سبب رهاب الخروج من المنزل وعلاج الخوف من الخروج

يلاحظ لدى بعض الأشخاص أنهم لا يحبون الخروج من المنزل، ويكون لديهم فكرة سيئة عن الواقع خارج المنزل، ولكن أن يصل هذا الأمر لحد الخوف أو الرهاب، فيعتبر الأمر مقلق، فعدم الخروج من المنزل والتوقعات السلبية الناتجة عنه، تعيق الحياة الاجتماعية والطبيعية للإنسان وتسبب له الكثير من المشاكل، فما هو رهاب الخروج من المنزل، وما أسبابه وأعراضه، وكيفية علاج رهاب الخروج من المنزل.
الخوف من الخروج خارج المنزل هو أحد تجليات أو أشكال رهاب الميادين ويتشابه مع الرهاب الاجتماعي في بعض الأعراض والأسباب، وهو حالة يشعر فيها الفرد بمشاعر مثل القلق والتوتر والانزعاج أو الرهبة عند التفكير بمغادرة منزله أو التواجد في أماكن خارج بيئته الآمنة، قد يكون هذا الخوف خفيفاً حيث يشعر الشخص بعدم الارتياح عند الخروج، أو شديداً لدرجة أنه يمنعه تماماً من مغادرة المنزل.
وترتبط مشكلة الخوف من مغادرة المنزل بعوامل كثيرة ومتنوعة تختلف باختلاف الحالات الفردية لكل شخص، وقد يكون ناتج عن تجارب وأفكار سلبية، أو عن معاناة الشخص من اضطرابات نفسية وسلوكية.

- اضراب القلق العام: معاناة الشخص من أي من اضطرابات القلق العام (GAD)، يؤدي للشعور بالخطر أو عدم الراحة أو الخوف والقلق المفرط بشأن الأشياء التي قد تكون موجودة خارج المنزل، مثل المعاناة من اضطراب الهلع الذي يمكن أت يتمثل بالخوف من التعرض لنوبة هلع أثناء التواجد خارج المنزل.
- رهاب الميادين: يمكن أن ينتج كره الشخص للخروج من المنزل عن معاناته من حالات رهاب الميادين والأماكن المفتوحة، فهو لا يقلق من الخروج بحد ذاته، وإنما يمثل له الخروج من المنزل تجربة غير مريحة مع الأماكن المفتوحة، فالخروج يمثل له خوف من التواجد في أماكن يصعب الهروب منها أو الحصول على مساعدة عند الشعور بالقلق أو الذعر.
- التجارب السلبية خارج المنزل: في حال تعرض الشخص سابقاً لتجارب سلبية خارج المنزل، وخاصة في مرحلة الطفولة، مثل التعرض للاعتداء، أو التعرض لموقف محرج، أو إصابة أو مرض خارج المنزل، أو الوقوع بمشكلة وعدم معرفة كيفية التصرف، فإنه سوف يصبح ينظر للخروج من المنزل باعتباره تجربة سلبية غير مريحة ولا يريد تكرارها.
- طريقة التربية والتنشئة: تؤثر الطريقة التي يتربى فيها الشخص على وجهة نظره حول مسألة الخروج من المنزل، سواء بسبب مبالغة الوالدين في حماية الطفل وتحذيره من الخروج، وعدم اعتياده على التفاعل مع الآخرين والذهاب لأماكن مختلفة، أو بسبب تعرضه لمواقف سيئة سابقة خارج المنزل، أو اكتسابه لنمط حياته من خلال تقليد الوالدين الذين لم يكونا يهتمان كثيراً بالخروج من المنزل.
- الرهاب الاجتماعي: من يعاني من حالات الرهاب الاجتماعي بمختلف أشكالها، يكون لديه قلق وخوف من التعامل مع الغرباء بشكل عام، وعلى اعتبار أن الإنسان مضطر لرؤية الغرباء أو التعامل معهم خارج المنزل، فإنه يبدي عدم رغبة بالخروج.
- الصدمات النفسية والعاطفية: تعرض الإنسان لصدمات نفسية وعاطفية مثل الفقدان أو الرفض أو الخوف، يؤثر بشكل مباشر على مشاعره تجاه العلاقات الاجتماعية والتعامل مع الناس والتواجد في بعض الأماكن، وهذا قد يفسر أحياناً رفض الشخص أو كرهه الخروج من المنزل عند التعرض للصدمات.
- تجنب الخروج من المنزل: وهو من أبرز الأعراض السلوكية المرتبطة بالمخاوف من الخروج من المنزل، فهو يؤجل كل شيء يضطره للخروج ويتهرب من أي مهام خارج المنزل ويحاول البحث عن حلول لقضاء حاجاته الخارجية دون أن يخرج من المنزل، ويبحث عن وظائف وأعمال يمكنه القيام بها من داخل المنزل.
- الشعور بالضيق عند الخروج من المنزل: إذا كان الشخص يعاني من حالات رهاب مغادرة المنزل أو الاضطرابات المرتبطة به، فإنه سوف يشعر بالضيق أثناء خروجه في حال اضطر لذلك، وعدم الراحة والترقب والخوف من حدوث أي مخاطر، وفي الحالات المرضية قد يشعر بالانفصال عن الواقع أو عن الذات، وكأنه في مكان آخر غريب ومخيف ولا يستطيع الانسجام معه.
