تعريف الضمير الإنساني والفرق بينه وبين الأخلاق

الضمير والأخلاق من المفاهيم الشائعة الاستخدام في الحياة اليومية بسياقات كثيرة، وكثيراً ما يثار حولها الجدل أو الاتفاق والخلاف في تعريف الضمير والأخلاق وإسقاطها على أحداث الواقع، وخاصة في التفريق بين المفهومين الضمير والأخلاق، فما هو تعريف الضمير، وما هي الأخلاق، وما الفرق بينهما، وما أهمية كل منهما؟
الضمير في اللغة العربية مشتق من الفعل ضَمَرَ، والذي يدل على الاستتار، لذا يُستخدم للإشارة إلى النفس الداخلية الباطنية أو المشاعر الداخلية لدى الإنسان، وما فيها من أحاسيس وأفكار، لا تظهر بشكل علني وإنما يشعر بها الإنسان في داخله.
أما اصطلاحاً فيُعرَّف الضمير بأنه الإحساس الداخلي الذي يُوجّه الإنسان لتمييز الخير من الشر، وهو القوة النفسية التي تجعل صاحبها يشعر بالراحة عند فعل الصواب، وبالندم وتأنيب الذات عند ارتكاب الخطأ، أو هو الإحساس الباطني الذي يُعين الإنسان على الحكم الأخلاقي على أفعاله، ويدفعه للالتزام بالقيم والمبادئ دون الحاجة إلى رقابة خارجية.

في الفلسفة يُنظر إلى الضمير على أنه الوعي الأخلاقي الذي يحدد معايير الخير والشر، أما في علم النفس فهو الضابط أو المحدد الداخلي للإنسان الذي يتحكم في السلوك بناءً على القيم والمبادئ المكتسبة من المجتمع، بمعنى أنه الجزء من الشخصية الذي يتحكم في الأخلاق والقيم، ويعمل كمراقب داخلي للسلوك، فيحدد ما هو صحيح أو خاطئ بناءً على المعايير التي تعلمها الفرد من بيئته.
في نظرية التحليل النفسي لسيغموند فرويد أسقط الضمير كمفهوم على جزء من الشخصية أسماها الأنا الأعلى (Superego) الذي يضم القيم والمبادئ الأخلاقية التي يكتسبها الشخص من والديه والمجتمع، والذي يضبط جموح الهو (Id) ذلك الجزء الغريزي الذي يسعى وراء اللذة وتحقيق الرغبات ولا يهتم بتناسبها مع المعايير والأخلاق العامة.
ومن هذه التعريفات يمكن القول أن الضمير هو أو المعيار أو المحدد الذي يضبط سلوك الإنساني ويضع تقييمات لهذا السلوك متناسبة مع الأطر الاجتماعية والثقافية والدينية، لإحداث نوع من التوافق بين أفعال الإنسان والمنظومة الأخلاقية التي يعيش ضمنها.
الضمير هو الشعور الداخلي الذي يوجّه الإنسان للتمييز بين الخير والشر، وما يميز الضمير بأنه ذاتي وفطري في طبيعته ينبع من داخل الإنسان نفسه، وهو يدفع الشخص إلى الالتزام بالقيم الأخلاقية حتى في غياب الرقابة الخارجية، أما الأخلاق فهي مجموعة من المبادئ والقيم التي يضعها المجتمع أو الدين أو الفلسفة لتحديد ما هو صواب وما هو خطأ في السلوك البشري، وهي غالباً ما تكون مكتسبة وتتأثر بالثقافة والتربية والبيئة.
قد يشعر شخص ما بالندم (بسبب ضميره) عند الكذب، حتى لو لم يكن هناك قانون يعاقبه على ذلك، بينما في بعض المجتمعات، قد يُنظر إلى الكذب على أنه سلوك مقبول في ظروف معينة، وفقاً لقيمهم الأخلاقية.
هناك فرق بين الضمير والأخلاق في مصدر كلّ منهما أيضاً، فمصدر الضمير هو ذات الإنساني ومشاعره ومدى قبوله أو رفضه لشيء معين بمعنى أنه شخصي وفطري المصدر، أما الأخلاق فهي مكتسبة وتتغير حسب الزمان والمكان ترتبط بعوامل خارجة عن الفرد نفسه، سواء التربية، أو الثقافة العامة، أو المجتمع وعاداته وتقاليده، وحتى أن ظروف الحياة تؤثر في انتاج مفاهيم أو قيم أخلاقية تخص مجتمع أو مكان دون غيره.
كما يوجد فرق بين الأخلاق والضمير في التأثير والتأثّر، فالضمير هي مسألة متغيرة مختلفة نوعاً ما بين شخص وآخر تبعاً لخصائصه النفسية والعاطفية ويحاسب الإنسان نفسه على الأخطاء عن طريق تأنيب الضمير، أما الأخلاق تعتبر أكثر ثباتاً كونها خارجة عن الفرد وتحدد وفقاً لمعايير عامة، ومراقبة السلوك الأخلاقي تكون من مهمة المنظومة الأخلاقية التي يعيش الفرد ضمنها سواء كانت اجتماعية أو دينية أو قانونية أو غير ذلك.

