ما هو الهوس؟ تعريف الهوس وأنواعه

الهوس هو انشغال ذهني مفرط ومستمر بفكرة أو نشاط معين، يرافقه شعور قوي وفهري بالحاجة إلى تكرار هذا النشاط أو التفكير فيه، رغم وعي الشخص بأن هذا الانشغال قد يكون غير منطقي أو مبالغ فيه أو ربما مضر أحياناً.

يُعرّف الهوس (Obsession) وفقاً لجمعية الطب النفسي الأمريكية (APA) ضمن إطار الوسواس القهري (OCD) بأنه: أفكار أو اندفاعات أو صور ذهنية متكررة وغير مرغوب فيها، يَشعر بها الفرد كأنها تفرض نفسها عليه وتُسبب له قلقاً أو انزعاجاً.

لكن خارج الإطار المرضي، يستخدم مصطلح الهوس أيضاً في علم النفس وعلم الاجتماع للإشارة إلى نمط من التفكير والسلوك التعلّقي الشديد، حيث يكرّس الشخص جزءاً كبيراً من وقته وطاقته لشيء ما، مثل هواية، أو شخص، أو فكرة، أو نشاط.

من الأمثلة على الهوس الهوس السلوكي، الهوس بالشهرة، الهوس بالجمال، الهوس بالصحة، الهوس بالتكنولوجيا، الهوس بالتنظيم أو الترتيب، الهوس الجنسي، ويمكن القول أن الهوس يصبح غير طبيعي عندما يبدأ بالتأثير على أداء الشخص اليومي، ويظهر كفكرة تستهلك العقل وتتداخل مع التوازن النفسي والاجتماعي.

ويجدر الذكر أن الهوس في هذا السياق لا يُصنّف دائماً كمرض نفسي إلا إذا استمر لفترة طويلة، أو تسبب في تدهور الأداء الوظيفي أو الاجتماعي، أو ترافق مع أعراض قهرية أو اكتئابية.

ليس من السهل تحديد أنواع معينة من الهوس، فهو يتداخل مع تشخيصات نفسية وعقلية أخرى في بعض الأحيان، فالهوس هو حالة قد تحدث في سياق أعراض نفسية كثيرة ومختلفة وباتجاهات متفاوتة أحياناً، بمعنى أنه مظهر سلوكي متغير الاتجاه أكثر من كونه حالة ثابتة، لذا فمن الأنواع التي قد تكون شائعة نذكر:

