تقصير الزوج في حقوق زوجته المادية والتعامل معه

زوجي مقصر معي مادياً! هذه الشكوى من المشاكل الشائعة بين الزوجين، خصوصاً عندما يكون الزوج مقتدراً من الناحية المادية ولديه عملٌ مستقر ودخل جيد، لكنه ربما يبخل على زوجته وأهل بيته في المصروف أو يدير الأمور المالية بطريقةٍ تجعل أهل بيتهم يشعرون بالتقصير المادي، فكيف يمكن التعامل مع هذه الحالات وما حدود إنفاق الزوج على زوجته!
قد يبدو تقصير الزوج في الحقوق المادة للزوجة وللأسرة أمراً نسبياً! يتعلق بقدرة الزوج المادية والمالية نسبةً لما ينفقه في بيته، ويتعلق أيضاً بما تعتقد الزوجة أنه من حقوقها المادية على زوجها نسبةً لما يعتقد الزوج أنه كماليات ورفاهيات! والأصل في حكم الإنفاق على الزوجة أن ينفق الزوج على زوجته بما يستطيع ليكفيها في المسكن والطعام والشراب والملبس، ولا ينظر في ذلك إن كانت الزوجة نفسها موسرة الحال ولها دخل ومال أم لا، فهذه الأمور من واجبات النفقة بالإجماع.
وربما تبدأ المشكلة بين الزوجين في الأمور المادية بالحديث عن الرفاهيات والكماليات التي تختلف بالنسبة لكلّ منهما، وإذا كان الأصل في النفقة الكساء واللباس والطعام والشراب، فقد يكون الخلاف بشكل اللباس ونوع الطعام ومكان السكن! والعرف بين الناس أن ينفق الزوج على زوجته من سعته حبّاً وطواعية ولا يقبل أن تكون نفقته في حدود الكفاف وقد أنعم الله عليه، وأن تقدّر الزوجة تعب زوجها وجهده في ماله وتحترم طريقة إدارته لهذا المال إن لم يقصّر في الحقوق الأساسية للأسرة.

- توفر الرزق وعدم الإنفاق: في حال كان الزوج ميسور من الناحية المالية ولا ينفق على زوجته ويكفي حاجاتها المادية بما يتناسب مع قدراته المالية، فإن ذلك يعتبر نوع من التقصير المادي، خاصة إذا كان ينفق على نفسه بسخاء ويدقق على زوجته.
- التقصير في الحاجات الأساسية: الحاجات الأساسية من طعام وشراب وكساء يجب أن يعمل الرجل على تأمينها للزوجة مهما كان وضعه المادي، وإلا اعتبر مقصر مادياً، لذا يجب أن يبحث عن أي عمل ويطلب مساعدة الأهل إذا أمكن ذلك، ويبيع أي شيء يملكه إذا وجد حتى يؤمن هذه الحاجات الأساسية.
- التقصير في الكساء: الكساء من ملابس وإكسسوارات وأحذية وغير ذلك، هو أكثر من مجرد ضرورة بالنسبة للمرأة، بل هو شرط أساسي للثقة بنفسها وراحتها وتحسين مظهرها والحفاظ على نظافتها الشخصية، وتقصير الرجل في هذا الجانب مع زوجته يجعلها تراه أنه مقصر في كل شيء، لذا إذا كان باستطاعته فيجب أن يقدم لزوجته كل ما تطلبه من كساء.
- التقصير في المسائل الصحية: تعتبر المتطلبات الصحية حاجة أساسية لجميع الأشخاص وهي من واجب الرجل تجاه زوجته، وتشكل المسائل الصحية تأمين مسكن جيد وصحي ودفء في الشتاء وغذاء متنوع وصحي، بالإضافة لمعالجة أي مرض أو مشكلة صحية قد تعاني منها المرأة مثل ألم الاسنان أو تشوه بأي منطقة من الجسم بسبب إصابة أو مرض، وإذا لم يلبِ الرجل هذه الأشياء يعتبر مقصراً مع زوجته، على الرغم من الخلاف حول مسؤولية الرجل بالإنفاق على علاج زوجته من المرض.
- الإنفاق على أشخاص آخرين غير الزوجة: في حال كان الرجل لديه دخل وأموال وكان ينفقها على اشخاص آخرين أكثر من زوجته، مثل وجود امرأة أخرى في حياته، أو يهتم بمجاملة أصدقائه أكثر من تأمين حاجات زوجته، أو يعطي أهله الكثير من الأموال وهم ليسوا بحاجة بينما زوجته ينقصها الكثير من الأشياء، فيعتبر ذلك من اشكال التقصير مع الزوجة.
