كيفية التعامل مع الطفل بعد الطلاق وانفصال الوالدين

انفصال الوالدين تجربة صعبة على الأطفال قد تزداد صعوبة كل ما كان الطفل أكثر وعياً، لذلك يجب على الوالدين التركيز بشكل أكبر على التعامل الصحيح مع الطفل لمساعدته في تجاوز أزمة الانفصال، وفي هذه المقالة نذكر كيفية التعامل الصحيح مع طفل والديه منفصلين والتعامل مع أثر الانفصال على الأبناء
الانفصال حالة غير طبيعية للطفل وقد يصعب عليه تفهمها، ومن الهام شرح الانفصال للطفل بطريقة صحيحة تساعده على تقبل الأمر، وفيما يلي بعض النصائح التي تساعد في شرح الانفصال للطفل:
- اختيار الوقت المناسب للتحدث مع الطفل: الحديث عن الانفصال يربك الطفل ويسبب له شعور بالقلق والخوف، لذلك من الأفضل تجنب الحديث عن الانفصال قبل النوم أو قبل الذهاب للمدرسة، وبدلاً من ذلك اختيار وقت مناسب يستطيع الطفل خلاله البقاء بجانبك حتى يبدد مخاوفه.
- شرح أسباب الانفصال: من الشائع بشكل كبير أن يلوم الطفل نفسه على انفصال الوالدين معتقداً أنه السبب وراء ما يحدث، ويجب على الوالدين شرح أسباب الانفصال الحقيقة للطفل مع توضيح عدم مسؤوليته عن الخلافات بينهم وتجنب التجريح بالوالد الآخر وإلقاء اللوم عليه أيضاً.
- الإجابة عن استفساراتهم: انفصال الوالدين يطرح الكثير من الاستفسارات في ذهن الطفل عن الوضع الجديد ومكان الإقامة وإذا كان سينتقل لمدرسة جديدة وهل سوف يبقى على تواصل مع والده الآخر وغيرها من الأسئلة، يجب تقديم أجوبة عن جميع تلك الاستفسارات للطفل بصورة مبسطة تجعله يبدد مخاوفه عن هذه الحالة الجديدة.
- تبسيط أمر الانفصال على الطفل: لا يحتاج الطفل لمعرفة جميع تفاصيل طلاق الوالدين بشكل كامل، لكن من الهام أن تكون صادق وواضح معه والتكلم بلغة يفهمها وبكلمات بسيطة مع التأكيد على أن كلا الوالدين يكنون المحبة للطفل وسوف يسعون بشكل كامل إلى تلبية حاجاته والبقاء على تواصل دائم معه.
- تفهم مخاوف طفلك: رغم الإجابة عن جميع استفسارات الطفل لكن تبقى مخاوفه قائمة وهذا أمر طبيعي لذلك يجب تفهم هذه المخاوف والتأكيد على أن الأمور ستكون على ما يرام وتعويض مخاوفه بالمزيد من الرعاية والاهتمام من قبل كلا الوالدين.

عند انفصال الوالدين يحتاج الطفل إلى الحرص والاهتمام بشكل أكبر من المعتاد حتى يتم تجنب مشاكل الانفصال من التأثير على تنشئته، وفيما يلي نذكر النقاط الهامة للتعامل الصحيح مع الطفل بعد الانفصال:
- الحفاظ على علاقة جيدة مع كلا الوالدين: يلعب الوالدين دوراً هام ومتكامل في بناء شخصية الطفل، لذلك يجب عدم جعل الطفل جزءً من الخلاف بينهم وأن يبقى على علاقة جيدة مع كلاهما فذلك سوف يساعد الطفل بشكل كبير في تجاوز مشكلة الانفصال والبقاء في حالة شعور الأمان والاستقرار العاطفي، ويجنب من ضياع الأطفال بعد الطلاق.
