ما هو الذكاء العاطفي وكيف يمكن تنمية الذكاء العاطفي؟
انتشر في الآونة الأخيرة الحديث عن نوع جديد من الذكاء، الذي أُطلق عليه اسم الذكاء العاطفي، وقد ارتبط بنسبة 80% في نجاح الفرد أو فشله في الحياة، وهو ما سنتحدث عنه بإسهاب في هذا المقال الثري والقيم.
يمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه قدرة الشخص على إدارة وفهم مشاعره، والتحكم بها، ويشمل تعريف الذكاء العاطفي أيضًا قدرة الشخص على التصرف بطريقة إيجابية في المواقف المختلفة، كما يتضمن تعريف الذكاء العاطفي قدرة الفرد على فهم مشاعر الآخرين وإدارة انفعالاتهم.
نشرح لكم فيما يلي مكونات الذكاء العاطفي بالتفصيل، حيث يرتبط الذكاء العاطفي بخمس قدرات مختلفة، وهي:
- قدرة الشخص على فهم مشاعره الخاصة: وذلك من خلال تحديد مشاعره المختلفة أثناء حدوثها ومعرفة أسبابها وإدراكه لأبعادها، وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص الأكثر قدرة على فهم مشاعرهم هم الأكثر قدرة على التحكم في حياتهم واتخاذ القرارات الخاصة بهم.
- قدرة الشخص على إدارة المشاعره والتحكم فيها: حتى يكون الشخص قادرًا على السيطرة على مشاعره يلزمه المقدرة الأولى من مكونات الذكاء العاطفي وهي القدرة على فهم مشاعره، ومن ميزات هؤلاء الأشخاص قدرتهم على مواجهة الإحباط والتغلب على الصعوبات، والبدء من جديد بعد خوض تجربةٍ الفشل.
- الدافعية والقدرة على تحفيز النفس: حيث يسعى الشخص لتحقيق أهدافه والابتعاد عن الأشياء التي قد تلهيه، وتقديم العمل وتأخير الراحة، والقدرة على الاندماج في العمل والانخراط فيه.
- القدرة على فهم وإدراك مشاعر الآخرين: وهؤلاء الأشخاص لديهم مقدرة خاصة بملاحظة التغيرات الاجتماعية البسيطة التي تظهر على الأشخاص من حولهم وفهم احتياجاتهم النفسية.
- أما القدرة الأخيرة من بين مكونات الذكاء العاطفي فهي المهارات الاجتماعية والقدرة على إدارة انفعالات الآخرين: وهذه القدرة تحدد مدى شعبية الشخص وتقبل الناس له، وقدرته على تحمل مسؤولية الرئاسة والقيادة.
تعتبر السنوات الأولى من حياة الطفل مهمة في تكوين الذكاء العاطفي عند الأطفال، فقد أثبتت الدراسات أن القدرات الخمس السابقة تتكون خلال السنوات الأولى من عمر الطفل وأن فقدانه لها من الصعب تعويضه، كما توصلت الدراسات إلى قدرة الدماغ على تخزين المشاعر والأحاسيس والعواطف تمامًا كقدرته على تخزين المعلومات والتعامل معها.
ويسمى الجزء المسؤول عن تخزين المشاعر في الدماغ بالأميغديلا، وهو الجزء المسؤول عن ردة الفعل لدى الشخص، وهذا الجزء ينمو سريعًا عند الأجنة ويشبه في عمله كاميرا الفيديو، حيث يعمل على تخزين كل ما تقع عليه العين ليصبح المرجعية للطفل في المستقبل، فتعمل البيئة المحيطة بالطفل والتفاعلات التي تحدث من خلالها على تنشيط الأميغديلا وتقوية الوصلات العصبية فيما بينها، والتي يتم من خلالها تأسيس البناء الذكاء العاطفي عند الأطفال، والذي يعتبر مرجعًا لهم مدى الحياة للتعامل مع الأشخاص من حولهم.
وعندما تُستثار هذه العواطف في المستقبل فإن أول تصرف يقوم به الشخص هو انعكاس ما مر به في طفولته، لذا فإن تأثير الوالدين على الطفل في السنوات الخمس الأولى قادرة على تحديد مدى نجاح الطفل في حياته أو فشله باعتبارهما نافذته على الحياة وفقًا لما تأسس عليه الذكاء العاطفي عند الأطفال.
يعتبر الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني، وحتى تكون شخصًا يتمتع بـالذكاء العاطفي في العمل عليك اتباع الآتي:
- تحكم بانفعالاتك مع تزايد ضغوط العمل، حتى تحافظ على هدوئك وتركيزك وتزيد من نسبة إنتاجيتك.
