متلازمة التراجع الذيلي الولادية والتعايش معها

ما هي متلازمة التراجع الذيلي وهل لها علاج، تعرف إلى تشوّه التراجع الذيلي الولادي والتعايش معه
متلازمة التراجع الذيلي الولادية والتعايش معها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

كثيراً ما يخشى الأشخاص من تشوهات الأجنة وكيفية التعايش مع الأمراض المزمنة التي ترافق الشخص طيلة حياته، ومن هذه الأمراض متلازمة التراجع الذيلي التي يخلق فيها الطفل بنصف جسد أو بجزء سفلي ضعيف، ما المقصود أن يكون الطفل بجسد سفلي ضعيف أو بدون جسد، وما أسباب هذا المرض؟ من خلال هذا المقال سنتحدث عن متلازمة التراجع الذيلي وكيفية التعايش معها.

متلازمة التراجع الذيلي أو الانحدار الذنبي أو خلل التنسج العجزي CRS هو مصطلح واسع النطاق لاضطراب خلقي معقد نادر يظهر خلال الحمل، ناتج عن خلل في نمو العمود الفقري السفلي خلال الحمل لأسباب غير معروفة، حيث يكون هناك فقدان للفقرات الأخيرة من العمود الفقري أو تشوهها، وقد تكون حزمة الأعصاب الموجودة في نهاية النخاع الشوكي غير موجودة أيضاً، وفي بعض الأحيان يكون الحبل الشوكي متصلاً بالأنسجة المحيطة.

تختلف شدة الإصابة بمتلازمة التراجع الذيلي من شخص إلى آخر فالبعض يظهر غياب كامل للفقرات الأخيرة من العمود الفقري وحزمة الأعصاب والبعض الآخر تشوهات في الفقرات الأخيرة من العمود الفقري.

قد يسبب التشوه في العمود الفقري انحناءات شديدة في كل العمود الفقري، وبالتالي تشوه في القفص الصدري ومشاكل بالتنفس والقلب، ويعاني المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي بشكل عام من مشاكل في المشي والحركة والتبول والتبرز والكثير من المشاكل الأخرى التي تعيق تفاصيل حياته اليومية.

animate

تظهر متلازمة التراجع الذيلي منذ الحمل عند التصوير بالسونار في الثلث الأول من الحمل، حيث تظهر تشوهات نمو الجزء الأسفل من الجسم، مثل قصر طول المؤخرة ونتوء العامود الفقري السفلي، يمكن الكشف المبدئي خلال الأسبوع التاسع من الحمل، ويتم التأكد بالمراقبة والفحوصات المستمرة لتشخيص الحالة بشكل كامل، وبعد الولادة تظهر التشوهات على الشكل التالي:

  • تشوهات الأطراف السفلية: في أغلب الحالات يكون شكل متلازمة التراجع الذيلي ظاهر بسبب التشوهات الهيكلية بشكل عام، وخاصةً الأطراف السفلية حيث يكون حجم الورك صغير والأرداف مسطحة وعظام الساقين غير متطورة، والمفاصل السفلية متيبسة ويصعب تحريكها وبالتالي تظل الأقدام بوضع مستقيم والركبتين لا تنحني.
  • تشوهات في المسالك البولية: تتنوع التشوهات في المسالك البولية لدى المصابين بمتلازمة التراجع الذيلي، ويعود هذا التشوه من النخاع الشوكي الذي يحتوي على الأعصاب المسؤولة عن التحكم بوظيفة المثانة، فيؤدي تلف هذه الأعصاب إلى حالة تسمى المثانة العصبية وبالتالي صعوبة التحكم في تدفق البول، بالإضافة إلى الكلى التي قد تكون مشوهة أو غير موجودة أو مندمجة مع بعضها البعض، ويمكن أن تؤدي إلى التهابات المسالك البولية المتكررة وارتداد البول إلى الكلى وبالتالي الفشل الكلوي.
  • تشوهات تناسلية: قد تشمل متلازمة التراجع الذيلي تشوهات تناسلية مثل عدم نزول الخصيتين أو إحداهما بالنسبة للذكور، أما الإناث يعانين من اتصال غير طبيعي بين المستقيم والمهبل، وفي الحالات الشديدة يعاني المصاب من عدم وجود الأعضاء التناسلية.
  • تشوهات هضمية: قد يعاني الشخص المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي من النتوءات غير طبيعية في الأمعاء الغليظة أو انسداد في فتحة الشرج، والفتق الإربي وتشوهات أخرى في الجهاز الهضمي، ما يجعل المصابين يعانون من الإمساك وصعوبة بالتحكم في الأمعاء.
  • تشوهات في الجزء العلوي: قد تشمل أيضاً تشوهات المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي تشوهات في القسم العلوي من الجسم، مثل تشوهات في القلب والجهاز التنفسي ومشاكل في السمع وغيرها من التشوهات.

