متى يتكلم طفل التوحد وتمارين تساعده على الكلام
مشاكل النطق والكلام من أهم المشاكل التي تشغل بال أهل الطفل المصاب بالتوحد أو طيف التوحد، حيث تعد مشاكل اللغة والكلام من الأعراض الأكثر شيوعاً في اضطراب التوحد، في هذا المقال نتعرف أكثر إلى تطور اللغة والكلام عند أطفال التوحد وكيف نساعد طفل التوحد على الكلام.
قدر طفل التوحد على الكلام وتطور النطق واللغة لديه ترتبط بنوع الحالة التي لديه ومستوى أو درجة التوحد التي يعاني منها، وتبعاً للظروف البيئية والاجتماعية التي ينشأ ويتربى فيها، فلا يوجد موعد محدد لتعلم طفل التوحد النطق والكلام، ولا نبالغ في القول أن كل طفل توحد تقريباً يعتبر حالة خاصة لا يصح تعميمها دائماً على جميع أطفال التوحد.
وفيما يمكن أن يبدأ طفل التوحد بنطق كلماته الأولى مثل الطفل السليم بين العام الأول والثاني، فقد يتأخر طفل توحد آخر لما بعد عمر ثلاث أو أربع سنوات، وقد يتمكن طفل التوحد فعلاً من نطق جميع أو أغلب الكلمات في عمر معين ولكن لا يرغب بذلك ولا يمكنه الاستمرار في حوار متصل طويل.
إذاً قضية كلام طفل التوحد مسألة تتداخل فيها عوامل عدة، من رغبة الطفل نفسه بالكلام، ودرجة أو مستوى إصابته باضطرابات طيف التوحد، والبيئة الاجتماعية التي يتربى فيها، ووجود مشاكل نطق أخرى يعاني منها إلى جانب التوحد من تأخر نطق أو تأتأة أو غيرها.
ولكن مع ذلك قد يبدأ بعض أطفال التوحد بنطق بعض الكلمات حتى عمر حوالي 18 شهر وقد يتأخر أطفال آخرون إلى ما بعد العام الرابع وقد يصل التأخر لعمر السادسة، وفي بعض الأحيان قد يتعلم الطفل نطق بعض الكلمات في عمر معين ثم يفقدها في وقت لاحق، إضافة لذلك فإن كلام طفل التوحد حتى بعد أن يتعلم النطق لا يشبه كلام الطفل السليم، فهو غالباً يردد بعض الكلمات النمطية بشكل متكرر دون إدراك لمعناها، ولا يرافق كلامه تعبيرات عاطفية غالباً، ويكون قليل الكلام والتواصل إلا في حدود الحاجة، حتى بعد أن يكبر.
من هنا يمكن القول أن مشكلة الكلام عند طفل التوحد ليست مشكلة نطق دائماً، وإنما عدم رغبة أو افتقار للرصيد الكافي من الكلمات أو صعوبة في تعلم اللغة وإدراكها، بالإضافة لضعف مهارات التواصل والرغبة في تكوين العلاقات والدخول في حوارات أو أحاديث مشتركة.
- التركيز على الايماءات والتواصل غير اللفظي: قد يستخدم طفل التوحد بعض الإيماءات والإشارات للدلالة على بعض رغباته وحاجاته، وهنا يجب الاستجابة له ومحاولة التواصل معه، والأفضل دعم هذه الإشارات والإيماءات من خلال تسمية الأشياء، فعندما يشير للماء مثلاً يمكن أن نسأله هل تريد الماء؟ أو هل تشعر بالعطش؟
- الاستجابة دائماً للطفل: لتشجيع طفل التوحد على الكلام والتواصل ينصح بالاستجابة لأي حالة تواصل يقوم بها، فعندما يقوم بطلب شيء أو محاولة اخبار والديه بشيء، يجب التفاعل معه فوراً، ومحاولة بناء حوار ولو كان بسيط انطلاقاً من هذه النقطة.
- استخدام الايماءات المتصلة: عند توجيه الكلام للطفل الذي يعاني من التوحد، يجب استخدام الإيماءات المتصلة، بمعنى أن يشير الوالدين للشيء مع لفظ اسمه أو أي سؤال أو جملة تتعلق به، مثل الإشارة للتفاحة وسؤال الطفل هل تحب التفاح، هل تريد تفاحة، هذه اسمها تفاحة، كرر من فضلك، تفاحة.
