أي تفضيل أو إباحة عن المعروف شرعاً، ومن الممنوعات في فترة الخطوبة:

  • الخلوة بين البنت والشاب في الخطوبة: يحرم على المخطوبين الخلوة والتواجد لوحدهم في مكان مغلق ومنعزل دون محرم قبل كتب الكتاب أو الزواج الشرعي، لكون كل منهما يعتبر أجنبياً بالنسبة للآخر، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الخلوة بين الرجل والمرأة في بقوله: "لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا كانَ ثالثَهما الشَّيطانُ" أخرجه الترمذي في صحيحه.
  • الحديث عن الجنس: من المحرمات خلال فترة الخطوبة التحدث بطريقة غير لائقة والتحدث عن الأمور الجنسية أو الحرجة بين الخطبين لما فيها من تحريك للمشاعر والغريزة، وخدش للحياء، والتعرف على ميول المرأة وخصائصها الجنسية علماً أنه ليس بالضرورة أن يحدث الزواج، فلذا لا يجوز التحدث في هذه المسائل بين المخطوبين إلا بعد كتب الكتاب.
  • التلامس والتقارب الجسدي بين الخطيبين: لا تجوز المصافحة والملامسة أو أي شكل من أشكال التقارب الجسدي بين الشاب والفتاة في فترة الخطوبة قبل عقد القران، حيث يعتبر الرجل أجنبياً عن المرأة وهي أجنبية عنه وإن كان بينهما اتفاق على الزواج.
  • تبادل الصور والرسائل المثيرة: من الحرام في الخطوبة تبادل الرسائل النصية أو الصور غير اللائقة كالصور المثيرة أو الرسائل التي تثير المشاعر والرغبة الجنسية، فيجب على المخطوبين احترام الحدود الشرعية والأخلاقية في كل ما يتعلق بالتواصل والتفاعل بينهما، وكره بعض أهل العلم تبادل مثل هذه الصور أو الرسائل حتى بين المتزوجين لما فيها من مخاطر التسرب والاختراق أو استعمالها بالابتزاز.
  • السفر معاً: لا يجوز للخطيبين السفر معاً قبل الزواج دون وجود محرم، فالسفر المتفق عليه بين المخطوبين يجب أن يتم بوجود محرم من أهل الفتاة، وأما السفر معاً ضمن مجموعةٍ في العمل أو الدراسة فيخضع للأحكام العادية ولا إباحة للخاطبين مختلفة عمّا هو مباح لغيرهم في هذه الحالة.
  • العلاقة الجنسية حتى مع عقد القران: يحرم بشكل تام الإقدام على أي علاقة جنسية قبل الزواج وعقد القران ويعتبر زنى، وهو من حدود الله التي لا يمكن تجاوزها في مرحلة الخطوبة قبل عقد القران، وعلى الرغم من جواز الخلوة الشرعية بين الرجل والمرأة في حال صحة عقد القران وإن لم يقيما الزفاف أو ينتقلا لمسكن الزوجية، لكن العرف أن يكون الجماع بعد الانتقال لمسكن الزوجية وإتمام الزواج، وهذا ما يستحبه أهل العلم ألّا يصل التواصل بين الخاطبين للجماع وإن كان مباحاً حتى وإن عقدا القران.
  • الحفاظ على حدود الله: يجب على المخطوبين الالتزام بحدود الله في التعامل والتفاعل بينهما، وتجنب كل ما يؤدي إلى الخطأ والمعصية، ويجب عدم الوقوع بالفتنة، وطلب نصائح أهل العلم والالتزام بها حول المباح والممنوع في فترة الخطبة.
  • التوافق الديني: يجب أن يتوافر التوافق الشرعي بين الطرفين بما شرّع الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة البقرة: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) الآية 221، فيجب أن يكون الشخص مسلماً ويتمتع بالخلق الحميد وأن يكون الزواج في مصلحة الطرفين ويحقق الاستقرار والسعادة الزوجية.
  • الموافقة الحرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتَأْذَنَ قالوا: كيفَ إذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ" أخرجه مسلم، نفهم من الحديث الشريف أنه يجب الحصول على موافقة الفتاة لإتمام الخطوبة وبشكل حرّ دون أي ضغوط أو إجبار أو ترغيب، ولا يجوز لأي شخص أن يضغط على البنت أو يكرهها للموافقة على الخطوبة.
