اللعب العنيف عند الأطفال وهل يدل على شخصية عدوانية
![اللعب العنيف عند الأطفال وهل يدل على شخصية عدوانية](https://static.hellooha.com/revamp/assets/imgs/logo-desktop.png)
لماذا يلعب طفلي بطريقة عدوانية؟ وهل هذا يدل على امتلاكه لشخصية عدوانية عنيفة؟ وما المقصود باللعب العنيف؟ هذه الأسئلة هي الأكثر تداولاً لدى الأهل الذين لديهم طفل يلاحظون عليه خشونة وعنف في طريقة لعبه وتعامله مع الآخرين أو حتى لعبه الانفرادي مع ألعابه، ويخافون من فكرة أن هذه الألعاب تنمي لدى طفلهم شخصية عنيفة في المستقبل يمكن أن تكون مؤذية لنفسها أو لغيرها أو للمجتمع، في هذا المقال نتعرف على المقصود باللعب العنيف وأسبابه ودلالاته، وكيف يمكن التعامل معه؟ ومتى يكون اللعب العنيف عند الأطفال علامة خطر؟
يقصد باللعب الخشن والعنيف عند الأطفال اللعب الذي يتضمن شجاراً أو عراكاً أو ضرباً شديداً أو يعتمد بطبيعته على العنف البدني، مثل القتال والمصارعات والمنافسة الجسدية، أو خشونة الطفل باللعب مع أصدقاءه مثل قيامه بدفعهم أو عضهم أو ضربهم على سبيل اللعب والمزاح.
وقد يشمل الألعاب العنيفة أيضاً الألعاب الالكترونية التي تتضمن حالات اعتداء أو استخدام أسلحة وتنفيذ عمليات قتل ضمن مهام في اللعب، والعديد من الأشكال.
في الواضع اللعب العنيف والخشن مختلف عن العدوانية عند الأطفال وليس بالضرورة أن يكون الطفل الذي يلعب بخشونة أو عنف صاحب شخصية أو ميول عدوانية خصوصاً في الألعاب التي تعتمد بطبيعته على درجة من العنف والخشونة، ولكن يتخوف الأهل من تأثر الطفل بهذه الألعاب وتحوله للسلوك العدواني كنتيجة لها.
![animate](https://static.hellooha.com/revamp/assets/imgs/logo-desktop.png)
- التعبير عن بعض الدوافع والمشاعر: كثيراً ما يكون اللعب العنيف لدى الطفل تعبيراً عن دوافع ومشاعر وأفكار تجول في خاطره، مثل الغضب أو الشعور بالضغط، أو كره لعبة معينة أو شخصية معينة، رغبة بالانتصار والفوز والشعور بالقوة والسيطرة، والكثير من الدوافع الأخرى.
- تفريغ الطاقة الانفعالية: يكمن داخل الطفل قدر كبير من الطاقة والنشاط، واللعب العنيف الذي يتضمن تعب وإرهاق وعراك ومصارعات، يفرغ قدر كبير من نشاط الطفل وطاقاته الانفعالية، التي أيضاً كثيراً ما تتعلق بالمشاعر، تعبيراً عن السعادة بزيادة قدرته والرغبة بتجربتها، أو شعوره بالتوتر والرغبة بتفريغ طاقته، أو الشعور بالملل والرغبة بالنشاط والحركة.
- الميل لسلوك التحدي والرغبة بالفوز: بعض الأطفال يبدون ميل واضح نحو الأنشطة التي تتضمن حالات تحدي ومنافسة، واللعب العنيف الذي يتضمن شجار ومصارعات وعراك، يعتبر من أكثر الألعاب التي تجذب الأطفال وخاصة الذكور.
- النشوء بطريقة تعزز الرغبة بالسيطرة وفرض القوة: قد يتربى الطفل بطريقة تعطي قيمة للعنف والقوة، وترى باللعب العنيف وبعض العدوانية عند الطفل قوة وشجاعة، وقد يتم تشجيعه على ذلك من قبل الأهل فيصبح أكثر ميلاً للألعاب العنيفة.
- وجود ميول عدوانية: قد يتصف سلوك الطفل بشكل عام بالعدوانية لأي سبب تربوي أو اجتماعي أو نفسي أو عقلي، ويجد في اللعب العنيف طريقة للتعبير عن ميوله العدوانية.
