مراحل نمو الطفل من الولادة وتطوره حتى الثامنة عشرة
يمر الأطفال بفترات نمو أساسية تنقلهم من أطفال رضع إلى شباب بالغين، خلال كل من هذه المراحل تحدث تغييرات متعددة يتطور معها الدماغ، وتختلف هذه التطورات إما حسب الجينات الوراثية، أو تبعاً للظروف البيئية والتبادلات التي تحدث مع الأفراد في البيئة المحيطة، والتي لها تأثير كبير على نمو الطفل.
نمو الطفل بعد الولادة
في الشهر الأول من عمر الطفل يزداد الوزنبشكل طبيعي بعد الولادة، ويستمر باطراد،قد يحصل فقدان للوزن بنسبة تصل إلى حوالي 10٪ من وزن الولادة الأول إذا تعرض الطفل لبعض الأمراض البسيطة كاليرقان، ومع ذلكجميع الأطفال ينمون بمعدل مختلف، وفيما يلي متوسط النمو للبنين والبنات حتى أول شهر من العمر:
• الوزن: بعد أول أسبوعين، يجب أن يكسب الطفل حوالي 1 أوقية (200غرام).
• متوسط الطول بعد شهر واحديزداد بوصة أو بوصة ونصف.
• يزداد حجم الرأس أقل من بوصة عن الحجم المولود فيه الطفل.
ماذا يمكن للطفل القيام به في هذا العمر؟
على الرغم من أن المواليد الجدد ينفقون حوالي 16 ساعة في النوم يومياً، والوقت الذي يستيقظ الطفل فيه يمكن أن يكون مشغولاً بالرضاعة، إلا أن الكثير من حركات الوليد ونشاطه هي ردود فعل غير طوعية، حيث أن الطفل لا يفعل هذه الحركات عن قصد، في هذا الوقت يبدأ الجهاز العصبي بالنضج، وردود الفعل هذه تجعل الطفل مع الأيام يتصرف بسلوك هادف وواعي.
وتشمل ردود الفعل لدى حديثي الولادة تحريك فم الطفل عند لمسه، فقد يفتح الطفل فمه للعثور على الثدي، ويصبح معها رد فعل الامتصاص، فعندما يلمس الطفل بشفتيه الثدي أو حلمة الزجاجة يبدأ في عملية المص، هذا الفعل المنعكس لا يبدأ حتى حوالي الأسبوع 32 من الحمل ولا يتم تطويره بشكل كامل حتى حوالي 36 أسبوعاً أي عند الولادة،كما قد يكون لدى الأطفال الخدج قدرة امتصاص ضعيفة أو غير ناضجة، كونهم ولدوا قبل تطوير هذا المنعكس،كذلك منعكس امتصاص الأصابع أو اليدين.
وهناك أيضاً منعكس الصوت العالي مع تحريك القدمين والأرجل والصراخ، يستمر هذا الفعل حتى 5 و6 أشهر، كذلك تحريك الرقبة في اتجاه واحد أحياناً حتى عمر 7 أشهر، وإغلاق اليد عند ملامسة يد الطفل، إلى جانب هذه الردود الفريدة يمتلك الأطفال حديثي الولادة خصائص فيزيولوجية مثل تثبيت العينين على شيء محدد ثم متابعة النظر إلى شيء يثير اهتمامهم وغيرها من الأمور.
في هذه السن المبكرة، يعتبر البكاء شكل الاتصال الوحيد لدى الطفل، في البداية تكون كل صرخات الطفل متشابهة، لكن مع الوقت يصبح الآباء قادرين على التعرف على أنواع مختلفة من البكاء؛ بكاء الجوع، عدم الراحة، النعاس، وحتى الشعور بالوحدة،وفي بعض الأحيان، يمكن الرد على صرخات الطفل بسهولة من خلال التغذية والإرضاع، أو تغيير الحفاضات،في حين قد يكون سبب البكاء لغزاً للأبويين ويتوقف بأسرع ما يبدأ، بغض النظر عن السبب يمكن الاستجابة لصرخات طفلك مع لمسة بسيطة تعلم طفلك أن يثق بك ويعتمد عليك لاستمداد الحب والأمان، يمكنك أيضا استخدام الحركات الدافئة لتهويد الطفل وهزه بين ذراعيك.
ضع في اعتبارك ما يلي كوسائل لتعزيز الأمن العاطفي لحديثي الولادة:
• احملْ طفلك وجهاً لوجه، وتحدث بنبرة مهدئة واترك طفلك يسمع صوتك الحنون.
