سبب وسواس الحمل للمتزوجة وغير المتزوجة وعلاجه

يعد الحمل من المواضيع الحساسة التي تُثير مشاعر متباينة لدى النساء، ما بين الفرح والقلق، إلا أن بعض النساء يعانين من أعراض نفسية غير طبيعية تتعلق بالحمل رغم عدم حدوثه، أو الخوف المفرط منه، ويدخل هذا ضمن نطاق اضطرابات القلق أو الوسواس القهري، يتناول هذا المقال وسواس الحمل، من حيث التعريف، التصنيف، الأسباب، والمظاهر، وسبل العلاج.
وسواس الحمل هو أحد أشكال اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder – OCD)، يتمثل في أفكار متكررة ومزعجة تتعلق بإمكانية حدوث الحمل، رغم غياب الأدلة الطبية أو الواقعية على ذلك، قد يصاحب هذه الأفكار سلوكيات قهرية، مثل تكرار فحص الحمل، مراقبة أعراض الحمل الجسدية، والبحث المستمر عن معلومات حول احتمالات الحمل.
وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يصنف وسواس الحمل ضمن اضطراب الوسواس القهري، وتحديداً في فئة الوساوس الجسدية أو الصحية (Somatic Obsessions)، وقد يصيب وسواس الحمل المتزوجات وغير المتزوجات لكنه قد يكون أكثر شيوعاً بين الفتيات غير المتزوجات حيث تتلاقى المخاوف الشخصية مع المخاوف الاجتماعية.

يكون القلق من حدوث حمل أمراً طبيعياً عندما يحدث كرد فعل مؤقت بعد موقف معين مثل علاقة سطحية، ويختفي عند زوال السبب مثل ظهور نتيجة سلبية لفحص الحمل، ولا يؤثر على جودة الحياة اليومية.
ويكون وسواس الحمل حالة غير طبيعية قد تنتج عن حالة وسواس أو رهاب عندما يستمر لفترة طويلة (شهور أو أكثر)، ويتكرر بشكل قهري، ويؤثر على النوم، والتركيز، والعلاقات، ولا يزول حتى مع وجود أدلة طبية تنفي الحمل، حيث أنه في هذه الحالات يؤدي لإعاقة حياة الفتاة أو السيدة التي تعاني من هذا الوسواس، ويسبب لها مخاوف وأفكار من الواضح أنها غير طبيعية مثل الخوف من الحمل من المرحاض أو السرير وغير ذلك، وقد يؤثر على حالتها النفسية والعاطفية وطريقة تعاطيها مع الجنس الآخر.
- أفكار مستمرة ومزعجة عن الحمل: إذا كنت تعانين من وسواس الحمل فسوف تجدين نفسك تفكرين طول الوقت هل ممكن أكون حامل! حتى مع عدم حدوث شيء يؤدي للحمل، حيث تتخيلين أعراض حمل (غثيان، صداع، ألم في البطن) وتربطيها بالحمل بشكل مباشر وغير منطقي.
- تكرار فحص الحمل: يمكن أن تلجأ البنت أو المرأة المتزوجة للقيام باختبار الحمل بشكل يومي أو حتى أكثر من مرة في اليوم رغم أن النتيجة تظهر سلبية دائماً، بل يمكن أن تشعر برغبة بالذهاب إلى عيادة طبيب النساء أو المشفى لإجراء فحوصات إضافية بهدف التأكد.
- تفقد الجسم بشكل مبالغ فيه: يظهر على البنت التي تعاني من وسواس الحمل تركيزها على أي تغيير بسيط في الجسم، وملاحظة تفاصيل مثل لون الإفرازات، شكل البطن، أو تأخير الدورة حتى لو بيوم.
- البحث القهري في الإنترنت: يمكن أن تلجأ البنت التي تعاني من وسواس الحمل إلى سلوكيات قهرية مثل قضاء ساعات في البحث عن مواقع الانترنت الطبية حول امكانية حدوث الحمل بدون علاقة، أو الحمل بسبب الجلوس في المرحاض بعد الرجل أو بملامسة ملابسه.
- تجنب العلاقات أو المواقف الاجتماعية: قد يصل الأمر بالفتاة أو حتى المرأة المتزوجة التي تعاني من وسواس الحمل إلى تجنب العلاقات تماماً مع الجنس الآخر، فقد تتجنب أي تلامس أو تواجد مع الرجال بما فيهم أفراد العائلة، بل أنها قد ترفض فكرة الزواج لتجنب حدوث الحمل، وقد تتعمد المتزوجة الابتعاد عن زوجها والتهرب من العلاقة معه.
