كيفية التعامل مع طفل متعلق بأمه وعلاج التعلّق
للتعرف على كيفية التعامل مه طفل متعلق بأمه يجب معرفة أسباب تعلق الطفل الزائد بالأم، فهذه المشكلة تنعكس سلباً على حياة الأم وشخصية الطفل وطبيعية العلاقة بين الطفل وأمه، وفي هذه المقالة نتحدث عن أسباب تعلق الطفل الزائد بالأم، وكيفية علاج مشكلة تعلق الطفل بالأم، وكيفية التعامل مع تعلق واعتماد الطفل المفرط بأمه.
كيف تكون العلاقة بين الطفل وأمه؟ العلاقة القوية بين الطفل وأمه هي علاقة طبيعية وضرورية تبدأ منذ الولادة، حيث يكون اعتماد الطفل على أمِّه أمراً طبيعياً فهي تلبي كامل حاجاته الأساسية من التغذية والرعاية، وأولى خطوات استقلال الطفل عن أمه تبدأ تقريباً بين عمر سنة ونصف وسنتين حيث تنتهي مرحلة الرضاعة بفطام الطفل ويبدأ يقل اعتماد الطفل على أمه ما يمهد لشكل جديد من أشكال التعلق.
بعد هذه المرحلة يبدأ الطفل في تعلم بعض الأشياء مثل قضاء حاجته بمفرده والقيام بمهام بسيطة مثل ارتداء الملابس الخاصة به مع بعض المساعدة، وعند دخول الطفل للمدرسة تتشكل لديه نقطة انتقال كبيرة حيث يبدأ بتشكيل عالمه الخاص من الأصدقاء والأحداث بعيداً عن والديه مع خوض تجارب جديدة يومية.
هل تعلق الطفل الزائد بالأم أمر طبيعي؟ يمكن القول إن تعلق الطفل الزائد بالأم يكون أمراً طبيعياً في بداية طفولته منذ الولادة وحتى عمر سنتين، وبعد ذلك يجب أن يقل هذا التعلق بشكل تدريجي، وفي حال استمرار هذا التعلق، يجب معرفة أسباب تعلق الطفل الزائد بالأم وعلاجها حتى ينمو الطفل بشخصية قوية ومستقلة، ويعيش هو وأمه علاقة طبيعية لا تؤثر على راحة أحدهما أو شخصية الآخر.
- التعلّق الطبيعي: تعلق الطفل المفرط بالأم هو تطوّر للتعلق الطبيعي، يبدأ من إهمال الأم والأب لأهمية تعويد الطفل على الاستقلال بنفسه، من خلال الدلال الزائد أو التسامح المبالغ به مع الطفل من قبل أمّه، أو التسامح معه مقارنةً بأخوته الأكبر سناً، ولذلك يجب على الأم والأب والمعنيين بتربية الطفل الوعي بأهمية تهيئة الطفل للانفصال التدريجي عن الأبوين بما يتناسب مع تطور قدراته ونمو شخصيته، بل أن هذا هو الهدف الأول للتربية.
- تعلّق الأم المفرط بطفلها: من أهم أسباب تعلّق الطفل بأمه أن الأمّ متعلقة بطفلها بشكل مبالغ به ولا تستطيع السيطرة على مشاعرها أو تصرفاتها أو سلوكها مع الطفل، والطفل يستجيب لتعلّق الأم المبالغ به بالتعلّق المرضي بها، ولذلك جزء من علاج تعلّق الطفل بأمّه أن تقلل الأمّ من تعلقه المرضي به!
- تربية الطفل بطرق خاطئة: يمارس الوالدين الكثير من العادات الخاطئة عند تربية الطفل معتقدين أنها عادات جيدة وإيجابية والتي تنعكس سلباً في بناء شخصيته القوية والمستقلة مثل الدلال المفرط والتربية المتساهلة للطفل أو الخوف الشديد عليه، وهذه الطريقة في التربية قد تسبب تعلق اعتماد الطفل المفرط على أمه.
