كيفية التعامل مع الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب
هل فعلاً يمكن أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها بدون سبب! في الواقع تتعدد الأسباب التي تدفع المرأة لطلب الطلاق، منها ما يكون محقّاً وضرورياً، ومنها ما قد يبدو للزوج سخيفاً أو غير مبرر أو غير مقنع، لكن في جميع الأحوال لا بد أن هناك أسباباً لطلب الزوجة الطلاق وإن بدا الأمر للزوج مفاجئاً أو غير متوقع!
لا يمكن أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها بدون سبب! لكن قد لا تفصح عن السبب وربما الأسباب موجودة وواضحة لكن الزوج لا يشعر أن هذه الأسباب وجيهة أو جديرة بالنقاش، وعندما يشعر الزوج أن طلب الطلاق والانفصال مفاجئ وبلا سبب فهذا يدل غالباً أن العلاقة بين الزوجين فاترة إلى الحد الذي لا يستطيع أحدهما فهم الآخر أو الشعور بما يمر به أو حتى توقع سلوكه.
عندما يدرك الزواج أنه من غير الممكن طلب الطلاق بدون سبب فذلك سيساعده على التفكير بالأسباب التي تدفع الزوجة لطلب الطلاق، والتي ربما لا تكون جديدةً أو طارئة، وربما احتفظت الزوجة بأسباب متراكمة لفترة طويلة قبل أن تصل لهذه المرحلة، وهذا لا يعني بالضرورة أن الزوجة لديها أسباب وجيهة أو موجبة للطلاق، لكن لا بد أن لديها ما يبرر طلبها وإن لم تفصح عنه سابقاً.
- لديها أسباب لا تريد الإفصاح عنها: قد تطلب الزوجة الطلاق وتبرر ذلك بأسباب غريبة أو غير منطقة، لأن رغبتها بالطلاق تخفي أسباب لا يمكنها التصريح بها، مثل عدم محبتها لزوجها أو تغير ظروفه المادية أو وجود علاقة في حياتها تجعلها ترغب بالطلاق، أو ربما لديها أي مشروع أو مخطط لا يمكنها التصريح به أمام الزوج والمجتمع المحيط بها، فتلجأ لاستخدام أسباب غير منطقة.
- شعور الزوج أن الأسباب التي تقولها الزوجية غير مهمة: ليس بالضرورة أن تكون أسباب طلب الزوجة الطلاق سخيفة فعلاً، وإنما ينظر لها الزوج على أنها سخيفة لكونها لا تهمه، فأشياء مثل التقصير العاطفي أو المادي أو الواجبات الزوجية، أو الحاجات المادية، هي أسباب مهمة وتبرر طلب الطلاق من قبل الزوجة، ولكن في بعض المجتمعات ولدى بعض الأزواج ينظر على أنها أسباب غير منطقة وغير كافية للطلاق.
- عدم تقدير الزوجة لعواقب الطلاق: في بعض الأحيان تطلب الزوجة الطلاق عند حدوث أي خلاف بينها وبين زوجها، وتكثر هذه الحالة لدى المتزوجين حديثاً وخاصة إذا كانت الزوجة صغيرة السن، قد لا تقدر عواقب الطلاق الاجتماعية والعاطفية، وتعبّر عن غضبها دائماً بطلب الطلاق مهما كان السبب بسيطاً أو غير منطقي.
- عدم القدرة على التفاهم بين الزوجين واختلاف الطباع: اختلاف الطباع بين الزوجين من حيث الرغبات والطموحات والمستوى الثقافي وكيفية التعاطي مع مختلف الأمور وتحديد الأوليات المادية والأسرية وغيرها، تسبب فجوة كبيرة في طريقة التفكير بين الزوجين وبالتالي تؤدي لصعوبة التفاهم على مختلف القضايا، وهنا قد تطلب الزوجة الطلاق لأسباب تبدو غير منطقة حتى وإن كان لها الحق في ذلك، ويرفض الزوج الطلاق كونه يرى الأسباب غير كافية ولديه الحق أيضاً في ذلك.
- طريقة لتهديد الزوج والضغط عليه: بعض النساء يستخدمن طلب الطلاق كوسيلة لتهديد الزوج للرضوخ لبعض رغباتهم والنزول عند طلب معين، وإذا رفض الزوج هذا فتسارع لطلب الطلاق منه كوسيلة للضغط عليه، فتبدو الزوجة وكأنها تطلب الطلاق بدون سبب.