- قلق وتوتر دائم: يسبب وسواس الحمل للمرأة أو الفتاة حالة من القلق والتوتر الدائمة، فالحمل بالنسبة لها يمثل هاجس يخيفها مجرد توقعه أو التفكير فيه.
- فهم طبيعة التفكير الوسواسي: الوسواس مجرد فكرة، وليست حقيقة هذه القاعدة النفسية الذهبية تعني أنك عندما تفكرين في الحمل، فهذا لا يعني بالضرورة أنك حامل، أو أن هناك خطراً حقيقياً، أدمغتنا تنتج آلاف الأفكار يومياً، لكن الوسواس يجعلنا نضخم بعضها، وتجاهل الفكرة هو أولى خطوات التحرر منها.
- تطبيق مبدأ التحدي المعرفي للفكرة الوسواسية: عند ظهور فكرة (هل يمكن أن أكون حامل!) اسألي نفسك، ما الدليل الواقعي على ذلك، وكم مرة أجريت فحص الحمل وظهر سلبياً، هل لديك سبب طبي أو سلوكي فعلي يدعم هذه الفكرة، هل يوجد تاريخ علمي موثق لحالات حمل في مثل حالتك، يمكنك كتابة هذه الأسئلة والإجابات في دفتر خاص، لتري الحقيقة بشكل منطقي ومكتوب.
- توقفي عن البحث المفرط والتأكد القهري: لا تكرري فحص الحمل بلا سبب طبي، ولا تراقبي جسمك بشكل مفرط (مثل تغير لون الإفرازات أو شكل البطن)، ولا تستخدمي الإنترنت للبحث عن أعراض الحمل بطريقة عشوائية، لأنها تزيد القلق، حيث أنك كلما بحثت أكثر، زاد القلق، وكلما تجاهلت، انخفض التوتر.
- مارسي تمارين إدارة القلق: يمكن لممارسة تمارين تخفيف القلق وإدارته أن تكون مفيدة في استبعاد الأفكار الوسواسية السلبية، مثل تمارين التنفس العميق أو تمارين الاسترخاء أو التفكير العميق، فكلها تمارين تجعلك أكثر قدرة على تجاهل التفكير في الوسواس.
- استخدمي تقنية تأجيل التفكير: تأجيل التفكير بالوسواس يقلل الوقت الذي تقضينه بهذه الأفكار، فقولي لنفسك (سأسمح لنفسي بالتفكير في هذا الموضوع بعد ساعة) غالباً عندما يحين الوقت، ستجدين أن القلق قد خف أو زال تماماً.
- ركزي على أنشطة بديلة وممتعة: الانشطة المحببة تقلل التوتر وبالتالي تخفف وقع الأفكار السلبية الوسواسية، لذلك انشغلي بهوايات تحبينها مثل قراءة، رسم، رياضة، تعلم جديد، أو قومي بمهام يومية تشغل تركيزك وتشتت انتباهك عن الفكرة، الهدف هو كسر دائرة التفكير السلبي بأي وسيلة تجدينها أسهل بالنسبة لك.
- استشيري مختص نفسي إذا استمر الوسواس: أخصائي العلاج المعرفي السلوكي (CBT therapist) يمكنه مساعدتك بشكل فعال عبر جلسات تدريجية، تعلّمك كيف تواجهين هذه الأفكار وتتغلبين عليها نهائياً، وفي بعض الحالات قد يصف علاج دوائي بسيط (مثل مضادات القلق أو مضادات الوسواس) لفترة مؤقتة وبإشرافه.

- الاستعداد الوراثي والبيولوجي: البنات اللواتي لديهن تاريخ عائلي مع الوسواس القهري أو القلق يكن أكثر عرضة لوسواس الحمل، فاختلال بعض النواقل العصبية في الدماغ مثل السيروتونين قد يؤدي إلى اضطراب في التحكم بالأفكار المتكررة.