- كثرة الخلافات والشجارات بين الزوجين: الحاجات المادية مسألة ضرورية وأساسية في جوانب كثيرة بالنسبة للمرأة وبالنسبة للمنزل والأسرة، وتقصير الرجل في هذا الجانب لا يمكن احتماله طويلاً حيث سوف يظهر هذا التقصير في كل مرة تطلب المرأة شيء من زوجها ما يؤدي لزيادة الخلافات المالية والشجار بين الزوجين بشكل كبير.
- عدم إشباع حاجات الزوجة المادية: تقصير الرجل مع المرأة حتى وإن لم تصرح هي بذلك أو تشتكي منه، فسوف يؤدي لعدم اشباع الكثير من احتياجاتها، وهذا قد يشعرها بالنقص الذي قد تحاول التعويض عنه بالكثير من الوسائل غير الصحيحة.
- تفكير المرأة بمصادر أخرى للمال: عندما تشعر المرأة أن زوجها مقصر ولا يلبي احتياجاتها المادية فقد تفكر بتدبر أمرها وتلبية احتياجاتها بأي وسيلة حتى لو لم تكن جيدة، فقد تلجأ للاقتراض أو العمل بالسر أو حتى لأفعالٍ منكرة مثل السرقة من زوجها أو قبول الهدايا والعطايا بمقابل غير بريء.
- النظرة السلبية للزوج: المرأة بشكل عام تحترم الرجل الكريم والمسؤول والذي يوفر لزوجته كل احتياجاتها، ولا تحتمل الزوج البخيل وترى حياتها معه على أنها غير متكافئة وبدون جدوى، وتعامله معها ببخل أو تقصير يؤدي لنظرة عدم احترام وتقبل له من جهتها، والتعامل معه بشكل سلبي.
- النظرة الاجتماعية السلبية للزوج: الرجل الذي يقصر مع زوجته غير مقبول ليس من قبل الزوجة فقط، فحتى من حوله قد ينظرون إليه بسلبية جراء ذلك، مثل أهله أو أهل زوجته أو أصدقائهم أو جيرانهم.
- ضيق الأحوال المادية: يعتبر ضيق الأحوال المادية على الرجل بشكل عام أو مروره بفترة صعبة من أهم الأسباب التي تؤدي لتقصير الرجل على منزله وزوجته في الشؤون المادية، فأي شخص معرض لترك العمل، أو زيادة النفقات، أو المرور بأزمات مالية.
- اتصاف الزوج بالبخل: بعض الأشخاص يكون البخل من طبعهم، والزوج البخيل مع زوجته سوف يكون مقصر بالتأكيد، فهو يشعر بالضيق والانزعاج والخسارة عند الانفاق، ويريد دائماً أن تتدبر زوجته الأمور بأقل نفقات ممكنة، فيقصر تجاهها وتجاه أسرته دون أن يشعر أنه مقصر.
- عدم تقدير حاجات الزوجة: لا يعرف الرجل دائماً جميع حاجات المرأة وتفاصيلها، فهو يعتقد أنها تحتاج للطعام والملبس والمسكن وقد لا ينتبه لباقي الأشياء، بسبب الظروف التي تربى فيها وطبيعة أسرته ووضعهم المادي، أو بسبب عدم الانتباه لكل حاجات الأنثى بشكل عام، فيقصر مع زوجته دون رغبة بالتقصير أو اتصافه بالبخل بالضرورة، ويكفي أن تطلب الزوجة منه ما تريد حتى يفعله لها.
- طبيعة المرأة المتطلبة: أحياناً قد يكون تقصير الزوج ناتج عن طبيعة المرأة المتطلبة، فإما أنه يكون طبيعي وغير مقصر ولكنها تراه كذلك بسبب عدم تلبيته لكل طلباتها التي لا تنتهي، وإما لشعوره بالملل والاستغلال والتبذير من الزوجة المتطلبة وفقدانه مع الوقت الاهتمام بتلبية رغباتها أو معاقبتها من خلال التقصير.
- كثرة المسؤوليات المالية للزوج: بعض الرجال لا يكون مسؤول فقط عن زوجته ورغباتها وطلباتها، وقد يكون لديه مسؤوليات مالية كثيرة مثل مساعدة أهله إذا كانوا بحاجة مادية ولا يمكنهم الانفاق على نفسهم، أو معاناة أحد أفراد عائلته من مشكلة، أو مروره بظروف في عمله لديه ترتيبات مالية، فلا يستطيع مجاراة كل طلبات الزوجة فمدخوله المحدود يؤدي ذلك لتقصيره في بعض الجوانب.
إذا كنتِ ترغبين بجعل زوجكِ يشعر بأنه مقصّر مادياً دون حدوث مشاكل بينك وبينه، يجب أولاً تجنب أسلوب الاستفزاز والشجار وكثرة الشكوى دائماً بدون تحديد رغباتك أو حاجاتك بشكل واضح.