- تعرض الطفل لأزمات نفسية: بعض الأحداث المتعلقة بعوامل القضاء والقدر مثل وفاة أحد أفراد الأسرة كالأب أو أحد الأخوة تسبب صدمة نفسية للطفل تسبب تعلق الطفل الزائد بأمه، كما يمكن لغياب أحد الوالدين لفترات طويلة خاصةً عند سفرهم للعمل بالخارج أن يسبب تعلق الطفل الزائد بأمه، والكثير من الأحيان عند ولادة أخ أصغر للطفل يشعر الطفل بالإهمال وتغيير المعاملة وأنه لم يعد مركز اهتمام والديه، ما يسبب أيضاً شعوره بالغيرة وتعلق زائد بالأم.
- تعرض الطفل للعنف المنزلي: مثل تعرضه للتعنيف من قبل الأب أو التخويف من قبل الوالدين أو علاقة سيئة مع أخوته أو القيام بحبسه وعزله كنوع من العقوبة، أو التلاعب بمشاعره كالتهديد بتركه إن لم ينفذ المهام المطلوبة منه، كلها أسباب تؤدي لتعلق الطفل الزائد بالأم بشكل أكبر.
- انعزال الأسرة اجتماعياً: وبالتالي غياب التجارب الاختلاط والتواصل مع الأفراد الآخرين وقلة التجارب الاجتماعية التي يمر بها الطفل فذلك يؤدي لعدم تنمية مهارات التواصل الاجتماعي للطفل وصعوبة تكوين صداقات خاصة به ما يجعل الطفل يتعلق بالأم بشكل أكبر كتعويض عن النقص في هذا الجانب.
- غياب دور الأب: إهمال دور الاب عند تربية الطفل وعدم وجود علاقة عاطفية قوية معه تسبب تعلق واعتماد الطفل المفرط بأمه، الأمر الذي يزيد من صعوبة استقلالية الطفل مع الوقت.
يحتاج علاج مشكلة تعلق الطفل بالأم للتركيز على جوانب عدة في طبيعة العلاقة بين الطفل وأمه، وأسباب تعلق الطفل الزائد بأمه، والتعامل مع كل من هذه العوامل حسب الحاجة:
- تلبية حاجات الطفل العاطفية: يحتاج الطفل للشعور بالحب والاهتمام من قبل الوالدين بشكل دائم، حتى يستطيع تكوين شخصية قوية وزيادة ثقته بنفسه والشعور بالراحة والطمأنينة خلال الأوقات المختلفة ما يشجعه على خوض تجارب جديدة بعيداً عن أمه.
- التعامل بالقليل من الحزم: الاهتمام لا يعني الدلال المفرط للطفل، فالتعامل بالقليل من الحزم واستخدام عقوبة الحرمان بانضباط مع الطفل يساعده في السيطرة على نفسه وتنظيم سلوكياته، والقيام بواجباته، ما يساعده على بناء ذاته وبالتالي الاستقلال عن أمه بشكل أكبر.
- التشجيع الدائم بدلاً من التهديد: شجعي طفلك دائماً على خوض تجارب جديدة وتكوين علاقات مع أطفال آخرين والقيام بواجباته البسيطة بمفرده مع استعمال طريقة المكافآت عند إتمام المهام، حتى يعتاد الاعتماد على نفسه ويستقل عن الأم بشكل أكبر.
- التدرج في الاستقلال عن الأم: استقلال الطفل عن الأم هي عملية طويلة ولا تحدث بشكل مفاجئ، لذلك عليك البدء في تعويد الطفل على القيام بمهام بسيطة لوحده مثل غسل اليدين وترتيب حاجته كألعابه وتنظيف نفسه وارتداء ملابسه، ثم يمكن تعويد الطفل على القيام بمهامه المدرسية لوحده، كل ذلك يساعد في تكوين شخصية مستقلة غير متعلقة بالأم.
- زيادة الأنشطة الاجتماعية: الأنشطة الاجتماعية المختلفة عنصر هام جداً في استقلال الطفل عن الأم، حيث يصبح لديه عالمه الخاص المليء بالأصدقاء والنشاطات المتعلقة باللعب، ما يساعد في ملء وقت الطفل وانشغال تفكيره بهذه الأمور وتخفيف تعلقه بأمه بشكل تدريجي.
