التعامل مع شخص متحكّم ومفاتيح الشخصية المتسلطة

من الطبيعي أن تُحاول دوماً أن تتحكم بمجريات حياتك وتتخذ القرارات التي تراها مناسبةً من أجل توجيهك نحو الوصول إلى الأهداف التي تطمح إليها في الحياة والعمل والعلاقات الاجتماعية، ولكن وبين الحين والآخر من المحتمل أن تتعامل مع شخصٍ مهووس بالسيطرة يُريد أن يجعلك تقوم بالأشياء على هواه ويقنعك بأن طريقته هي الأفضل وأن عليك اتباعها.
وحيث أنّ تجاهل الأفراد ذوي الشخصية المتسلطة قد لا يكون خياراً متاحاً دوماً لأنه قد يكون رئيسك في العمل أو صديقك أو حتى شريكك، فمن الضروري أن تُحاول فهم طريقة تفكير الشخصية المتسلطة والمتحكمة لإيجاد الوسيلة الأفضل للتعامل معها.
ربما قد يكون أول ما يخطر في ذهنك عندما تسمع بالشخصية المتسلطة أو المتحكمة هو صورة الشخص المتنمر العنيف الذي يُحاول فرض ما يرغب به على الآخرين، ولكن هذه الصورة النمطية قد لا تكون صحيحة دوماً حيث أنّ سمات الشخصية المتسلطة قد لا تكون بهذا الوضوح الصارخ دوماً.
لكن بالطبع لا يستطيع أصحاب هذه الشخصية إخفاء هوسهم بالسيطرة تماماً مما يعني أنً هناك بعض الدلائل التي يمكنك أن تدلك على أنك تتعامل مع شخصٍ متسلط وسلطوي، مثل الغيرة المبالغ بها والحساسية المفرطة تجاه الآخرين والتنافسية الشديدة في سلوكه والتقلبات المزاجية الحادة المرتبطة بمواقف التأثير على التحكّم والسيطرة، وغيرها من العلامات والصفات.
يستهدف الشخص المتسلط والمتحكم عادةً الأفراد المقربين إليه والذين يمكن له أن يستغل ثقتهم وحسن نيتهم به من أجل السيطرة عليهم، وحيث أنّه يستخدم أساليب ملتوية تظهر وكأنها نابعة عن الاهتمام والحب قد لا يشعر الضحايا بما يقوم به فعلياً.

- الحساسية المفرطة: الحساسية الزائدة من أهم صفات الشخصية المتحكمة والمسيطرة، فالشخص المهووس بالسيطرة يشعر بالإهانة والإحراج بسهولة من أبسط الكلمات أو الأفعال التي يعتقد أنها تؤثر على صورته المتحكّمة والمتفوّقة.
- عدم القدرة على العمل ضمن فريق: من صفات الشخصية المتحكمة فقدان روح التعاون إذا لم يكن الشخص في موقع قيادة وتوجيه، حيث يكون الأشخاص المسيطرون غير قادرين على العمل مع الآخرين لأنهم لا يعتقدون أن الأخرين يمكن القيام بعملٍ جيد بما يكفي ولا يشعرون أن أحد أحق منهم بقيادة مجموعة العمل.
- المزاجية الشديدة: تعاني الشخصية المتسلطة عادةً من تقلبات مزاجية شديدة مرتبطة غالباً بالمواقف التي تثير التوتر بسبب تأثيرها على صورة التحكّم والقوّة، فتجد الشخص سعيداً في لحظة معينة لينقلب مزاجه ويتحول إلى مزاج غاضب فجأة.
- الافتقار لاحترام الآخرين: في كثيرٍ من الأحيان لا تُظهر الشخصية المتسلطة أي احترام لغيرها فلا يجد الشخص المتحكّم أي حرج من السخرية من المقربين منه والاستهزاء بمشاعرهم وتسليط الضوء على عيوبهم لأنه بذلك يعوّم نفسه عليهم ويثبت تفوّقه!