  • الحفاظ على الحشمة: يجب أن يلتزم كلا الطرفين في مرحلة الخطوبة بالحشمة واللباقة بالتعامل والتفاعل بينهما، وتجنب أي سلوك أو ألفاظ يمكن أن تؤدي إلى الفتنة أو الإغراء أو الإهانة أو وقوع المحظورات.
  • الإشراف من قبل الأهل: من الضوابط الشرعية في مرحلة الخطوبة التي تقع على الأهل هو عدم السماح للمخطوبين بالاختلاء ببعضهما ما لم يتم عقد القران، والإشراف على سير علاقة الخطوبة وتأديتها والسلوكيات والتصرفات التي يقوم بها المخطوبين والتزام كلاهما بالحشمة.
  • الاحترام المتبادل: الاحترام أساس بناء علاقة زوجية ناجحة في المستقبل وهذا ما تنص عليه جميع الأديان، فيجب على المخطوبين الاحترام المتبادل وتقدير رغبات وأحاسيس الطرف الآخر، وتجنب أي سلوك أو كلام يمكن أن يؤدي إلى الإساءة أو الإهانة والتجريح.
  • تحديد أهداف الخطوبة: يجب على المخطوبين تحديد أهداف الخطوبة، والتي تشمل الاطلاع على معلومات مهمة عن الطرف الآخر وتقييم مدى التوافق الشخصي والديني والاجتماعي، والتحضير للزواج والبناء الأسري المستقبلي.
  • هل يجوز للخاطب أن يكلم خطيبته قبل عقد القران؟ يجوز للخاطب أن يتواصل مع خطيبته قبل عقد القران، والتحدث عن الكثير من الأمور والتفاصيل لمعرفة الطرف الآخر جيداً ودراسة مدى التوافق بينهما والاتفاق على بعض التفاصيل، ولكن يجب الالتزام بالقواعد والضوابط الشرعية في ذلك كالاحترام وتجنب الأحاديث المحركة للمشاعر والأحاسيس.
  • هل يجوز النكاح في فترة الخطوبة؟ لا يجوز النكاح أو التقارب الجسدي في فترة الخطوبة قبل عقد القران، وهو محرم تحريماً باتاً فهو من الزنى، وأما في حال عقد القران الشرعي الصحيح فتجوز الخلوة الشرعية.
  • هل يجوز الكلام الجنسي في فترة الخطوبة؟ لا يجوز في فترة الخطوبة حسب القواعد الشرعية الدخول بالأحاديث الجنسية التي تسبب تحريك المشاعر والوقوع بالمحرمات، لما في ذلك من تحريض على ارتكاب المعاصي، وما ينتج بعد ذلك من ظلم يقع على أحد الطرفين، بالإضافة لأن مرحلة الخطوبة هي بمثابة تعارف واختبار وقد لا يحدث بعدها زواج وبالتالي فإن الخطيبين غريبين عن بعضهما البعض والكلام الجنسي يخدش الحياء ويؤدي للفساد الأخلاقي.
  • هل يجوز اللمس والتقبيل في فترة الخطوبة؟ كما ذكرنا سابقاً، إن علاقة الخطوبة هي مرحلة تعارف واختبار لطباع كل من الخطيبين من قبل الآخر وقد لا يحدث بعدها زواج، وهي مرحلة تسبق النكاح وكل ما يجوز معه من كلام أو ملامسة وغيرها، وبناء على ذلك فلا يجوز التقبل أو اللمس في مرحلة الخطوبة، ويبقى الرجل محرماً كالأجنبي حتى عقد القران.
  • هل يجوز الحديث على الهاتف في فترة الخطوبة؟ لم ينهَ الدين الإسلام الحديث بين الخطيبين في فترة الخطوبة على الهاتف ووسائل الاتصال الاجتماعي، ولكن يجب الالتزام بقواعد الحشمة والأخلاق والأدب في العلاقة بين الخاطبين في حديثهما سواء على الهاتف أو أثناء اللقاءات.

المراجع