علاج الأذى النفسي حسب السبب وأنواع الأذية النفسية

الكثير من المواقف التي يتعرض لها الإنسان خلال مختلف مراحل أو جوانب حياته الطبيعية يمكن أن تسبب له حالات من الأذى من الناحية النفسية والعاطفية، وهذا ما يعرف بالأذى النفسي، وهو حالة مرتبطة بالصحة النفسية تنتج عن عوامل وأسباب كثيرة ويكون لها آثار مختلفة على شخصية الفرد وحياته، في هذا المقال نتعرف على مفهوم الأذى النفسي وأنواعه وأسبابه، وكيفية علاج حالاته المختلفة وبعض النصائح للتغلب عليه.
يشير مفهوم الأذى النفسي إلى الضرر الذي قد يلحق بالصحة النفسية للفرد نتيجة تعرضه لتجارب مؤلمة أو ضغوط نفسية أو مواقف مسيئة، مثل التنمر، والتهميش، والإهمال، أو التحكم العاطفي، أو الإساءة أو الرفض أو الحرمان أو العنف اللفظي أو الجسدي، وغيرها.
هذا النوع من الأذى قد يؤدي إلى مشاعر سلبية مستمرة، مثل الحزن، القلق، أو الغضب، وقد يؤثر على قدرة الفرد على التفاعل الاجتماعي أو أداء مهامه اليومية، في بعض الحالات قد يتطور الأذى النفسي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة.

- الأذى النفسي العاطفي (Emotional abuse): يحدث هذا النوع عندما يتعرض الشخص للإهانة أو التقليل من شأنه بشكل متكرر، مثل النقد الجارح، الإذلال، أو التهديد، ويترك أثر عميق على احترامه لذاته وصورته عن نفسه.
- الأذى النفسي الناتج عن الصدمة (Psychological trauma): ينتج ذلك عن مواقف صادمة مثل الحوادث، الكوارث الطبيعية، الاعتداء، أو الحروب، وهذه النوع من الصدمات تؤثر على الفرد وتسبب حالات مختلفة من الأذى النفسي مثل القلق العام والخوف.
- الإهمال النفسي (Emotional neglect): يظهر هذا النوع عندما يتم تجاهل احتياجات الشخص العاطفية، سواء في الطفولة أو في العلاقات، وهذا النوع غالباً ما يكون صامت وغير مرئي لكنه يترك تأثير طويل الأمد.
- الأذى الناتج عن العلاقات السامة (Toxic relationships): بعض أنواع العلاقات المؤذية السامة قد تعتبر صورة من صور الأذى النفسي مثل العلاقات التي تعتمد على السيطرة، الغيرة، التلاعب أو التعلق المرضي، أو الشعور بالرفض، وتؤدي إلى شعور مستمر بالقلق وعدم الأمان.
- الأذى النفسي الناتج عن التنمر (Bullying): سواء كان وجهاً لوجه أو عبر الإنترنت، حيث يؤثر التنمر على ثقة الفرد بنفسه وقدرته على التفاعل الاجتماعي.
- الضغط النفسي المزمن (Chronic stress): يحدث نتيجة ضغوط متراكمة في العمل أو الحياة الشخصية، ويؤدي إلى استنزاف نفسي وجسدي شديد.
- تشجيع الطفل على الاعتراف بالمشاعر: يجب أن يُشعر الطفل بأن مشاعره مسموعة ومقبولة دون تقليل أو تجاهل، الإنصات له دون حكم يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على التعبير عمّا يشعر به.
- خلق بيئة آمنة للطفل: توفير بيئة أسرية ومدرسية آمنة ومستقرة، خالية من التهديد أو العنف، يساعد الطفل على الشعور بالأمان ويقلل من القلق والخوف.
- تعزيز الشعور بالثقة والقدرة: تشجيع الطفل على القيام بأنشطة يحبها وينجح فيها يعزز من تقديره لذاته ويعيد له الشعور بالسيطرة على حياته.