• غني لطفلك، أو امشِ به بعد وضعهفي عربته.
• لفجسدطفلك في بطانية ناعمة لمساعدته على الشعور بالأمان ومنعه من الحركات التي توقظه.
• استجب بسرعة لصرخات طفلك.
مرحلة نمو الطفل بعد بلوغ السنة الواحدة
بعد عيد الميلاد الأول للطفل يبدأ جسمه بنمو متباطئنتيجة حركة الطفل ونشاطه الزائد، لكن يستمر طفلك في النمو، كما ستلاحظ تطور قدرات جديدة ومثيرة لديه، حيث يمشي وحده بعمر 15 شهراً(ويختلف هذا الأمر حسب كل طفل ووزنه أيضاً) ثم يبدأ بعدها بالركض، يمكن أن يجلسالقرفصاء ثم يقف مرة أخرى، يجلس على كرسي التبول، يتسلق السلالم، يرقص مع الموسيقى، يتمكنمن دفع وسحب الألعاب، يستطيع رسم خربشات مع قلم تلوين أو قلم رصاص،تظهر الأسنان الأولى لديه، يأخذ قيلولة بعد ظهر اليوم، قد ينام 10 إلى 12 ساعة في الليل.
وفي هذه الفترة تصبح تنمية الكلام لديه من أهم الأمور، ويزداد معدل كلماته واستفساراته عن الأمور والأشياء، وبحلول السنتين يصل معدل كلماته لـ100 كلمة، كما يصبح قادراُ على تقليد الأصوات وفهم ما يُطلب منه من أمور، بالإضافة لقدرته على فهم العلاقات بين الكائنات وفهم أجزاء جسمه، هنا بإمكانك تقوية شعوره بالاستقلال، وإسناد بعض المهام البسيطة له كإحضار بعض الحاجيات.
مرحلة النمو وتطورات في عمر السنتين
بعد عيد الميلاد الثاني للطفل يستمر معدل نموه بالتباطؤ، حيث يزداد نشاط الطفل ويتغير مظهره بعد أن يتغير وزنه ويزداد طوله، قد يزداد وزنه في هذا العمر نحو 4- 6 باوندات (2-3 كغ)، كما يزداد طوله 2- 3 بوصات (6-9 سم).
في هذا السن يمشي بخطوات أسرع، يستطيع الركض أكثر،كما يمكنه ركوب دراجة بثلاث عجلات، لكن تنخفض الشهية لديه بشكل كبير، وقد يقل معدل نموه، ويكتمل نمو أسنانه،
يزداد معدل كلامه بنحو 200 إلى 300 كلمة ويستطيع تركيب جمل واضحة، كذلك يستطيع أن يعرف عن نفسه كذكر أو أنثى وكم عمره وما اسمه، يشعر الطفل باستقلاله عن والديه، يتفاعل ويتواصل مع الآخرين، يختار ملابسه التي يرغب...الخ.
قم هنا بالغناء مع طفلك والرقص معه، أره الصور العائلية واشرح له بعض الذكريات، دعه يجري مكالمات هاتفية لتزداد ثقته بنفسه.
مرحلة نمو الطفل في عمر الثلاث سنوات
في سن الثلاث سنوات يستمر نمو وزن الطفل البطيء مقارنة بالعام الأول، ومع ذلك يختلف نمو الجسم عند الأطفال، قد يحصل هنا أن الأطفال من نفس العمر؛ يمكن أن يختلفوا بشكل ملحوظ في الطول والوزن، لكن طالما أن الطفل حافظ على معدل نموه الخاص، فلا ينبغي أن يكون هناك داعي للقلق، إنما يُنصح باستشارة الطبيب إذا كان هناك ما يدعو للقلق.
يستطيع الطفل في هذا السن أن يستخدم الملعقة ليأكل، ارتداء ملابسه بمفرده، السيطرة على نفسه بضبط عملية التبول واستخدام المرحاض، كما يزداد معدل كلماته بين 500 و900 كلمة، ويصبح كلامه مفهوماً للآخرين، حيث يشير إلى ذاته الخاصة ويستخدم الضمائر بشكل صحيح، يعرف الألوان، يعرف الأحجام، يفهم الماضي، ويبدأ بالتفاعل اجتماعياً وتقل نوبات غضبه في حال كان طفلاً عصبياً.
ادعم طفلك في هذه المرحلة بسرد الأحاديث معه وتعليمه عدّ الأرقام مثلاً، ومشاركته الاجتماعات، وتنمية خياله من خلال الألغاز والبزل (puzzle)، العب معه بالكرة واظهر له كم أنت فخور به.
