مفاتيح الحياة السعيدة للباحث عن الكمال
تكلف أحدهم بشيء ما، فتجد نفسك تعيد تنفيذه من جديد، تلاحظ أنك غير راضٍ عن ابنك ومستواه الدراسي، تلوم زوجتك، وتنتقد زملائك بالعمل ومرؤوسيك، وتنشغل دائماً بما يجب أن تكون عليه العلاقة بينكما، ولا تريد أي تصرف خارج النطاق المحدد من وجهة نظرك.
بالطبع هذا النمط من التفكير مرهق، ويجعلك تنفر من علاقات كثيرة في حياتك، فلم يعد غريباً عليك قرار إنهاء العلاقة المفاجئ والحازم في الوقت نفسه، ولكن إلى متى؟ فهل من الطبيعي أن تكون علاقاتك كلها مؤقتة؟
1- يصعب إرضاء الشخصية التي تبحث عن الكمال إن لم يكن مستحيلاً، فهو ينظر دائماً للجزء الناقص في الشيء، ولا يقبل أن تتم الأمور بنسبة أقل من 100%، ويصعب أن يتقبل الخسارة أو النقص فهو دائماً صاحب أعلى توقعات وأكثر الشروط تعقيداً.
2- يرهِق الباحث عن الكمال الأطراف الأخرى في علاقاته، فينتظر منهم دائماً التصرف المثالي تحت أي ظرف وبغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.
3- قد يكون مثالياً لدرجة متطرفة، فالحياة عموماً ليست مثالية تماماً، ولن تمضي الأمور دائماً كما يريد، ومع ذلك تجده متمسكاً بالكمال ودائم السعي للمثالية، وهذا أمر بالغ الشقاء عليه وعلى الآخرين.
4- يسعى دائماً لفرض سيطرته على مجريات الأمور من خلال التحكم و فرض السيطرة على الآخرين، فأغلب الباحثين عن الكمال متسلطين بدرجة كبيرة.
5- أكثر الشخصيات سخطاً على الواقع، وهم دائمو الثورة على الواقع من أجل تحسينه أو تغييره للأفضل، وهو بلا شك شيء جيد، ولكن الرفض الدائم أو المتكرر للواقع أمر انتحاري، خاصة إن كان سخطه يتعلق بأمور لا يمكن له ولا لمن حوله تغييرها.
6- قد لا يعترف بأخطائه، لأن الساعي للكمال يتصرف بمثالية مفرطة من أجل أن ينال استحسان الآخرين أو رغبة في نيل نظرة إيجابية وتمجيد أفعاله، لذلك فربما يكون سعيه للكمال مجرد رد فعل لشعور دفين بالنقص.
بعد تلك السلبيات، قد تظن أن الأمر معقد ويستحيل على الباحثين عن الكمال العيش بشكل طبيعي ومتزن، ويستحيل على من حولهم التعامل معهم، ولكن إليك أهم النصائح إن كنت ممن يبحثون دائماً عن الكمال.
1- قدًر نقاط القوة
الباحث عن الكمال يفكر قائلاً: "أريد أن يتصرف الجميع كما أريد، وأن يفعلوا دائماً كل الأمور بطريقتي"، ولكن بعض الأمور التي تراها أنت نقاط ضعف أو مؤشرات النقص والفوضى والإهمال في تصرفات الآخرين، ربما تكون مميزات، ووجودها مكمل أساسي للعمل، فمثلاً الشخص الذي لا يهتم بالتفاصيل في العمل يمكن أن يكون أكثر اهتماماً بالصورة الكلية والنهائية للمشروع فيكون قادراً على إتمامه في وقت أسرع، والشخص الذي لم يحظ بمستوى تعليمي أو وظيفي مرموق يمكن أن يمدك بخبرة أو معرفة خاصة ومميزة في ناحية معينة من نواحي الحياة بناءً على نمط حياته وتجاربه وما واجهه من تحديات، وكذلك الشخص الذي لا يعمل وفقاً لقواعد صارمة في العمل أو قد يخالفها أحياناً قد يأتي بفكرة جديدة وهكذا.
إن شرعت في التعلم من الآخرين على ما هم عليه ستفوز بنظرة شاملة وخبرة أوسع تمكنك من تحقيق نجاحات كثيرة بوقت أقل، فقط تحتاج إعادة النظر إلى نقاط قوتهم وإيجابياتهم.
2- دع الآخرين يدهشونك بتصرفات غير متوقعة
الباحث عن السعادة دائما لديه خبرة وانطباع سيء عن الآخرين وتصرفاتهم، فهو دائماً يتوقع منهم التقصير والنقص والخطأ، ولكن بدلاً من ذلك، يمكنك تغيير طريقة تفكيرك بالآخرين، ربما يدهشونك ذات مرة، فبعض السمات العبقرية للأشخاص لا تخضع للتوقع أحياناً لذلك ما ينتج عنها من أفكار مبتكرة وحلول إبداعية يجعلك تندهش حقاً، فتمتع بذلك حين يحدث وتحرر من قيود الكمال والمثالية والتوقعات.
