بحث عن تلوث الماء وطرق معالجته

تلوث المياه من المشاكل البيئية الخطير التي تهدد التنوع البيئي والصحة العامة للسكان، وهناك مستويات مختلفة من تلوث الماء، في هذا المقال نتعرف أكثر إلى تعريف مشكلة تلوث المياه وتأثير الماء الملوّث على البيئة والإنسان وحلول مقترحة للحد من تلوّث الماء.
تُعرّف مشكلة تلوث المياه على أنها ثاني أكبر أنواع التلوث بعد تلوث الهواء وهي مشكلة بيئية كبيرة يحدث فيها تغيير لخصائص المياه الطبيعية، حيث تؤثر الملوثات بأنواعها الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية على المياه السطحية والجوفية مما يجعلها غير صالحة للاستخدام من قبل البشر، وقد تظهر الملوثات بشكل مرئي في المياه في حال كانت فيزيائية، ومن ناحية أخرى لا يمكن الكشف عنها بالعين المجردة عندما تكون كيميائية ممتزجة بالمياه، لذلك يلجأ العلماء للكشف عن تلوث المياه من خلال معايير قياسية، قد تكون هذه المعايير كيميائية مثل أخذ عينات من المياه الملوثة والكشف عنها مخبرياً لمعرفة ما هي المواد الكيميائية التي توجد فيها، وقد يكون الكشف حيوي بمعنى وضع العديد من الكائنات الحية داخل المياه كالأسماك وغيرها من الكائنات لمعرفة هل ستعيش في هذه الماء أم لا وفي حال لم تستطع هذه الكائنات العيش يحكم على الماء بأنها ملوثة وغير قابلة للاستخدام البشري.

هنالك العديد من العوامل لتوضيح أنواع تلوث المياه حيث يمكن تصنيفها بالشكل التالي:
- تلوث المياه السطحية: المياه السطحية من أكثر أنواع المياه انتشاراً على الكرة الأرضية فهي تعبر عن البحار والمحيطات والأنهار وغيرها، حيث تشكل ما يقارب 70 بالمائة من المساحة الزرقاء على خريطة العالم، وعلى الرغم من أن الاعتماد الكلي عليها في الاستخدامات البشرية إلا أن قسم كبير منها يعتبر غير صالح للاستخدام البشري نتيجة التلوث المائي الذي يعاني منه، ويعود سبب التلوث للعديد من مصادر التلوث الخارجية مثل وصول بعض الأسمدة الزراعية والمخلفات الصناعية إلى المياه العذبة، بالإضافة إلى المخلفات البشرية التي يتركها البشر بالقرب من هذه المياه، وأقنية الصرف الصحي التي تصل إلى البحار والأنهار وجريان الأسمدة نحو هذه المياه وغيرها من الملوثات.
- تلوث المياه الجوفية: المياه الجوفية هي مصدر مهم للماء العذب الصالح للاستخدام من قبل البشر خاصة في المناطق الريفية فهي تعتبر بمثابة خزان للمياه في أعماق الأرض، ولكن عندما تهطل الأمطار تتسرب المياه عبر الشقوق الأرضية إلى الأعماق وقد تتسرب معها العديد من المواد الأخرى كالمبيدات والأسمدة وأنظمة الصرف الصحي وهذا قد يجعلها غير صالحة للاستخدام للعديد من السنوات وقد تصبح مصدر للتلوث عندما تصب هذه المياه في الجداول والبحيرات والبحار القريبة منها.
- تلوث البحار والمحيطات: يعتبر تلوث المحيطات أيضاً أحد أنواع التلوث الخطيرة ويحدث نتيجة وصول الملوثات إليه مثل المواد الكيميائية والمعادن الناتجة عن مخلفات المصانع والزراعة وغيرها، حيث تتطاير بعض الملوثات وتصل للبحار والمحيطات عبر الرياح، أو تصل إليه عبر المصارف المائية للصرف الصحي ومصارف الأمطار، بالإضافة إلى الملوثات النفطية التي تتسرب إلى مياهه من السفن والبواخر التي تحمل النفط، وتعتبر مصادر تلوث هذا النوع نُقطية عندما يكون المصدر واحد مثل مياه الصرف الصحي أو مصفاة نفطية، كما يعتبر تلوث غير نقطي عندما يكون المصدر غير محدد كالملوثات التي تنجر مع مياه الأمطار هي غير محددة المصدر.
