الفرق بين الإدراك والمعرفة والعلاقة بينهما

ما الفرق بين المعرفة والإدراك! تعرف أكثر إلى تعريف كل من المعرفة والإدراك والفرق بينهما ومصادر الإدراك والمعرفة
الفرق بين الإدراك والمعرفة والعلاقة بينهما
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

كثيراً ما يتم الخلط بين مفهومي الإدراك والمعرفة ما يؤدي لاستخدام كل من التعبيرين مكان الآخر، نظراً لتداخل فكرة الحصول على المعلومات وتفسيرها بين هاتين العمليتين، وقد يرسخ ذلك للكثير من الأخطاء الشائعة أو التداخلات التي تؤثر على الفهم والمعنى في أي سياق، في هذا المقال نتعرف على مفهومي الإدراك والمعرفة وجوهر الفرق بينهما.

تعريف الإدراك (Perception): الإدراك هو عملية عقلية وحسية ونفسية، تعتبر بمثابة الآلية أو الطريقة التي يستقبل فيها الإنسان المعلومات من العالم، عبر الوسائل الحسية، ويعيد تجميع هذه المعلومات للحصول على فهم أولي للأشياء المدركة، تمهيداً لنقل هذه المعلومات إلى الوعي ومن ثم تحويلها إلى معرفة أو خبرة.

ويعد الإدراك الخطوة الأولى في معالجة المعلومات داخل الجهاز العصبي، ويتأثر بالعوامل النفسية كالتجربة، والانتباه، والسياق، مثال عندما يرى الإنسان جسماً متحركاً في الأفق، تستقبل عيناه الصورة، ويقوم الدماغ بتحليلها بناءً على التجربة السابقة، فيدرك أن ما يراه طائر يطير.

تعريف المعرفة (Knowledge): المعرفة هي مجموعة من المفاهيم والحقائق والمعتقدات التي يكتسبها الإنسان من خلال التجربة، والتعلم، والتفكير المنطقي، والخبرات السابقة، والتي تُخزَّن في الذاكرة وتُستخدم في تفسير الظواهر واتخاذ القرارات، وهي تُعد من أعلى مستويات النشاط العقلي، وتتطلب التبرير واليقين، وتمثل نتاجاً لتفاعل الإدراك والوعي والخبرة، مثال معرفة قوانين نيوتن في الحركة لا تتأتى من مجرد رؤية الأجسام تتحرك، بل من التعلم المنهجي والاستدلال العلمي.

animate

يُعد كل من الإدراك والمعرفة من المفاهيم الجوهرية في علم النفس المعرفي، إلا أن لكل منهما خصائص ووظائف تميّزه عن الآخر.

فالإدراك (Perception) يشير إلى العملية النفسية التي يتم من خلالها استقبال وتنظيم وتفسير المعلومات الحسية القادمة من البيئة، وذلك بهدف تكوين تمثيلات أو صور ذهنية ذات معنى، يفهم الإنسان عالمه من خلالها بشكل أولي تلقائي، ويُعد الإدراك عملية فورية مرتبطة بالحواس والانتباه، ويشكل المدخل الأساسي لأي نشاط معرفي لاحق.

أما المعرفة (Knowledge) فهي عملية معرفية عليا تتضمن تخزين المعلومات المنظمة التي اكتسبها الفرد عبر التعلم والخبرة، واستخدامها لاحقاً في تفسير المواقف وحل المشكلات واتخاذ القرارات، وتُعد المعرفة بمثابة نظام ديناميكي من المفاهيم والمعتقدات المتراكمة، وهي أكثر تجريداً واستقراراً من الإدراك.

وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن الفرق بين الإدراك والمعرفة أن الإدراك يُمثل المرحلة الأولى من التفاعل المعرفي مع العالم الخارجي، بينما تمثل المعرفة نتاجاً لتراكمات الإدراك المرتبط بالوعي، والخبرة، والمعالجة العقلية المتقدمة.

وبمعنى آخر فإن الإدراك والمعرفة مفهومان متكاملان يختلفان في المستوى العقلي الذي ينتميان إليه، حيث الإدراك يشير إلى العملية النفسية التي من خلالها يتعرف الإنسان على العالم المحيط من خلال حواسه، أما المعرفة فهي مستوى أعمق يتضمن تنظيم المعلومات المستقبلة وفهمها واستخدامها بشكل منطقي، فالإدراك هو البداية، والمعرفة هي النتيجة.