3- تقبل الاقتراحات بدلاً من تقديمها دائماً
العلاقات الناجحة دائما تقوم على التأثير المتبادل بين الأطراف، فكما تُقدم اقتراحاً أو حلاً ما، عليك تقبل الاقتراحات والحلول في المقابل، فلا يمكن دائماً أن تكون أنت الطرف الآمر الناهي الذي لا يحتاج لمشورة ولا يقبلها، فلا بأس بتقبل اقتراح الطرف الآخر واحترامه وإبداء الشكر له.
السماح للآخرين بالتأثير على حياتك أمر صعب عليك كشخص يسعى للكمال دائماً، لكن هذا خطأ يجب أن تدرك خطورته، لأن الطرف الآخر بحاجة حقيقية للشعور بوجوده وتأثيره في حياتك.
4- قاوم رغبتك الملحة في السيطرة
حينما يتعلق الأمر بتغيير سلوك أو تصرف معين، حاول قبل تلبية الرغبة المحلة في السيطرة والتحكم أن تتوقف وتمتنع تماماً عن إصدار أي رد فعل فوري، نعم ليس من السهل عليك التوقف عن التعنيف أو اللوم أو النقد اللاذع والغضب أو حتى إصدار أحكام بالرفض أو تقديم اقتراحات غير مدروسة، لكن الأمر يستحق التمهل لأن صبرك عن التحكم والسيطرة وإعطاء فرصة للأمور لتسير بشكل أفضل أو تعيد ترتيب نفسها هو عين المثالية والنضج وليس العكس.
ويمكنك التدرب على ذلك من خلال بريدك الإلكتروني، فعلى سبيل المثال لو تلقيت رسالة تفيد بوجود مشكلة في العمل أو تقصير ما أو ما شابه، وارتفعت لديك الرغبة في السيطرة، حينها توقف عن الرد وقم بتأجيله، عبر القيام بأي نشاط آخر ثم عد بعد وقت كافٍ حينما تشعر أن عقلك وأفكارك ومشاعرك انفصلت ولو جزئياً عن الحدث أو الموقف أو الشخص.
5- أنت أكثر مرونة مما تظن
حقاً إنك تشعر بالضيق من تقصير وأخطاء الآخرين وتثور وتغضب، لكنك سرعان ما تنحى تلك المشاعر جانباً، وتفكر في الحل بأسرع وأفضل طريقة ممكنة، فقط كي تشعر بالهدوء والرضا وأن الأمور على ما يرام بالفعل، وهذا يدل على قدرتك على التعامل مع المواقف، وهي إحدى إيجابياتك كباحث عن الكمال.
وتذهب مشاعر الضيق والغضب من تصرفات الآخرين بشكل أسرع مما تتوقع، لأن الأشخاص عادة يميلون للاعتقاد بضعف قدرتهم على مواجهة المشاعر السلبية والتعامل معها، ويهولون من قوتها واستمرارها معهم فترة أطول.
الباحثون عن الكمال لا يقبلون بالأخطاء والتقصير، ولديهم ميل دائم لإتمام المهام بالطريقة الأمثل من وجهة نظرهم، سواء التي توكل إليهم أو لمرؤوسيهم، فيصعب إرضائهم أو يستحيل في بعض الأحيان، لكن يمكن التعامل معهم بهدوء ومحاولة استيعاب طبيعتهم دون تعمد استفزازهم أو إحداث تقصير مقصود، ففي النهاية لكل طرف حقوق وواجبات لا يحق لطرف آخر أن يتجاهلها.
إن كان أحد الأبوين أو أحد الزوجين باحثاً عن الكمال، فالأمر خطير وصعوبته بالغة لما فيه من ضرر بالصحة النفسية والعقلية للأبناء أو الشريك، فالأب أو الزوج الذي لا يقبل بخطأ صغير، ويغضب ويثور، يحطم بذلك أواصر العلاقة والمحبة ويرتكب خطأ كبير قد يصعب تصحيحه فيما بعد، لأن تدمير جزء كبير من شخصية الابن أو الشريك قد يقضي على العلاقة عاطفياً حتى وإن ظلت قائمة شكلياً.
لذلك لا تكن محبطاً لطفلك أو لزوجك انظر دائما لنقاط القوة والجودة وادعمها حتى تزيد, وتغافل عما يفسد علاقتك بالعائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل، وتذكر أنك لن تجد الكمال المنشود حتى في نفسك.