- تهديد الصحة العامة للإنسان: تعتبر المياه الملوثة مياه خطيرة على الإنسان وذلك لأنها تسبب له العديد من الأمراض الهضمية والعصبية، والأمراض التي تنتقل نتيجة العدوى الفيروسية أو البكتيرية مثل الكوليرا والتهابات الأذن والطفح الجلدي نتيجة التحسس تجاه المياه غير النظيفة، كما أنها تزيد من نسبة حدوث السرطانات بالإضافة إلى أنها تؤثر بشكل كبير على النساء خلال فترة الحمل.
- موت الحياة المائية: إن تلوث المياه يؤثر بشكل عام على جميع الكائنات الحية ولكن له آثار سلبية بشكل خاص على الكائنات التي تعيش في الماء، وذلك لأن الحياة المائية في ظل التلوث تكون شبه معدومة.
- التغيرات المناخية: من الآثار الهامة أيضاً لتلوث المياه هو التغير المناخي فمثلاً في المناطق التي تكثر في المصانع سوف تزيد الأمطار الحامضية التي تقضي على الزرع مما يؤدي لتحويل المنطقة إلى منطقة شبه صحراوية، والعديد من المناطق الزراعية سوف تتأثر في حال كانت تروى المزروعات من المياه الملوثة سوف تموت المزروعات ويتغير طبيعة المنطقة الزراعية مناخياً نتيجة موت المزروعات.
- عدم القدرة على الصيد: ينتج عن تلوث المياه أيضاً عدم القدرة على الصيد في الأماكن الملوثة لأن الكائنات البحرية قد تكون سامة في حال تناولت أي من المواد الملوثة التي تحوي على معادن سامة وترسبت هذه المعادن داخلها فسوف تنتقل إلى الإنسان وتسبب له الضرر لذلك تمنع الحكومة الصيد في الأماكن الملوثة وهذا قد يضر بعمل العديد من الصيادين.
- التراكم الحيوي: أحد الآثار الخطيرة للتلوث المائي هو التراكم الحيوي والذي يعني ترسب بعض المواد الكيميائية داخل الكائنات الحية المائية من حيوانات ونباتات مثل الزئبق وبالتالي عندما تتغذى الحيوانات على النباتات المائية أو الأسماك سوف تنتقل إليها هذه المعادن ومن ثم تنتقل للإنسان وينتج عنها العديد من الأمراض وقد تكون سامة وقاتلة في بعض الأحيان حسب نوعها.
- آثار سلبية على السياحة: ينتج عن تلوث المياه أيضاً آثار سلبية على السياحة في تلك المناطق الملوثة وهذا بدوره يعود بالسوء على الأفراد الذين يعملون في هذا المجال وعلى الاقتصاد العام المعتمد على هذه المناطق السياحية.
- إعادة التدوير أمر مكلف اقتصادياً: تعد إعادة تدوير المياه الملوثة وتنقيتها أمر مكلف اقتصادياً بشكل كبير لذلك تعتبر التكلفة الاقتصادية أحد الآثار السلبية الهامة التي تنتج عن تلوث المياه.
- الضرر بتوازن السلسلة الغذائية: إن الطبيعة بشكل عام هي سلسلة متكاملة وإن تأثر أي جزء منها سوف يخل بنظام التوازن البيئي، حيث ينتج عن تلوث المياه ضرر يأثر بشكل مباشر على توازن السلسلة الغذائية النباتية، بمعنى تأثر نمو النباتات بسبب تلوث المياه سوف يؤثر على الكائنات التي تتغذى على هذه النباتات مثل الحيوانات العاشبة، وقد تتعرض العديد من هذه الحيوانات للضرر نتيجة انقطاع مصدر غذائها، وسوف تتأثر الحيوانات التي تليها في السلسلة فهذه الحيوانات الكبرى تتغذى على الحيوانات الأصغر منها والتي مصدر غذائها هو النباتات وبناءً عليه سوف يحدث خلل بالتوازن البيئي نتيجة تأثر السلسلة كاملة.
- وصول بعض المعادن الثقيلة إلى النباتات: ينتج عن تلوث المياه أضرار تؤثر على نمو النباتات كوصول بعض المعادن الثقيلة إليها والتي قد تكون سامة فتؤدي إلى ضرر يلحق بالنباتات والكائنات التي تتغذى على هذه النباتات نتيجة تراكم المعادن الثقيلة فيها، ومع الوقت قد يتأثر نمو الصنف النباتي كاملاً في المنطقة الملوثة ولا يعود للنمو مرة أخرى.