- التواصل المستمر مع الوالدين: يجب أن يشعر الطفل أن كلا والديه متوفرين له في ظل جميع الأوقات لذلك من الهام أن يبقى على تواصل معهما وأن يستطيع الوصول لهم متى شاء حتى لو عن طريق الهاتف، فهذا يشعره بأن كلا الوالدين بجانبه ويخفف من تأثير انفصال الوالدين على الطفل.
- تكامل المهام بين الوالدين: تلبية حاجات الطفل قد تكون صعبة على أحد الوالدين فقط، لذلك يجب التفاهم على تلبية حاجاته وتقسيم الأنشطة بين الوالدين فمثلاً يمكن أن تعتني الأم بأموره الدراسية في المنزل ويتولى والده مسؤولية مرافقته إلى الخارج في النزهات والرحلات والتواصل مع المدرسة، كل ذلك يسهل من الاعتناء بالطفل على كلا الوالدين ويساعد الطفل بالتواصل مع كلاهما في ظل جميع الأوقات ويكون الطلاق ناجح بلا تأثير على الأطفال.
- اتباع منهج واحد في التعامل مع الأطفال بعد الطلاق: يجب أن يتفق كلا الوالدين على قوانين ثابتة للطفل مثل مواعيد النوم والعادات الغذائية والمصروف المناسب وما هو مسموح وما هو ممنوع، حتى لا يشعر الطفل بوجود فوارق بطريقة التعامل بينهم والحفاظ على روتين منظم وثابت له، فكل ذلك يخفف من تأثير انفصال الوالدين على الطفل.
- تأمين بيئة مريحة ومناسبة للطفل: من الهام أن يكون الطفل في بيئة مريحة وصحية ومستقرة يتم الاتفاق عليها من قبل كلا الوالدين، حيث أن هذه البيئة تساعد في تنشئة الطفل تنشئة سليمة على الصعيد الجسدي والنفسي والدراسي، وتجنب تأثير انفصال الوالدين على الطفل.
- توفير الأساسيات للأطفال بعد الطلاق: عند ذهاب الطفل لمنزل والده الآخر من الهام ألا يشعر بتغيرات كبيرة، لذلك يجب توفير جميع احتياجاته التي اعتاد عليها في كلا المنزلين من طعام وملابس وألعاب وأدوات دراسة.
- الاهتمام بالمتابعة الدراسية: من الشائع بشكل كبير تدني التحصيل الدراسي للطفل بعد انفصال والديه، ولتجنب ذلك يجب على الوالدين الاهتمام بشكل أكبر في نشاطات الطفل الدراسية وفق خطة يتشاركان فيها تلبية الحاجات المدرسية مثل إيصال الطفل من وإلى المدرسة والتواصل مع إدارة المدرسة ومتابعة تعليم الطفل في المنزل.
- تعزيز النشاطات الاجتماعية للأطفال بعد الطلاق: النشاطات الاجتماعية المختلفة تساعد في ملء وقت الطفل وانشغال تفكيره بها وتنميه مهاراته الاجتماعية، ما يسهل عليه عملية انفصال الوالدين، لذلك يجب على الوالدين زيادة هذه الأنشطة مثل الخروج في نزهات بشكل دائم وزيادة التواصل مع الأقارب وأصدقاء العائلة التي اعتاد الطفل على زيارتهم وتسجيل الطفل في نشاطات رياضية يحبها مثل دروس السباحة أو كرة القدم.
- اطلب المساعدة عند الحاجة: القيام بكامل الخطوات الجيدة للتعامل مع الطفل بعد الانفصال قد لا يكون متاح بشكل دائم لأسباب تتعلق بالوضع المادي أو الظروف الخاصة لأحد أو كلا الوالدين أو عدم تعاون أحد الأبوين في ذلك، وهنا من الأفضل زيارة أخصائي تربية يساعد في تقيم الوضع بشكل أكبر وتقديم النصائح اللازمة للمساعدة على تجاوز تأثير انفصال الوالدين على الطفل.