- الحياة الروتينية المنظمة: تنظيم الأوقات خلال اليوم ينعكس بشكل إيجابي على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية للطفل، حيث يعتاد أن لكل شيء وقته الخاص به من نوم وتناول طعام ولعب والقيام بالواجبات المنزلية والمدرسية، كما أنه من الهام أن تشرحي له روتينك اليومي في حال كانت الأم لديها عمل، حتى يعرف أن ذهابك للعمل والعودة هو نشاط طبيعي غير مقلق يحدث بشكل يومي.
- حضري الطفل لدخول الروضة والمدرسة: الروضة والمدرسة مراحل هامة في استقلال شخصية الطفل عن الأم وكثيراً ما تتساءل الأمها كيف أتعامل مع طفل متعلق بأمه في الروضة؟ هنا يجب التحضير لها قبل وقت حتى لا يواجه صعوبات عند خوض هذه التجربة، البدء مثلاً بتعليم الطفل أساسيات القراءة والكتابة حتى يسهل عليه التكيف مع المدرسة والروضة وشجعيه على تكوين علاقات مع أطفال آخرين هناك، كل ذلك يساعد في التعامل مع طفل متعلق بأمه في الروضة والمدرسة.
- اطلبي المساعدة من اخصائي التربية: عند القيام بكل الواجبات الصحية للطفل واستمرار مشكلة تعلق الطفل الزائد بأمه، هنا يجب اللجوء إلى أخصائي التربية للمساعدة حتى يقيم إذا ما كان الطفل يعاني من مشاكل نفسية معينة تجعله كثير التعلق بالأم.
لدور الأب أهمية مؤثرة في نمو شخصية الطفل وبناء علاقة بين الأب وطفله، ما يساعد بتجنب تعلق الطفل الزائد بأمه، وفيما يلي بعض النقاط التي توضح أهمية دور الأب في استقلال الطفل عن أمه:
- قضاء الطفل الوقت مع الأب: الأب هو أقرب فرد للطفل بعد الأم وكلما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل مع والده، زاد الوقت الذي يعتاد فيه الطفل الابتعاد عن والدته وتجنب التعلق بها، لذلك لعب الطفل مع الأب والخروج معه إلى نزهات قصيرة أو في زيارة أفراد العائلة، يساعد بشكل كبير باستقلال الطفل عن أمه.
- أهمية الأب الاجتماعية للطفل: العلاقة الجيدة بين الاب والطفل تساعد الطفل في تنمية مهاراته الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، وخاصةً إذا تضمنت نزهات ونشاطات خارج المنزل، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الطفل وقدرته على بناء علاقات مع الآخرين دون الشعور بالخوف، ما يساعد على استقلالية الطفل عن أمه.
- أهمية الأب كمصدر شعور بالأمان للطفل: يرى الطفل الأب كمصدر أمان وقوة لكامل العائلة الأمر الذي يساعد الطفل في الشعور بالراحة والثقة بشكل كبير بمحيطه ويجنبه الشعور بالخوف والقلق عند غياب الام.
- أهمية الأب كمصدر تشجيع للطفل: تشجيع الأب للطفل يساهم بشكل كبير في زيادة ثقة الطفل بقدراته وتجربته لنشاطات جديدة مثل اللعب مع الأطفال الآخرين والاختلاط بالبيئة المحيطة به بشكل أكبر، ما يساعد على استقلال الطفل أكثر عن أمه.
- أهمية الأب كمثل أعلى للطفل: الأب هو مثل أعلى للطفل يحاول تقليد تصرفاته وسلوكه، وكلما كان الأب بشخصية قوية ومستقلة، كلما ساعد ذلك في تشجع الطفل على بناء شخصيته بشكل أفضل وبالتالي استقلاله عن أمه بشكل أكبر.
- تعلم الطفل مهارة تكوين العلاقات: تعتبر المدرسة أو الروضة أول مكان يبدأ الطفل به في تكوين علاقاته بمفرده دون الاستعانة بوالديه، حيث يبدأ بالتعرف على الأطفال الآخرين والمدرسين وجميع القائمين على المدرسة، ما يجعلها بداية رحلته في الاستقلال عن الأم بشكل كامل.
- حصول الطفل على أصدقاء جدد: يقوم الطفل بالمدرسة بتكوين صداقات خاصة به مع الأطفال الآخرين، وهذه العلاقات تنمو مع الوقت وتأخذ حيز كبير من تفكير الطفل على حساب علاقته بأمه أو بأفراد الأسرة ولكن بحدود طبيعية وضرورية.