- تغير درجة ملوحة الماء يؤثر على نمو النباتات: يتأثر نمو النبات أيضاً عند تغير درجة ملوحة المياه التي تُغذّي هذه النباتات، فالمياه الملوثة تتغير قيمها الطبيعية من درجة حرارة وملوحة وغيره وهذا يؤثر بدوره على نمو النباتات التي تُروَى من هذه المياه.
- تلوث المياه بالمواد العضوية يؤثر على نمو النبات: من أضرار المياه الملوثة أيضاً على النباتات هو وصول المواد العضوية إليها من المخلفات البشرية، فهذا التلوث يجعل البكتريا تتكاثر بسرعة وتفكك المواد العضوية مما يؤدي إلى استهلاكها كميات كبيرة من الأكسجين فتصبح كمية الأكسجين الموجودة في المياه غير كافية لنمو النباتات.
- تلوث المياه ببعض المواد الكيميائية يمنع نمو النبات: المواد الكيميائية قد تكون الأخطر على النباتات حيث أن تراكم هذه المواد مثل النتروجين والفوسفور والمعادن الثقيلة والمبيدات الكيميائية، وبقايا المصانع يؤثر على نمو النباتات لدرجة قد يمنع فيها نمو النباتات بشكل نهائي في المنطقة الملوثة.
- تأثر المحاصيل الزراعية: سقاية النباتات بمياه ملوثة يؤثر على جودة المحاصيل الزراعية بشكل عام، ومن جهة أخرى المياه الملوثة تجذب العديد من الحشرات وتزيد من تكاثرها، والتي بدورها قد تفسد محاصيل زراعية بأكملها وتجعلها غير قابلة للاستخدام البشري.
هنا وجب التنبيه إلى أننا لا نقدم حلول لمعالجة التلوث المائي فهذا سوف يتم توضيحه في مقال مخصص له، وإنما هي بعض الخطوات التي يمكن من خلالها وضع الحدود للتخلص من تلوث المياه، مثلاً:
- وضع النفايات في أماكنها المخصصة: من المهم جداً للتخلص من تلوث المياه أن يتم التخلص من المخلفات الكيميائية ومواد التنظيف المنزلية ووضعها في أماكنها المخصصة لكي نضمن عدم التسرب إلى المياه الصالحة للاستخدام البشري.
- رفع شدة العقوبات: إن الخطوة الأولى للردع والحد من التلوث هو رفع سقف العقوبات للأشخاص غير الملتزمين بالقواعد، كالسجن لفترات معينة، أو دفع الغرامات.
- زيادة الوعي حول مخاطر تلوث المياه: من المهم أن يتم نشر الوعي حول مخاطر تلوث المياه نسبةً إلى بساطة طرق الوقاية، وأن هذا التلوث سوف يصل ويؤذي بشكل مباشر جسد كل شخص دون أن يشعر وبهذه الطريقة يمكن أن يعي الناس أكثر للمخاطر.
- إضافة هذه المشكلة للمناهج الدراسية: يمكن إيجاد أفضل الحلول وزيادة الوعي بين الناس عن طريق إضافة هذه المشكلة العامة إلى المناهج الدراسية للمناقشة فيها وزيادة وعي الأشخاص إليها.
- إجبار المصانع والمعامل على التخلص من النفايات بالطرق الصحيحة: تعتبر المصانع من مصادر التلوث الرئيسية للمياه لذلك من المهم إجبارها على التخلص من نفاياتها بشكل صحيح دون أن تصل هذه المخلفات إلى المياه وتؤثر عليها.
- عدم رش المبيدات الحشرية والأسمدة قبل هطول الأمطار: للحد من وصول المبيدات الحشرية والأسمدة للمياه الجوفية عبر الأمطار يمكن تجنب رش هذه المواد في الأيام التي يتوقع فيها هطول الأمطار.
- إبعاد مكبات النفايات ومجاري الصرف الصحي عن المصادر المائية: من المهم عند بناء مكبات للنفايات أو مجاري للصرف الصحي أن يتم ذلك بعيداً عن الآبار العميقة التي يمكن أن تتسرب إليها المياه الملوثة بالإضافة إلى الابتعاد عن مصادر المياه السطحية أيضاً.