- دعم العلاقات الاجتماعية والألعاب الجماعية: اللعب الجماعي والتفاعل مع أطفال آخرين، يساعد طفل التوحد على فهم بعض كلماتهم ومحاولة تكرارها أو تقليدها، ويجعله يسمح كم مناسب من الكلمات والجمل بشكل دائم.
- تقليد كلمات الطفل وطرق تواصله: ينصح الخبراء بتكرار كلمات الطفل الذي يتعلم الكلام، كون هذه العملية تساعد الطفل على حفظ الكلمة وفهم استخداماتها ودلالاتها، وغالباً تعد هذه الطريقة مناسبة حتى أثناء التعامل مع طفل التوحد.
- الغناء وترديد الكلمات: يعد الغناء من الأنشطة المحببة للأطفال عموماً، وهي تتضمن بعض الكلمات التي تقال ضمن لحن معين، يشجع الطفل على حفظه أو حفظ النغمة التي يقال بها وتكرار ذلك، لذا يعد الغناء مع طفل التوحد من الوسائل المفيدة في سياق مساعدته على الكلام.
- استخدام الكلام أثناء اللعب: خلال اللعب مع طفل التوحد يجب أن يحاول الأهل دائماً إيجاد حوارات واستغلال كل فرصة للكلام والشرح للطفل، مثل هذه اللعبة اسمها كرة ويجب أن نضعها في هذا المكان، أو يجب أن نقذفها بهذه الطريقة، أو يمكن تكرار بعض الأسئلة على الطفل، أين يجب وضع الكرة، وعندما يشير الطفل لمكان معين يجب سؤاله هل تقصد هنا، هل تريد أن نكرر اللعبة، ما اسم هذه اللعبة.
- استخدام لغة بسيطة وواضحة: من شروط تعلم طفل التوحد اللغة أن يتم استخدام لغة بسيطة وسهلة وواضحة بالنسبة له، فهو لا يجيد التركيز في حديث طويل ومتواصل، أو تفسير تراكيب لغوية معقدة أو مصطلحات غير مستخدمة، بل يجب أن تكون الكلمات التي يطلب منه تكرارها سهلة اللفظ شائعة الاستخدام.
- سؤال الطفل عن رغبته عندما يستخدم لغة الإشارة وتشجيعه على ترديد الكلمة: عندما يستخدم طفل التوحد لغة الإشارة للدلالة على شيء أو طلب شيء، يجب تأكيد ذلك من خلال سؤاله، هل تريد الذهاب إلى ماما، هل تريد هذه اللعبة، هل تريد شرب الماء؟
- محاولة التواصل البصري مع طفل التوحد: لا يهتم طفل التوحد عادةً بالتواصل البصري، ولكن في بعض الأحيان قد يحاول التواصل بصرياً مع أحد الوالدين لسبب ما، ويجب استغلال هذه الحالة للتواصل معه، ومحاولة بناء علاقة خاصة معه.
- متابعة العلاج مع المتخصصين: في الكثير من الحالات يعتبر التعامل مع طفل التوحد من قبل الأهل فقط أمر صعب، وفي حالات تأخر النطق أو عدم الكلام من قبل الطفل وعدم جدوى جميع الطرق السابقة فالأفضل أن يتم عرض الطفل على طبيب مختص، يشخص حالة الطفل ويدرسها، ويوضح للأهل أفضل طرق للتعامل معه.
بعض الصفات الخاصة لطفل التوحد والمشكلات التي يعاني منها تعتبر سبب في إعاقة تعلم طفل التوحد للكلام، ومن هذه المشكلات:
- ضعف مهارات التواصل الاجتماعي: من المعروف عن طفل التوحد أن لديه مشكلة في التواصل الاجتماعي، فهو لا يملك مهارات التواصل ولا يبدي استجابة أو رغبة في تكوين علاقات أو الألعاب الجماعية أو التواصل مع الآخرين أو حتى الاستجابة لكلامهم معه، وهذا يضعف فرصه في اتقان وتعلم اللغة والكلام.
- عدم فهم الكلام: غالباً طفل التوحد لا يدرك كل الكلام الذي يوجه له من حيث المعاني والدلالات، وخاصة الأحاديث والجمل التي تتضمن ضمائر أو معاني مستترة، وعدم فهمه للكلام يكون في كثير من الحالات سبب في عدم تعلمه للكلام والتحدث والدخول في حوار.