- سوء تقدير عواقب اللعب العنيف: من أسباب اللعب الخشن بين الأطفال أنهم قد لا يقدرون بشكل جيد عواقب الخشونة والعنف، ولا يفكرون أن التدافع مثلاً أو رمي الأشياء على بعضهم قد يسبب إصابات خطيرة لأحدهم!
متى يكون اللعب العنيف عند الأطفال علامة خطر؟ تختلف العدوانية عن العنف، حيث يقصد بالعنف طريقة في اللعب تعتمد على الخشونة وتفضيل ألعاب الشجار والعراك والضرب، أما العدوانية فغالباً ما يقصد بها الرغبة بالاعتداء على الآخرين وفرض السيطرة والقوة لسبب ما، وهنا بعض العلامات التي تشير لوجود العدوانية في لعب الطفل:
- تعمد ضرب الأطفال الأضعف: الطفل الذي لديه ميول عدوانية يلاحظ أنه يتعمد ضرب الأطفال الأضعف منه سواء الأصغر سناً أو من لديهم ضعف شخصية أو ضعف جسدي، فهو يشعر بالقوة وقدرته على التغلب عليهم.
- التصرف بعدوانية حتى خارج مواقف اللعب: لا يقتصر سلوك الطفل العدواني على العنف في اللعب فقط، بل يظهر الميول والسلوكيات العدوانية في مواقف الحياة المختلفة، مثل كثرة الشجار مع أقرانه وضربهم، أو حتى ضرب أخوته الأصغر سناً عند الغضب، وقد يصل سلوكه العدواني ليكون ضد الأهل أحياناً.
- تزامن الغضب والعصبية مع العنف: غالباً فإن سلوك العنف عند الطفل العدواني يصاحبه الغضب والعصبية، فحتى عندما يلعب الطفل مع أطفال آخرين، فإنه يفضل الألعاب العنيفة، وقد يستفز الأطفال الآخرين أو يعتدي عليهم لجرهم للشجار وتخريب اللعبة.
- تعمد الأذية والإضرار أثناء اللعب: بالنسبة للأطفال الأكثر عدوانية فقد يلاحظ عليه أحياناً أنه يتعمد أذية أقرانه أثناء اللعب معهم، فقد يضرب بشكل مؤذي أو باستخدام أشياء خطيرة مثل الأحجار أو العصي وغير ذلك.
- الشجار دائماً مع الأطفال وتحويل اللعب إلى شجار جدي: تكثر الخلافات بين الطفل العدواني وبين أقرانه، فهو دائماً ما يحول مواقف اللعب العادية إلى أسباب للشجار معهم، وغالباً ما يكون هو المسبب بالشجار، حيث يعتدي على حقوقهم أو يضربهم بدون سبب.
عندما يتحول الطفل من اللعب العنيف الخشن إلى العدوانية وتعمد ضرب الأطفال وإيذائهم، فإن ذلك يعتبر سلوك غير مقبول ويجب على الأهل التدخل لإيقافه، ويمكن إيقافه بعدة طرق حسب كل حالة، ومنها:
- التفريق بين اللعب العنيف وبين السلوك العدواني وشرح ذلك للطفل: في المواقف اليومية وعند ملاحظة تصرف الطفل بعدوانية أثناء لعبه مع أطفال آخرين أو حتى خارج اللعب، على الأهل التدخل فوراً ومنع السلوك العدواني من قبل الطفل، ويمكن أن يتم الشرح له عن الفرق بين اللعب الذي قد يكون فيه بعض العنف الآمن مثل العراك دون التسبب بالإيذاء، وبين العدوانية التي لا مبرر لها وليس فيها منافسة بناءة، وأن العدوانية شيء مرفوض ولن يسمع له به.
- رفض سلوك العنف ومنعه بجدية: على الأهل عدم التهاون مع السلوك العدواني للطفل ويجب أن يتوضح له بكل مناسبة أن العدوانية أمر مرفوض وسوف يكون لها عواقب على الطفل، وقد يتم اعتزاله وتجنبه من قبل أقرانه وأصدقاءه إذا استمر بها، وأن هذه العدوانية لا يشجعها الأهل أو يسمحون له بها.