- الغيرة الزائدة: تتميز الشخصية المتسلطة أيضاً بالغيرة المفرطة والحسد، فالشخص المسيطر لا يستطيع احتمال انتقال الاهتمام لشخصٍ آخر سواه ويُحاول منع وجود من يسلب الاهتمام منه أو يزاحمه حول دائرة الضوء.
- التدخل في كافة تفاصيل الآخرين: يهوى الأشخاص المتسلطون التدخل في كافة جوانب حياتك من نوع ملابس الآخرين إلى طعامهم ومعارفهم ويحاولون أن تكون القرارات المتخذة صادرةً عنهم.
- الفوقية والغرور: وهي من الصفات المميزة للشخصية المتسلطة فالشخص المتسلط يُحاول إقناع الآخرين بأنه أفضل منهم وأن عليهم اتباعه من أجل تحقيق أفضل النتائج والوصول للنجاح، كما أنّه يرفض الاعتراف بأنه يُخطئ فهو يرفض تحطيم الصورة المثالية التي يرسمها لنفسه.
التعامل مع الشخصية المتسلطة يعتمد أولاً على طبيعة العلاقة وعلى أسلوب التحكم المستخدم وغيرها من الظروف الشخصية، وفقاً لذلك يمكن القول أننا لا نمتلك حلاً وحيداً وبسيطاً لتحديد كيفية التعامل مع الشخصية المتسلطة والمتحكّمة، لكن بالطبع هناك بعض النصائح العامة التي يمكن أن تُساعد في ذلك:
- الحوار المباشر مع الشخصية المتسلطة: في حال كان هدفك هو الحفاظ على العلاقة التي تربطك بالشخصية المتسلطة وتحسينها فعليك أن تُخبره بالضبط عن تأثير سلوكه عليك فقد يكون الشخص غير مدركٍ تماماً لما تشعر به أو بأنه يتحكم بك، ومن الجيد أن تتكلم بصيغة "الأنا" لتجنب الظهور بمظهر اتهامي أكثر من اللازم وتقديم اقتراحات وبدائل لتحسين سلوك التحكّم والتسلط الذي يُسبب لك الإزعاج إن أمكن لخلق محادثة صحية ومحاولة حل الأمور.
- رسم الحدود في العلاقة: مهما كانت طبيعة العلاقة بينك وبين الشخص المتسلط لا بد أن ترسم حدوداً مبكرة لتدخله في حياتك أو السيطرة على قراراتك، ولا تقل بينك وبين نفسك أن الوقت قد فات يمكنك رسم هذه الحدود في أي وقت وأنسب وقت هو الآن!
- الاستفادة من الشخص المتحكّم: قد يكون هناك بعض الأوقات التي تكون فيها أفكار الشخص المتسلط مفيدة ولذلك لا يكون رفض كافة أفكاره الأسلوب الصحيح للتعامل وبنفس الوقت لن يكون قبول كافة الاقتراحات صحيحاً. الحل هنا هو أن تُحاول استعادة صوتك وتسأل نفسك في كل مرة يقترح فيها الشخص المتسلط أمراً ما عن رأيك الحقيقي وتأكد من رفض الأمر إن كنت غير راغبٍ به.
- الابتعاد عن الجدل: عندما تتخذ قرارك كن حازماً تماماً ولا تُضيع وقت أو طاقاتك في محاولة التبرير أو إثبات كونك على حق، إن لزم الأمر قم بأدب بإنهاء المحادثة دون أن تُحاول إيجاد المبررات وعرضها.
- الحصول على صديق داعم: التعامل مع الشخصية المتسلطة يتطلب بالضرورة الحصول على شبكة دعم من الأفراد المقربين، حاول أن تكون مع بعض الأصدقاء الذين تشعر بالراحة والثقة معهم فهم سيساعدونك بشكل كبير على استعادة السيطرة على حياتك.
- النقد المزمن والمستمر: يستخدم الشخص المتسلط أسلوب النقد بالطريقة ذاتها فيبدأ بانتقادات صغيرة بحجة مساعدة الضحية على التحول نحو الأفضل، ولكن النقد مع مرور الوقت يظهر على أنه أسلوب منهجي يُستخدم للتقليل من الآخر والسيطرة عليه.
