دور الدعم الأسري في تعزيز الصحة النفسية للمراهقين
مرحلة المراهقة مرحلة انتقالية للإنسان ينتقل فيها من الطفولة إلى الشباب والنضج، وتضج هذه المرحلة بالكثير من المتغيرات والمشاكل والعواقب، يحتاج خلالها المراهق للتقبل والدعم من قبل أقرب الناس إليه للمساعدة في تجاوز مشاكله واستكمال بناء شخصيته، وهنا يأتي دور الدعم النفسي من قبل الوالدين والأسرة في تعزيز الصحة النفسية والعاطفية والسلوكية لديه، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن دور الأسرة في مرحلة المراهقة، وكيفية تقديم الدعم النفسي للابن المراهق.
تشير الأبحاث والدراسات إلى أن معظم الاضطرابات النفسية واضطرابات الشخصية تبدأ أعراضها بالظهور في مرحلة المراهقة، رغم أن أسبابها الحقيقية غالباً لا ترتبط بمرحلة المراهقة نفسها، لكن شكل المراهقة التي يمرّ بها الأبناء والدور الذي تلعبه الأسرة إمّا أن يساهم بتطوير المشاكل النفسية وربما إحداثها، أو بتطويقها وتقليل فرص تطوّرها.
من جهة أخرى يعاني المراهقون من أزمات نفسية اعتيادية بحكم طبيعة المرحلة العمرية والتغيرات الجسدية والهرمونية وتأثيرها على المشاعر والاستقرار النفسي للمراهق، إضافةً إلى أهمية هذه المرحلة ببناء الشخصية، ولذلك فإن فهم الأهل لاحتياجات المراهق النفسية أولوية في عملية التربية.
- التواصل المفتوح: يحتاج المراهق للتواصل المستمر المفتوح والدائم مع والديه وذلك للشعور باهتمام أسرته ومحبتهم واحترامهم، فهو يمر بمتغيرات عديدة على المستوى الجسدي والنفسي، وهذه المتغيرات تفرض على الأهل البقاء على اتصال دائم مع ابنهم المراهق وتفهم لحاجاته وتصرفاته، عن طريق بناء علاقة صداقة معه تقوم على المحبة والاحترام.
- تقديم الدعم العاطفي: يجب على الآباء والأمهات تقديم الدعم العاطفي لأبنائهم المراهقين وإظهار المحبة والمساندة اللازمة لهم، فمرحلة المراهقة تتميز بالحساسية الشديدة من قبل المراهق تجاه كل المواقف التي يتعرض لها وأي كلمة يسمعها أو ردة فعل يقابلها، لذا فمحبة الأهل ودعمهم العاطفي له دور كبير في تحسين صحته النفسية وزيادة ثقته بنفسه ومحبته لأهله.
- المشاركة في الأنشطة المشتركة: يمكن للأسرة المشاركة في بعض الأنشطة المحببة لابنهم المراهق مثل الرياضة والألعاب والأنشطة الثقافية، وذلك يمكن أن يعزز الروابط الأسرية ويساعد على تعزيز الصحة النفسية للمراهقين، ويزيد التقارب بين المراهق وذويه.
- تعزيز الاستقلالية: يشعر المراهق بأنه قد كبر ونضج وأن من حوله يجب أن يتعاملوا معه على هذا الأساس كي تزيد ثقته بنفسه، لذا من الجيد إعطاء المراهق بعض الاستقلالية في الأشياء الخاصة به والتي لا يمكن أن تسبب له أذى، وعدم ارغامه على شيء أو القيام بأشياء تمحو شخصيته وتفقده ثقته بنفسه.
- توفير بيئة آمنة ومريحة: تأمين البيئة الآمنة والمستقرة من الناحية العاطفية والاجتماعية والمادية للمراهق تمثل دعم نفسي وتشجيع على التعبير عن المشاعر والقضاء على التوتر النفسي، وبالتالي تحسين الصحة النفسية للمراهق.
