مريض السكري والصيام في رمضان ونصائح لصيام صحي
مرض السكري هو مرض مزمن يعجز فيه الجسم جزئياً أو كلياً عن إفراز الأنسولين المنظم لسكر الدم، ويحاول الأطباء ضبط السكر للمرضى من خلال تنظيم الطعام والدواء، وعندما يأتي شهر رمضان يسأل المرضى عن مدى قدرتهم على الصيام، وسنوضح كل ما يتعلق بصيام مريض السكري من خلال المقال التالي.
هل يستطيع مريض السكري الصيام؟ يجب أن يلتزم مريض السكر بتعليمات الطبيب، وترتبط قدرة مريض السكري بالصيام برأي الطبيب وتوجيهاته، فبعض الحالات من مرض السكري يكون فيها ضرر الصيام خطيراً على انتظام السكر ويمكن أن يؤدي لمضاعفات خطيرة ومهددة للحياة.
تختلف قدرة مريض السكري على الصيام في رمضان بناء على عوامل كثيرة، منها نوع المرض إذا كان سكري من النوع الأول أم الثاني ودرجته، وطول عدد ساعات الصيام بناء على وقت شهر رمضان الكريم من السنة الشمسية أو الدولة التي يقيم فيها المريض، وبكل تأكيد بناءً على وضعه الصحي الخاص الذي قد يكون الصيام علاجاً له كما في بعض حالات مقاومة الأنسولين المتقدمة، وقد يكون مهدداً لحياته مثل الكثير من حالات السكري من النوع الأول.
السكري من النوع الأول يعجز فيه البنكرياس كلياً عن إفراز الأنسولين المنظِّم لسكر الدم فيكون العلاج بإعطاء حقن الأنسولين المرتبطة بمواعيد تناول الطعام، وغالباً ما ينصح الأطباء مرضى السكر من النوع الأول بالإفطار في رمضان، رغم أن حقن الأنسولين نفسها ليست مفطرة، لكن يجب أن يأخذ المريض عدة جرعات من الأنسولين على مدار اليوم ويجب أن يتناول طعامه بعد الحقنة بنصف ساعة وإلا سيتعرض للعديد من الاضطرابات في سكر الدم والتي قد تكون خطيرة على حياته.
لكن الطبيب هو من يستطيع اتخاذ القرار إن كان المريض قادراً على الصيام أم لا بناء على الجرعة التي يأخذها ومواعيدها وحالته الصحية العامة، ولا يجوز للمريض أن يصوم وهو يعلم أن الصيام يشكل خطراً على حياته.
هل يستطيع مريض السكر من النوع الثاني الصيام؟ مرض السكر من النوع الثاني يكون فيه الجسم قادراً على إنتاج الأنسولين ولكن بكميات غير كافية ويتم إعطاء المريض الأدوية المحفزة لإفراز الأنسولين والخافضة لسكر الدم للحفاظ على مستويات السكر، وترتبط قدرة مريض السكر من النوع الثاني على الصيام بحالة المريض كالآتي:
- مريض سكر نمط ثاني لا يتناول أدوية: إذا كان مريض السكري من النمط الثاني لا يتناول أدوية ويستطيع تنظيم سكر الدم من خلال غذائه والتمارين الرياضية يستطيع الصيام بعد موافقة الطبيب.
- مريض سكري النوع الثاني بصحة جيدة يتناول الدواء لمرة واحدة: يمكنه تنظيم دوائه مع الطبيب لمرة واحدة يومياً بين الإفطار والسحور ويستطيع الصيام دون مضاعفات بعد استشارة طبيبه.
- مريض سكري من النوع الثاني بصحة جيدة يتناول الدواء عدة مرات: يمكنه الصيام بعد استشارة الطبيب ومعرفة كيفية تنظيم الجرعات بشكل مختلف يتناسب مع الصيام مع ضرورة مراقبة أي أعراض يجب معه الفطر.