- أعراض جسدية: يمكن أن تترافق أعراض جسدية كثيرة مع مخاوف الشخص من الخروج من المنزل ومنها مثلاً تسارع ضربات القلب أو الشعور بالخفقان، التعرق المفرط، ضيق في التنفس أو الشعور بالاختناق، الدوخة أو الشعور بعدم التوازن، آلام في المعدة أو غثيان، ارتجاف أو إحساس بالحرارة أو البرودة المفاجئة، ليس بالضرورة أن تحدث كل هذه الأعراض أو تحدث بشكل شديد فالأمر يكون متغير بين حالة وأخرى.
- الشعور بالتوتر والقلق عند الحاجة للخروج: بمجرد أن يعرف من يعاني من اضطراب خوف الخروج من المنزل أنه مضطر للخروج، فإنه يشعر بالتوتر والقلق وكأنه سوف يقوم بمهمة صعبة وخطيرة، ويشمل ذلك الشعور بعدم الأمان وأن هناك طارئ ما أو مشكلة سوف تحدث، وقد يصل الأمر لحد فقدان السيطرة أو الإغماء أثناء التواجد في الخارج.
- الرغبة بالعودة سريعاً إلى المنزل: عندما يكون الشخص الذي يعاني من الخوف خارج المنزل، فيبدو عليه أنه مضطرب وغير مرتاح، ويرغب بالعودة للمنزل بأسرع، وكأنه يتوقع حدوث شيء في أي لحظة ويريد تجنبه.
- معرفة سبب رهاب الخروج من المنزل: في البداية على من يعاني من خوف من الخروج من المنزل أو قلق وكره لذلك، يجب أن يعيد تقييم مشاعره وأسباب هذه المشاعر، سواء هو بنفسه أو بمساعدة أحد الموثوقين أو مختص، حتى يعرف أين تكمن حقيقية المشكلة وافضل طريقة للتعامل معها، فإذا كان السبب هو الخوف من التعامل مع الغرباء فيجب تحسين نظرة الإنسان للعلاقات الاجتماعية، وإذا كانت بسبب الخوف من حدوث مشاكل فيجب التركز على حقيقية احتمال حدوث هذه المشاكل وعدم المبالغة فيها.
- التدرج في تغيير العادات: أي قلق أو اضطراب نفسي أو عاطفي مثل الخوف من الخروج من المنزل، يتطلب تغيير العادات بشكل تدريجي، فلا يمكن أن تعالج المشكلة فوراً بمجرد اتخاذ القرار، ففي البداية سوف يعاني من قلق شديد من الخروج ويجب اتخاذ التدابير لذلك، ومن ثم يجب التشجع للبقاء فترة أطول خارج المنزل، ومن ثم التعامل مع بعض الغرباء المريحين، ومن ثم الخروج من المنزل منفرداً، وهكذا حتى تتغير الصورة الذهنية عن الحياة والأحداث خارج المنزل.
- العلاج بالتعريض والتجربة: مخاوف الشخص من الخروج من المنزل غالباً ما ترتبط بأفكار وصور ذهنية مزعجة حول العالم الخارجي، ولتبيان حقيقية هذه المخاوف وعزل أسبابها، يمكن استخدام طريقة العلاج بالتعريض، حيث يخاف الشخص من التعامل مع الغرباء فيجب أن يخرج ويتعامل مع الغرباء بشكل طبيعي حتى يعرف أنه أمر طبيعي وغير مخيف، أو يخاف من حدوث مشاكل أو طوارئ فيمكن تعريض الشخص فعلاً لهذه الطوارئ بشكل آمن وتعليمه كيفية التعامل معها.
- تنمية الثقة بالنفس: يرتبط أحياناً كره الخروج من المنزل بالخوف من مشاعر مثل الخجل وسوء التصرف، إذا كان الشخص يعاني من ثقة منخفضة بالنفس، وزيادة هذه الثقة تجعل الشخص أكثر تقبلاً وتجاوباً مع علاج المشكلة.
- الاستعانة بمختص نفسي أو اجتماعي: إذا كان خوف الخروج من المنزل ناتج عن معاناة الشخص من مشاكل نفسية أو اجتماعية لا يمكن التعامل معها بشكل عشوائي أو فردي، فيمكن اللجوء للعلاج المتخصص.
يعتمد اعتبار الخوف من الخروج من المنزل على أنه مرضاً نفسياً أم لا تبعاً لشدته وتأثيره على حياة الشخص، ففي بعض الحالات، قد يكون مجرد قلق مؤقت، وفي حالات أخرى، يمكن أن يكون جزءاً من اضطراب نفسي معروف.
فإذا كان الشخص يشعر بعدم الراحة أو القلق الخفيف عند الخروج لكنه لا يزال قادراً على فعل ذلك عندما يكون الأمر ضرورياً فغالباً ما يكون هذا مجرد خوف عادي أو توتر اجتماعي، وليس مرضًا نفسياً.
أما إذا كان الخوف من الخروج شديداً لدرجة أنه يمنع الشخص من ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، فقد يكون مرتبطاً بالعديد من الحالات النفسية المرضية أو عرضاً لها أو أدى لها، مثل حالات رُهاب الأماكن المفتوحة (Agoraphobia) أو اضطراب القلق العام Generalized) Anxiety Disorder - GAD) أو حالات اضطراب الهلع (Panic Disorder) أو يكون ناتج عن صدمات نفسية أو عاطفية ويؤدي لحالة اكتئاب شديد.