- استخدام التعبير الإبداعي: استخدام وسائل مثل الرسم، القصص، أو اللعب الحر كطرق بديلة للتعبير عن المشاعر، خصوصاً عند الأطفال الذين يجدون صعوبة في التعبير بالكلام.
- تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية: تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره، وكيفية التعامل مع الآخرين بطريقة صحية، يقلل من احتمالية تكرار الأذى في المستقبل.
- الحفاظ على روتين يومي مستقر: الالتزام بروتين يومي منتظم يمنح الطفل إحساساً بالأمان والسيطرة، ويقلل من التوتر الناتج عن التغيرات المفاجئة.
- تعزيز دور الأسرة الفعال: تفاعل الوالدين مع الطفل بشكل محب وداعم، والابتعاد عن النقد القاسي أو العقاب المؤذي، يعزز من تعافيه بشكل كبير.
- طلب العلاج النفسي المتخصص: في الحالات التي تظهر فيها أعراض مستمرة أو شديدة، يُنصح باللجوء إلى أخصائي نفسي أطفال، خاصة في العلاج باللعب أو العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد الطفل على التعامل مع مشاعره بشكل صحي.
لعلاج الأذى النفسي الناتج عن التعامل الخاطئ من الأهل، من المهم أولاً الاعتراف بالمشاعر السلبية الناتجة عن هذه التجربة وعدم إنكار تأثيرها، حيث يبدأ علاج الأذى النفسي من الأهل بتعزيز الوعي الذاتي لفهم كيف أثرت تلك العلاقة على التفكير والسلوك.
ويُنصح بإنشاء حدود صحية في التعامل مع الأهل، سواء من خلال تقليل التواصل المؤذي أو توضيح ما هو مقبول وما هو غير مقبول، والحصول على الدعم النفسي من مختص يساعد على فهم الجذور العاطفية للأذى وتطوير أدوات للتعافي، مثل إعادة بناء الصورة الذاتية، والتخلص من الشعور بالذنب غير المبرر.
كما أن الانخراط في علاقات صحية داعمة يعزز من عملية الشفاء، ومن المفيد أيضاً تبني ممارسات يومية تساعد على الاستقرار النفسي، مثل الكتابة، التأمل، أو التمارين الرياضية، فهذا كله يساهم في تقوية التوازن الداخلي.
علاج الأذى النفسي الناتج عن معاملة الزوج السيئة يتطلب خطوات متدرجة تركز على حماية الذات واستعادة التوازن النفسي، في بداية الأمر يجب على الزوجة الاعتراف بأن سلوك الزوج مؤذ وليس مقبولاً، وأنها ليست مسؤولة عن هذا السلوك، هذه الخطوة أساسية لتجاوز الشعور بالذنب أو التقليل من الذات.
ثم يُنصح بإنشاء مساحة آمنة عاطفياً من خلال تقليل الاحتكاك أو تجنب المواقف التي تتكرر فيها الإساءة من الزوج، مع محاولة وضع حدود واضحة في العلاقة تحد من الأذى النفسي.
ومن المهم التحدث مع شخص موثوق، سواء كان من العائلة أو صديقة مقربة، لتفريغ المشاعر والتفكير بصوت عالٍ، والدعم النفسي المتخصص يلعب دوراً مهماً كذلك، حيث يساعد العلاج النفسي الزوجة على فهم تأثير الإساءة على ثقتها بنفسها، وبناء آليات فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية.
كما يُنصح بالتركيز على تقوية الهوية الشخصية، من خلال ممارسة أنشطة تعيد للمرأة شعورها بالقيمة والاستقلال، مثل العمل، الدراسة، أو أي نشاط يعزز ثقتها بنفسها.
إذا كانت الإساءة مستمرة وتشكل خطر على الصحة النفسية أو الجسدية، فقد يكون من الضروري التفكير في حلول قانونية أو اجتماعية تحمي الزوجة وتمنحها الحق في اتخاذ قرار يحفظ كرامتها وسلامتها.