- الحديث مع الطفل حول آثار السلوك العدواني: لا يعد السلوك العدواني مقبول بشكل عام لأسباب كثيرة ومعروفة من قبل الأهل، وعلى الأهل تفسير ذلك وشرحه لطفلهم من خلال اطلاعه على العواقب والأسباب، فالعدوانية قد تتسبب بأذى الآخرين وقد تضع الطفل وأهله أمام مسؤوليات كثيرة، وقد تتسبب بالأذى للنفس أو للأسرة أو للممتلكات، وقد يتعرض الطفل للعقوبة أو ردة فعل سيئة من قبل ضحية الاعتداء أو أهله.
- معاقبة الطفل عند التصرف بعدوانية: عندما يستمر الطفل بسلوكه العدواني متجاهلاً كل نصائح الأهل وأوامرهم، فهنا قد يتطلب الأمر فرض عقوبات معينة عليه تكون مدروسة ومفهومة من قبل الأهل وحسب العمر والموقف، فعندما يعتدي الطفل على ممتلكات شقيقه مثل تخريب حقيبة المدرسة أو ألعابه أو غير ذلك، فيمكن عقاب الطفل المعتدي بحرمانه من ألعابه وإعطائها للمعتدى عليه على سبيل التعويض والبدل له، والعقوبة للمعتدي بنفس الوقت.
- علاج المشكلات التي قد تسبب السلوك العدواني: قد تكون عدوانية الطفل ناتجة عن أسباب خارجة عن إرادته مثل معاناته من اضطرابات عاطفية أو اجتماعية أو عقلية أو سلوكية أو نفسية، وفي هذه الحالات يجب البحث عن أسباب العدوانية وتشخيصها بدقة ومن ثم العمل على علاج هذه المشاكل إن وجدت.
ليس اللعب العنيف وإنما العراك والمنافسة البناءة قد تكون مفيدة أحياناً إذا بقيت في الحدود الآمنة، ومن الفوائد التي قد تنتج عنها:
- تفريغ الطاقات السلبية عند الطفل: كثيراً ما يمر الطفل بحالة يكون لديه فيها طاقة سلبية مثل عند الشعور بالضغط أو التوتر أو الخوف من شيء ما، واللعب العنيف إذا بقي بالحدود الآمنة من شأنه مساعدة الطفل على تفريغ هذه الطاقات، من خلال حالة التحدي والإثارة والنشاط التي ترافق اللعب العنيف.
- التنفيس عن الطفل وتخفيف الرغبات والميول العدوانية: يوجد نظريات ترى أن اللعب العنيف بشكل آمن من شأنها أن تساعد في تنفيس الميول العدوانية عند الطفل، فمن وجه النظر هذه أن جميع الأطفال يكون لديهم طاقات ورغبات عدوانية، وبدلاً من ظهور هذه الطاقات من خلال حالات الاعتداء الحقيقية، فإن الألعاب العنيفة مثل الألعاب القتالية والمصارعات والضرب غير المؤذي من شأنها التخفيف من هذه الميول لاحقاً.
- التحرك والنشاط: معظم الألعاب التي تتضمن خشونة وعنف، تتطلب من الطفل الحركة السريعة والسقوط والنهوض والاحتماء والركض وغير ذلك، وكل هذه الأنشطة تعتبر أنشطة حركية مفيدة على غرار التمارين الرياضية.
- تنمية المهارات الحركية: خلال اللعب العنيف ينمي الطفل الكثير من المهارات الحركية مثل الشقلبة والقفز والركض والهرب والهجوم وغير ذلك، فاللعب العنيف والمشاجرة تتطلب كل هذه الحركات.
- معرف القدرات الشخصية وحدودها: من خلال اللعب العنيف يتعرف الطفل أكثر على حدود إمكاناته وقوته الفعلية، ويبدأ فعلاً بفهم أبعاد جسده وامكاناته والتخلص من الأفكار الطفولية أنه يستطيع القيام بأشياء خارقة على غرار أبطال المسلسلات الكرتونية.
- تنمية القدرة على معرفة إمكانات الآخرين ومهارات الدفاع عن النفس: كما يتعرف الطفل على إمكاناته وحدودها، يتعرف أيضاً على إمكانات الآخرين، فهو أثناء العراك مع أطفال آخرين أو حتى مع الكبار، يقيس مدى قوة هؤلاء ومدى الاختلاف بين قوته وقوتهم، وأفضل الطرق للتغلب عليهم، وبهذا فإنه يأخذ درسه الأول حول مهارات الدفاع عن النفس وتقدير إمكاناته وإمكانات الآخرين.