مرحلة نمو الطفل في عمر الـ4-5 سنوات
في هذا العمر يصبح لديه قدرات جديدة ومثيرة، يغني، يقفز، يلتقطالكرة، يحفظ الأبجدية، يحفظ العناوين، يتعلم ربط حذائه، يستطيع نسج الأحاديث وفهم الناس من حوله، يعرف الوقت، يفهم الصح من الخطأ.
لكن في هذا العمر يزداد شعور الطفل بالاستقلالية وتزداد لديه الأنانية، فلا يرغب في المشاركة ويصبح ذو مزاج متقلب وعدواني وتراوده العديد من المخاوف، ويهرب من المشاكل، لكن في سن الـ5 سنوات يصبح أكثر تعاوناً من السابق ويحرص على إرضاء الآخرين والارتباط بالأبوين والحصول على السعادة.
مرحلة نمو الطفل في عمر الـ6-12 سنة
في عمر 6-7 سنوات يبقى الطفل مشغولاُ، يرسم، يقفز، يمارس ما يحب، ومن 8-9 يصبح أكثر رشاقة في الحركات ويحاول استكشاف الأشياء الغريبة، ومن 10-12 تزداد رغبته في اكتشاف الأشياء من حوله.
في هذا السن يجب أن يتشارك حياته مع الجنس الآخر من خلال اللعب وفي المدرسة، وتعليمه احترام الآخرين والوالدين، وعليك كأب أو أم معرفة مشاعره والاهتمام به أكثر، وتشجيعه على القراءة وممارسة هواياته،كذلك تشجيعه على الانضباط الذاتي.
مرحلة نمو الطفل في عمر الـ13-18 سنة
يعتبر سن المراهقة سن البلوغ والتغيرات، حيث يحدث فيها النضج الجنسي والذي يظهر واضحاً على الجسم، كبروز الثديين عند الأنثى، زيادة طول الشابوظهور شعر الوجه، هناك قدر كبير من التباين في معدل التغيرات التي قد تحدث، إلا أن المراهقين يواجهون علامات النضج تلك عاجلاً أو آجلاً.
يحدث النضج الجنسي بعمر مختلف عند كل طفلذكر أم أنثى، فعند الذكر يكون سن البلوغ بين 9.5 إلى 14 سنة، وأول تغيير يحدث هو توسع الخصيتين، زيادة حجم القضيب، ظهور شعر العانة عند سن 13.5 سنة، الأحلام الرطبة أو الاستنماء أثناء النوم في سن 14 سنة، ظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الوجه، تغيير الصوت، ظهور حب الشباب عند 15 سنة.
بينما يحدث سن البلوغ لدى الفتيات بعمر أبكر من الفتيان، عند 8-13 سنة، وأول تغيير يحدث هو بروز الثديين، نمو شعر العانة بعد فترة وجيزة من نمو الثدي، نمو الشعر تحت الإبطين عند 12 سنة، بدء فترات الحيض والدورة الشهرية بين 10 إلى 16.5 سنة.
هناك تغييرات جسدية تحدث ذاتها تقريباً عند الذكر والأنثى، فبداية التطور عند الأولاد تبدأ بتوسع حجم الخصيتين ثم يبدأ طول القضيب بالزيادة في تلك الفترة، يقابلها عند الأنثى ظهور براعم الثدي ثم ظهور الهالة حول الحلمة، بعدها يبدأ حجم الثديين بالازدياد، كذلك شعر العانة عند الطرفين يظهر بدايةً بشكل خفيف ثم يصبح أغمق وأكثر خشونة ويمتد ليصل إلى الفخذين وحتى المعدة، وشعر الإبط يزداد خشونة.
التغيرات النفسية التي ترافق عملية النمو،وكيفية تعامل الأهل معها
• فترة الرضع من عمر يوم حتى سنتين
تعتبر تربية الطفل وخاصة لأول مرة حاجة مثيرة وتحدٍ كبير للأبوين، في هذه المرحلة يكون الطفل بحاجة لتزويده بما يسمى الموارد الداخلية لتطوير الذات وإعطائه القدرة على التواصل بشكل إيجابي مع الآخرين، يجب معرفة ماهية طباع الطفل وكل تفاصيله، مع العلم أن كل طفل فريد من نوعه، بمعنى لكل طفل طبيعة خاصة يتوجب العمل عليها، ومن الضروري أن يتعلم الآباء فهم واحترام ودعم وتشجيع الخصائص والقدرات الفريدة لكل طفل.