• الهوس القهري الفكري (Obsessional Thinking): يكون فيه الشخص عالق في أفكار متكررة وغير مرغوب فيها، غالباً أفكار مزعجة أو غير منطقية، هوس بالنظافة، الخوف من التلوث، أو أفكار دينية أو عدوانية متكررة، يظهر كثيراً في اضطراب الوسواس القهري (OCD).
• الهوس العاطفي بالشخصيات (Obsessive Love or Attachment): بهذا النوع من الهوس يظهر تعلق شديد بشخص ما (مشاعر الحب، الإعجاب، الغيرة) ممكن يتحول لتفكير مهووس وتتبّع أو مراقبة مستمرة، يتفرع عنه اضطراب يُعرف بـالهوس العاطفي المرضي حيث يعتقد الشخص أن شخصاً مشهوراً يحبه رغم عدم وجود علاقة.
• الهوس التكنولوجي (Tech Obsession): وهو يمثل التعلق الشديد بالأجهزة الذكية، والتطبيقات، الألعاب أو مواقع التواصل الاجتماعي، يقضي الشخص ساعات طويلة بدون وعي بالوقت، قد يسبب ضعف في التركيز أو مشاكل اجتماعية أو دراسية.
• الهوس بالجمال والمظهر (Body Image Obsession): تحدث فيه حالة انشغال مفرط بشكل الجسم أو الوزن أو العيوب المتخيلة، يندرج تحت اضطراب يُسمى اضطراب تشوه الجسم، الشخص يرى نفسه مشوه رغم أن الآخرين لا يرون ذلك.
• هوس التملك (Obsessive obsession): وهو من الأنواع الشائعة أن بعض الأشخاص يكون لديهم رغبة زائدة بالتملك والاستحواذ سواء لأشياء ومنتجات محددة مثل الذهب أو المال والمجوهرات بالنسبة للمرأة، أو السيارات والأملاك بالنسبة للرجال، وقد يرتبط بحالات التكديس القهري.
• الهوس بالترتيب أو التماثل (Symmetry / Order Obsession): يكون لدى الشخص حاجة ملحّة أن يكون كل شيء بالشكل الصحيح أو متماثل، وبهذه الحالة فإن الشخص يعيد ترتيب الأشياء بشكل متكرر، وغالباً ما يكون من حالات الوسواس القهري.
• الهوس المالي / الاستهلاكي (Compulsive Buying / Spending): الشراء المفرط بسبب دافع داخلي لا يوجد سيطرة عليه، الشخص يشتري أشياء لا يحتاجها، فقط للشعور بالراحة النفسية.
• الهوس الجنسي (Hypersexuality / Sexual Obsession): رغبات أو أفكار جنسية متكررة بشكل غير طبيعي، تؤثر على علاقاته أو حياته اليومية، قد تكون مرتبطة باضطرابات مزاجية أو حالات ادمان.
• الهوس بالرياضة أو الطعام الصحي (Orthorexia): الهوس بالأكل الصحي أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط، الشخص يشعر بالذنب الشديد إذا أكل شيء ليس صحي، إلى درجة قد تسبب مشاكل غذائية خطيرة.
• الهوس المرضي ضمن BFRBs: وهي مجموعة من اضطرابات الهوس المرضية التي تتضمن سلوكيات متكررة تؤذي الجسم مثل هوس نتف الشعر (Trichotillomania) وهوس قضم الأظافر (Onychophagia) وهوس قضم الشفاه أو خدشها (Lip Biting / Cheek Chewing / Dermatophagia) وهوس خدش الجلد أو نزع القشور Excoriation (Skin-Picking Disorder).

تحدث حالات الهوس نتيجة تفاعل معقّد بين مجموعة من العوامل النفسية، العاطفية، الاجتماعية، والبيولوجية، إضافة إلى بعض السلوكيات الإدمانية، وفيما يلي عرض لأهم هذه العوامل:

1. أسباب الهوس النفسية
   • الضغوط النفسية المزمنة، مثل القلق المستمر، الصراعات الداخلية، أو اضطرابات التكيف، قد تؤدي إلى اختلال في توازن الجهاز العصبي الذاتي، وتزيد من احتمالية ظهور نوبات هوس.
   • الأشخاص الذين يعانون من أنماط تفكير قهرية أو غير منطقية قد يكونون أكثر عرضة لتطوّر سلوكيات هوسية، خاصة في غياب الدعم النفسي المناسب.
   • اضطرابات الشخصية، مثل اضطراب الشخصية الحدية أو النرجسية، ترتبط أحياناً بميول هوسية مؤقتة أو متكررة مثل حالات الوساوس القهرية.
2. أسباب الهوس العاطفية
   • الصدمات العاطفية المفاجئة، كفقدان شخص عزيز أو الانفصال، قد تؤدي إلى حالة من الانفجار العاطفي، يظهر في صورة سلوك هوسي أو اندفاعي.
   • الحرمان العاطفي في الطفولة أو العلاقات غير المستقرة قد ينتج عنه تعلق مرضي أو انشغال مفرط بأشخاص أو أفكار أو أنشطة، تُعبّر عن نفسها على هيئة هوس.
3. أسباب الهوس الاجتماعية
   • البيئة المحفزة مفرطة التنافس، كأماكن العمل الصارمة أو الأوساط التعليمية ذات الضغط العالي، قد تُسهم في خلق حالات من الهوس بالسعي للكمال أو الإنجاز.
   • العزلة الاجتماعية أو الوحدة قد تدفع بعض الأفراد إلى تطوير سلوكيات مهووسة كوسيلة للهروب من الشعور بالفراغ أو عدم الانتماء.
   • التأثر بالمجتمعات الرقمية أو الثقافة الشعبية قد يسهم في تعزيز أنماط سلوكية هوسية، مثل الهوس بالمظهر، الشهرة، أو التفاعل الإلكتروني الدائم.
4. الهوس المرتبط بالإدمان
   • يُعتبر الإدمان، سواء كان على المواد الكيميائية (كالكحول، الأمفيتامينات، أو المنبهات) أو السلوكيات (كالقمار، الألعاب، أو التسوق)، من العوامل المهمة في نشوء سلوكيات هوسية.
   • الإدمان يؤثر بشكل مباشر على الدوبامين، وهو ناقل عصبي أساسي في نظام المكافأة بالدماغ، ما يُحدث تغيرات تؤدي إلى تكرار السلوك بشكل قهري ومبالغ فيه.
   • حالات الانسحاب أو الإفراط في الاستهلاك قد تؤدي إلى نوبات من الهوس المؤقت أو المزمن، خاصةً لدى الأفراد المعرضين وراثياً أو نفسياً.

