كيفية التعامل مع الطفل العدواني وتعديل سلوكه
التعامل مع سلوك الطفل العدواني بدون تحديد أسبابه والطريقة الصحيحة في التعامل معه يكون مرهقاً للوالدين وللطفل نفسه، حيث ينعكس هذا السلوك بشكل سلبي في حياة الطفل اليومية وحياة الأبوين، وفي هذا المقال نذكر الأسباب التي تجعل الطفل عدواني وكيف يمكن تعديل سلوك الطفل العدواني، وكيفية التخلص من السلوك العدواني للأطفال حسب المرحلة العمرية.
يعرف السلوك العدواني عند الطفل بأنه أي فعل عنيف يقوم به الطفل بغرض التسبب بالضرر والأذى للآخرين بشكل متعمّد مثل الضرب أو الشتم أو التنمر أو التهديد، وذلك بهدف الحصول على غايات معينة وإجبار الآخرين على فعل ما يريد أو بهدف إثبات الذات وفرض الرأي.
يظهر السلوك العدواني عند الطفل في مراحل عمرية مختلفة، ولكن في الغالب تكون بداية ظهور السلوك العدواني عند الطفل متزامنة مع تعامله مع الأطفال الآخرين خلال مرحلة الطفولة المبكرة، وفي بعض الأحيان يظهر السلوك العدواني عند الطفل مع بداية دخوله الروضة أو المدرسة.
العدوانية في مرحلة الطفولة جزء من مقاومة الطفل للنظام والقواد والمجابهة الاجتماعية التي يحاول التعايش معها في المدرسة والشارع والبيت، لكن السلوك العدواني قد يتطور ويصبح سلوكاً خطيراً ويسبب الأذى والضرر للطفل أو الآخرين، وقد يحمل أعراض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
يظهر السلوك العدواني عند الطفل بأشكال مختلفة متأثراً بالمشاكل الصحية والظروف التربوية الخاطئة التي يعاني منها الطفل ويمكن أن نصنف السلوك العدواني عند الطفل إلى:
- السلوك العدواني اللفظي عند الطفل: يكون السلوك العدواني اللفظي عند الطفل على شكل شتائم وسب وسخرية وتهكم على الأطفال الآخرين أو البالغين كنوع من ردود الفعل لحالة غضب أو إحباط يشعر فيها الطفل.
- السلوك العدواني الجسدي عند الطفل: يميل بعض الأطفال إلى الضرب للتعبير عن مشاعر الغضب لديهم واستهداف أجسام الأطفال الآخرين بالضرب أو الدفع بقوة أو العض أو شد الشعر، كل تلك التصرفات تندرج تحت السلوك العدواني الجسدي عند الطفل.
- السلوك العدواني النفسي عند الطفل: يسعى بعض الأطفال إلى سلوك عدواني نفسي أو عدوان غير مباشر مثل استخدام التهديد وإلقاء الاتهامات على الأطفال الآخرين وتخويفهم لغاية إجبار الأطفال الآخرين على تنفيذ مطالبه ويسمى هذا السلوك العدواني النفسي.
- السلوك العدواني نحو الأشياء: في بعض الأحيان لا يعرف الطفل توجيه غضبه تجاه شخص معين بشكل مباشر وإنما يقوم بتدمير ممتلكاته مثل تحطيم ألعاب وتمزيق ملابس أو أدوات دراسية لطفل آخر، وهذا ما يقصد به سلوك عدواني نحو الأشياء عند الطفل.
- السلوك العدواني الموجه لذاته: لا تكون جميع سلوكيات الطفل العدوانية موجهة نحو الآخرين، بل يمكن أن تنعكس على شكل إيذاء نفسه أو تحطيم ممتلكاته للتعبير عن الغضب والإحباط لديه وهذا يسمى سلوك عدواني عند الطفل موجه لذاته.
ما هي الأسباب التي تجعل الطفل عدواني؟ السلوك العدواني عند الطفل هو سلوك غير طبيعي ويحدث نتيجة أسباب تتعلق بصحة الطفل وظروف الأسرة والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، ونذكر فيما يلي الأسباب التي تجعل الطفل عدواني:
- اضطرابات الطفولة النفسية والنمائية: مشاعر التوتر والقلق والخوف والاكتئاب المستمر واضطرابات التعلم أو اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه أو إصابة الطفل بالتوحد أو تعرض الطفل لصدمة عاطفية شديدة أو تحرش جنسي، كلها عوامل نفسية يمكن أن تسبب سلوك عدواني عند الطفل وتحتاج إلى علاج من قبل اخصائي التربية والأطباء النفسيين.
- الخلافات والمشاكل الأسرية: تعتبر المشكلات العائلية هي المسبب الأكثر شيوعاً للسلوك العدواني عند الطفل، حيث يكون سلوكه كرد فعل لحالة عنف يتعرض لها من قبل الأبوين أو أحد الأخوة أو نتيجة مشاهدته للشجار الدائم بين أفراد العائلة.