يعد السبب الرئيسي لمتلازمة التراجع الذيلي غير معروف، لكن هناك بعض العوامل المتوقعة التي يرجحها بعض الباحثين تعود للبيئة والعوامل الوراثية، ومنها:

  • إصابة الأم بداء السكري: رغم أن النسب التي ظهرت بالدراسات بالنسبة للنساء المصابات بداء السكري سبب بالحمل بجنين مصاب بمتلازمة الانحدار الذيلي غير كافية، إلا أن بعض الأبحاث ترى أن 22% من الحالات كانت الأم مصابة بداء السكري الأول أو الثاني، و1% من النساء المصابات بالسكري تنجب طفل مصاب، وأيضاً أن النساء المصابات بداء السكري من النوع الأول المعتمد على الأنسولين أكثر عرضة من 200 إلى 400 مرة مقارنة بالنساء المصابات بالسكري من النمط الثاني.
  • تناول بعض الأدوية خلال الحمل: أيضاً لا يوجد دراسات كافية على أن الأدوية التي تتناولها المرأة في الثلث الأول من الحمل قد تسبب الانحدار الذنبي، لكن في حالة تم دراستها على امرأة أنجبت طفل يعاني من التراجع الذيلي كانت تستخدم المضاد الحيوي تريميثوبريم مع السلفاميثوكسازول (سيبترين) في الثلث الأول من الحمل، ومحلول مينوكسيديل لمدة 4 سنوات من قبل الحمل وخلال الأشهر الأولى من الحمل مع عدم وجود سكري أو أمراض وراثية في تاريخ العائلة، وبناءً على هذه الحالة يقول البعض أن بعض الأدوية قد تكون سبب في ظهور المتلازمة.
  • تعرض الحامل للمواد الكيميائية: يعتقد بعض الباحثون أن أسباب نمو جنين مصاب بمتلازمة التراجع الذيلي يشمل عوامل أخرى مثل تعرض المرأة خلال الحمل للمذيبات العضوية مثل البنزين أو نقص الأكسجة أو عدم توازن الأحماض الأمينية.

لكون متلازمة التراجع الذيلي تشوه خلقي نادر لا يوجد علاج له ولا يشفى، لكن يمكن علاج الأعراض وتسهيل التعايش مع المتلازمة بإشراف كادر طبي منوع الاختصاصات للقيام على الحالة:

  • العلاج الدوائي: صحيح أنه لا يوجد علاج دوائي وغير دوائي لمتلازمة التراجع الذيلي، لكن يستخدم معظم المرضى مجموعة من الأدوية لتحسين الأعراض والمضاعفات الناتجة عن المتلازمة، مثل الأدوية الصدرية للتخفيف من الأعراض التنفسية والقلبية، ومضادات الاكتئاب للتخفيف من الأعراض النفسية، والمسكنات لتخفيف الأوجاع حسب كل حالة.
  • العلاج الفيزيائي: يعد العلاج الفيزيائي من أكثر العلاجات أهمية وفائدة في الحالات الخفيفة من متلازمة التراجع الذيلي، لكونها تعمل على تقوية الجزء السفلي من الجسم لتيمكن المريض قدر الإمكان من التحرك بشكل مستقل خاصةً في حال وجود الأطراف.
  • الأطراف الصناعية: يمكن استخدام الأطراف الصناعية عند الأشخاص المصابين بمتلازمة التراجع الذيلي لتحسين الحركة لديهم وتحسين جودة الحياة، مثل الأقدام الصناعية لمساعدته على المشي والتنقل.
  • أجهزة مساعدة للحركة: تعد الأجهزة المساعدة على المشي من أكثر الوسائل المستخدمة لتحسين جودة الحياة عند مريض تراجع الانحدار الذنبي، مثل كرسي المشي المتنقل والعكاز والووكر.
  • القسطرة البولية: كثيراً ما تستخدم القسطرة البولية عند مريض متلازمة الانحدار الذنبي، خاصةً في حال عدم اكتمال بنية المثانة للتمكن من إخراج البول من الجسم، لكونه لا يتمكن من التبول بشكل طبيعي وقد تكون فوهة البول غير موجودة.
  • كيس فغرة الكولون: والمعروف باسم الكيس الكولوستومي، وهو كيس يوضع على جدار البطن للتخلص من فضلات الأمعاء وإجراء فتحة تصل لنهاية فغر الكولون، يستخدم بكثرة عند مريض متلازمة التراجع الذيلي في حال كان غير قادر على التبرز بشكل طبيعي.
  • جهاز التنفس الاصطناعي: قد يحتاج مريض متلازمة التراجع الذيلي وجود جهاز للتنفس الاصطناعي وأنبوب الأوكسجين للتدخل الإسعافي عند الحاجة، لكون مريض التراجع الذيلي يعاني من مشاكل اضطرابات بالتنفس بسبب تشوه شكل القفص الصدري في الحالات الشديدة من متلازمة التراجع الذيلي.
  • العلاج الجراحي: يحتاج المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي للعديد من العمليات منذ الولادة لتعديل ما يمكن تعديله من التشوهات، خاصةً التشوهات الهيكلية للوصول لأفضل وضع يمكنه من التعايش مع المرض، كما تشمل العمليات الجراحية جراحة المسالك البولية والهضمية لفصل الأعضاء التي قد تكون متصلة مع بعضها أو مع الحبل الشوكي.