• ​​​​​​​الانشغال الذهني المستمر بشيء معين (فكرة، نشاط، شخص، موضوع) حتى في أوقات غير مناسبة.
• صعوبة التوقف عن التفكير في الفكرة المهووس بها، رغم المحاولات الواعية لذلك.
• التشتت الذهني عند محاولة التركيز على مهام أخرى.
• التفكير المثالي أو الخيالي المفرط حول ما يتعلق بموضوع الهوس، أحياناً لدرجة فقدان الصلة بالواقع.
• تكرار نفس السلوك بشكل قهري (مثل فحص الهاتف، الكتابة، سماع الأغاني، التمرين المفرط).
• الانخراط المفرط في نشاط ما إلى درجة تجاهل باقي الأنشطة أو الواجبات اليومية.
• تجنب أو تأجيل المهام الأخرى بسبب الانشغال بموضوع الهوس.
• ردود فعل انفعالية مبالغ فيها عند مقاطعة هذا السلوك الهوسي أو التعليق عليه.
• قلق أو توتر واضح عند عدم التمكن من ممارسة السلوك المهووس به.
• الاهتمام بشكل كبير بالعمل والرغبة بإنجازه بشكل مثالي والتعلق به.
• شعور بالمتعة المؤقتة أثناء القيام بالسلوك، يتبعها شعور بالندم أو الذنب أحياناً.
• انفعالات متطرفة (مثل الفرح المفرط أو الحزن المفاجئ) مرتبطة بموضوع الهوس.
• العزلة الاجتماعية أو الانسحاب من التجمعات بسبب الرغبة في الانفراد بالسلوك المهووس به.
• التأثر بالعلاقات الشخصية بسبب الانشغال المفرط أو التكرار غير المفهوم للسلوك.
• عدم تقبّل النقد أو الملاحظات حول هذا السلوك أو الفكرة.

1. ​​​​​​​كيف أعرف أن لدي هوس؟ إذا كنت تنشغل بفكرة أو سلوك بشكل مفرط ومكرر، وتجد صعوبة في السيطرة عليه رغم وعيك بأنه غير ضروري، ويؤثر على حياتك اليومية أو النفسية، فقد يكون ذلك دليلاً على وجود هوس.
2. ما هو الهوس في الشخص؟ الهوس هو حالة من الانشغال العقلي أو السلوكي الشديد بشيء معين (فكرة، شخص، نشاط)، والهوس بالشخص هو كثرة التفكير والتعلق فيه وترقب سلوكياته وأفعاله باهتمام مبالغ فيها.
3. ما هو الهوس في الحب؟ هو تعلق مفرط وغير متوازن بشخص آخر، يتضمن التفكير القهري به، والغيرة الشديدة، والحاجة المستمرة للتواصل أو السيطرة، وقد يتداخل مع اضطرابات مثل التعلق المرضي أو الوسواس القهري العاطفي.
4. علاج سريع لمرض الهوس: لا يوجد علاج سريع لحالات الهوس، لكن التدخل الفوري يشمل، زيارة طبيب نفسي للتشخيص، استخدام مثبتات المزاج أو مضادات الذهان حسب الحاجة، العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، للحالات الطارئة، يُفضل التوجه لمستشفى أو مركز نفسي متخصص.