- التربية التي يتلقاها الطفل: ليس العنف وحده ما يسبب سلوك عدواني عند الطفل، فالتعامل الخاطئ مثل دلال الطفل المفرط أو الضغط عليه بشدة لإنجاز مهام مثل المهام المتعلقة بالتعلم أو عيش الطفل بنمط حياة غير صحي، كلها ظروف تسبب سلوك عدواني عند الطفل.
- الصعوبات الاجتماعية: تعرض الطفل لصعوبات ومشاكل في علاقته مع الأطفال الآخرين في المدرسة أو الحي الذي يعيش فيه مثل الإهانة والسخرية منه والتنمر عليه أو حتى تعرضه للضرب من قبلهم، كل ذلك يمكن أن يولد رد فعل على شكل سلوك عدواني عند الطفل.
- البيئة المحيطة بالطفل: يمكن أن يرجع السلوك العدواني عند الطفل بسبب البيئة الثقافية المحيطة والتي تشجع الطفل على العنف، كما يمكن لبعض البرامج التلفزيونية والأفلام ومقاطع الفيديو التي تعرض على التلفاز أو على المنصات الاجتماعية أن تثير العدوانية لدى الأطفال.
- وجود مشاكل صحية عند الطفل: مثل مشاكل نمو الدماغ وحدوث خلل في التوازن الكيميائي والهرموني للطفل نتيجة مشكلة صحية يعاني منها أو نتيجة مضاعفات جانبية لبعض الأدوية التي يتناولها، كلها عوامل يمكن أن تسبب سلوك عدواني عند الطفل يكون لا إرادياً إلى حدّ ما.
يمكن تعديل سلوك الطفل العدواني بإجراء بعض التغيرات على نمط حياة الطفل والبيئة التي يعيش فيها والتعامل معه بشكل صحيح، وهي خطوات بسيطة لكن يحتاج تنفيذها إلى الصبر من قبل الوالدين، وفيما يلي أهم الخطوات التي تساهم في تعديل سلوك الطفل العدواني:
- تلبية حاجات الطفل الأساسية: ويقصد بها حاجات الطفل الأساسية من طعام وشراب والنوم الكافي والتهوية الجيدة والراحة الجسدية وتجنب الحر والبرد، كلها حاجات تساهم في تعديل السلوك العدواني للطفل وغيابها يسبب مشاكل صحية تنعكس بصورة سلوك عدواني عند الطفل.
- التوقف عن استخدام العنف مع الطفل: يجب الحرص على عدم تعرض الطفل للعنف من قبل الأبوين والأخوة في العائلة، وبدلاً من ذلك استبدل العنف بالحوار والنقاش الهادئ وأسلوب المكافآت والعقاب الصحيح، كلها طرق بسيطة تساعد بشكل كبير في تعديل سلوك الطفل العدواني.
- التوقف عن الاستهزاء والسخرية: السخرية الدائمة والتهكم من الطفل تسبب له الشعور بالغضب والإحباط ينعكس بصورة سلوك عدواني عند للطفل، وبدلاً من ذلك يجب استبدالها بالتشجيع الدائم ومساعدته وتعليمه القيام بالمهام المطلوبة بالطريقة الصحيحة لتعديل سلوك الطفل العدواني.
- إبعاد الطفل عن المشاكل الأسرية: مشاهدة الطفل للشجار والصراع داخل الأسرة بين الأبوين والأخوة الآخرين تسبب سلوك عدواني عند الطفل حتى لو لم يقع هذا السلوك عليه بشكل مباشر ولذلك يجب تجنب رؤية الطفل لهذه الصراعات وإبعاده عنها ومحاولة جعل النقاش والحوار الهادئ هو النظام المتبع لحل مشاكل الأسرة.
- التوقف عن الدلال المفرط للطفل: الدلال المفرط للطفل يسبب اعتياده على توقع حدوث كل شيء يرغب به وفي حال عدم حصوله على شيء تنتابه حالة من الغضب يعبّر عنها بسلوك عدواني تجاه الآخرين، لذلك يجب استبدال أسلوب الدلال المفرط للطفل بالمكافآت المرتبطة بتنفيذ المهام.
- تأمين بيئة اجتماعية جيدة للطفل: يحتاج جميع الأطفال إلى اللعب وبناء علاقات الصداقة مع الأطفال الآخرين لتنمية مهاراتهم الاجتماعية ويجب الحرص على تأمين علاقات جيدة عن طريق مساعدة الطفل على اختيار أصدقائه المناسبين والابتعاد عن الأطفال العنيفين.
- إعطاء مساحة خاصة للطفل واحترام خصوصيته: شعور الطفل بالسيطرة عليه عن طريق التدخل المستمر بكل تفاصيل حياته اليومية تولد حالة من الغضب تنعكس بصورة سلوك عدواني عند الطفل، لذلك يجب إعطائه بعض الخصوصية في حياته لتعديل السلوك العدواني عند الطفل وحتى يستطيع بناء شخصيته بطريقة أفضل.