- مريض سكري نمط ثاني يتعالج بالأنسولين: يجب عليه الإفطار إذا لم سمح له الطبيب بالصيام، والالتزام بالرخصة الشرعية من دفع الكفارة وتجنّب تعريض نفسه للخطر لأن في ذلك إثم عليه.
ماذا يفطر مريض السكري في رمضان وماذا يتسحر؟ عندما يأذن الطبيب بالصيام لمريض السكري يجب أن ينظم وجباته ويضبطها بشكل جيد لكي تبقى نسبة السكر في الدم مضبوطة ومنظمة، حيث يجب أن تكون نسبة النشويات في وجبة الإفطار من 4% إلى 50%، و30% بروتين، و20% دهون صحية، والأهم هو تعويض السوائل بشرب ما يقارب 3 ونصف ليتر من الماء والسوائل.
ويمكن تقسيم وجبات السحور والإفطار لمريض السكر المسموح له بالصيام على الشكل التالي:
- يبدأ الإفطار على الماء: لا يمكن إهمال تناول الماء على الإفطار أو تعويضها بأي نوع آخر من السوائل فهي حجر الأساس الأهم للتخلص من الجفاف وتعويض السوائل المفقودة خلال فترة الصيام، لذلك يبدأ إفطار مريض السكري على كوب من الماء مع حبة إلى ثلاث حبات من التمر.
- طبق من الشوربة: تدخل الشوربة أيضاً في تنظيم مرض السكري والصيام حيث يجب تناول طبق من الشوربة بهدف تعويض السوائل والحصول على الفيتامينات والمعادن أيضاً والتي تساهم في تنظيم سكر الدم، ويمكن أن تكون شوربة عدس أو شوربة خضار لا تحوي بطاطس أو أي نوع شوربة خفيفة وغير دسمة والابتعاد عن شوربات الدجاج والكريمة والجبنة الدسمة.
- طبق من السلطة: تتضمن وجبة الإفطار الخفيفة لمريض السكري الصائم في رمضان أيضاً طبق من السلطة يحتوي مجموعة من الخضار التي تمد الجسم بالنشويات والسوائل الموجودة في الخضار كالخيار والخس بالإضافة إلى الدهون الصحية من زيت الزيتون الموجود في السلطة كما تمده بالفيتامينات والمعادن الموجودة بالخضار خاصة فيتامين C، وبعد هذا الطبق يجب أن تنتهي الوجبة الخفيفة وعليه القيام لصلاة المغرب والانتظار لساعة تقريباً ثم تناول الوجبة الرئيسية لكيلا يتعرض لصدمة أو هبوط شديد في سكر الدم عند تناوله لوجبة كبيرة مفاجئة.
- الطبق الرئيسي: هنالك العديد من الخيارات لمريض السكري في الوجبة الرئيسية ولكن بكميات قليلة مع الاهتمام بعدم وجود أي مصدر غذائي يؤدي لارتفاع نسبة السكر في الدم، فيجب أن تحتوي الوجبة نشويات وبروتينات وفيتامينات ومعادن مثل خضار مشوية، برغل، خبز نخالة، كمية قليلة من الأرز، دجاج أو سمك مشوي أو كبدة، باستا بالفرن.
- السناك: يتوجب على مريض السكري تعويض السوائل في الفترة ما بين الفطور والسحور ويمكن أن يأخذ كوجبة خفيفة ثمرة فاكهة غير سكرية أو كوب من العصير الفريش غير المحلى أو الزبادي أو الحليب مع الشوفان.
- السحور: يجب أن يعتمد سحور مريض السكري على الألياف والبروتينات أكثر من النشويات عكس وجبة الإفطار، فيمكنه تناول الفول أو البيض مع الخضار والزيتون والزبادي مع خبز النخالة فلا يجب تناول مصدر للحلويات أو خبز دقيق.
يجب أن يبتعد مريض السكر المسموع له الصيام في رمضان عن جميع الأطعمة والأطباق التي يبتعد عنها في الأيام العادية ويعلم أنها تسبب لها ارتفاعاً مفاجئاً بنسبة سكر الدم، ما سيتغير هو مواعيد الطعام، لكن الحمية الغذائية نفسها ستظل كما هي.
