كيفية التعامل مع الطفل المندفع وتعديل سلوكه الاندفاعي
التعامل مع الطفل الاندفاعي وتقويم سلوكه يحتاج للحكمة والصبر، كون الاندفاع يعتبر من السلوكيات المزعجة والمحرجة بالنسبة للأهل، فما هو السلوك الاندفاعي للطفل؟ وكيف يمكن التعامل مع الطفل المندفع؟
الطفل المندفع هو الذي يقوم بسلوكيات متسرّعة أو متهوّرة دون التفكير بالعواقب، وتم تعريف سلوك الطفل الاندفاعي من قبل "الجمعية الدولية للأبحاث حول الاندفاع" بأنه السلوك دون تفكير أو الميل إلى التصرف بشكل أقل تبصراً بالمقارنة مع معظم أقرانه ذوي القدرة والمعرفة نفسها، أو الاستعداد لردود أفعال سريعة وغير مخطط لها اتجاه المحفزات الداخلية أو الخارجية دون النظر لهذه المحفزات.
ويشير عالم النفس السريري الدكتور ماثيو كروجر إلى أنه من الصعب تحديد ما إذا كان السلوك الاندفاعي عند الطفل هو شيء غير معتاد أم أنه أمر طبيعي، لكون الاندفاع عند الأطفال يعتبر طبيعياً في كثير من الحالات، حيث لا يملك النضج الكافي لتحكيم العقل قبل التحدث أو التصرف، ولهذا السبب يجب تقييم سلوكيات الطفل المندفعة على يد المختصين.
- مقاطعة حديث الآخرين: في الغالب الطفل المندفع يقوم بقطع حديث الآخرين كطريقة للمشاركة في الحديث، أو التعليق بشكل سلبي وقد لا يكون تعليقه في صلب الموضوع الذي يتحدثون به، ما يسبب الإحراج والانزعاج من قبل الأهل والآخرين.
- ردود فعل عنيفة: قد يستخدم الطفل المندفع ردود فعل عنيفة مع الأشخاص الذين يتحدثون معه دون التفريق بين الصغير أو الكبير، خاصةً عند توجيه الملاحظات والنصح له من قبلهم كالأهل أو الأخوة، وقد يتطور هذا السلوك للعدوانية إذا لم تتم السيطرة عليه.
- التحدث في الأمور الخاصة على الملأ: يقوم الطفل المندفع بمقاطعة الآخرين للحديث عن نفسه أو عن رغبته باللعب وإن كان الأهل يتحدثون مع أشخاص غرباء، وقد يتحدث عن أمور لا يجب التحدث عنها أمامهم مثل أسرار المنزل ومشاكل العائلة دون التفكير بالعواقب وتأثير ذلك على بنية الأسرة.
- الركض في الشارع دون الالتفات: يتصرف الطفل المندفع بشكل عشوائي في الشارع، حيث لا ينتبه للسيارات وإشارات المرور، فقد يركض لقطع الشارع والإشارة حمراء دون إدراك خطورة الأمر والحذر من السيارات القادمة.
- كسر الأشياء وغياب الحذر: الطفل المندفع سريع الغضب عادةً، فتراه يقوم برمي أي شيء يجده أمامه كتعبير عن الانزعاج أو الحزن أو الشعور بالإحباط، لكونه لا يعرف كيفية التعامل مع هذه المشاعر، ما يجعله يكسر الأشياء وقد يؤذي نفسه وغيره من دون قصد.
- وجود صعوبة في التركيز: في الغالب لا يتمكن الطفل المندفع من الاهتمام بالتفاصيل من حوله، وقد يؤدي هذا إلى صعوبات في التعلم والتحصيل الدراسي، فقد يجيب عن الأسئلة في الامتحان فوراً دون التركيز والتفكير بتفاصيله، ما يصعّب من عملية التربية وتوجيه الملاحظات.
- عدم الاستماع للأوامر والتعليمات: يجد الأهل صعوبة في طرح التعليمات على الطفل المندفع وحثه على تنفيذها، كما يصعب عليه تلقي المعلومات بشكل صحيح لكونه لا يفكر بهدفها والمقصود منها، فقد تطلب من الطفل توضيب ملابسه فيقوم بضبها في الخزانة بشكل عشوائي وغير منظم.