- عدم الاهتمام بالتفاعل: لا يهتم طفل التوحد بالتفاعل مع الآخرين، فهو لا يبدي استجابات إلا فيما يتعلق برغباته وحاجاته المباشرة، وفيما عدا ذلك يرغب بالبقاء وحيداً، وينزعج من الضجيج أو الازدحام، أو وجود أشخاص كثر حوله، وهذه يحرمه فرص التواصل التي تساعد الطفل الطبيعي على تعلم الكلام ومهارات التواصل.
- المعاناة من مشاكل نطق: بعض أطفال التوحد يكون لديه إلى جانب التوحد مشاكل في النطق مثل تأخر النطق أو التأتأة والتلعثم وغيرها، وفي كثير من الحالات قد يكون التوحد سبب لتطور مثل هذه المشكلات، فيظهر طفل التوحد بأنه لا يتعلم الكلام ويعاني من مشكلات النطق.
- ضعف الاستجابة العاطفية: يتصف طفل التوحد بضعف الاستجابة العاطفية فهو لا يشارك الآخرين مشاعره، ولا يفهم أو يدرك مشاعر الآخرين أو يهتم بها، وهذا أيضاً من العوائق التي تسبب له مشكلات في تعلم الكلام.
- كلام الطفل مع نفسه: من مشكلات الكلام عند طفل التوحد أنه يتكلم مع نفسه، وهذا الكلام غالباً يكون على هيئة كلمات معينة بشكل نمطي ومكرر دون إدراك معناها، أو تكرارها دون وجود سياق أو حاجة لها، وبالتالي يمكنه نطقها ومع ذلك لا يمكنه الدخول في حوار ثنائي متواصل.
- هل طفل التوحد يفهم الكلام؟ عندما يصل طفل التوحد لعمر معين أكثر من خمس سنوات، فهو يكون مهيئ لفهم معظم الكلام، خاصة الكلام الواضح الذي لا يتضمن الكثير من الضمائر أو الاستعارات والتشابيه والمعاني المستترة، ويجب أن يكون الكلام بلغة سهلة وواضحة، ومع ذلك فقد لا يفهم جميع الكلام نتيجة عدم تعلمه أو عدم قدرته على الدخول في حديث متواصل.
- هل تأخر الكلام من علامات التوحد؟ نعم في بعض الأحيان يكون تأخر الكلام علامة من علامات التوحد، ولكنه ليس عامل كافي لتشخيص التوحد، وإنما يجب أن يترافق معه العديد من الأعراض الأخرى، وإلا فإن تأخر الكلام قد ينتج على حالات عديدة ليست بالضرورة توحد.
- هل طفل التوحد يستطيع الكلام؟ نعم في أغلب الحالات يستطيع طفل التوحد الكلام، ولكن قد يتأخر النطق عند طفل التوحد، بالإضافة لأن كلام طفل التوحد يكون مختلف من حيث الكم ومن حيث الاتقان عن الطفل السليم، فهو لا يتكلم كثيراً ويكرر بعض الكلمات المحددة بطريقة نمطية صرفة دون فهم المعنى، أو يتوقف كلامه على بعض الجمل والكلمات المتعلقة بحاجاته ورغباته وبعض الأشخاص حوله.
- كيف يكون كلام طفل التوحد؟ غالباً ما يكون الكلام عند طفل التوحد نمطي ومتكرر يتعلق بحاجة معينة يريدها أو طلب من الآخرين تحقيق شيء له، أو تكرار بعض الكلمات بأسلوب ببغائي نمطي.
- متى يتكلم الطفل المصاب بالتوحد؟ قد يبدأ طفل التوحد بالكلام ونطق بعض الكلمات في العام الثاني من عمره على غرار الطفل السليم، ولكن من الأصعب عليه، تعلم الكلام بشكل متقن وكامل، ويبقى عند حدود اللغة الواضحة السهلة المباشرة، وبعض أطفال التوحد قد يتأخر الكلام بالنسبة له لما بعد السادسة من العمر، كما في حالات عديدة يعاني طفل التوحد من مشكلات في الكلام حتى بعد البلوغ.
- هل التوحد يؤثر على النطق؟ نعم قد يؤثر التوحد على النطق عند الطفل بسبب ترافق التوحد مع مشكلات معينة، أو عدم رغبة الطفل المصاب بالتوحد بالكلام والتواصل.
- هل طفل التوحد لا يتكلم ابدا؟ يجد طفل التوحد صعوبات في فهم الكلام واللغة واتقانهما، ونسبة كبيرة قد تستمر حتى بعد البلوغ بالعجز عن التواصل اللفظي، ولكن النسبة الأكبر من أطفال التوحد يتمكن من النطق في سن معينة، ويتعلم الكلام ضمن حدود معينة.