متلازمة التراجع الذيلي هل يتزوج؟ في الحقيقة يمكن التعايش مع معظم الحالات التي يمكن أن يتعرض لها المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي إلا القدرة على الزواج، فرغم جميع العلاجات والجراحات التي يمكن القيام بها من الصعب تحسين نمو ووظيفة الأعضاء التناسلية لديه، وهذا بسبب تشوه الأعضاء التناسلية والبولية وخلل الوظيفة الجنسية، وخاصةً أن الخصيتين عند الذكور غير موجودين أو مهاجرة ولا يوجد عضو ذكري أو لا ينمو بشكل يسمح للتزاوج، وكذلك الأنثى تكون فوهة المهبل متصلة بالفوهة البولية أو الشرجية، وقد تكون الأقدام متصلة ببعضها وبالتالي لا مجال للتزاوج.

  • ​​​​​​​كيف يعيش المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي؟ يواجه مريض متلازمة التراجع الذيلي الكثير من المصاعب في الحياة اليومية، رغم اختلاف شدة المرض لكنه في الغالب يحتاج للمساعدة عند المشي، وإذا كانت الدرجة خفيفة يمكنه المشي لوحده باستخدام أدوات تساعده على التنقل مثل العكاز، وقد لا يتمكن من المشي أبداً ويحتاج أحد أن يحمله ويساعده في جميع المهام اليومية، فهذا يعتمد على شدة المرض والمحيطين به وبالنهاية يعد من ذوي الاحتياجات الخاصة.
  • ما مدى ندرة متلازمة الانحدار الذنبي؟ تعد متلازمة الانحدار الذنبي من التشوهات الولادية النادرة، حيث تصيب تقريباً من 1 إلى 2 من كل 100000 مولود جديد، وفي حال إصابة أحد الوالدين بالسكري قد ترتفع النسبة إلى 1 من كل 350 مولود جديد.
  • كيف يقضي حاجته متلازمة التراجع الذيلي؟ في الكثير من حالات متلازمة التراجع الذيلي يكون الجهاز البولي والهضمي غير موجود أو غير مكتمل أو مشوه، لذا يستخدم قسطرة بولية خارجية لإخراج البول من الجسم، وللبراز يمكن استخدام الكيس الخارجي (كيس فغرة الكولون) الذي يمكن البراز من تجاوز الأمعاء والخروج في كيس خارجي.
  • كم يعيش مريض متلازمة التراجع الذيلي؟ لا يمكن تقدير كم يمكن أن يعيش المصاب بمتلازمة التراجع الذيلي، أولاً لكون الأمر عند الله وحده، وثانياً حسب شدة التشوهات والحالة الصحية العامة والاهتمام الذي يتلقاه منذ الولادة، حيث أن الدعم العاطفي والصحي يلعب دور كبير وأساسي في زيادة القدرة على التعايش مع المرض.
  • هل يمكن التعايش مع متلازمة التراجع الذيلي؟ لا يمكن القول إنه لا يمكن التعايش مع متلازمة التراجع الذيلي رغم المصاعب العديدة التي يعاني منها المصاب وعائلته، حيث هناك مثال شائع لشاب قطري مصاب وأصبح يلقب المرض باسمه وهو غانم مفتاح، والذي تمكن بعزيمته وقوة إرادته التغلب على الصعوبات والنجاح والتمييز، وأصبح سفير النوايا الحسنة في دولة قطر ويدرس العلوم السياسية وسفيراً رسمياً للبطولة العالمية (المونديال).

المراجع