- التنشئة والتجارب السابقة: التربية الصارمة، أو البيئة التربوية التي تبالغ بالتحذير من الوصمة الاجتماعية، قد تؤدي إلى خوف عميق من الحمل عند البنت، كذلك ما تشاهده البنات أو تسمع به من قصص الحمل خارج الزواج قد يكون سبباً لوسواس الحمل، وتوقع التعرض لتجارب حمل غير مرغوب فيه أو صدمات نفسية (كالتعرض لتحرش أو حمل غير متوقع ولأسباب غير منطقية) قد يسبب وسواساً حتى بعد انتهاء السبب المباشر.
- نقص المعلومات والتثقيف الجنسي: في كثير من المجتمعات، تتلقى الفتاة معلومات مشوشة أو مغلوطة عن الحمل، ما يولّد تصورات خاطئة (مثل هل يمكن الحمل من استخدام المرحاض؟) هذا النقص المعرفي يجعل الدماغ يملأ الفراغ بالمخاوف.
- القلق العام واضطراب التحكم في التوقعات: الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق المعمم (GAD) غالباً ما يحولون أفكارهم القلقة إلى وساوس، والحمل باعتباره حدثاً كبيراً، قد يُثير هذا النوع من القلق، خاصة عند من يخشون المستقبل أو التغيرات الجسدية والاجتماعية.
- الخوف من فقدان السيطرة: الحمل يمثل بالنسبة للبعض فقداناً للسيطرة على الجسد وشكله، الحياة اليومية، أو المستقبل، هذه الفكرة قد تفعّل وسواساً لدى النساء اللواتي يحتجن إلى التحكم الكامل في حياتهن.
- وسواس الحمل للعزباء: هو اضطراب نفسي يتمثل في خوف متكرر وغير منطقي من حدوث الحمل رغم عدم وجود علاقة جنسية فعلية، وغالباً ما ينتج عن نقص الوعي الجنسي أو القلق الاجتماعي والديني.
- وسواس الحمل بدون علاقة: وسواس الحمل قد يصيب المرأة دون أن تكون هناك علاقة جنسية، سواء كانت عزباء أو متزوجة، وهو يرتبط غالباً بسوء الفهم البيولوجي، والقلق النفسي، والخوف من الحمل المفاجئ أو غير المتوقع، وقد تشمل الأسباب النفسية المحتملة نقص التثقيف الجنسي، أو الخوف من الفضيحة المجتمعية أو فقدان العذرية بالنسبة للبنت العزباء، بالإضافة للقلق العام واضطرابات الوسواس القهري، وحدوث تأخر الدورة الشهرية أو ملاحظات جسدية تُفسّر بشكل خاطئ، وبالنسبة للمتزوجات، فإنه قد ينتج عن الخوف من الحمل في وقت غير مناسب، أو وجود شكوك في فعالية وسائل منع الحمل، أو تجارب حمل سابقة مؤلمة أو غير مرغوبة.
- وسواس الحمل من المرحاض: من الناحية العلمية، لا يمكن حدوث الحمل من استخدام المرحاض، إذ أن الحيوانات المنوية تموت سريعاً خارج الجسم، كما أن بيئة المرحاض غير صالحة لنقلها أو بقائها حية، ورغم استحالة هذا الأمر بيولوجياً، إلا أن كثيراً من النساء خصوصاً العازبات يعانين من وساوس تتعلق بإمكانية الحمل عبر المرحاض، ويصنف ذلك ضمن الوساوس القهرية المرتبطة بالحمل، ولا علاقة له بأي احتمالات علمية واقعية.
- وسواس الحمل من السرير: وسواس الحمل من السرير هو خوف غير منطقي من حدوث الحمل بسبب الجلوس أو النوم على سرير قد يكون ملوثاً، رغم عدم وجود علاقة جنسية، من الناحية العلمية، الحمل لا يمكن أن يحدث إلا من خلال علاقة مباشرة تؤدي إلى دخول السائل المنوي النشط إلى المهبل، وليس عن طريق التلامس مع الأسطح.
- وسواس الحمل بعد علاقة سطحية: هو نوع من الوسواس القهري يتولد بعد احتكاك جسدي خارجي لا يؤدي بيولوجياً إلى الحمل، لكنه يثير القلق والتوتر المستمر، رغم انعدام احتمال الحمل من الناحية الطبية.
- وسواس الحمل للمتزوجات: هو قلق مفرط ومتكرر من حدوث الحمل، سواء في أوقات غير مرغوبة أو رغم استخدام وسائل منع، وغالباً ما يرتبط بتجارب حمل سابقة أو ضغوط نفسية واجتماعية.