صفات الشخصية الميكافيلية وكيفية التعامل معها

الشخصية الميكافيلية من أنواع أو تصنيفات الشخصية غير الرسمة التي كثيراً ما يسمع عنها في الأحاديث العفوية بين الناس، سواء في وصف شخص معين في محيطنا، أو وصف حاكم أو رجل سياسة أو قائد أو مدير، لارتباط مفهوم الميكافيلية بهذه المعاني ومعاني السيطرة والتحكم والتلاعب، فما هي الميكافيلية، وما هي الشخصية الميكافيلة، وما أبرز صفاتها وكيف يجب التعامل معها؟
الشخصية الميكافيلية هي سمة نفسية تجسد نزعة عميقة للتلاعب والخداع، مقترنة بدرجة عالية من المصلحة الذاتية وانخفاض مستويات التعاطف، والتسامح الذاتي مع استغلال الآخرين وخداعهم والتلاعب بهم والانتهازية.
أهم صفات الشخصية الميكافيلية الأنانية والنرجسية والبرود الشديد في التعاطي مع الأمور الإنسانية، وتقييم المواقف والعلاقات من باب المنفعة الشخصية بالدرجة الأولى وما تحققه من مكاسب وسلطة ومكانة، كما تعتبر صفات الانتهازية والتلوّن والمرونة سمات أساسية للميكافيلية.
يتميز أصحاب الشخصية الميكافيلية أو الأفراد الذين يظهرون معدلات مرتفعة من البراغماتية (الميكافيليون ذوو الدرجة العالية) برؤية براغماتية باردة للعالم، حيث ينظرون إلى الآخرين كأدوات تُستخدم لتحقيق أهدافهم، تركيزهم الأساسي ينصب على السلطة والمكانة الاجتماعية، وهم مستعدون لاستخدام أي وسيلة مهما كانت لتحقيق غاياتهم.
يعود أصل التسمية إلى الفيلسوف والسياسي الإيطالي نيكولو ميكافيلي (1469-1527)، الذي اشتهر بكتاب الأمير، حيث قدم فيه تصوراً سياسياً براغماتياً يبرر استخدام الخداع والمناورة للحفاظ على السلطة.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الأفراد ذوي النزعة الميكافيلية المرتفعة يميلون إلى اختيار مسارات مهنية تمنحهم النفوذ والتأثير، مثل السياسة والقانون والأعمال، كما تعد الميكافيلية إحدى السمات الثلاث التي تشكل ما يُعرف بـ (الثالوث المظلم) إلى جانب النرجسية والاعتلال النفسي، وهي مجموعة من الصفات الشخصية التي تتسم بالأنانية الشديدة وانعدام الأخلاقية في التعامل مع الآخرين.

- الاهتمام بالسلطة والمكانة: يميل الأفراد أصحاب الشخصية الميكافيلية إلى السعي وراء النفوذ والهيمنة الاجتماعية، حيث يعتبرون القوة والمكانة العالية من الأهداف الأساسية التي يسعون لتحقيقها بأي وسيلة ممكنة.
- المرونة والبراغماتية: يتسم الميكافيليين بالمرونة والقدرة العالية على التكيف مع المواقف المختلفة، ويتبنون منهج براغماتي يسمح لهم بتغيير أساليبهم وسلوكياتهم وفقاً لما يخدم مصالحهم الشخصية.
- شخصية متلاعبة وماكرة: يمتلك أصحاب الشخصية الميكافيلية قدرة فائقة على التأثير على الآخرين والتلاعب بهم باستخدام أساليب مثل الإقناع، والتضليل، والخداع لتحقيق مكاسب شخصية، غالباً ما يكون هدفها الحصول على المكانة والسيطرة سواء في العمل أو العلاقات.
- التمحور حول الذات: تتصف الشخصيات الميكافيلية بإظهار اهتمام كبير بتفضيل مكاسبهم الشخصية على حساب القيم الإنسانية أو المبادئ الأخلاقية، وينظرون للعلاقات الاجتماعية من منظور نفعي بحت، فمصالحهم الشخصية هي الأهم.
- التركيز على الأهداف: يتصف أصحاب الشخصية الميكافيلية بعقلية استراتيجية محكمة، حيث يحددون أهدافهم بوضوح ويسعون لتحقيقها بأساليب مدروسة، بغض النظر عن التحديات أو العقبات الأخلاقية التي قد تعترض طريقهم.