- تشجيع الإيجابية في حياة المراهق: الإيجابية طريقة حياة ومصدر للطاقة للمراهقين في هذه المرحلة الحساسة من حياتهم، فيجب أن توفر الأسرة دائماً هذه الإيجابية وعدم إشعار المراهق بالضغط أو التوتر حتى يكمل نضوجه في ظل جو نفسي مريح وايجابي ينعكس على شخصيته في المستقبل.
- القلق والتوتر والاكتئاب: يمكن أن يعاني المراهقون من القلق والتوتر بسبب الضغوط النفسية المختلفة، مثل الامتحانات والعلاقات الاجتماعية والأحداث الصعبة في حياته، بالإضافة للمتغيرات النفسية والجسدية العديدة المرتبطة بهذه المرحلة، على الأسرة توفير الدعم النفسي والعاطفي للمراهقين، وذلك من خلال الاستماع إلى مشاكلهم وتقديم المساعدة والدعم اللازم لهم.
- اضطرابات الأكل: اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية أو زيادتها أو الرغبة في الاعتماد على نوع معين من الأطعمة تعتبر من المشاكل الشائعة في مرحلة المراهقة وخاصة بالنسبة للفتيات، وعلى الأسرة في هذه المرحلة تقبل المراهق وعدم ارغامه على شيء والتعامل معه بالأساليب الأفضل لحل هذه المشاكل وفق استشارة ونصائح من قبل مختصين.
- اضطرابات الشخصية: التغيرات النفسية في مرحلة المراهقة قد يكون لها آثار نفسية على شخصية المراهق وقد تصل بعض الأحيان لاضطرابات في الشخصية مثل اضطراب الهوية، وعلى الأسرة في هذه ا لمرحلة تشجيع المراهق وتوفير بيئة تربوية داعمة حتى يتمكن من التعامل مع هذه الأزمات ومساعدته على إيجاد ذاته وفهم نفسه، حتى يتجاوز هذه المرحلة بسوية وصحة نفسية.
- الاضطرابات الاجتماعية: الاضطرابات الاجتماعية أيضاً من المشاكل الشائعة في مرحلة المراهقة مثل الخجل والرهاب الاجتماعي، ويجب على الأسرة في هذا الأمر تشجيع الصحة النفسية الإيجابية للمراهقين، وذلك من خلال التحدث عن الأمور الإيجابية وتشجيعهم على الاستمتاع بالحياة وتحقيق أهدافهم
- مشاكل الإدمان: يمكن للمراهقين أن يصبحوا مدمنين على المخدرات أو الكحول أو الإنترنت أو الألعاب الإلكترونية، ويجب على الأسرة مساعدتهم في تجنب هذه الأمور وتقديم الدعم اللازم للتعافي، من خلال المتابعة والرقابة الأسرية وتوفير بيئة صحية بعيدة عن هذا النوع من الأشياء، وتقيم العلاج المناسب والفوري لهم في حال الإدمان على هذه الأشياء وبناء الثقة بين المراهق وأهله.
- اضطرابات السلوك: قد يحدث لدى المراهق أحياناً اضطرابات في السلوك، مثل العنف والسلوك المتهور، ويجب على الأسرة التدخل لتقديم الدعم والمساعدة في التغلب على هذه المشاكل، والعمل على منعها قدر المستطاع وبكافة الطرق التي لا تسبب صراع مع المراهق.
- التأخر الدراسي: يواجه المراهق في كثير من الأحيان صعوبات في التعلم تسبب له تأخر في الدراسة ويتمثل دور الأسرة في هذه الحالة في العمل مع المدرسة والمعلمين لتوفير الدعم اللازم لتحسين التحصيل الدراسي، وتوفير المتطلبات التي تحسن أدائه الدراسي وتحصيله العلمي.
- الاحتياجات النفسية: يواجه المراهقين العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية وهم بحاجة إلى الدعم النفسي والعلاج في حالة وجود مشاكل نفسية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والإدمان والاضطرابات السلوكية، ويمكن للأسرة العمل مع المهنيين في مجال الصحة النفسية لتوفير الدعم اللازم والعلاج المناسب.