- عدم التسرع بالموافقة على الطلاق: ينصح بأن لا يتسرع الزوج بالموافقة على الطلاق، بل عليه أولاً التأكد من رغبة زوجته الحقيقية بذلك، ومن وجود أسباب مبررة لهذا الطلب ويمكن التعامل معها، ورؤية الموضوع من قبل الزوجين من مختلف الزوايا والجوانب قبل الموافقة على طلب الطلاق، فربما يصلا إلى حل آخر ينقذ الحياة الزوجية.
- البحث عن المشكلة الحقيقية وعلاجها: لا يجب النظر فوراً إلى أن أسباب الزوجة في طلب الطلاق هي أسباب تافهة أو غير منطقية، وإنما أولاً يجب البحث عن المشكلة الحقيقية وتقييم مدى تأثيرها على الزوجة وعلى الحياة الزوجية، ومحاولة علاجها بشكل مشترك، قبل الحكم على الزوجة أنها تطلب الطلاق بدون سبب.
- منع الزوجة من استعمال طلب الطلاق للابتزاز العاطفي: إذا كانت الزوجة تطلب الطلاق كوسيلة للتهديد أو الضغط على زوجها لتحقيق أي طلبات أو رغبات، فيفضل ألا يمتثل الزوج لها في هذه الحالات، بل ويمكنه أيضاً الإيحاء لها بأنه سوف يقبل الطلاق إذا أصرت في عنادها، وذلك حتى لا تعتاد على ذلك كطريقة لإلزام الزوج برغباتها.
- ابتعاد الزوجين عن بعضهما لفترة مؤقتة: يمكن للزوجين تجريب الابتعاد كل منهما عن الآخر لفترة مؤقتة، فمن ناحية إذا كانا يشعران بالملل والفتور في العلاقة فهذه الفترة تساعدهما على التفكير بشكل أهدأ والوصول لنتائج أكثر منطقة، ومن ناحية أخرى تتيح للزوجة تجريب الحياة بدون زوجها والتأكد فعلاً إذا كانت تريد الطلاق، أم يمكن علاج المشاكل التي أوصلتهما لهذه النتيجة.
- محاولة تهدئة الأجواء قبل النقاش: من واجب الزوج عدم تصعيد الأمور مع زوجته، والسماح لمنطق الغضب والتوتر بالحكم على حوارهما مع بعضهما ومحاولة إيجاد حلول للخلاف، وإنما من الأفضل العمل أولاً على تهدئة الأجواء وعدم شحنها بالتحديات والمناكفات والعناد، ومن ثم النقاش في أسباب طلب الطلاق وإمكانية البحث عن حلول أخرى.
- التحدث مع الزوجة بطريقة ودية: يجب أن يكون الحديث مع الزوجة بطريقة ولهجة ودية يبدي الزوج فيها محبته لزوجته وتمسكه بها، والبعد عن الطرق العدائية والتي توحي بالتنافس والتحدي والمعاندة، فهذه الطرق لا توصل الزوجين لأي نتيجة.
- الحصول على استشارة: من الأفضل لجوء الزوجين لخبير في العلاقات الزوجية، للحصول على استشارة متخصصة يساعدهما الخبير من خلالها، على تقييم كل منهما لعواطفه الحقيقية تجاه الآخر ورغبته الفعلية في إنهاء العلاقة الزوجية أو الاستمرار بها، وبالتالي الخروج بحلول محتملة قبل الوصول للطلاق.
- عندما يصبح الأمر جديّاً: ربما تشعر الزوجة بالندم على طلب الطلاق بمجرد أن يبدأ الزوج بالاستجابة للطب أو نقاشه وكأنه على وشك القبول فعلاً بالطلاق، وربما تشعر بالندم عندما تبدأ إجراءات الانفصال والطلاق، ولكن يظل شعور الزوجة بالندم على الطلاق مرتبطاً بأسباب طلب الطلاق وبطبيعة العلاقة التي جمعتها بزوجها.
- تبدل مشاعرها تجاه الزوج بعد الطلاق: قد تنظر الزوجة بعد حدوث الطلاق أو خلال فترة الانفصال ما قبل الطلاق إلى مشاعرها بطريقة مختلفة، حيث تبرز مشاعر كانت غائبة أو تائهة وسط المشاكل والمجادلات والمناكفات، وهنا تشعر الزوجة فعلاً بالندم لأنها طلبت الطلاق من زوجها الذي كانت تحبه وترى فيه شريك حياتها.
- الشعور بعواقب الطلاق ومعرفة خطأها: قد لا تدرك الزوجة أحياناً عواقب الطلاق قبل حدوثه، من عواقب مادية مثل عدم وجود دخل مستقل لها، أو عواقب اجتماعية مثل الضغوطات من الأهل والمجتمع على المرأة المطلقة، أو عواقب عاطفية حول بقائها من دون شريك عاطفي وجنسي أيضاً، وتبرز لها هذه العواقب بعد الطلاق فتشعر بالندم.