- محاولة أثبات الأفضلية: يسعى بعض الآباء لتقوية علاقتهم بالطفل على حساب الوالد الآخر عن طريق تدليله وتلبية طلباته بشكل أكبر، وهذه استراتيجية خاطئة في التعامل مع الطفل تترك تأثير سلبي على الطفل بعد طلاق الوالدين، حيث أنها تعلّم الطفل التمرد على والده وهذه الصفة تتحول بشكل سريع إلى جزء من شخصيته يستخدمها ضد كلا الوالدين مع الوقت.
- استخدام الأبناء كوسيلة لنقل المعلومات: تسبب هذه العادة تحول الطفل إلى جزء من الصراع بين الوالدين، ما يوجه تركيزه على خلافاتهم بدلاً من الأمور المتعلقة به مثل الدراسة وعلاقاته مع الأصدقاء الآخرين، وكل ذلك ينعكس سلباً على تنشئة الطفل تنشئة صحيحة بعد انفصال الوالدين.
- تجنب طرح المشاكل أمام الأطفال: طرح المشاكل بين الوالدين بشكل مستمر أمام الطفل، يسبب تشتيت الانتباه عن حياته وقد يغوص بهذه المشاكل بشكل أكبر، كما أنها قد تبقي الطفل بحالة من التوتر والقلق الدائم.
- تجنب كسر القواعد المتفق عليها من قبل الوالدين: القواعد التي توضع في تربية الطفل هي قواعد من أجل تحقيق مصالح الطفل فقط وتعليمه النظام والالتزام في تنفيذ واجباته حتى يكون الطلاق ناجح بلا تأثير على الأطفال، وكسر هذه القواعد نتيجة الاهمال أو جذب انتباه الطفل يؤدي في نهاية المطاف إلى عدم قدرة الطفل على الانضباط والالتزام.
- تجنب المبالغة والدلال الزائد للطفل: قد يلجأ الوالدين في كثير من الأحيان إلى الاهتمام والدلال المفرط كمحاولة لتعويض الطفل عن ألم انفصال الوالدين، وهذا خطأ كبير حيث أن الدلال المفرط يسبب في ضعف شخصية الطفل وعدم قدرته على تنظيم نفسه والالتزام بالقواعد في النهاية.
- لا تستخدم أطفالك كسلاح: يجب تجنب استخدام الأبناء كوسيلة ضغط على الوالد الآخر، فهو ليس له علاقة بتلك الخلافات واستخدامه كسلاح سوف ينعكس بشكل سلبي وكبير على حياته، حيث أن الطفل بحاجة إلى علاقة جيدة مع كلا الوالدين حتى ينشأ بصورة صحيحة وتجنب تأثير الطلاق على الطفل.

ماذا يحدث للطفل عند انفصال والديه؟ غالبا ما يترافق انفصال الوالدين مع الكثير من الخلافات التي تحدث أمام الطفل، ويمكن لهذه المشاجرات وانفصال الوالدين في النهاية أن يسبب تأثيرات سلبية على نواحي عديدة في حياة الطفل نذكر منها:
- تأثير انفصال الوالدين على التحصيل الدراسي للطفل: الخلافات المستمرة وكثرة الأحداث المرافقة لعملية انفصال الوالدين تعرض الطفل إلى تشتت الانتباه وعدم التركيز خلال الدوام في المدرسة، والاهمال في المنزل، ما يؤثر سلباً على تحصيله الدراسي.
- تأثير انفصال الوالدين على الحالة النفسية للطفل: عادةً ما يشكل الوالدين المثل الأعلى للطفل، حيث يسعى أن يكون مشابهاً لهم ويراهم كيان متكامل، والخلاف بين الوالدين يحطم هذه الصورة لدى الطفل ويسبب له فقدان الشعور بالأمان وبالاضطراب المستمر وعدم الراحة وخاصةً إذا كانت الشجارات عنيفة بين الوالدين، كما أن الطفل قد يظن أنه السبب في هذه الخلافات ويلوم نفسه على ما يحدث، كل ذلك يترك تأثيرات نفسية سلبية كبيرة على الطفل.