- الاحتياجات العاطفية: يحتاج المراهقون إلى الدعم العاطفي واللفتة الحنونة من الأسرة، حيث يساعدهم ذلك على التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية والفسيولوجية بشكل صحي، ويعزز شعورهم بالأمان والثقة بالنفس.
- الاحتياجات الاجتماعية: الانتماء الاجتماعي والصداقات الصحية والعلاقات الإيجابية مع الأسرة والمجتمع من الحاجات الأساسية للمراهق، ويمكن للأسرة دعم المراهق في تطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي وتوفير الفرص المناسبة للتعرف على أصدقاء جدد والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- حاجة النجاح في التعليم: المراهق بحاجة كبيرة الدعم والتشجيع النفسي من قبل الأسرة في الدراسة وتطوير مهارات التعلم والتفكير النقدي، فهذا يجعله أفضل استقرار نفسي وعاطفي للقدرة على تجاوز صعوبات الدراسة من ناحية، والشعور بقدرته على النجاح والتفوق والانجاز من ناحية، ويمكن للأسرة توفير البيئة المناسبة للدراسة والمساعدة في تحديد الأهداف التعليمية وتوفير الدعم اللازم لتحقيقها.
- الاحتياجات التربوية: لا تتوقف الحاجات التربوية عند وصول الطفل لمرحلة المراهقة وإنما يختلف نوع هذه الحاجات وطريقة تلبيتها، فالمراهق هنا أصبح أكثر حاجة للتقرب من قبل أبويه والحوصل على دعمهما وترك له الاستقلالية والحرية في القرارات التي لا تؤثر سلباً على شخصيته، كما يحتاج المراهق للتوجيه الدائم ولكن بعيداً عن أسلوب التلقين وفرض الرأي الذي يمحو شخصيته.
- الاستماع بشكل فعال للمراهق: يجب على الأهل الاستماع بشكل فعال لمشاكل المراهقين وأفكارهم واهتماماتهم، وتقديم الدعم اللازم والمشورة لهم عند الحاجة، فالمراهق بحاجة ماسة لمن يسمعه وخاصة أهله وفهم الأشياء التي يفكر بها.
- تغيير النظر للمراهق على أنه طفل: من الأشياء التي تزعج المراهق بشكل كبير وربما تؤثر على علاقة المراهق بأبويه هو تعاملهما معه على أنه طفل صغير وغير قادر على التفكير أو اتخاذ القرارات أو ابداء الرأي، فالمراهق يرى نفسه أنه أصبح ناضج وقادر على تحديد خيارته، وهنا على الأهل استبدال نظرة التلقين والاجبار بنظره التفاهم والاقناع وبناء علاقة تفاعل وتواصل إيجابية مع ابنهم المراهق، لتمرير الأهداف التربوية بشكل أكثر سهولة ونجاح.
- المساعدة في تطوير المهارات الاجتماعية: الشاب في مرحلة المراهقة يكون في طور تكوين الشخصية والتعرف على الذات والرغبات والميول والحاجات، ويجب في هذه المرحلة العمل من قبل الأهل على دعم مهارات المراهق ومواهبه وتطويرها.
- توفير الحماية والأمان: يتعرض المراهقين عادةً لبعض المشاكل بسبب نفسيتهم المضطربة وسلوكهم الفظ ويحتاج المراهقون إلى الشعور بالأمان والحماية، ويمكن للأهل توفير البيئة الصحية والآمنة للمراهقين والعمل على حمايتهم من المخاطر.
- الاحترام والتقدير لشخصية المراهق: من واجبات الأهل تقديم الاحترام والتقدير للمراهقين كأشخاص مستقلين ولهم رغباتهم وطريقة تفكيرهم وميولهم، وبحاجة لتقدير اختلافاتهم واحترام قراراتهم وأفكارهم الخاصة.