تختلف مصادر المعرفة عن مصادر الإدراك من حيث طبيعتها ووظيفتها في النظام المعرفي للإنسان.

فالإدراك (Perception) يعتمد على مصادر حسية مباشرة، وهي المعلومات التي يستقبلها الجهاز العصبي من العالم الخارجي عبر الحواس الخمس (البصر، السمع، اللمس، الشم، والتذوق)، وتتم معالجة هذه المدخلات في الدماغ من خلال آليات عصبية معرفية تهدف إلى تكوين صورة لحظية وواقعية عن البيئة المحيطة.

أما المعرفة (Knowledge)، فتنشأ من مصادر متعددة أكثر تعقيداً، وتشمل:

  • الخبرة الشخصية والتجارب المتراكمة.
  • التعلم والتعليم، سواء الرسمي أو غير الرسمي.
  • الاستدلال العقلي والمنطق.
  • الذاكرة طويلة الأمد.
  • الثقافة والمعتقدات.
  • وأحياناً الإدراك نفسه، باعتباره مدخلاً أولياً للمعلومات.

وللتوضيح أكثر يمكن ارفاق جدول الفرق بين مصادر الإدراك ومصادر المعرفة

الفرق بين المعرفة والإدراك من حيث

مصادر الإدراك

مصادر المعرفة

النوع

حسية مباشرة

عقلية/ تجريبية/ اجتماعية

الوسيط

الحواس والجهاز العصبي

العقل والثقافة والخبرات

الزمن

لحظي فوري

تراكمي مع الوقت

مثال

رؤية الضوء أو سماع الصوت

معرفة قوانين الضوء/ فهم معنى الصوت

وبناءً عليه، يمكن القول إن الإدراك يعتمد بشكل رئيس على المدخلات الحسية الآنية، في حين تعتمد المعرفة على التراكم الزمني للمعلومات، وتخضع للتنظيم والتفسير العقلي والتأثير الثقافي والاجتماعي، ما يجعلها أكثر تعقيداً وعمقاً من الإدراك.

في علم النفس يتم تصنيف أنواع الإدراك (Types of Perception) بحسب نوع الحاسة أو المجال الذي يتم إدراكه، وهنا أشهر الأنواع:

  • الإدراك البصري (Visual Perception) بمعنى إدراك الأشياء من خلال الرؤية (الألوان، الأشكال، الحركة) مثل تمييز وجه صديقك وسط الزحام.
  • الإدراك السمعي (Auditory Perception) تمييز الأصوات، النغمات، الكلمات، مثل التفريق بين صوت السيارة وصوت العصفور.
  • الإدراك اللمسي (Tactile Perception) إدراك درجة الحرارة، الملمس، الضغط عبر الجلد، مثل معرفة الفرق بين سطح خشن وناعم.
  • الإدراك الشمي (Olfactory Perception) إدراك الروائح وتمييزها، مثل التعرف على رائحة القهوة أو العطر.
  • الإدراك الذوقي (Gustatory Perception) التمييز بين النكهات (الحلو، المر، الحامض).
  • الإدراك الحركي/الجسمي (Kinesthetic & Proprioceptive Perception) إدراك وضع الجسم وحركته حسب البيئة المحيطة، مثل معرفة وضعية يدك حتى وإن لم تكن تراها.
  • الإدراك المكاني (Spatial Perception) مثل فهم المسافات، الاتجاهات، العلاقات بين الأشياء في المحيط​​​​​​​
animate

في علم النفس التربوي والفلسفة، تصنف أنواع المعرفة (Types of Knowledge) بحسب مصدرها، طبيعتها، أو طريقة استخدامها، إليك أهم التصنيفات:

  • المعرفة الصريحة والصمنية: تصنف المعرفة من حيث الشكل إلى معرفة صريحة يمكن التعبير عنها بالكلام أو الكتابة مثل القوانين، النظريات، التواريخ، والمعرفة الضمنية وهي معرفة غير لفظية، يصعب نقلها بالكلمات مثل قيادة السيارة المهارات الحركية.
  • المعرفة المباشرة والحدسية: وتصنف المعرفة هنا إلى المعرفة الحسية التي تكون نابعة من التجربة والملاحظة المباشرة، والمعرفة العقلية الناتجة من التأمل العقلي والاستدلال المنطقي دون تجربة مباشرة، والمعرفة الحدسية التي تأتي من الحدس والشعور الداخلي المباشر، والمعرفة النقلية/السلطوية وهي معرفة ناتجة عن مصدر موثوق (الكتب، المعلمين، الدين).
  • المعرفة حسي استخدامها: وفي التصنيف من حيث الوظيفية التعليمية فيوجد المعرفة الإجرائية بمعنى معرفة كيف يُنفَّذ شيء ما (مثل خطوات حل مسألة) والمعرفة التصريحية بمعنى معرفة ما هو الشيء (مثل معرفة أن الأرض تدور حول الشمس)، والمعرفة المفاهيمية التي تركز على فهم العلاقات بين الأفكار والمفاهيم (مثل فهم العلاقة بين القوة والحركة في الفيزياء).​​​​​​​

يمكن القول أن الإدراك والمعرفة هما عمليتان عقليتان متكاملتان من حيث الوظيفية، وذلك لكون المعلومات الحسية تتحول إلى معرفة من خلال سلسلة من العمليات المعرفية المتدرجة، تبدأ بالاستقبال الحسي وهو الإدراك وتمر بالتركيز والانتباه وهو الوعي وتنتهي بالتخزين طويل المدى وهي المعرفة، يمكن تفصيل هذه المراحل كما يلي:

  • التحفيز الحسي (Sensory Stimulation): يبدأ الإدراك عندما يتعرض الفرد إلى مثير خارجي يؤثر في إحدى الحواس، مثل الضوء، أو الصوت، أو الروائح، فعند رؤية ضوء ساطع، تُحفَّز الخلايا البصرية في شبكية العين.
  • الاستقبال الحسي (Sensory Reception): تستقبل أعضاء الحواس هذا المثير وتحوّله إلى إشارات كهربائية تُرسل عبر الأعصاب إلى الدماغ، وهنا حيث تنتقل الإشارات من العين عبر العصب البصري إلى القشرة البصرية في الدماغ.
  • الإدراك (Perception): في هذه المرحلة، يُفسّر الدماغ الإشارات الحسية ليكوّن صورة أولية عن المثير، مستعيناً بالخبرات السابقة والعمليات العقلية الأخرى مثل التوقع والانتباه، حيث يميز الفرد أن الضوء الساطع ناتج عن جهاز إنذار.
  • الانتباه والتركيز (Attention and Focus): لا تتحول جميع المثيرات المدركة إلى معرفة، يتطلب الأمر تركيز الانتباه على المعلومة لتمييزها ومعالجتها بعمق، فإذا لاحظ الفرد أن الضوء يشتعل بشكل متكرر، يبدأ بالتركيز عليه أكثر لفهم السبب.
  • الترميز (Encoding): تبدأ عملية تحويل المعلومات إلى رموز عقلية تُخزَّن في الذاكرة قصيرة المدى، تمهيداً لمعالجتها وربطها بالمعلومات المخزنة سابقاً، وفي هذه المرحلة يُخزّن الدماغ خصائص الضوء (لونه، تردده، مكانه) بطريقة قابلة للاسترجاع لاحقاً.
  • الدمج مع البنية المعرفية السابقة (Assimilation & Accommodation): يُقارن الدماغ المعلومات الجديدة بالمعلومات السابقة، إذا كانت منسجمة، يتم دمجها، وإذا كانت مخالفة، يُعاد تنظيم البنية المعرفية لتستوعب التناقض، وهنا يربط الفرد الضوء المتكرر بمعلومات سابقة عن أجهزة الإنذار، ويكوّن فهماً جديد (هذا الضوء مرتبط بتنبيه معين).
  • التخزين طويل المدى (Long-Term Storage): تُخزّن المعلومات بعد معالجتها وربطها بالسياق في الذاكرة طويلة المدى، لتتحول إلى معرفة يمكن استدعاؤها لاحقاً، حيث يصبح لدى الفرد معرفة ثابتة بأن وميض الضوء الأحمر المتكرر هو إشارة تحذيرية.

المراجع