- النزعة الأنانية: يركز أصحاب الشخصية الميكافيلية بشكل كبير على تحقيق رغباتهم ومصالحهم الذاتية دون الاهتمام باحتياجات الآخرين، لذا فقد يتخذون قرارات تخدم أهدافهم الخاصة دون اعتبار للعواقب الأخلاقية، وهذا يظهرهم دائماً بصورة أنانية.
- النجاح في العمل: يستخدم الميكافيليين مهاراتهم في التلاعب والتخطيط الاستراتيجي لتحقيق تقدم مهني سريع، وغالباً ما يبرعون في بيئات العمل التنافسية التي تتطلب دهاء سياسي وقدرة على إدارة العلاقات بذكاء.
- ضعف القدرة على التعاطف: من عيوب الشخصيات الميكافيلية أن أفرادها يكون لديهم مستويات منخفضة من التعاطف العاطفي والاجتماعي، لذا فهم غير قادرين على فهم مشاعر الآخرين أو التفاعل معها بصدق، حيث العلاقات مع الناس بالنسبة لهم هي تعبر أو تهدف لتحقيق مصالحهم بغض النظر عن العاطفة.
- الاستغلال والانتهازية: من مساوئ الشخصية الميكافيلية وجود نزعة قوية نحو الاستغلال لدى أصحابها، حيث يستفيدون من نقاط ضعف الآخرين أو احتياجاتهم لتحقيق مكاسب شخصية، دون النظر إلى التأثير السلبي لمثل هذه السلوكيات على المدى البعيد.
- النظر للناس باعتبارهم أدوات: يتعامل ذوو النزعة الميكافيلة مع الآخرين على أنهم مجرد وسائل لتحقيق أهدافهم، وليسوا أفراداً مستقلين بمشاعر وحقوق، ما يؤدي إلى علاقات غير متوازنة تفتقر إلى التقدير المتبادل، وهذا يعتبر من العيوب الشائعة لدى أصحاب الشخصية الميكافيلية.
- الخداع والمواربة: يعتمدون على التلاعب اللفظي والتكتيكات المضللة لتحقيق أهدافهم، وقد يستخدمون الأكاذيب أو إخفاء الحقائق للحصول على ميزة تنافسية، ما يجعل من الصعب الوثوق بهم.
- عدم الثقة بالآخرين: لا يثق أصحاب الشخصية الميكافيلية بالآخرين وينظرون لهم نظرة شك وريبة، وهذه من عيوب الشخصية الميكافيلية، فهم يعتقدون أن الجميع يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة بنفس الطريقة، ويؤدي ذلك إلى صعوبة بناء علاقات طويلة الأمد قائمة على الثقة.
- الغرور والنرجسية: يميل أصحاب الشخصية الميكافيلية إلى التفكير الزائد في ذواتهم فهم يتصفون بالغرور، ويؤمنون بأنهم أكثر ذكاء وكفاءة من الآخرين، بمعنى أن لديهم ميول نرجسية ويدفعهم ذلك أحياناً إلى التقليل من شأن من حولهم أو رفض التعاون معهم إلا إذا كان ذلك يخدم مصالحهم الشخصية.
- ضعف الالتزام بالمبادئ الأخلاقية: يعتبر ضعف الالتزام بالمبادئ الأخلاقية من العيوب المعروفة عن الشخصيات الميكافيلية، فهم يفتقرون إلى الشعور بالالتزام بالمعايير الأخلاقية أو القوانين إلا إذا كانت تخدم مصالحهم الخاصة، كما أنهم غالباً ما يبررون أفعالهم بأسلوب عقلاني بارد، متجاهلين الجوانب الإنسانية في قراراتهم.

إذا كنت تتساءل عمّا إذا كنت تمتلك سمات الشخصية الميكافيلية، فالأمر يتطلب منك بعض التأمل في طريقة تفكيرك وسلوكك في التعامل مع الآخرين، الشخصية الميكافيلية ليست مجرد تصرفات فردية، بل هي نمط متكامل من التفكير والسلوك يعتمد على المصلحة الذاتية والتلاعب والبراغماتية:
هل تجد نفسك ترى العلاقات الاجتماعية كوسيلة لتحقيق أهدافك؟ هل تنظر إلى الآخرين على أنهم أدوات يمكن استخدامها للوصول إلى ما تريد؟ الأشخاص ذوو النزعة الميكافيلية يميلون إلى رؤية العالم من منظور استراتيجي، حيث لا يكون هناك مجال كبير للعاطفة أو التعاطف، بل يعتمدون على التخطيط والمناورة للوصول إلى السلطة أو النفوذ.