كيف أتعامل مع الطفل الاندفاعي؟ يحتاج التعامل مع الطفل الاندفاعي للتركيز على عدة نقاط، نذكر أهمها:
- التعاطف والتفهم لسلوك الطفل: يجب على الأهل الوعي أن السلوك الانفعالي عند الطفل أمر شائع، ويحتاج الطفل للتعاطف وتفهم المرحلة التي يمر بها، من خلال التحدث معه وتعليمه ما هو المقبول وما هو غير مقبول لكون السلوك الاندفاعي في الغالب قابل للتغيير.
- تعزيز الوعي العاطفي عند طفلك المندفع: لا يتمكن الطفل المندفع من فهم مشاعره بشكل صحيح والسيطرة عليها، فعلى الأهل تعزيز قدرته على التعبير عن مشاعره بطرق أخرى، مثل السعادة والحزن والقلق، وإشعاره بأنك مستعد لسماع كل ما يدور في ذهنه.
- شرح التعليمات والقواعد للطفل: يحتاج التحكم بالاندفاع عند الطفل لوضع الحدود والتعليمات التي يجب على الطفل اعتيادها، مثل القول لن تشاهد التلفاز حتى تنهي واجباتك المدرسية اليوم، ويجب شرح هذه القواعد بوضوح ليتمكن الطفل من فهمها بشكل صحيح.
- طلب أن يعيد الطفل التعليمات: بعد شرح أي قواعد وتعليمات للطفل المندفع دعه يعيد لك شرح هذه التعليمات، للتأكد من أنه استوعبها بشكل صحيح، حيث أن الطفل المندفع يجد صعوبة في التركيز على المهام المطلوبة منه.
- مساعدة طفلك في التعبير عن مشاعره: التعبير عن المشاعر أصعب ما يواجه الطفل، ما ينعكس على سلوكه بشكل سلبي، فيصبح الطفل قادراً على طلب المساعدة عند الشعور بالغضب أو الحزن أو الخوف إذا تعلم المفردات الصحيحة لوصف هذه المشاعر، مثل لا أريد اللعب بهذه اللعبة فأنا لا أشعر بها بالأمان.
- تعليم طفلك الصبر: تعليم الطفل الصبر من أكثر التحديات صعوبة على الأهل والطفل، لكنه الأهم لتنمية الطفل المندفع ومساعدته في تغيير هذا السلوك، مثل تعويده على الانتظار والترقب وعدم التعجل للحصول على مكافئة رائعة.
خطة تعديل سلوك الاندفاعية عند الأطفال بجب أن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من النقاط أو الخطوات والتي نذكر أهمها على الشكل التالي:
- البدء بتقويم السلوكيات الاندفاعية الكبيرة: قد يكون الطفل المندفع يسبب الكثير من الإحراج للأهل أمام الغرباء، فيجب البدء بالتحكم بالسلوكيات الاندفاعية التي لها تأثير أقوى قبل تصحيح المشكلات الصغيرة مثل عدم الالتزام بقواعد المنزل.
- عدم تنفيذ ما يرغب به الطفل مباشرةً: تأخير الإشباع عند الأطفال من أهم الطرق لتقويم سلوكه الاندفاعي لتعليمه ضبط النفس، فعند شرح مكافئات الانتظار سيتعلم أن مقاومة الرغبات المباشرة يمكن أن يعود عليه بفوائد كبيرة، مثل انتظار وقت اللعب أو تأجيل الطعام، فهذا سيعزز القدرة على التحكم بالدوافع.
- تقليل المحفزات الخارجية: تزيد المحفزات الخارجية من الطاقة الاندفاعية عند الطفل، مثل الممارسات الرياضية واللعب لوقت طويل مع الأطفال ستجعل الطفل أكثر اضطراباً، فيجب موازنة هذه الأنشطة مع الأنشطة الهادئة كالقراءة أو الرسم للحفاظ على توازنه، لكونها تقلل من الإرهاق وتساعد على إدارة الدوافع بشكل أفضل.