- كن مستمعًا جيدًا، فالاستماع للآخرين يشعرهم بأهمية أفكارهم حتى وإن لم تكن موافقًا عليها إلا أن هذا سيجنبك الكثير من المصاعب في العمل، ويسهل عليك العمل بروح الفريق، لأن المستمع الجيد يحفز الآخرين للعمل فهو يشعرهم بأهميتهم.
- تعاطف مع الآخرين، فالعمل مع أشخاص يحتم وجود جياة خاصة لهم، وهم قد يتعرضون للكثير من المشاكل والصعوبات؛ لذا فإن التعاطف معهم قد يدعمهم لتجاوز هذه الصعوبات بدلًا من أن تقف حاجزًا أمامهم.
- تحمل مسؤولية أخطائك؛ لأن الأشخاص الذين يعترفون بأخطائهم لديهم القدرة على التعلم وتطوير ذواتهم أفضل من الأشخاص الذين يتهربون من الاعتراف بخطئهم، الأمر الذي يكسبهم مهارات الذكاء العاطفي في العمل.
- تقبل النقد ولا تأخذ الانتقاد بشكل شخصي، وأظهر لمن ينتقدك أنك تتطلع دائمًا لتحسين آدائك وتنمية مهاراتك.
نعرض لكم فيما يلي أفضل الطرق لـتنمية الذكاء العاطفي:
- اسأل نفسك مرتين في اليوم عن مشاعرك، علمًا بأن المشاعر قد تحتاج لبعض الوقت حتى تظهر وتتمكن من تفهمها.
- أعطِ نفسك فرصة كافية للتفكير في مشاعرك، فلا تصدر أحكامًا متسرعة، وانتظر حتى تبلغ المشاعر ذروتها، وهذا الأسلوب يعد من أفضل طرق تنمية الذكاء العاطفي.
- اسأل نفسك عن الأحاسيس التي تشعر بها وأوجد الصلة بينها وبين المشاعر المشابهة في أوقات سابقة؛ لترى ما إذا كانت مشاعرك الحالية مجرد انعكاس لمشاعرك السابقة أم لا.
- اربط المشاعر بالأفكار، فعند تحديدك لشعورٍ ما أسأل نفسك بماذا تفكر، فإن قدرتك على ربط المشاعر بالأفكار يجعلك أكثر قدرة على التصرف بإيجابية في المواقف المشابهة، ويعد من أفضل طرق تنمية الذكاء العاطفي عند الأفراد.
- استمع إلى جسدك، فقد تكون آلام المعدة ناتجة عن التوتر، وقد تكون سرعة ضربات القلب ناتجة عن الإعجاب بشخص ما، وكل ما عليك فعله هو أن تستمع لجسدك لتحدد مشاعرك بوضوح.
- اسأل شخصًا تثق به في حال كنت عاجزًا عن تحديد مشاعرك، فهناك أشخاص لديهم القدرة على ترجمة مشاعر الآخرين.
- استمع لمشاعرك في اللاوعي، واسترخي واسمح لنفسك بالتفكير بحرية، وحدد أحلامك، ثم دونها حالما تستيقظ، وركز على تلك الأحلام التي ترتبط بالعواطف القوية، وتتكرر باستمرار.
- اصنع مقياسًا يوميًا لمشاعرك، وإن لاحظت وجود مشاعر متطرفة حاول ربطها بأي أفكار؛ حتى تكون قادرًا على السيطرة عليها في المستقبل.
- اكتب الأفكار والمشاعر ولا تقتصر على كتابة مشاعرك الداخلية فقط، بل دَوِّن مشاعر الآخرين واربطها بالأفكار، وتجنب التركيز على المشاعر السلبية حتى لا تتضخم وتتفاقم.
- إذا كان لديك أطفال فلا بد من أن تراقب انفعالاتك جيدًا أمامهم، وأن تقوم بلمسهم وحضنهم وتقبيلهم، وإظهار المشاعر والعواطف الايجابية أمامهم بشكلٍ عام، فهذا كفيل بجعلهم أكثر نجاحًا في المستقبل.
هذه أهم المعلومات حول الذكاء العاطفي، نتمنى أن تستثمروها في تنمية الكاء العاطفي لديكم، وتحقيق الذكاء العاطفي في العمل أيضًا؛ لتحظوا بحياة سعيدة، وتتمكنوا من التعامل مع الآخرين بأفضل أساليب التواصل الإيجابية.