- التهديد العلني أو المبطن: التهديد ليس جسدياً بالضرورة فقد يكون بأمور مثل حرمان الشخص من امتيازات معينة أو بالأذية النفسية كنوع من الابتزاز أو التأثير على صورته أو حتى تخويفه من الفشل بدون الشخص المتحكّم في حياته.
- وضع شروط للقبول والتقبّل: مع الوقت يُصبح القبول هو الهدف الذي تبحث عنه ضحية الشخص المتحكّم وهنا يستخدم المتسلط هذه الفكرة بهدف السيطرة، أحد الأمثلة هو أن يقول "قد تُصبحين جذابة بنظري إن فقدتِ القليل من الوزن" أو "أحبك كثيراً عندما تنجحين في تحقيق الكثير من المبيعات في عملك".
- استغلال الشعور بالذنب للتحكم: يتميز الكثير من المتسلطين بقدراتهم على التلاعب بالآخرين وبمشاعرهم ومن الوسائل الشهيرة التي يقومون باستغلالها هي استخدام مشاعر الضحية ضده وذلك عبر دفعه للشعور بالذنب المستمر.
- جعل الضحية تشعر بأنها مدينة للمتسلط: أبرز طرق التحكم هي جعل الضحية يشعر وكأنه مدين للمتسلط وقد يحدث هذا بطرقٍ مختلفة كأن يُغرقها بالهدايا الثمينة مثلاً فتصبح الضحية عاجزةً عن الهروب منه عندما تبدأ العلامات بالظهور.
- عدم احترام حاجة الشخص لأن يكون لوحده: وهو ما يحدث في العلاقات العاطفية بشكل خاص فيحاول الشريك المتسلط أن يُشعر الضحية بأنها لا تقدم الحب الكافي في حال حاولت قضاء بعض الوقت لوحدها، هذا الأمر سوف يدفع الضحية للتعلق بالمتسلط وحرمانها من أي وسيلة لتقوية نفسها بعيداً عنه.
- محاولة الهيمنة على الضحية: قد يعمد المتسلط إلى ممارسة وفرض رقابة مفرطة على الضحية وهو ما يظهر بتصرفات مثل مقاطعتها أثناء الحديث أو الحديث إليها بازدراء أيضاً ومحاولة إظهار نفسه على أنه متفوق.
- عزل الضحية عن المقرّبين منها: من المعتاد أن يُحاول الشخص المتحكم جعل ضحيته منعزلةً قدر الإمكان وقد يفعل ذلك بشكل تدريجي، إمّا من خلال إظهار سيطرته وتحكّمه أمام الآخرين أو من خلال وضع التخلي عنهم كشرط لاستمرار العلاقة معه مهما كان نوعها.
- أظهر له أنك تفهم محاولاته للسيطرة عليك أو التحكّم بك ولست مخدوعاً به أو غير مكترث.
- أخبره بصراحة عندما يتجاوز حدوده في محاولة السيطرة عليك وكن حازماً بمواجهته.
- لا تسمح لشخص يحاول السيطرة عليك أن يكتشف نقاط ضعفك أو يستغلها ضدك ولا تتسامح مع الابتزاز والاستغلال.
- ضع شروطاً لازمة لاستمرار العلاقة بينكما إذا كان ذلك ممكناً، بحيث يعرف أن هناك عاقبة للتعدي على مساحتك الشخصية.
- لا تخجل من شخص يحاول أن يسيطر عليك، لأن الخجل منه مرة يعني أنه سيتمادى في كل مرة بتدخله ومحاولة التحكّم بك.
- أظهر قدرتك على صنع القرارات الخاصة بك وطوّر من مهارات التواصل لديك ومن ثقافتك العامة.
- إذا كان أمره يهمك والعلاقة بينكما تسمح وضّح له أنّكما لستما في معركة سيطرة وتحكّم ويمكن أن تكون العلاقة بينكما عادية لا ضرورة أن يكون هناك قائد وتابع!