- منع الطفل من رؤية مشاهد الفيديو العنيفة: يمكن للبرامج التلفزيونية أو مقاطع الفيديو التي تحتوي على كثير من العنف أن تسبب السلوك العدواني عند الطفل وخاصةً إذا تعلق الطفل بإحدى الشخصيات العنيفة وحاول تقليدها، لذلك يجب منعه من مشاهدة هذه الفيديوهات واستبدالها بالبرامج المخصصة لفئته العمرية لتعديل سلوك الطفل العدواني.
- تدريب الطفل على التعبير عن نفسه: يواجه بعض الأطفال صعوبة في التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم ما يولد لديهم شعور بالغضب ينعكس بصورة سلوك عدواني عند الطفل، لذلك من الهام تعليم الطفل كيفية التعبير عن احتياجاته والاعتياد على سماع أفكارهم والتحدث الدائم معهم لتنمية مهاراته في التواصل وتعديل سلوك الطفل العدواني.
طرق التعامل مع السلوك العدواني لطفلك تعتمد بشكل رئيسي على تفهم الاحتياجات الأساسية للطفل وعلاج الصعوبات التي يواجهها وتجعله يشعر بالغضب ويتصرف بعدوانية، وفيما يلي نشرح كيفية التعامل مع الطفل العدواني في كل مرحلة:
- كيفية التعامل مع الطفل العدواني في عمر سنتين: في هذا العمر لا يستطيع الأطفال التعبير عن مشاعرهم بشكل جيد، وغالباً ما يكون السلوك العدواني عند الطفل نتيجة شعور بالتعب والإرهاق أو الجوع والعطش أو الحر والبرد، ويجب تفهم سبب السلوك العدواني عند الطفل ثم تلبية احتياجاته لتعديل السلوك العدواني لديه.
- كيفية التعامل مع الطفل العدواني في عمر 3 سنوات: بعض الأطفال قد يواجه صعوبة في التكيف مع مسؤوليات وتوقعات المرحلة الجديدة، ما ينعكس بصورة سلوك عدواني عند الطفل، يجب التركيز بعمر 3 سنوات على تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره واحتياجاته بشكل أكبر ومحاولة إيضاح الطرق المناسبة لذلك، وتجنب الغضب والعنف في التعامل مع الطفل.
- كيفية التعامل مع الطفل العدواني في عمر 4 سنوات: يبدأ معظم الآباء بتنمية مهارات الطفل التعليمية مثل القراءة والكتابة وبتعليم الطفل بعض العادات الجيدة والالتزام ببعض الأنظمة والمعايير في عمر 4 سنوات، ويمكن للأسلوب الخاطئ أو عدم احتمال الطفل للضغط الناتج عن هذه المهام أن يسبب نفور للطفل وحالة من الغضب تنعكس بصورة سلوك عدواني عند الطفل، لذلك يجب الحرص على إيجاد الطريقة المناسبة لتعليم الطفل تحول عملية التعليم وغرس العادات لنشاط ممتع مع تجنب الملل والإرهاق للطفل.
- كيفية التعامل مع الطفل العدواني في الروضة: يذهب الأطفال إلى الروضة في عمر 3-5 سنوات، ويمكن أن يظهر بعض السلوك العدواني عند الطفل في الروضة نتيجة عدم التكيف مع البيئة الجديدة وخوفه من ترك والديه له لفترة طويلة ليس معتاد عليها، التعامل مع الطفل العدواني في الروضة يكون بدايةً بتفهم مخاوفه وتشجيعه وتقديم المكافآت وتجنب الغضب والتواصل مع القائمين على الروضة من أجل المساعدة في تعديل سلوك الطفل العدواني، وتعليمه كيفية تكوين علاقات مع الأطفال الآخرين.
- التعامل مع الطفل العدواني في المدرسة: المدرسة مكان أكبر من الروضة وفيه أطفال من مختلف الأعمار ما قد يجعلها بيئة مخيفة للطفل في بدايتها، وغالباً ما يكون سلوك الطفل العدواني في المدرسة نتيجة مخاوفه، وعدم قدرة على التكيف، وصعوبات تتعلق بالتعلم، أو التعرض لمشاكل في المدرسة، أو تعلم السلوك العدواني من الأطفال الآخرين، لذلك يجب التركيز على تشجيع الطفل على تكوين علاقات مع الأطفال الآخرين، وإيجاد طرق تعليم مناسبة للطفل تحول عملية التعليم إلى نشاط ممتع لديه، كما يمكن التواصل مع إدارة المدرسة لأخذ النصائح المناسبة وعلاج المشاكل التي قد يتعرض لها الطفل في المدرسة، و هذه الخطوات البسيطة تساهم بشكل فعال في تعديل سلوك الطفل العدواني في المدرسة.