- تعرض الطفل لمواقف اجتماعية جديدة: خلال عملية الدراسة يتعرض الطفل لمواقف اجتماعية جديدة بعيدة عن أفراد الأسرة ويتعلم خلالها كيفية التعامل معها بمفرده ويعتاد الاعتماد على نفسه في حل المشكلات وإبداء ردود فعل مناسبة خاصة به.
- قضاء الوقت بعيداً عن الام: يقضي الطفل حوالي 5 ساعات يومياً في المدرسة بعيداً عن أمه وهي أكثر مكان يبقى الطفل فيه بعيداً عنها، وبالتالي مع الوقت يعتاد على الأمر وخاصةً وهو يرى باقي الأطفال يقضون الأوقات بعيداً عن امهاتهم أيضاً ما يشجعه لتقبل الأمر بشكل أكبر.
- مصدر شغف للطفل: الأحداث اليومية في المدرسة للطفل تصبح عامل جذب انتباه ومصدر شغف يشغله عن تعلقه بأمه، وتملأ وقته، وذلك يساعده مع الوقت في الاستقلال عنها بشكل كامل.
- كيف أتعامل مع طفل متعلق بأمه في الروضة؟ يكون علاج مشكلة تعلق الطفل الزائد بأمه في الروضة أو المدرسة من خلال تشجيعه الدائم وتقديم المكافآت له وجعل التعليم عملية ممتعة ونشاط مرح والتواصل مع إدارة المدرسة، حتى يتم التنسيق بين جهود الأم والمدرسين لمساعدة الطفل على تجاوز مشكلة تعلقه المفرط بها.
- معاقبة الطفل بشكل خاطئ: الصراخ الدائم على الطفل وتعرضه للضرب من قبل الوالدين يسبب حالة من الخوف والهلع التي تصبح جزء من شخصيته ما يجعله طفل انعزالي وانطوائي متعلقاً بأمه ويخشى الابتعاد عنها، وبدلاً من ذلك ننصح بمعاقبة الطفل عن طريق حرمانه من الأشياء التي يحبها بدرجة معقولة، واستخدام أسلوب المكافئات بشكل أكبر عند انجاز المهام.
- تخويف الأم للطفل: تخويف الطفل بشخصيات وهمية من الخيال لجعله يقوم بمهام معينة مثل إذا لم تذهب للنوم سوف يأتي وحش ما ويأكلك، هذه الأفعال تسبب حالة من الشعور بالخوف للطفل عند بقائه وحيداً أو بعيداً عن والديه وتزيد تعلقه بأمه.
- تهديد الأم للطفل: بعض الأمهات تهدد الطفل بتركه والذهاب إذا لم يخضع لأوامرها أو من أجل المزاح فقط، هذه الأفعال تترك تأثير خوف كبير على الطفل تجعله بحالة هلع من تركه لوحده، تسبب تعلق أكبر بوالدته.
- ترك الأم للطفل بشكل مفاجئ: في بعض المواقف تضطر الأم للذهاب لقضاء مهمة ما وتترك الطفل على غفلة حتى لا يصر على الذهاب معها، وهذا من الأخطاء الشائعة، فذلك يسبب الذعر للطفل والشعور بإمكانية ذهاب الأم وتركه في أي وقت ما يجعله يتعلق بها بشكل أكبر.
- دلال الأم الكبير للطفل: تعتقد بعض الأمهات أن دلال الطفل يساعد في تربيته بشكل أفضل لكن هذا خاطئ، حيث أن كثرة الدلال تجعل الطفل شخصية اتكالية على والديه ولا يتعلم كيفية الاعتماد على نفسه، لذلك اعتادي على ربط المكافآت بإنجاز المهام والحرمان منها عند رفض الطفل لذلك.
- الخوف المفرط على الطفل: الخوف الشديد على الطفل من خوض تجارب جديدة مع أطفال آخرين واللعب معهم يؤدي إلى ضعف شخصيته، وعدم تنمية المهارات الاجتماعية للطفل ما يصعب عليه عملية التواصل مع الآخرين والتعويض عن ذلك بالتعلق بشكل أكبر بالأم، لذلك من الأفضل السماح للطفل بخوض تجارب جديدة والاكتفاء بمراقبته عن بعد.