علاج الأذى النفسي الناتج عن التعرض للتنمر يتطلب مجموعة من الخطوات المتكاملة التي تعالج الأثر العاطفي والسلوكي لهذا النوع من الإساءة، في البداية من الضروري الاعتراف بأن ما حدث ليس مسؤولية الضحية، وتفريغ المشاعر السلبية المرتبطة بالتجربة مثل الغضب أو الخوف أو الشعور بالنقص.
وهنا الدعم الاجتماعي يلعب دوراً محورياً في العلاج، سواء من خلال الأصدقاء أو العائلة أو مجموعات الدعم، حيث يساعد الإحساس بالأمان والانتماء على استعادة الثقة بالنفس.
كما يُنصح باللجوء إلى مختص نفسي لتقديم الدعم العلاجي المناسب، خاصة في حال ظهور أعراض مثل القلق أو الانسحاب الاجتماعي أو اضطراب المزاج، ومن الأدوات المفيدة في هذه المرحلة، تعلم مهارات التعامل مع النقد والرفض، وبناء تقدير الذات من خلال أنشطة تُظهر القدرات الشخصية وتعيد بناء الشعور بالقيمة الذاتية.
كذلك من المهم تعزيز الوعي بحدود العلاقات الصحية وتعلم كيفية الرد على الإساءة بشكل يحافظ على الكرامة دون الدخول في صراعات، الاستمرار في الاهتمام بالصحة النفسية، من خلال العادات اليومية الصحية، يدعم الاستقرار الداخلي ويقلل من أثر التنمر على المدى الطويل.

علاج آثار الأذى النفسي الناتج عن علاقة عاطفية يتطلب خطوات عملية تهدف إلى إعادة التوازن النفسي واستعادة الشعور بالاستقلال العاطفي، أولاً من المهم قطع الاتصال أو تقليله قدر الإمكان مع الطرف الآخر، خاصة إذا كانت العلاقة مؤذية، لأن الاستمرار في التواصل يعيد تنشيط الألم ويمنع التعافي.
بعد ذلك يجب إعطاء مساحة للمشاعر والتعامل معها بصدق دون إنكار أو مقاومة، مع الحرص على عدم الانجراف في جلد الذات أو لوم النفس بشكل مفرط، ومن المفيد تدوين الأفكار والمشاعر كوسيلة لفهم التجربة وتحديد ما الذي يجب تغييره مستقبلاً في الاختيارات العاطفية.
التحدث مع شخص موثوق أو مختص نفسي يساهم في تنظيم التفكير وتقديم الدعم اللازم في مرحلة الضعف، كما يُنصح بالتركيز على الأنشطة اليومية التي تعزز الشعور بالرضا وتعيد بناء الهوية بعيداً عن العلاقة، مثل ممارسة الهوايات، العمل، أو التطوع.
ومن الضروري في النهاية إعطاء النفس الوقت الكافي للتعافي وعدم استعجال الدخول في علاقة جديدة قبل التئام الجرح العاطفي بشكل كاف.
- تحدث مع شخص تثق به وشارك مشاعرك بصدق.
- اسمح لنفسك بالشعور والتعبير عن الألم دون إنكار أو قمع.
- مارس تمارين التنفس العميق والاسترخاء بانتظام.
- نظّم وقتك وحدد أولوياتك لتقليل التوتر اليومي.
- مارس النشاط البدني لتحفيز الجسم على إفراز هرمونات السعادة.
- تجنب العزلة الاجتماعية وابقَ على تواصل مع أشخاص داعمين.
- قلل من التعرض للمواقف أو الأشخاص الذين يسببون لك الضغط.
- اكتب أفكارك ومشاعرك في دفتر لتفريغ التوتر وفهم ذاتك.
- امنح نفسك الوقت للشفاء ولا تستعجل تجاوز الألم.
- استعن باختصاصي نفسي إذا شعرت أن الأذى يعيق حياتك اليومية.