- تنمية المرونة عند الطفل: المرونة من المهارات الهامة التي لا يتمتع بها الطفل المندفع، ما يجعله أكثر استعداداً للاندفاع، فيمكن مساعدته على المرونة من خلال مساعدته على تقييم الخيارات عند مواجهة التحدي، مثلاً عند الخسارة في مباراة سيشعر الطفل بالإحباط ويرغب بترك اللعب، فبدلاً من التحدث معه عن الهزيمة يمكن تشجيعه لاعتبارها فرصة للتطوير والنمو وإدراك الأخطاء في المرة القادمة.
- وضع القواعد المنزلية: مثل أي سلوك مزعج يحتاج السلوك الاندفاعي للحدود والقواعد الواضحة بدءً من المنزل، فيجب أن يكون الطفل على دراية بتوقعاتك حيال مخالفة هذه القواعد، على سبيل المثال إذا عرف الطفل أنه لا يمكنه مشاهدة التلفاز قبل الانتهاء من واجباته في ترتيب غرفته، سيتعلم تحديد الأولويات والتحكم في الدافع للمشاركة في الأنشطة الترفيهية قبل الواجبات وإلا سيحرم من التلفاز ليوم كامل.
- طلب المساعدة من المختصين: عندما يقوم الأهل بأقصى جهد لتقويم سلوك الطفل المندفع دون جدوى، فيجب طلب المساعدة من المختصين، فقد يكون ذلك ناتج عن مشكلة صحية أو نفسية مثل اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه أو التوحد، لذا يجب طلب المساعدة لتحديد السبب ومعرفة كيفية التعامل معه.
- ممارسة الأنشطة الجسدية: اتاحة الفرصة للطفل للعب في الخارج مع أقرانه ومشاركته ببعض الأنشطة الرياضية، فهذا سيجعله أكثر قدرة على ضبط الذات، لذا يجب التركيز على التقليل من جلوسه أمام الشاشات والتشجيع على القيام بالأنشطة البدنية التي تساعد في توجيه طاقاته إلى أفعال إيجابية بدلاً من الأفعال المتهورة.
- مشاركة الطفل في عمليات اتخاذ القرار: المشاركة في القرارات المنزلية البسيطة سيساعد إلى حد كبير بالسيطرة على الاندفاع عند الطفل، فهي تساعد في تنمية حس المسؤولية وبالتالي تمييز ما هو مقبول وغير مقبول، وتطوير مهارات حل المشكلات الذي يساعد في تنظيم سلوك الطفل والتفكير قبل الاندفاع.
- تعليمهم تقنيات حل المشكلات: على الرغم من أن الطفل المندفع لا يملك القدرة الكافية على التفكير في حل المشكلات، إلا أنه من أكثر الطرق الفعالة للتحكم بالانفعالات، يجب تعليم الطفل أن هناك أكثر من طريقة لحل المشكلات ويجب تقييم العديد من الحلول المحتملة قبل البدء بها، مثل حل مسألة رياضية، فشجعه على تبادل الأفكار قبل أن يقرر ما يجب فعله، وبهذا يمكنهم الاعتياد على التفكير قبل التصرف.
- مساعدة الطفل على الاسترخاء: من الصعب جعل الطفل المندفع يقوم بجلسات تأمل ويوغا وغيرها من الممارسات التي يقوم بها البالغين للاسترخاء، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن مساعدته على الاسترخاء حيث يكون قادراً على الرسم والتلوين والتخيل، قد يكون الطفل المتهور صعب الجلوس للرسم لكن يمكن تشجيعه من خلال شراء علبة ألوان مميزة، والتخلص من اللوحات الرقمية والتلفاز من حوله، ما يجعل الرسم أكثر فعالية من التأمل بمساعدته على الاسترخاء وتفريغ الطاقة.
- المنافسة في اللعب: استخدام ألعاب المنافسة والألغاز قد تقدم فرص كبيرة للسيطرة على سلوك الطفل المندفع، حيث تحتاج هذه الألعاب للكثير من الصبر والتحكم بالانفعال بالإضافة إلى استمتاعه خلال التعلم، تقوم هذه الألعاب بتمرين دماغ الطفل على التحكم بنفسه للوصول للهدف بشكل أفضل.