- يوقظ الشعور بالمسؤولية: الضمير الإنساني يجعل الشخص أكثر شعور بالمسؤولية عن تصرفاته ونتائجها وانعكاساتها عليه أو على المجتمع، وأكثر التزاماً بالمعايير والأخلاق العامة، بدافع ذاتي نابع من داخله.
- يساعد على التعاطف مع الآخرين: وجود ضمير يقظ وحس عالِ لدى الإنسان بالأخلاق والقيم وضرورة الالتزام بها، يجعل الشخص أكثر قدرة على فهم مشاعر الآخرين ومعاناتهم، وهذا ما يجعله أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين.
- يجعل الشخص يقيم ويراجع تصرفاته: ضمير الإنسان وشعوره الداخلي النابع عنه بضرورة الالتزام بالأشياء الخيرة وتجنب الأفعال أو الأفكار الشريرة، يجعله أكثر رقابة وانتباه لأفعاله، وبالتالي يحاكم ذاته على هذه الأفعال، ما يجعله يراجع أفعاله وسلوكه بشكل دائم وتقدير آثارها الأخلاقية قبل القيام بها.
- يقي الإنسان من ارتكاب الأخطاء: يشعر الإنسان صاحب الضمير اليقظ بتأثير أفعاله على نفسه أو على الآخرين، ويتحمل مسؤولية هذه التصرفات دون الحاجة للتقييد من نظام ضبط اجتماعي أو قانوني، وبالتالي يصبح أقل ارتكاباً للأخطاء في حياته.
- تحسين الشعور بالسلام الداخلي: رغبة الإنسان بالالتزام بالأخلاق والأفعال الخيرة الناتجة عن ضميره اليقظ، يمنعه من ارتكاب الأفعال السيئة بحق نفسه أو بحق المجتمع والآخرين، وهذا يجعله مرتاح من تأنيب الضمير، ويعطي شعور أفضل بالسكينة والسلام الداخلي.
- المساهمة في تحسين المجتمع: تساهم الأخلاق إذا كانت شائعة بين أفراد المجتمع ويتم الالتزام بها في تحسين المجتمع بشكل عام، من حيث رفض الظواهر غير الأخلاقية التي قد تضر أو تؤثر سلباً على المجتمع أو أحد أفراده أو بعضهم.
- تعزيز العلاقات الاجتماعية: شيوع القيم الأخلاقية في المجتمع، يساهم في بناء علاقات قائمة على الصدق والاحترام والثقة المتبادلة، وهذا يعزز العلاقات بين أفراد المجتمع وطريقة التفاعل مع بعضهم البعض بصورة ترضي الجميع، وتعطي صبغة حضارية وأخلاقية للمجتمع ككل.
- توجيه السلوك العام نحو الخير: الأخلاق بطبيعتها هي القيم أو المعايير السائدة والمقبولة في المجتمع بشكل عام والتي تصب في صالح جميع أو أغلب أفراده، وانتشار هذه الأخلاق واحترامها بين أفراد المجتمع تعزز قيمة الخير وتوجه السلوك العام نحوه، ما يضمن نوعية حياة أفضل للمجتمع كلل.
- تحد من انتشار الفساد والجريمة: الأخلاق تمنع الكثير من السلوكيات السلبية مثل الغش والرشوة والخداع، وهذا يحافظ على نقاء المجتمع من الظواهر السلبية المرتبطة بهذه المعاني أو الناتجة عنها من خلافات ومشاكل والتعرض للأذى أو العنف أو غير ذلك.
- تجعل المجتمع أكثر إنسانية ورحمة: عندما تسود القيم الأخلاقية في المجتمع، يصبح الناس أكثر تعاطفاً ورحمة بين بعضهم البعض، وهذا يعزز التعايش السلمي والمشترك بين أفراد المجتمع وشرائحه المختلفة، إذ يوجد معيار عام يصب في صالح الجميع، والجميع ملتزمون به.