• الأطفال الصغار وما قبل المدرسة من عمر 2-5 سنوات
عندما يبدأ الطفل خطواته الأولى ومرحلة المشي، تبدأ معها مرحلة جديدة في النمو، في هذه المرحلة يصبح الأطفال أكثر حرية في التجول داخل عالمهم الخاص، ويكون قد حان الوقت لاكتشاف الأنشطة الخاصة ببيئتهم، إضافة إلى تطوير لغتهم وتعلم أسماء الأشياء المثيرة للاهتمام، القدرة على طلب الأشياء، اكتشاف طبيعتها المستقلة...وغيرها.
أيضاً مرحلة التطور البدني والفكري السريع الذي يعد هؤلاء الأطفال لبدء الدراسة، يشمل ذلك التفاعل مع الأقران، في الوقت نفسه القدرة على التنافس جسدياً وفكرياً، أي تحدي الذات وتطويرها والحصول على الاستقلال، هنا والدي الطفل يجب أن يصبحا مدربين ومهيئين للتشجيع والدعم والتوجيه، كما يحتاج أولياء الأمور إلى العمل كمدرسين أساسيين وإتقان مهارات التعلم الأساسية وتشجيع النقاش النشط وتجريب المفاهيم والمهارات الجديدة.
• الأطفال في سن المدرسة من 6-12 سنة
تعد تنمية ورفع مستوى الأطفال في سن المدرسة أمراً مهماً في هكذا فترة مهمة، في هذه المرحلة يجب أن تشهد حياة الطفل أنشطة جديدة، يجب تشجعيهم والهتاف لهم على إنجازاتهم، رفع معنوياتهم وتقويتهم ذاتياً حتى يكونوا على استعداد لدخول عالم جديد.
يحتاج الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة إلى إشراف مستمر حتى يصبح الأطفال في سن المدرسة جاهزين تدريجياً للاستقلال، مع ذلك تعلم كيفية اتخاذ خيارات جيدة وممارسة الانضباط الذاتي لا تأتي بسهولة عند الكثيرين، ويحتاج الآباء إلى إضفاء الطابع الأخلاقي على الطفل الذي يستوعبه الطفل تدريجياً، بمعنى ممارسة حياته الجديدة بضوابط تختلف عن بيئته الأسرية، وبينما يكافح الأطفال بهذه المهام الهامة يجب أن يكون الآباء قادرين على تقديم الثناء والتشجيع على إنجازات طفلهم، لكن يجب على الآباء أن يسمحوا لأطفالهم في بعض الأحيان بتجربة العواقب الطبيعية نتيجة سلوكهم، أو تقديم حجج منطقية لمساعدتهم على التعلم من الأخطاء.
• المراهقون من 13-18 سنة
تشكل سنوات المراهقة في معظم الأسر تحدياً كبيراً لكل من الأبوين والأطفال، وتتزامن مع مرحلة الدراسة المتوسطة التي غالباً ما تشهد تغييرات كبيرة في الجسم، يتبعها الكثير من التحدي في الخارج، كالبلطجة من قبل الأقران، الحاجة للاستقلال، التغيرات النفسية الكثيرة، هذا يؤدي إلى السلوك العدواني السلبي (سأفعل ذلك في دقيقة واحدة)، والوعي الذاتي ("من الذي يحدق فيّ؟") والشك الذاتي ("أنا لست جيداً في أي شيء") والإفراط في الثقة ("حسناً، أظن أنني أستطيع أن أفعل ذلك").
في المدرسة الثانوية عادة ما تكون أفضل، لقد آن الأوان للبدء حقاً في تحديد الذات والتأمل الواقعي للمستقبل، وتنمية المهارات للتحضير للدراسة الجامعية، يتم شحذ المواهب والمهارات الاجتماعية، وتصبح العلاقات أكثر جدية بين الأشخاص.
خلال مرحلة المراهقة، يحتاج الأطفال آبائهم أكثر من أي وقت مضى، وتبين البحوث أن البيئة الأسرية الإيجابية بما في ذلك الأنشطة العائلية الممتعة، والاتصالات المفتوحة بين الوالدين والطفل، وتشجيع المشاركة في الأنشطة الإيجابية خارج المناهج والمجتمع المحلي؛ يجعل المراهقين أكثر قدرة على مواجهة السنوات القادمة من حياتهم.
في النهاية.. نمو الطفل مرحلة أساسية وخطرة في ذات الوقت، فهي التي تحكم عليه الكثير من الأشياء عند البلوغ ومواجهة الحياة، لذلك لا بد من الاهتمام به أكثر في هذه المرحلة وإعطاءه جل الاهتمام من قبل الوالدين.