- خيبة الأمل بطموحاتها التي سببت الطلاق: أحياناً يكون سبب طلب الطلاق من قبل الزوجية وجود طموحات معينة لها كانت تتأمل بها بعد الطلاق، مثل الطموحات المادية التي تتعلق بسفر أو عمل معين، أو طموحات عاطفية مثل الزواج من رجل آخر أفضل من زوجها، إذا ما خاب أمل الزوجة بهذه الطموحات بعد الطلاق سيكون الوقت متأخراً للشعور بالندم.
- زواج الرجل من امرأة أخرى وتحسّن حياته: عندما تبقي المرأة المطلقة تركزها مع زوجها الذي تركته، وترى بأنه قد تزوج من امرأة أخرى أو أصبحت بحياته امرأة أخرى، وتمكن من تخطي أزمة الانفصال بعدها، وأن حياته بدأت تتحسن، فقد ينتابها شعور بالغيرة والخيبة، وبالتالي تشعر بالندم على طلبها الطلاب وتخريب حياتها الزوجية والعاطفية.
- الشعور بالوحدة والفراغ العاطفي: لا تقدر المرأة دائماً كيفية سير حياتها ومشاعرها بعد الطلاق، فتطلب الطلاق بشكل متسرع دون دراسة المستقبل جيداً، وبعد أن يطلقها زوجها وتحصل على مبتغاها قد تشعر بالوحد والفراغ العاطفي بسبب بقائها دون شريك عاطفي في حياتها، وهذا يجعلها تندم على طلبها الطلاق.
- المقارنة بين الواقع الجديد والحياة مع الزوج: عندما تشعر المرأة بأن حياتها بعد الطلاق لا تلبي رغباتها وأمنياتها وتقارن بين هذه الواقع وبين حياتها السابقة مع زوجها من الناحية المادية أو الاجتماعية أو الأسرية والعاطفية فإنها سوف تصل لنتيجة سلبية وتشعر بالندم على طلاقها من زوجها.
طلب الزوجة الطلاق من زوجها في الإسلام يجب أن يكون لسببٍ مبرّرٍ، إما لوقوع الضرر عليها من الزوج أو بسبب الزواج، أو لخوفها ألا تقيم حدود الله، وقال الشيخ ابن باز في طلب الزوجة الطلاق من غير سببٍ أنه لا يجوز، فإذا كان عليها بأسٌ أو ضررٌ جاز لها طلب الطلاق والتفريق، أما في غير الأحوال المعروفة شرعاً فلا يحقّ لها ذلك، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم: "أيما امرأةٍ سألت زوجها طلاقًا من غير بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ" أخرجه الترمذي. مع العلم أن الكره والبغض إن لم تستطع الصبر عليه من الأسباب التي تبيح للزوجة طلب الطلاق من زوجها.
ويرى أهل العلم أن الشرع أنصف المرأة في الحالات التي يحقّ لها بها طلب الطلاق أو التفريق، وهي أن تكره في زوجها ما يخيفها ألّا تقيم حدود الله تعالى، عندها تفتدي الزوجة نفسها وتفترق عن زوجها، وذلك لقوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا" سورة البقرة آية 229.
- هل يجوز طلب الطلاق بسبب كثرة المشاكل؟ نعم يمكن للزوجة طلب الطلاق من زوجها بسبب كثرة المشاكل وتأثير هذه المشاكل على حياتها مع زوجها بما يوقع الضرر عليها أو على أسرتها مع عدم وجود حلول أخرى لهذه المشاكل.
- إذا طلبت الزوجة الطلاق ماذا يحق لها؟ إذا تمكنت المرأة من إثبات وقوع الضرر من استمرار الحياة الزوجية مع زوجها، أو إثبات تعديه عليها وأذيتها، ووافق الزوج على تطليقها أو حكم لها القاضي بالطلاق، فتكون حقوقها حقوق المرأة المطلقة في المهر والنفقة ونفقة الأبناء ومسكنهم، وإذا لم يكن يوجد لديها مبرر للطلاق ورفض الزوج ذلك وطلبت المخالعة فلا حقوق لها إلا ما يعطيها زوجها برغبته.
- ما حكم من تطلب الطلاق لعدم الراحة النفسية؟ لا يوجد حكم مخصص لحالة طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية، ولكن تعرض الزوجة للأذى النفسي من الزوج بسبب التقصير في واجباته الزوجية، أو إرغامها على ما لا تريده أو ما لا يرضى عنه الله عز وجل، أو دخول حالتها في باب سوء المعشر، فيحق لها طلب الطلاق لعدم حدوث الوفاق من باب التسريح بإحسان.