- تأثير انفصال الوالدين على الحالة السلوكية للطفل: شعور الطفل بالإحباط وعدم الأمان يتطور ليصبح حالة من الغضب والتصرفات العدوانية تجاه الأفراد المحيطين به من باقي أفراد العائلة أو الأطفال الآخرين، وهذا السلوك قد يصبح طويل الأمد ويرافق الطفل حتى خلال فترة المراهقة.
- تأثير انفصال الوالدين على الحالة الاجتماعية للطفل: انفصال الوالدين قد يؤدي إلى تغيرات في حياة الطفل مثل تغير المدرسة ومكان الإقامة والأفراد المحيطين به والأصدقاء من الأطفال الآخرين ونمط حياة جديد، حدوث كل تلك التغيرات في وقت واحد وفي ظل جو من التوتر يرهق الطفل ويكون من الصعب عليه التكيف معها وبناء علاقات اجتماعية جديدة، ما يسبب له حالة من الانطواء والعزلة.
- تأثير الانفصال على صحة الطفل: خلال مرحلة الانفصال وبعدها قد يعاني الطفل من الاهمال وعدم الانتظام والاستقرار في حياته الروتينية اليومية، مثل ساعات النوم الكافية والتغذية الجيدة، وهذا الاهمال ينعكس سلباً على الصحة الجسدية للطفل.
تختلف ردود فعل الأطفال على عملية الانفصال حسب الفترة العمرية التي يكون بها الطفل، حيث أن لكل فئة عمرية فهم مختلف لحادثة انفصال الوالدين، وفيما يلي نشرج ذلك بالتفصيل:
- تأثير انفصال الوالدين على طفل دون السنتين: في هذا العمر لا يعي الأطفال معنى انفصال الوالدين لكن الطفل يشعر بغياب أحد الأبوين عنه لفترات طويلة وبشكل خاص إذا كان الطفل يعيش بعيداً عن والدته، تختلف ردود فعل الطفل في هذه المرحلة من حالة إلى أخرى وتنعكس بشكل تعلق شديد لمن يقدم له الرعاية وحالة من عدم الاستقرار العاطفي للطفل.
- تأثير انفصال الوالدين على طفل دون سن المدرسة: في هذه العمر تزيد نسبة الوعي لدى الأطفال قليلاً لكن رغم ذلك لا يستطيعون فهم معنى الانفصال بشكل جيد، فقد يشعر الطفل أن الانفصال عبارة عن مشكلة هو السبب بها أو أن الانفصال مشكلة مؤقتة ستنتهي إذا تجنب وتجاهل التفكير بها والحديث عنها، غالباً ما تكون ردود فعل الطفل بهذا العمر على شكل حالة من الغضب والخوف من البقاء بمفرده والتعبير عن مشاعره السلبية عن طريق البكاء وطلب المزيد من الاهتمام وقد يواجه الطفل صعوبة بالنوم وحيداً.
- تأثير انفصال الوالدين على طفل في سن المدرسة: في هذا العمر يسعى الطفل إلى فهم سبب الانفصال ودائماً ما يفكر باحتمالية عودة والديه لحياتهم الطبيعية، خاصةً أنه يبدأ بصنع مقارنات مع الأطفال الآخرين، لذلك تكون ردة فعله على شكل الكثير من الأسئلة والاستفسارات حول انفصال الوالدين، وإذا ما كان هناك تغيرات ستطرأ على حياته تتعلق بالمدرسة والسكن بحثاً منه عن الشعور بالأمان والاستقرار.
- تأثير انفصال الوالدين على المراهق: في سن المراهقة يعي الطفل معنى الطلاق وتأثيراته على الأسرة وتختلف ردود الفعل لدى المراهقين باختلاف الحالة لكن في معظم الأوقات تسبب له نوع من الإحباط والاكتئاب وقد يرمي بالمسؤولية على أحد والديه ويتحالف مع والده الآخر وقد ينعكس ذلك سلباً على قدرته في تكوين علاقات جيدة مع محيطه وأصدقائه.