إذا كنت تشعر أنك غالباً ما تبرر استخدام الخداع أو التلاعب على أساس أن (الغاية تبرر الوسيلة)، فقد يكون لديك بعض الميول الميكافيلية، الميكافيليون بارعون في قراءة الآخرين والتأثير عليهم، لكنهم أيضاً يواجهون صعوبة في بناء علاقات قائمة على الثقة، لأنهم غالباً ما يشكون في نوايا الآخرين بنفس الطريقة التي يتصرفون بها.
قد تلاحظ أيضاً أنك تميل إلى عدم الالتزام بالمعايير الأخلاقية إلا إذا كانت تخدم مصلحتك الشخصية، فأنت لا تشعر بالضرورة بالذنب عند القيام بتصرف غير أخلاقي إذا كان ذلك سيقودك إلى النجاح أو تحقيق مكسب معين، في بيئات العمل التنافسية قد تجد نفسك قادراً على المناورة بمهارة، ما يجعلك تنجح في بعض المجالات التي تتطلب ذكاء اجتماعي وقدرة على التفاوض، لكن ذلك قد يجعلك أيضاً تواجه تحديات في بناء علاقات مستقرة وطويلة الأمد.
إذا كنت ترى هذه الصفات تنطبق عليك جزئياً أو كلياً، فقد يكون لديك جانب ميكافيلي في شخصيتك، لكن السؤال الأهم هو: إلى أي مدى يسمح لك ذلك بتحقيق النجاح دون التأثير سلباً على علاقاتك وحياتك الشخصية؟ التوازن بين الذكاء الاجتماعي والأخلاق هو المفتاح لتجنب العواقب السلبية لهذه السمة.
- التحفظ في التعامل معهم: الميكافيليون بارعون في قراءة الآخرين واستغلال نقاط ضعفهم، لذلك حاول الحفاظ على بعض الغموض حول أفكارك ومشاعرك الحقيقية، ولا تشارك معهم معلومات شخصية يمكن أن يستخدموها ضدك لاحقاً.
- ضع حدود واضحة: هؤلاء الأشخاص يجيدون تجاوز الحدود إذا لم يتم وضعها بوضوح، كن حازماً عند التعامل معهم، وضع حدود واضحة لما تقبله وما لا تقبله في العلاقة، إذا حاولوا استغلالك، لا تتردد في الرفض بحزم ودون تبرير زائد.
- عدم الانجرار في ألعابهم الذهنية: الميكافيليون يحبون خلق الدراما والضغط النفسي لكسب السيطرة، لا تقع في فخ الاستفزاز العاطفي أو محاولاتهم لجعلك تشعر بالذنب، حافظ على هدوئك وتحكمك في الموقف بدلاً من التفاعل العاطفي المفرط.
- عدم الاعتماد عليهم عاطفياً: في العلاقات العاطفية، قد يظهر الميكافيلي حباً زائفاً أو يتظاهر بالاهتمام لتحقيق أهدافه، لكنه نادراً ما يكون مخلص عاطفياً، لذلك لا تجعل سعادتك العاطفية تعتمد عليهم، وكن واعي بأن مشاعرهم قد تكون سطحية وموجهة لتحقيق مصلحتهم.
- مراقبة أفعالهم وليس كلماتهم: يجيد الميكافيليون التلاعب بالكلمات والتظاهر بالصدق، لكنهم غالباً ما يُظهرون حقيقتهم من خلال تصرفاتهم، راقب ما يفعلونه بدلاً من الاستماع إلى ما يقولونه، فالتناقض بين الكلام والفعل قد يكشف نواياهم الحقيقية.
- تجنب الدخول في منافسة معهم: يسعى أصحاب الشخصية الميكافيلية دائماً للتفوق على الآخرين، وإذا شعروا أنك تهدد مكانتهم، فقد يستخدمون أساليب غير أخلاقية لإضعافك، لا تحاول التفوق عليهم في ألعابهم، بل ابقَ بعيداً عن التلاعب والمنافسة غير الصحية.
- الاستعداد لإنهاء العلاقة إذا لزم الأمر: إذا لاحظت أن العلاقة مع شخص ميكافيلي تؤثر سلباً على صحتك النفسية أو العاطفية، فمن الأفضل الابتعاد تدريجياً أو إنهاء العلاقة تماماً، ليس من السهل تغيير شخص لديه هذه السمات، لذا لا تضيع طاقتك في محاولة إصلاحه.