- مراقبة سكر الدم عدة مرات: بعد موافقة الطبيب على صيام مريض السكري ينصحه بقياس سكر الدم عدة مرات يومياً لكسر الصيام عند مواجهة خطر انخفاض أو ارتفاع سكر الدم، حيث يجب قياسه قبل السحور وبعده بساعة، وقبل الإفطار وبعده بساعة، ومرتين خلال النهار، ويجب ألا ينخفض تحت 90 ولا يرتفع فوق 200 وعندما يتجاوز هذه الحدود يكسر الصيام مباشرة لتنظيم السكر بسرعة.
- تعويض السوائل: النصيحة الأهم لمريض السكري والصيام هي تعويض السوائل بشكل كاف لتجنب الاضطرابات التي تحدث نتيجة الجفاف حيث يجب الالتزام بثلاثة إلى ثلاثة ونصف ليتر يومياً.
- إفطار خفيف وتناول وجبات عديدة صغيرة: يشكل تناول وجبة دسمة عند الإفطار لمريض السكري خطر عليه وهنا ينصح بتناول عدة وجبات صغيرة غير دسمة لتجنب تأثير الدهون الثلاثية والكولسترول على المريض والمهم أن تكون مصادر اللحوم مشوية لعدم الحصول على كمية دهون خطيرة على المريض، بالإضافة إلى أهمية هذه النصيحة بحمايته من الاضطرابات الهضمية.
- الحرص على تناول طعام صحي: من المهم الابتعاد عن الطعام المقلي والاعتماد على الشي أو السلق وعلى الخضار الطازجة، وتقليل الملح والحار في الطعام لأنه يؤثر على السوائل في الجسم، ويجب استبدال الدهون المهدرجة كالسمنة أو الزبدة بالدهون الصحية كزيت الزيتون.
- تناول الطعام ببطء: زيادة وقت مضغ الطعام يعمل على تحفيز مراكز الشبع من الدماغ وبالتالي يجعل الفرد يتناول وجبة صغيرة ويشعر بعدها بالشبع، كما أن تناول الطعام ببطء يحمي من الاضطرابات الهضمية لأنه يسرع من إفراز العصارات الهاضمة ويحسن من أداء المعدة.
- تقليل تناول المنبهات: المنبهات بشكل عام كالقهوة والشاي وما شابه تعمل على إعطاء خصائص مدرة للبول وبالتالي تسبب جفاف وخطر على مريض السكر، وهنا يمكن تناول فنجان واحد من القهوة أو كوب من الشاي فقط.
- نوبة انخفاض سكر الدم Hypoglycemia: يتعرض مريض السكري خلال الصيام أو بعد تناول الوجبة مباشرة لنوبة هبوط في سكر الدم تحت 70 ميلي غرام على ديسي ليتر ولعل هذا الأثر الأخطر على المريض ففي حال شعر بعلامات هذه النوبة عليه كسر صيامه مباشر مثل التعرق والارتعاش وعدم القدرة على الكلام وعدم انتظام في ضربات القلب، وإن لم يتحسن المريض مباشرة بعد تناول الطعام أو قطعة من الحلوى يجب عليه رؤية طبيب بشكل إسعافي لأنه قد يدخل في غيبوبة.
- ارتفاع سكر الدم Hyperglycemia: قد يتعرض مريض السكري نتيجة الصيام لساعات طويلة أو بعد تناول وجبة غير مضبوطة للأثر المعاكس وهو الارتفاع في سكر الدم فوق 200 أو 300 ميلي غرام على ديسي ليتر، ويعتبر أيضاً أثر خطير جداً يتوجب المعالجة الطبية الإسعافية، لأن هذا الارتفاع قد يعرضه لخطر الإصابة بالحماض الكيتوني السكري وهو عبارة عن تغير في درجة حموضة الدم نتيجة اضطرابات نسبة السكر في الدم، وقد يدخل المريض بغيبوبة سكرية خطيرة، وهذا لا يعني أن كل مريض سكري ارتفع السكر لديه لهذه النسبة سيتعرض لنوبة سكرية ولكن خلال الصيام يكون الخطر مضاعف لذلك يجب كسر الصيام وتنظيم السكر مباشرة.