فمن الأفضل اتباع طريقة ذكية ومتوازنة حتى لا يتحول الأمر إلى جدال أو ضغط يؤدي إلى نتائج عكسية، مثلاً يجب أن تختاري التوقيت والأسلوب المناسبين كأن تتحدثي معه في وقت يكون فيه مرتاح نفسياً بعيداً عن الضغوط، وابدئي المحادثة بأسلوب هادئ وليس بطريقة اللوم أو الشكوى المباشرة، كما يجب أن تعبّري عن احتياجاتك بوضوح بدلًا من قول كلام مثل (أنتَ لا تصرف عليّ كما يجب، يمكن أن تقولي أشعر أننا نحتاج إلى ترتيب أولوياتنا المالية بطريقة أفضل أو هناك بعض الأمور التي أحتاجها لكنني لا أستطيع شراؤها وهذا يسبب لي ضيقاً).
ويمكنك أيضاً استخدام أسلوب التشجيع والتحفيز مثل أن تمتدحي كرمه معك وأنه لا يقصر ومن ثم أطلبي الشيء الذي تحتاجين الحصول عليه، فهذا الأسلوب يشعر الرجل بالرغبة بتأكيد أنه جيد وغير مقصر.
ويفضل أيضاً أن تكوني معقولة في طلباتك، فلا يمكن مثلاً طلب أشياء ليست ضمن إمكانات الرجل ومن ثم اتهامه بأنه مقصر مادياً مع زوجته، أو أن تكون كثيرة التطلب وفي حال لم يتجاوب مع أحد الطلبات تتهميه أيضاً بالتقصير، بل اجعلي طلباتك متوافقة مع إمكاناته وضمن حقوقك عليه، وحاولي أن تكوني شريكة في المسؤوليات وليس شخص متطلب فقط.
ومن المفيد أيضاً أن تشاركي زوجك في الحاجات المادية، فلا تقولي أنا أريد هذا الفستان بل قولي ما رأيك أن نخرج معاً إلى السوق ونجلب لنا بعض الألبسة.
أما في حال كان زوجك مقصر مادياً بدافع البخل أو دافع الاهتمام بالأنفاق على أشياء خارج المنزل بطريقة غير معقولة، مثل وجود علاقات نسائية له، أو الاهتمام بترفيه أهله على حساب حاجاته المنزلية، فهنا يجب أن تتحدثي معه بشكل مباشر وأنك غير راضية عن هذا الوضع ولن تقبلي به ابداً.
- الصبر والتحمل في الظروف الصعبة: في حال كان تقصير الزوج ناتج عن معاناته من ضائقة مالية أو لديك طلبات خارج إمكاناته، فهنا من واجب المرأة الصبر على زوجها طالما يؤمن لها سبل الحياة الضرورية، والتقصير فقط يكون في الرفاهيات.
- تذكير الزوج بواجباته المادية: لا ضير في بعض الأحيان أن تذكري زوجك بواجباته، من خلال ذكر المتطلبات التي لا يمكن الاستغناء عنها، مثل دفع الفواتير من كهرباء أو ماء أو هواتف أو غيرها، ووجود لوازم من الضروري احضارها وإلا سبب التقصير بها نقص في الغذاء أو الدفء أو النظافة في المنزل.
- عدم استغناء المرأة عن حقوقها: لا يجب أن تستغني المرأة عن حقوقها في حال كان الرجل يقصر مادياً بسبب بخله أو توجيه نفقاته لخارج المنزل، ويجب الحديث معه بشكل مباشر وعدم القبول بهذا الواقع مهما كانت النتيجة.
- إعادة تقييم الموضوع: على المرأة أن تقييم فعلاً فيما إذا كان زوجها مقصر معها مادياً، أم هي من لديها الكثير من الطلبات الزائدة عن الحد وترى عدم تجاوبه معها تقصير.
- إشعار الزوج بشكل غير مباشر بالتقصير: يمكن أن تلجأ المرأة لإشعار زوجها أنه ينقصها الكثير من الحاجات سواء بالنسبة لها أو بالنسبة للمنزل، من خلال التلميح أحياناً أو تمرير حاجات المنزل ضمن الأحاديث الطبيعية التي تجري بينه وبينها، أو من خلال تحفيزه على الانفاق بمدح كرمه وعدم تقصيره على المنزل.
- طلب التدخل من المقرّبين: في بعض الحالات إذا كان الزوج بخيلاً ومقتدراً لكن تقصيره من باب الحرص والبخل يمكن طلب التدخل من أشخاص مقرّبين وموثقين مثل أهل الزوج أو أهل الزوجة، خصوصاً إذا كان تقصير الزوج مع زوجته وأسرته يطال الأساسيات في الحياة.
- التفكير بالانفصال: في حال كان الزوج لا ينفق ابداً ويضر بالزوجة والأسرة ولا يوجد أي مبرر لتقصيره المادي تجاه زوجته وأسرته، فيمكن للمرأة أن تفكير بخيارات الانفصال إذا كان ذلك خيار متاح.