- الجفاف: يُدخِل الصيام مريض السكري بحالة من الجفاف التي قد تعرضه لخطر كبير يشمل جميع أعضاء الجسم، حيث يبدأ التأثير من التعب العام والإرهاق وقد ينتهي بالتجلطات نتيجة زيادة فرص تخثر الدم لأن الجفاف يؤدي لارتفاع لزوجة الدم فيتعرض المريض لتشكل خثرات خطيرة، لذلك ينصح دائماً بتعويض السوائل بكميات كافية.
- تأثير الصوم على الكليتين: مرض السكري بشكل عام يؤثر على عمل الكليتين لأن الكلى تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء لفلترة الدم وتنظيفه وقد يؤثر الصيام بشكل سلبي على عمل الكليتين عند مرضى السكري نتيجة نقص السوائل من جهة ومن جهة أخرى يتعرض مريض السكري بالأحوال الطبيعية إلى اضطرابات في عمل الكليتين وبذلك يكون للصيام آثار سلبية مضاعفة لمن لديه سكري غير منضبط.
- التعب العام: من آثار مرض السكري على المريض خلال الصيام أيضاً تعرضه لتعب شديد ووهن وشحوب وصداع وقد يتعرض لدوار وإغماء في حال لم يتقيد بالتعليمات الطبية الدقيقة التي أوصى بها طبيبه المشرف.
الصيام بشكل عام له العديد من الفوائد المهمة جداً للجسم، ولكن مريض السكري له وضع صحي خاص لذلك يجب أخذ موافقة الطبيب قبل الصيام، ومع ذلك قد يساهم الصيام بالتخلص من الدهون الضارة لمريض السكري الذي يتمتع بسكر دم منضبط عن طريق زيادة حرق الدهون للحصول على الطاقة خلال الصيام وخفض نسبة الكولسترول الضار، كما أن الصيام قد يساهم بتحسين مستوى السكر في الدم فعندما ترتفع نسبة السكر في الدم يحسن الصيام من استجابة البنكرياس لارتفاع هذه النسبة عن طريق تحفيز خلايا الجسم على الاستجابة لإشارة الأنسولين وإزالة السكر من الدم.
وكلما وجدت في الجسم كمية من الجلوكوز يقوم الجسم بحرقها للحصول على الطاقة، وبالتالي يحفز البنكرياس على إفراز الأنسولين ليكون قادراً على تكسير الجلوكوز وأخذ الطاقة منه، وهنا يحصل جسم مريض السكري على أهم ما يحتاج إليه وهو الأنسولين.
- ما حكم من أفطر في رمضان بسبب مرض السكري؟ يتفق أهل العلم على وجوب الصيام لمريض السكري الذي يمكنه تنظيم أدويته دون أن يشكل الصيام أي خطر عليه سواء كان من النمط الأول أم الثاني، وبناءً عليه طبياً لا يجب صيام أي مريض سكري بدأ بأخذ حقن الأنسولين أو كانت حالته الصحية لا تسمح بالصيام ويهدد الامتناع عن الطعام والشراب حياته أو يجعل يسبب تطور المرض بشكل سلبي، لذلك لا يجب على مريض السكر الصيام إذا نهاه الطبيب عن ذلك، وعليه دفع الكفارة بعد سؤال أهل العلم عمّا يجب عليه.
- مريض السكري هل عليه قضاء؟ نعم يقع على مريض السكري قضاء الأيام التي أفطرها إن كان قادراً على ذلك بأيام متفرقة بعد رمضان، وإذا كان وغير قادر على قضاء الأيام التي أفطرها نتيجة المرض المزمن فعليه كفارة إطعام مسكين عن كل يوم أفطر به، وذلك بعد استشارة أهل العلم والفتوى للوقوف على حالته.